فى منطقة الدقى، وبالتحديد نهاية شارع الثورة بمحافظة الجيزة، يتوافد مئات المواطنين يوميًا قادمين من جميع المحافظات، إلى مركز «المصل واللقاح»، لتحصين أنفسهم وأبنائهم ضد الوباء الجديد الذى انتشر أخيرًا، وهو إنفلونزا الخنازير، ما دفع محرر «الصباح» إلى القيام بمغامرة داخل المركز، خاض فيها تجربة الانتظار فى طابور التطعيمات التى يحلم بها البسطاء وأولياء الأمور القلقون على صحة أبنائهم، وبخاصة مع اقتراب موعد الموسم الدراسى الجديد. التفاصيل فى السياق التالى. البداية كانت أمام الباب الرئيسى لمبنى المركز. كان موظف الأمن يرشد المواطنين إلى المكان المخصص لتلقى التطعيمات فى مبنى داخلى، مشيرًا بإصبعه إلى الطابق الثانى. تحركنا إلى حيث أشار لنفاجأ بمئات المواطنين قادمين من جميع المحافظات للحصول على مصل الوقاية من فيروس الإنفلونزا، الذى أطاح ب49 حالة حتى الآن، وتراوحت تساؤلاتهم المتبادلة فيما بينهم عن خطورة فيروس إنفلونزا الخنازير والفرق بينه وبين إنفلونزا الطيور، وهل يصيب الكبار فقط أم يطال صغار السن والأطفال؟. لكن مكاتب عديدة كانت جاهزة للرد على استفسارات المواطنين، بدءاً من الأسئلة الشائعة عن الفيروسات وصولًا إلى سعر كل مصل.
أم منة سيدة تبلغ من العمر 55 عامًا من منطقة «بولاق الدكرور» بالجيزة، قالت إن سبب مجيئها إلى «المصل واللقاح»، هو تطعيم ابنتها وحفيدتها، حتى نتجنب الإصابة بوباء الإنفلونزا الذى أصاب العديد من الأهالى فى القرى المختلفة، وأضافت: «بمجرد سماعنا فى التليفزيون عن عودة هذا المرض، قررنا المجىء إلى هنا، لنأخذ المصل المضاد». فى حين قالت أم محمد:«جئت من قرية المناشى بالقناطر الخيرية، لكى أطعم ابنتى الطالبة فى الثانوية العامة، وابنى فى المرحلة الابتدائية، وآخذ المصل الواقى من الإنفلونزا، لافتة إلى أنها جاءت إلى مركز المصل واللقاح ولم تقم بتطعيم أبنائها فى المستشفى التابع لقريتها، لأنه لا يوجد بها أمصال، حسبما قال لها الأطباء المختصون هناك، حيث لا تتوافر ثلاجات لحفظ الأمصال بها، ولذا قررت أن تأتى إلى «المصل واللقاح» لأخذ المصل الوقائى وتطعيم الأبناء وبخاصة مع قرب العودة إلى الدراسة، حيث تنتشر العدوى بين الطلاب سريعاً نتيجة الاختلاط المباشر فى المدارس.
لوحات إرشادية داخل أروقة المبنى تتوافر لوحات إرشادية مثبتة على الجدران، تحث المواطنين على ضرورة الذهاب إلى مبنى المصل واللقاح من أجل تطعيم الأطفال وكبار السن ضد مرض الالتهاب الرئوى وإنفلونزا الخنازير، ما دفعنا إلى التوجه إلى الغرفة المتواجد بها الأطباء لسؤالهم عن أنواع الأمصال المخصصة لكبار السن والأطفال. إحدى الطبيبات داخل المبنى قالت إن التطعيمات المتوافرة بالمركز تستخدم لجميع الفئات العمرية من سن 7 شهور فما فوق، موضحة أن هناك نوعين من الإنفلونزا التى تصيب المرضى «فيروسى، وبكتيرى»، وهذان النوعان يتم تطعيم المواطنين ضدهما، مؤكدة أن المصل الخاص بالنوعين واحد، وبداخل هذا المصل جزء خاص بإنفلونزا الخنازير، سعره 43 جنيهًا، أما الالتهاب الرئوى فهناك مصل آخر له سعره 225 جنيها.
