فى «وادى الجركان» على بعد 40 كيلو مترًا جنوب مدينة الشلاتين تتمركز مجموعة من المرتزقة وصل عددهم إلى 1200 «جهادى» بينهم مصريون، شارك بعضهم فى اقتحام السجون إبان ثورة 25 يناير 2011، منهم من حارب من قبل فى الشيشان، وآخرون سبق لهم الحرب فى أفغانستان والبوسنة، وقليلون منهم عائدون من اليمن وسوريا، انضم إليهم مؤخرا عدد من مهربى الأسلحة عبر السودان وليبيا، واتخذ الجميع من الوادى الذى تبلغ مساحته 20 ألف كيلو متر مربع مأوى لهم ومسرحًا للتدريب على العمليات الإرهابية التى يمليها عليهم التنظيم الدولى للإخوان. ويقول مصدر أمنى: «إن إخوان مصر لم يكن أمامهم سوى الاستماع إلى نصيحة نظرائهم فى السودان الذين يخشون نفس المصير خاصة بعد موجة الغضب التى شهدتها الخرطوم خلال الأشهر الماضية، حيث عقد اجتماع فى نوفمبر الماضى جمع بين وفد من إخوان مصر وقائد عصابات تهريب السلاح وإثارة الفوضى فى منطقة «وادى الجركان»، وقد تم الاتفاق معهم على تعطيل عملية الاستفتاء على الدستور وإرهاب مجموعة من الرموز السياسية، وبعض الإعلاميين والمواطنين عن طريق القيام بعمليات نوعية ومحدودة فى قلب القاهرة لمنع المواطنين من الخروج للمشاركة فى عملية الاستفتاء. ويضيف المصدر ل«الصباح» أن عصابات وادى الجركان تضم مجموعة كبيرة من الخلايا النائمة داخل القاهرة والجيزة ومحافظات القناة يتم الاستعانة بهم فى توصيل السلاح إلى المجموعات الإرهابية القاطنة فى مناطق كالقاهرة الجديدة ومدن محافظة الشرقية، ومن المؤكد أنه سيتم الاستعانة بهم فى تنفيذ عمليات إرهابية أثناء الاستفتاء على الدستور وتهريب قيادات الإخوان من السجون. ويوضح تقرير صدر مؤخرا عن مركز «المزماة الإماراتى»، أن عددًا من قيادات الإخوان قاموا بزيارة هذه المنطقة فى شهر فبراير 2013، والتقوا زعماء هذه المجموعات للاتفاق على تأمينهم مقابل تزويد الجماعة بالأسلحة المهربة من السودان. ويكشف التقرير عن أن هذه المجموعات استطاعت تهريب العديد من الأسلحة خلال فترة حكم الإخوان، بما فى ذلك مدافع الهاون ومضادات الطائرات وصواريخ جراد وقنابل، وصلت لكوادر إخوانية وعناصر من الجماعة الإسلامية ومجموعات تنتمى لأنصار بيت المقدس، فى قلب الدلتا، وبعضها وصل لسيناء داخل سيارات حكومية رسمية بإشراف وزراء من الإخوان. محمد أبو حميرة، الناشط السياسى وأحد أبناء مدينة شلاتين، يقول «قبل ثلاثة أعوام كانت هناك مجموعات قادمة من السعودية واليمن يعملون بصيد الغزلان واستقبال الأمراء العرب ويقومون على خدمتهم فى منطقة وادى الجركان جنوب مدينة شلاتين إلا أن قرار وزارة الزراعة بوقف هذه الأنشطة فى الوادى حفاظاً على الحيوانات البرية من الانقراض دفعهم إلى التوجه لتجارة السلاح خاصة مع حالة الانفلات الأمنى وقدوم عناصر إجرامية بعد فتح السجون». ويضيف أبو حميرة: «قبل عزل الرئيس السابق محمد مرسى كانت الوفود الإخوانية «من مصر والسودان» تأتى لممارسة هواية الصيد تحت حماية المجموعات المسلحة التى أحكمت سيطرتها على الوادى فلم يكن يجرؤ عسكرى أو مجند على دخول الوادى خاصة مع توفير الأمان لهم من قبل أعضاء مكتب الإرشاد وخاصة عصام الحداد مسئول العلاقات الخارجية برئاسة الجمهورية الذى زار المكان على رأس الوفد الإخوانى الذى قدم إلينا فى بداية العام الحالى وقت أن خرجت الشائعات التى تنادى بعودة حلايب