على الرغم من البيانات والتصريحات النارية التى تطلقها قيادات الإخوان ليل نهار وتدفع شباب الجماعة إلى النزول إلى الشوارع لارتكاب أعمال عنف، يجلس قيادات الجماعة على موائد المفاوضات فى الداخل والخارج من أجل رسم «خريطة مستقبل» خاصة بهم من خلال أمرين، أولهما إجبار الدولة على قبول «شروط» التنظيم من خلال عمليات ابتزاز ومواصلة العنف وثانيهما محاولات الجلوس على «مائدة مصالحة» بأى ثمن. كشفت مصادر داخل «تحالف دعم الشرعية» الإخوانى أن القيادى الإخوانى البارز محمد على بشر وزير التنمية المحلية السابق فى حكومة هشام قنديل، التقى الأسبوع الماضى سمير سامى عنان نجل رئيس الأركان السابق فى أحد الفنادق بمنطقة «مصر الجديدة» (شرق القاهرة) وحضر اللقاء قيادات بتنظيم الإخوان وقيادات سابقة بالقوات المسلحة. أكدت المصادر أن نجل عنان طلب من قيادات التحالف دعم والده فى الانتخابات الرئاسية المقبلة مقابل تنفيذ عدة وعود تغنيهم عن الدخول فى مصالحة مع الدولة، من بينها الإفراج عن جميع السجناء المنتمين للجماعة وكل الذين تم إلقاء القبض عليهم منذ 30 يونيو. تابع المصدر المقرب من شخصيات حضرت لقاء نجل عنان وبشر، أن سامى عنان حمل نجله رسالة لقيادات الإخوان مفادها أنه «سيتم إلزام الدولة بدفع دية لأهالى القتلى الذين سقطوا خلال وبعد فض اعتصامى رابعة والنهضة، برعاية الأزهر الشريف مما ينهى النداءات التى يطلقها أهالى هؤلاء المتوفين بضرورة «القصاص» لهم حسب وصفهم. أشار المصدر إلى أن قيادات تحالف دعم المعزول لم يتخذ قرارا نهائيا بشأن دعم عنان أو مرشح آخر لرئاسة الجمهورية، لافتا إلى أن التحالف يدرس المشاركة فى انتخابات الرئاسة من عدمه. علمت «الصباح» أن لقاء نجل عنان بقيادات الإخوان لم يكن اللقاء الوحيد، بل سبقه لقاء آخر فى شهر أكتوبر من عام 2013 ضم رئيس الأركان السابق والدكتور ياسر على المتحدث السابق باسم رئاسة الجمهورية وقتذاك. فى تلك الأثناء، بين أكتوبر 2013 ومطلع 2014 قام عنان بعدة زيارات خارجية باحثا عن «داعمين دوليين»، وحسب مصادر فإن عنان لم يحظ بالتأييد الكامل من ادارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما، لكن الولاياتالمتحدة لا ترفضه أيضا، وقد التقى مسئولين أمريكيين فى باريس خلال شهر نوفمبر الماضى وكانت الرسالة الأمريكية، واضحة وهى أن «الولاياتالمتحدة ستقف إلى جانب الشعب المصري»، مايعنى أنها ستقف إلى جانب الكفة الرابحة ولن تقامر أو تغامر على رهان خاسر خاصة مع دخول المشير عبدالفتاح السيسى الماراثون الانتخابى. «عنان» طار أيضا إلى الرياض بحثا عن دعم «آل سعود»، لكن يبدو أن زيارته لم تحقق النتائج المرجوة ولم يجد من يبارك ترشيحه وقوبل طلبه بأن «السعودية ملكا وشعبا يدعمون موقف الشعب المصرى ويقدرون اختياره وأن المملكة تقف على مسافة واحدة من الجميع». حتى قطر، الدويلة الداعمة والراعية لجماعة الإخوان لم يتمكن «عنان» عبر وسطائه من أن يحصل على وعد صريح منها بدعمه فى الانتخابات الرئاسية المقبلة. كشفت مصادر داخل حملة «عنان» أنها انتهت من الاتفاق مع عدد من الجاليات المصرية فى السعودية والكويت وقطر والامارات والولاياتالمتحدة لإطلاق حملة «كن رئيسي» مشيرة إلى أن «الحملة لن تتأثر بكل الدعاية السلبية التى تريد أن تنال من شعبية عنان». مختار نوح عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان والقيادى الإخوانى المنشق يؤكد أن «عنان لعب دوراً كبيراً فى تمكين الإخوان وفى تغيير نتيجة الانتخابات الرئاسية السابقة نحو فوز مرسى». ولم يكن هذا التصريح هو الأول الذى يتحدث عن علاقة عنان بالإخوان، فقد كشفت بعض التقارير السيادية من قبل أن دوائر سياسية رصدت اتصالات ولقاءات بين عناصر من التنظيم خارج مصر ومسئولين وأعضاء فى الكونجرس الأمريكى للتنسيق مع رئيس أركان حرب القوات المسلحة السابق والدفع به كمرشح للرئاسة خلال الانتخابات المقبلة. قالت المصادر إن عنان تلقى تأكيدات بأنه سيكون مرشح الإخوان وأن عناصر التنظيم ستوفر له الدعم الكامل فى مختلف أنحاء الجمهورية، وتوالت الدعوات على عنان من قبل بعض عواقل العائلات المعروفة بتأييدها للرئيس الإخوانى المعزول وترحيبها باستقبال «المرشح الإخوانى الجديد». أكدت المصادر أن الفريق يحظى بتأييد ورضاء الإدارة الأمريكية، وأنه كانت هناك خطة أمريكية تم وضعها عقب تنحى الرئيس المخلوع حسنى مبارك بأن يكون عنان هو الرئيس الانتقالى، وأنه اتصل باللجنة العليا للانتخابات من خلال مسئول عسكرى سابق طالبا مد فترة الترشح للانتخابات السابقة حتى يتمكن من توفيق أوضاعه وتقديم أوراق ترشحه. من ناحية أخرى كشفت مصادر موثوق بها داخل تحالف دعم الشرعية أن التحالف لم يستقر على أحد المرشحين للرئاسة، مؤكدا أنه غير مستبعد أن توافق الجماعة «سريا» على ترشيح السيسى للرئاسة، وتعلن مقاطعتها للانتخابات المقبلة دون أن تعلن عن ذلك، فى مقابل إقرار مصالحة بين الدولة والجماعة فى إطار المعطيات الراهنة واحتكاما للدستور الذى أقره الشعب فى 14 و 15 يناير الماضيين وأن تشارك الجماعة فى الانتخابات وتعود إلى الحياة السياسية فى مقابل نبذ العنف وقبول «الدية» من الدولة. أضافت المصادر أن خيار الإخوان من ترشح الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح للرئاسة لم يحسم بعد، لكنه يظل اختيارا متاحا للتيار الإسلامى فى حالة ترشحه للرئاسة، وإن كان المرشح الأقرب للجماعة هو محمد سليم العوا فى حال الموافقة على ترشحه، ولعل العوا يحظى بتأييد الدول الداعمة ل«المعزول» وأثناء لقاءاته وزياراته خارج البلاد لنقل رسائل للتنظيم الدولى استغل دوره كرئيس لهيئة الدفاع عن المعزول وقدم نفسه باعتباره «البديل الأفضل» فى هذه المرحلة.