نفى مصدر عسكرى ما تردد حول قيام مصر باستئجار غواصة نووية روسية لمدة 20 عاما بتمويل سعودى- إماراتى، مؤكدا أنه «ليس كل ما يقال يصدق»، وموضحا أن مصر لا تعتمد سياسة الإيجار فى تعاقداتها على التسليح أبدا. وقال المصدر ل«الصباح»، «ولو افترضنا أن مصر تعاقدت على مقاتلات روسية جديدة فهى لن تصل لنا فى يوم وليلة.. لأن عملية التسلم تتم بعد فترة، هى على الأقل سنة من تاريخ التعاقد أو سنتين أو 3 حسب خط الإنتاج والطلبيات، والموضوع يحكمه ضوابط كثيرة..لكن المؤكد أن مصر لا تعلن رسميا عن صفقات السلاح قبل وصول القطع المتفق عليها». ولفت المصدر إلى أن «كون الأمريكان قاموا بتعليق المعونة العسكرية لا يعنى أن نرتمى فى أحضان الروس بكل ثقلنا هكذا، لأننا تعلمنا مما حدث أيام الاتحاد السوفيتى فى مسألة الإمداد بالسلاح قبل وأثناء حرب أكتوبر 1973». وأكد المصدر أن «الروس لهم مصالح وقدما فى المنطقة ولن يعطونا سلاحا لوجه الله، لذلك تعتمد مصر على تنويع مصادر السلاح وقد تعلمنا ذلك منذ حرب أكتوبر، فروسيا كان عندها الميج -25 والميج-23 وأعطتنا الميج-21 بالعافية، وكان عندهم أسلحة حديثة تعادل الكفة مع التسليح الأمريكى لإسرائيل لكنهم أعطونا السلاح الذى يكفل لنا العبور والتقدم فى سيناء لحد معين فقط». ومن جهة أخرى، كشف مصدر سيادى عن مفاجأة مذهلة وهى أنه خلال حكم الرئيس المعزول محمد قدمت روسيا طلبا لمصر بإنشاء قاعدة بحرية لقواتها على البحر المتوسط بدلا من قاعدة طرطوس فى سوريا ولكن الجيش المصرى رفض الطلب تماما. وأكد المصدر السيادى أن «مصر المستقبل لن تكون تابعة لأحد وولن تخضع لشروط أى دولة لإمدادنا بالسلاح»، مشيرا إلى أن هناك تبادلا عسكريا قويا قادما مع روسيا دون تقديم تنازلات أو مبالغة فى الاعتماد على السلاح الروسى وحده. ولفت المصدر إلى أن «الروس من الممكن أن يعطونا ما نريد من أسلحة، لكن ستظل المشكلة فى الصيانة وقطع الغيار.. لأنك ستكون مجبرا على أخذ قطع الغيار منهم، ناهيك عن قيامهم بعمل الصيانة للأسلحة بأنفسهم، مما يعنى استنزافا مستمرا لمصر». وضرب المصدر المثل بالجزائر «فعندهم طائرات سو-30 وميج-29 واس-300 وغواصات كيلو ودبابات تى-90 لكن هناك مشاكل مع روسيا فى الصيانة وقطع الغيار وتكاليف التشغيل للأسلحة، وهو ما يعنى ألا تعتمد القاهرة على السلاح الروسى فقط، ولابد أن نضع الصين فى الاعتبار لأن بكين عندها استعداد قوى سياسيا لإتمام الصفقات وليس عندها أى مانع فى نقل التكنولوجيا والتصنيع المحلى وبتسهيلات وإغراءات غير طبيعية وهى تقدم عروضا تنافسية كبيرة أمام العروض الروسية». وعن أهم المقاتلات التى تسعى مصر إلى استيرادها خلال الفترة القادمة، كشفت مصادر أن من أبرز القطع العسكرية «المركبة القتالية المدرعة Patria AMV الفنلندية»، مشيرا إلى أنها واحدة من العديد من المركبات القتالية المعروضة على مصر للدخول فى حيز التصنيع المحلى. وتجرى حاليا عملية دراسة شاملة للعديد من العروض المقدمة من دول غربية وشرقية لمصر، من أجل الدخول فى مشروعين لإنتاج نوعين من المركبات القتالية المدرعة محليا، وسيختار الجيش قريبا أفضل مشروعين من المشروعات المعروضة عليه. ويؤكد الفريق رضا حافظ، وزير الدولة للإنتاج الحربى، أن مصر ستشهد قريبا توقيع اتفاقية مشتركة مع الإمارات لإنشاء 3 شركات لإنتاج السلاح، لكنه