وشلاتين إلى السودان». ويؤكد أبو حميرة أن هذه الجماعات تنشط قبل المناسبات الوطنية والمظاهرات التى ينظمها الإخوان، حيث يعتبرون المُورد الأول للسلاح القادم من السودان ولا أستبعد قيامهم بعقد تحالفات مع الإخوان مقابل المال، خاصة أن هناك علاقة وثيقة بين عصام الحداد وقائد المجموعات المسلحة. ويرى الإخوانى المنشق محمد مدين أن تحالف الإخوان مع المجموعات المسلحة يعنى أن الجماعة اتخذت الخطوة الأولى لتنفيذ خطة الهروب المعدة سلفا لقيادات الجماعة المقبوض عليهم. ويضيف: «بعد إغلاق الأنفاق أمام حركة حماس والقبض على كثير من أعضاء تنظيم القاعدة لم يعد أمام الإخوان فى مصر سوى الاعتماد على الجماعات المسلحة السودانية والتى تدين بالولاء لجماعة الإخوان ومن بينها جماعات «وادى جركان». ومن جانبه، يقول السفير محمد العرابى، وزير الخارجية السابق، «إن فترة حكم مرسى شهدت انتشارًا للجماعات المسلحة على الحدود فى سيناء وفى مناطق حلايب وشلاتين لبعدها عن القاهرة قلب الأحداث، ونظرا لأن المنطقة تعتبر من الملفات الشائكة بين مصر والسودان إضافة إلى أنها من الملفات المؤجلة ولا يتم طرحها تجنبا لحدوث مشاكل بين الدولتين ولأن سياسة الإخوان اتسمت بالسذاجة السياسية كانوا على أتم الاستعداد للتنازل عن أى قطعة أرض لصالح إخوان السودان لحل المشاكل على حساب الوطن». أما محمد عاصم، أحد البدو المقيمين بالقرب من صحراء شلاتين، فيؤكد أن أحد أعضاء جماعة أنصار بيت المقدس الذى ظهر عبر شاشات التليفزيون والمتورط فى العملية الانتحارية الأخيرة لمبنى المخابرات بالإسماعيلية، وهو أحد أكبر تجار الأسلحة بمنطقة «وادى الجركان» مما يكشف أن العناصر الإرهابية الموجودة بوادى الجركان هى المسئولة عن العمليات الإرهابية الأخيرة فى شتى أنحاء الجمهورية وهم مدربون داخل الوادى، وأن الجماعة تمركزت فى جنوبسيناء وانضم إليها عناصر من التكفير والهجرة بعد تلقيهم تدريبات داخل الوادى. ويضيف «عاصم» أن تكلفة إعداد الفرد للعلميات الإرهابية المنظمة تزيد على 5 آلاف دولار أمريكى، من تدريبات على استخدام المدافع الرشاشة ومدافع الهاون وإعداد العبوات الناسفة والمواد المستخدمة فى التفخيخ والتفجير. ويزعم العقيد عمر عفيفى، الضابط المصرى اللاجئ فى أمريكا، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك» عن وصول عناصر من «الحرس الثورى الإيرانى» إلى شمال السودان، لمساعدة الإخوان فى القضاء على معارضيهم وأنه سبق الاتفاق بين الرئيس الإيرانى السابق أحمدى نجاد ومحمد مرسى وعمر البشير على أن تكون حلايب وشلاتين مركزًا لانطلاق الحرس الإيرانى، ويكون شمال السودان مكانا آمنا لانسحابهم، مشيرا إلى أن الكلام عن تنازل مصر عن حلايب وشلاتين كان لمجرد إخلائها من الجيش ومخابرات حرس الحدود والشرطة لكى يتصرفوا فيها بحرية دون رقابة أمنية. ويعتبر على بكر، الباحث المتخصص فى التيارات الإسلامية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن الخطر يأتى من التنظيمات الصغيرة العشوائية والتى استقت فكرها الجهادى من أفكار بعض مؤسسى جماعة الإخوان ومن بعض المواقع الجهادية المنتشرة على شبكات الإنترنت وتتكون من مجموعات صغيرة تحمل السلاح ويأتى على رأسها أنصار بيت المقدس وبعض المجموعات الصغيرة فى جنوب مصر ومطروح، فضلا عن جماعات التكفير والهجرة فى جنوبسيناء.