«ثورة العاطلين» تهدد برحيل الرئيس 14 ألفا يوقعون على بيان يطالب الحكومة بتوفير فرصة عمل وصرف إعانة بطالة «وائل»: الجماعة تكمل مسيرة «مبارك» في ظلمنا.. ونادم على انتخاب الإخوان حركة «لكل العاطلين» تقيم 4 دعاوى قضائية تطالب بتعيين «الخريجين» أسوة ب«عمر مرسى» عاطل: تركت خطيبتي علشان ما أبهدلهاش معايا.. وآخر: مسئول ب«ماسبيرو» طلب تجهيز نجلته مقابل التعيين
ألم وحسرة وإحساس بالضياع، عبر بها شباب مصريين عن استيائهم من حالة البطالة التى يعانون منها، بعد أن قرروا إنشاء حركة أطلقوا عليها «لكل العاطلين» التى نظمت عدداً من الوقفات الاحتجاجية، عبروا خلالها عن مطالبهم التى قالوا إنها حق مشروع لهم، رددوا خلالها هتافات معادية للنظام الحاكم الذى تجاهل مطالبهم، بينها «إحنا شباب بنقولها قوية.. البطالة أهم قضية.. فى العدالة الاجتماعية»، «يا شهيد قوم وشوف.. بقت السرقة ع المكشوف»، «مستشارين بالملايين والعاطلين مش لاقيين»، «فين فلوسنا يا أفندى.. اللى فى وزارة المالية»، «اسمع اسمع يا وزير ياللى مكبر للعاطلين.. الوظيفة حق لينا، إنت مش بتمن علينا»، «شغّلنى يا مبوز.. نفسى أفرح وأتجوز»، «يا توظفونا وتشغلونا.. يا برصاصة وتريحونا»، «كفاية كوسة فى الوسايط والتعيين.. حق العاطلين فين»، «عدالة.. حرية.. وظيفة يا حرامية».
حذر المحامى محمد جابر، المستشار القانونى ل«لكل العاطلين» من اندلاع ثورة للعاطلين، قائلاً إن الحكومة والرئيس محمد مرسى لن يستطيعوا مواجهتها لأن من سيقوم بها هم أشخاص يعلمون حقوقهم، التى لن يتنازلوا عنها، مضيفًا أن على الحكومة أن تخشى من غضبة العاطلين، أكثر من خوفها من غضب البلطجية، فيما شكك «عاطلون» فى شرعية الرئيس الذى «فشل» فى توفير فرص عمل لهم، رغم أنه نجح فى تعيين نجله الذى تخرج العام الماضى، فى حين يوجد فى صفوف العاطلين حملة دكتوراه وماجستير، فشلوا فى الحصول على وظيفة، فى حين صمت الحكومة آذانها عن سماع شكواهم. حركة «كل العاطلين» تحت شعار «طول ما أنا عاطل.. إنت باطل» انطلقت حركة «لكل العاطلين» مطالبة الرئيس محمد مرسى والحكومة المصرية بتعيينهم أسوة بنجل الرئيس محمد مرسى، مؤكدين أنهم لن يتنازلوا عن حقوقهم فى التعيين، وأن على الحكومة والنظام الحاكم قتلهم برصاصة »الرحمة» لانتشالهم مما هم فيه، حال فشلا فى إيجاد فرص عمل لهم. الحركة أسسها الشاب خالد الهوارى، الذى يبلغ من العمر 28 عاماً، خريج كلية الإعلام بجامعة 6 أكتوبر، والذى يعانى من البطالة بعد تخرجه من الكلية. «الهوارى» قال إنه حصل على تدريب فى قطاع الإذاعة والتليفزيون (ماسبيرو) بقناة النيل للأخبار، وعندما حاول العمل بها بعد التخرج دله أحد العاملين على قيادى بالقناة مؤكداً له أن بيديه تعيينه، مضيفًا: «بالفعل ذهبت له وأخبرنى أنه لن يتقاضى رشوة، لكنه يحتاج لمساعدته فى جهاز ابنته المقبلة على الزواج عن طريق شراء غرفة نوم أو أنتريه لا يقل سعرها عن 30 ألف جنيه، لأنه لا يدرك أننى من أسرة متوسطة