«الشيشة الصحية»، ربما تبدو الجملة متناقضة لمن يقرؤها، إلا أنها انتشرت فى الفترة الأخيرة على جدران المقاهى والكافيهات، فبمجرد دخول الزبون يحاول الجرسون بإقناعه بتجربة الاختراع الجديد، رافعًا شعار: «شيشة صحية على البخار من غير دخان ولا نار». وبرغم أن الشيشة هى اختراع عربى فى الأساس، لكن «الشيشة الصحية» اكتشافها كان من نصيب الغرب، بعد تزايد الدراسات التى تحذر من المخاطر الصحية لتدخين الشيشة بشكل عام لاحتواء التبغ على نيكوتين متفحم ومحترق، بالإضافة إلى القطران، ومع زيادة القيود والقواعد والتشريعات المنظمة التى ظهرت مؤخرًا وجعلت العديد من المقاهى تواجه مشكلة حظر التدخين كله فى أجزاء كثيرة من أوروبا، استبدلوا السيجارة العادية بالسيجارة الإلكترونية، وذلك فى الأماكن المخصصة للتدخين، فكان مطلوب شىء جديد لجعل الشيشة خالية من المخاطر الصحية، فتم التفكير فى إنتاج «الشيشة الصحية» التى ملأت الأسواق الغربية وأخيرًا أتت إلينا لتنتشر على استحياء. وعن محتوى تلك الشيشة، يقول محمد سنوسى، أشهر صانع شيشة فى منطقة وسط البلد: «الشيشة الصحية هى مخلوط طبيعى للتدخين خالٍ من النيكوتين والقطران والتبغ، يتم إنتاجها من مكونات طبيعية 100% خفيفة ومتنوعة لتوفير البخار الكثير»، وعن سعر الحجر، يضيف: «حجر الشيشة الصحية ب15 جنيهًا يعنى أرخص من التبغ، وهذا ما جعل العديد من الأشخاص يشترونه للاستخدام فى المنازل، خصوصا أن طريقة استهلاكه سهلة جدًا، إلى جانب أن الحجر يباع ومعه نشرة تعليمات تسهل على المستهلك العادى إعداد حجر الشيشة بدون أى مساعدة، ومتوافرة فى نكهات متنوعة مثل التفاح بأنواعه الأحمر والأخضر، والعنب، والعلكة والشيكولاتة والبطيخ والنعناع». أما الدكتورة سوزان فرج الله، أستاذة أمراض الصدر والحساسية بطب عين شمس، فكانت لها رأى آخر فى هذا الاختراع، فقالت: «مبدئيًا دعونا نتفق أن لفظ (شيشة صحية) هو مدعاة للقلق فى حد ذاته، فنحن لا نعرف ما مكونات هذه الشيشة السحرية التى من المفترض أنها تعمل بدون تبغ وقطران، إذن فهل هى تحتوى على أى مادة كيميائية يمكن تصنيفها على أنها مادة مدمنة كالنيكوتين أو غيرها، فمصادر تكوينها التى نجهلها قد تشكل خطرًا أكبر من الشيشة التقليدية، وهذه المخاطر ربما تكون أشد على العاملين فى تصنيع هذه الشيشة، إذ بالإمكان تسرب المواد المضرة أو القاتلة إليهم عند أى احتكاك عرضى أو بسبب جهلهم لتأثيرها».
وأضافت أن تجربة الشيشة الصحية، مثلها مثل السيجارة الإلكترونية التى لاتزال موضع استفهام المنظمات الدولية التى تعنى بالصحة، فليس هناك ما يكفى من الأدلة العلمية للتحقق من صحة هذا الادعاء من ناحية، ومن ناحية أخرى هناك حاجة لمعرفة كل المواد المكوِّنة لسوائل الشيشة الصحية لاختبارها وتجربتها من خلال إخضاعها للفحوص المخبرية، للتثبت مما إذا كانت مؤذية لصحة الإنسان، والتأكد من مدى مطابقتها للمعايير الصحية التى تنصح بها منظمة الصحة العالمية.