تطعيمات الأطفال أحد العاملين بالمركز أكد لنا أن هناك أنواعًا مختلفة للتطعيمات التى تصيب المواطنين، وبخاصة الأطفال، وأن سعر المصل الخاص بالإنفلونزا لكل الفئات العمرية هو 43 جنيهًا، وهناك العديد من التطعيمات الأخرى التى يحصل عليها الأطفال مثل التطعيم ضد الإنفلونزا البكتيرية، والمكورات الرئوية، روتا، وهذه التطعيمات تعطى للطفل فى الشهر الثانى وسعرها 40 جنيها، أما المصل الذى يعطى للطفل فى الشهر الرابع ضد الإنفلونزا البكتيرية والمكورات الرئوية وروتا، فتتعدى سعرها 80 جنيهًا. أما التطعيمات التى تعطى للطفل فى الشهر السادس ضد الإنفلونزا البكتيرية والمكورات الرئوية فسعرها 70 جنيهًا، والتطعيم للطفل فى السنة الأولى ضد مرض الجديرى المائى، الكبدى (أ) فيتعدى سعره 90 جنيهاً، والتطعيم ضد مرض الإنفلونزا البكتيرى والمكورات الرئوية عند وصول الطفل إلى 18 شهرًا وهى جرعات منشطة، تتعدى قيمتها 100 جنيه، أما التطعيمات التى يتناولها الطفل عند وصوله عامين ضد الحمى الشوكية والكبدى (أ) فيتعدى سعرها 150 جنيهًا. وعن تطعيمات الطفل من 4 إلى 6 سنوات ضد مرض الدرن والجديرى المائى والحمى الشوكية، وهى جرعة منشطة فيتعدى سعرها 200 جنيه، وبسؤال أحد الأطباء عن المعلومات الإضافية التى يجب أن يتعرف عليها المواطنون لتوخى الحذر فقال: لابد أن يتم التطعيم ضد الإنفلونزا الموسمية بدءًا من سن 6 شهور فى فصل الخريف سنويًا، ولا يعطى تطعيم الدرن فى عمر 4 إلى 6 سنوات، إلا بعد عمل اختبارات درن أولًا، لافتًا إلى أن لقاح الروتا نوعان أحدهما يعطى على جرعتين والآخر على ثلاث جرعات، كما يعطى لقاح الحمى الشوكية «الالتهاب السحائى» كل 3 سنوات بداية من سن سنتين، كما تعطى الجرعة الثانية من لقاح الكبدى (أ) بعد فترة من 6 إلى 12 شهرًا من الجرعة الأولى.
الرابحون من الأزمة وقال أحد العاملين بالمركز الذى يعمل فيه منذ سنوات طويلة: إن هناك العديد من الأزمات حدثت خلال فترة عمله، وبخاصة مع موسم انتشار الأوبئة، مؤكداً أن هناك مستفيدين من هذه الأزمة، وهم متواجدون داخل وزارة الصحة، ويسعون إلى استغلال المواطنين، حيث يروجون الشائعات الخاصة بوجود إنفلونزا لإحداث نوع من الهلع بين المواطنين، وبالتالى يتوجهون إلى هيئة المصل واللقاح لصرف المصل اللازم، مشيراً إلى أن هيئة المصل واللقاح كانت هيئة حكومية تابعة للدولة، وأثناء حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك تحولت إلى هيئة قطاع أعمال، حيث تتمثل حصة الحكومة فيها 51 % وحصة الشركة الخاصة وهى «فاكسيرا» 49%، وتستغل الأخيرة كل الأزمات التى تواجه وزارة الصحة، لكى تروج لمنتجاتها، ويتم استيراد هذه الأمصال من الخارج، لكى يتم بيعها فى مصر مستغلة الأزمة، وبالتالى تحقيق أرباح طائلة من ورائها. وأضاف: أن وزارة الصحة لديها كميات كبيرة من التطعيمات الخاصة بالإنفلونزا تم توزيعها على الوحدات الصحية، لكن لا يتم إعطاؤها للمواطنين إلا فى حالة الطوارئ، بالإضافة إلى بعض الشركات الفرنسية التى تستورد منها الوزارة كميات كبيرة من الأمصال وينتهى مصيرها فى المخازن، ويتم إعطاؤها للمواطنين أيضاً فى الأزمات الكبرى، مضيفاً أن هناك العديد من المراكز الطبية الخارجية تستغل هذه الأزمة أيضاً بإعطاء أمصال مختلفة للمواطنين يتجاوز سعرها 600 جنيه، حيث يوهمون المواطنين أن هذه الأمصال هى الأصلية، على الرغم من أنها أمصال مضروبة فى الحقيقة لا تفيد فى شىء، لذا قررت وزارة الصحة أن تعتمد على الشركة الخاصة فى مركز المصل واللقاح لإعطاء هذه الأمصال.