الحال، ولو كنت أمتلك المبلغ لاستثمرته فى مشروع صغير»، وتابع «تكلفت دراستى للإعلام فى إحدى الجامعات الخاصة أكثر من 40 ألف جنيه، ولو كنت أعلم أننى سأواجه البطالة لكنت استفدت بتكاليف الدراسة فى أى مشروع تجارى». وانتقد تأثير الأوضاع الاقتصادية على الصحف المستقلة والحزبية، الأمر الذى جعله يعمل فى جريدة «صوت الأمة» ولم يحصل على مقابل، قبل أن يتجه للعمل فى مهنة مندوب مبيعات واكتشف حينها أن 90% من الشباب يعمل بها، بعدها عمل بائعا فى أحد المحال، واتجه بعدها للعمل فى السمسرة. تأسيس الحركة أكد «الهوارى» أن فكرة إنشاء الحركة جاءت عقب اندلاع ثورة 25 يناير لمطالبة النظام بتوفير فرض عمل للعاطلين، والقضاء على «المحسوبية» و«الرشوة» التى سيطرت على التعيينات فى العهد السابق، قبل أن يفاجأوا بتعيين نجل الرئيس فى وزارة الطيران، فى الوقت الذى ترفض فيه حكومة الدكتور هشام قنديل تعيين حملة الماجستير والدكتوراه، الأمر الذى جعل الحركة تجدد مطالبها وتستكمل نضالها للمطالبة بالتعيين أو صرف بدل بطالة لكل عاطل. وأضاف: «نحن على يقين أن الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء، يسير على نهج الفريق شفيق نظيره الأسبق، ولن يلتفت إلى مطالبنا مهما حدث، لكن ذلك سيدفعنا للتصعيد فى وجه النظام، فى خطوة لن نعلن عنها إلا فى الوقت المناسب». وتبنى الهوارى و«حركته» قضية تشغيل العاطلين بعد ثورة 25 يناير، مطالباً بوضع حد أدنى وأقصى للأجور، وتعيين الشباب العاطلين المؤهلين أو صرف إعانة بطالة حال رفض الحكومة التعيين. وقال الهوارى: «عقب اندلاع الثورة أعلنت الحكومة عن عدة وظائف، حصلت وزارة المالية مقابلها على أكثر من 30 مليون جنيه، وكانت النتيجة زيادة أجور الموظفين من أموالنا، ثم ضحكوا علينا بمسابقة وزارة العدل وتجميع 15 جنيها ثمناً لصحيفة الحالة الجنائية، كشرط للتقديم لتكن الحصيلة حوالى 80 مليون جنيه، أما نحن فلا ثمن لنا فى الحياة، لذا قررنا الاعتراض على نصب الحكومة بطريقة أكثر واقعية، ونظمنا حملة لجمع التوقيعات نجحت فى تجميع أكثر من 14000 توقيع، على بيان طالبت الحركة خلاله بتطبيق قانون العمل على القطاع الخاص، وتوفير وظيفة أو إعانة بطالة وتأمين صحى لكل عاطل، وإعادة التكليف بوزارة القوى العاملة كما كان سابقاً». لا تشترط «الحركة» التعيين الحكومى لكنها تطالب بوظائف فى القطاع الخاص أيضًا مع إبرام عقود من ثلاثة أطراف مع الموظف والشركة على أن تكون الحكومة الطرف الثالث الذى يضمن للموظف حقوقه، حتى لا يقع الموظف فريسة فى يد صاحب العمل. رحلة البحث عن وظيفة 16 عاما أمضاها وائل. س، فى العمل فى شركات خاصة لعله يجد فرصة للاستقرار فى الوظيفة والزواج، لم يبال «وائل» أنه حاصل على ليسانس فى الحقوق، فقرر هجر مهنته الأساسية «المحاماة» بعدما عانى من «المرمطة المجانية» فى مكاتب أكبر المحامين بدعوى التمرين- حسب قوله. وأكد أن أكثر المحامين سخاءً كان يمنحه 90 جنيها شهريا، ما جعله