رفض الإفصاح عن تفاصيل نوع الإنتاج المشترك. ويقول «حافظ» فى تصريح خاص ل«الصباح»: «إن أهم محطات الإنتاج الحربى المصرى هو إنتاج أسلحة ثقيلة مثل الدبابات، إضافة إلى إنتاج أنواع الذخائر التى تحتاجها القوات المسلحة، حيث يتم إنتاجها وتطويرها، وكذلك تطوير كافة القطع العسكرية لتلبية كافة متطلبات الجيش، والعمل على تقليل الاستيراد قدر الإمكان». ويضيف وزير الدولة للإنتاج الحربى: «ونحن نتمنى عودة حلم عبدالناصر فقد أنتجنا الطائرة القاهرة 200 والقاهرة 300 فى الستينيات من القرن الماضى، ونحن نسعى حاليا لإنتاج طائرة مصرية على الرغم من أنها تحتاج إلى تكلفة عالية جدا وموارد وجهد لكنه حلم وحق أصيل لكل مصرى». وعن تعليق المعونة العسكرية الأمريكية لمصر، يقول حافظ: «إن البدائل موجودة ولدى القوات المسلحة مبدأ تنويع مصادر السلاح، وفى الوقت نفسه نضع كل جهدنا لسد احتياجات قواتنا بصورة محلية». ومن جهته، يقول الفريق أسامة الجندى، قائد القوات البحرية، «إن الفترة المقبلة ستشهد القيام بمناورات جديدة مع بعض الدول العربية والخليجية مثل الإمارات والسعودية فى ساحل البحر الأحمر، لتعزيز العلاقات مع هذه الدول الشقيقة، خاصة فى ظل تعليق دول أخرى مناوراتها البحرية مع مصر عقب ثورة 30 يونيو ومنها مناورة (بحر الصداقة) مع الجانب التركى و(النجم الساطع) مع دول غربية بقيادة الولاياتالمتحدة». ويكشف الجندى أن «قرار تأجيل التدريبات المشتركة مع الجيش الأمريكى هو قرار سياسى بحت، لكننا لم نتأثر به سلبا، على العكس فهناك المناورة (كليوباترا) التى ستُجرى مع فرنسا خلال العام المقبل». أما عن التسليح والقطع البحرية الجديدة فرفض قائد القوات البحرية الإعلان عن تفاصيل عن أى صفقات جديدة، مشيرا إلى أن أى إعلان قد يؤدى إلى عرقلة الصفقة، خاصة أن صفقة استيراد غواصتين من ألمانيا تم تجميدها منذ عامين بسبب الإعلان عنها، مما أدى بإسرائيل إلى التدخل والضغط على ألمانيا لوقف الصفقة نهائيا. وعلمت «الصباح» أن هناك عددا من الصفقات الجديدة التى تضم وحدات عسكرية ستعقدها البحرية المصرية قريبا، إضافة إلى استمرار التعاون فى مجال التصنيع العسكرى المشترك مع عدد من الدول والتى كانت وقعت اتفاقيات قبل الثورة، ومن ضمنها تركيا، أو من خلال استيراد أحدث أجهزة تسليح الزوارق والبوارج لتحديث القطع البحرية الموجودة. وشدد الفريق الجندى على أن القيادة العامة حريصة على تنويع مصادر السلاح وعدم الاعتماد على دولة واحدة، مشيرا إلى استمرار التصنيع البحرى المشترك مع عدة دول، مع تنمية وتطوير قاعدة الإنتاج الحربى الذى يمثل هدفا وطنيا لتقليص الفجوة التكنولوجية الحديثة وزيادة الاعتماد على الذات عاما بعد عام. ويذكر أن سلاح البحرية المصرى كان قد وقع اتفاقا خلال فترة المجلس العسكرى للحصول على 4 زوارق صواريخ سريعة من إنتاج الولاياتالمتحدة، وأسلحة أخرى من ألمانيا، فضلا عن الحصول على عدد من الغواصات من طراز 214 القريب من طراز الغواصة «دولفين» التى بحوزة السلاح البحرى الإسرائيلى، إلا أن تلك الصفقة أحيط بها الغموض بعد أن تدخلت إسرائيل لعرقلتها كما أسلفنا، ورغم أن توماس دى ميزير، وزير الدفاع الألمانى أعلن عن «عدم رضوخ» بلاده لتلك الضغوط، إلا أنه لم يتم الإعلان عن تسلم مصر للغواصات أو إتمام الصفقة من عدمه حتى هذه اللحظة.