يقوم بتعليق شهادته فى جحرة استقبال الضيوف، وإلى جانبها «كبرياءه» بعد أن أدى خدمته العسكرية لمدة ثلاث سنوات كضابط احتياط، ثم نزل إلى الشارع ليعمل بأبسط الوظائف بلا تكلف، موضحًا أنه عمل فى مهن كثيرة بداية من حارس سيارات أجرة، ثم حارس أمن ثم موظف تلقى طلبات بمطعم «تيك أواى» شهير، وهى مهن لم يجد فيها سوى التوبيخ والمعاملة السيئة والتفنن فى وسائل «التسريح» الوظيفى. وقال «وائل»: «أسرتى متوسطة الحال ونشأت على التواضع فأبى كان يعمل بإحدى المهن الحرة، وبعد وفاته أصبحت مسئولا عن نفسى وعن أسرتى، إلا أن العمل فى المحاماة لم يلب حاجاتى المادية، فلجأت للقطاع الخاص، وبدأت فى شركة تسويق عقارى براتب 450 جنيها، تصل 1200 جنيه عند العمل لمدة 12 ساعة متواصلة، تكون شاملة العمولات، غير أن انهيار السوق العقارى فى مصر تسبب فى فقدانى الوظيفة، وقامت الشركة بتسريح عدد من العمال كنت بينهم؛ لأبدأ من جديد كمتلقى طلبات هاتفية بأحد المطاعم الإخوانية الكبرى فى القاهرة بأجر شهرى 500 جنيه، وهى الوظيفة التى عملت بها لمدة 7 أشهر، وهى الفترة التى عانيت فيها من مشكلات صحية بسبب عدم تناول الطعام طيلة فترة الوردية، وعندما طالبت بتغيير وردية العمل للفترة الصباحية، أكد أصحاب المطعم أن الفترة الصباحية محجوزة للمتزوجين فقط حتى لا يهجروا زوجاتهم فى المضاجع» . وأضاف: «رحلة البحث عن عمل أمر محفوف بالمخاطر أحيانا، وبالنصب أحيانا أخرى، فبعد استقالتى من المطعم الشهير، طرقت أبواب مصلحة الضرائب على المبيعات، بعد أن عرفنى صديق على أحد أقارب مسئول بالمصلحة، والذى طلب منى 9 آلاف جنيه مقابل التوظيف، فدفعت 5 آلاف بعد أن باعت والدتى مصوغاتها، واقترضت من القريب والغريب، لكنه بدأ مماطلتى والتهرب منى ولم أستعد منه سوى ألفى جنيه لأغرق فى مزيد من الديون، بعدها تدربت على مهنة «معدات ثقيلة» والتى كانت مطلوبة فى شركات المقاولات، ولكن حظى العاثر أننى فور إجادتها انهار سوق العقار فى مصر، وأغلقت العديد من الشركات، وفى 2010 كان أملى الوحيد أن أعمل محصل غاز فى شركة «بتروتريد»، وفور بحثى وسؤالى علمت أن هناك مافيا تعينات بالوساطة والرشاوى، وبالفعل تعين صديق لى مقابل 27 ألف جنيه، وعرفنى بنفس الشخص الذى سعى له فى التعيين، ودفعت 23 ألف جنيه، اقترضتها من شقيقى، والذى حصل على قرض بنكى قدره 10 آلاف جنيه، على أمل أن أسدد من الأرباح السنوية التى تصل إلى 8 آلاف جينه على الأقل؛ لأجد نفسى فى النهاية، فريسة لعملية نصب، حيث علمت بعد مماطلة أن التعيين يكون بالدور وأن صاحب المبلغ الأكبر يكون له الأولوية فى التعيين، وأن دورى لم يحن». كرامة المصريين وديوان المظالم «وائل» وآلاف غيره من الشباب العاطلين، لم يفقدوا الأمل فى الحصول على وظيفة، وأن تقوم الحكومة بدورها فى توفير فرصة عمل لهم، ففور إنشاء ديوان المظالم سارع «بتظلم» حكى خلاله رحلة بحثه عن وظيفة، وانبهر بحسن معاملة موظفى الديون فى البداية، لكنها لم تستمر طويلا بعد متابعته المستمرة لشكواه. وأضاف: «مع متابعتى المستمرة لشكوتى تحولت المعاملة الدمثة فى الديوان إلى صوت مرتفع، ولم أسلم من الردود البايخة، حتى وصل الأمر إلى أن قال موظف بالديوان «انت قرفتنا.. عدى بعدين»، وعندما عديت بعدين قال لى غيره بلهجة شديدة الحدة «ملكش شغل عندنا» . وانتقد إهدار كرامة المصريين التى قامت الثورة لإعلائها، قائلا: «هل تعنى كرامة المصرى تعيين نجل الرئيس الذى تخرج عام 2012، وعدم تعيين من تخطى الثلاثين من عمره فى الوظائف الحكومية ؟ الواقع يؤكد أن المحسوبية والوساطة ما زالا يلعبان دورا كبيرا فى الجمهورية الثانية، فمازال الإخوان يكملون مسيرة مبارك فى الظلم، كم أنا نادم على اختيارهم فى انتخابات الشعب والشورى، وكم أعتصر ندما على اختيارى للرئيس مرسى، الذى كان إنجازه للشباب هو تعيين نجله الذى تخرج عام 2012 دون النظر للشباب العاطلين» . الزواج ظل حلما يداعب «وائل» البالغ من العمر 37 عاما، ولم يحققه إلا بالارتباط بشقيقة زوجة أخيه، الذى قاسمه الشقة المكونة من غرفتين وصالة وحمام واحد، مؤكدا أنه تزوج منذ عام ونصف فقط، بعد عمله حارس أمن بجراج سيارات مقابل 750 جنيها شهريا. واختتم روايته بقوله: «لولا ارتباطى بشقيقة زوجة أخى لما استطعت حل أزمة الشقة، ولبقيت بقية عمره عازبًا، ولكن الأمل مازال يراودنى فى العمل بوظيفة محصل فواتير الغاز» . مؤهلات بالجملة محمد على ماهر يبلغ من العمر ثلاثين عاما، ويحمل مؤهلين دراسيين، ورغم ذلك لم يعمل بمؤهلاته حتى الآن، حيث حصل على بكالوريوس خدمة اجتماعية بتقدير جيد جدا دفعة 2003، وعندما فشل فى التعيين فى أى مؤسسة حكومية أو مدرسة خاصة كأخصائى اجتماعى، قرر اكتساب مؤهلات جديدة يطرق بها أبواب سوق العمل فانتسب إلى كلية التجارة جامعة القاهرة، وحصل على بكالوريوس تجارة شعبة محاسبة دفعة 2012 . يؤكد «ماهر» أنه كلما طرق مدرسة خاصة للعمل أخصائى اجتماعى اشترطت اللغة الإنجليزية، حيث كانت الأولوية لخريجى اللغات رغم بساطة الوظيفة، ويقول: فى الوقت نفسه كنت أرى مؤهلات أقل منى يتم تعيينها بالواسطة وأنا «وسطتى ربنا»، فعملت فى شركة دعاية وإعلان حوالى عام ونصف واكتشفت أنهم يسرحون العمال بعد فترة وجيزة تهربا من التأمين، فى البداية عملت موزعا ثم تم ترقيتى كمشرف، إلا أن التعسف فى المعاملة أدى بى فى نهاية المطاف إلى الاستقالة ليتكرر نفس السيناريو مع جميع العمال تهربا من التأمينات، بعدها عملت فى شركة منتجات غذائية كمشرف عمال فى آخر 2007 حتى 2009، ثم انتهى بى الحال لأكون عاملا فى محل بقالة واستغنى صاحب المحل عن خدماتى عندما طلبت منه إجازة من أجل امتحانات الكلية . فقد محمد ماهر الأمل فى الزواج رغم أنه مازال فى ريعان شبابه، ويرى أنه لا يجوز أن يربط مصيره بفتاة لا يضمن لها حياة مستقرة، ويقول: أطالب الدولة بتحقيق العدالة الاجتماعية والعيشة الكريمة، كما أطالب الرئيس أن يعتبرنى ابنه ويفتح لى باب التعيين فى أى وظيفة مستقرة .