هذا المقال بقلم الكاتب سيد علي .. منقول من جريدة الاهرام ويعتبر انتصار جديد من الكاتب عبر نافذة قومية كالاهرام لمصلحة اصحاب المعاشات ملاحظات على زيادات الرواتب كانت القرارات السبعة لزيادة الرواتب والمعاشات ورفع الحد الأدنى هي المؤشر العملي على أن مصر بدأت تتعافى وتخرج من السنوات السبع العجاف للسنوات السمان، ولتخفيف حدة الغضب الشعبي من الإجراءات التقشفية وارتفاع الأسعار، وفِى الوقت نفسه منح فرصة أكبر لاستكمال تطبيق برنامج الإصلاح الاقتصادي، وذلك بعد أن وصل عجز الموازنة عند أفضل مستوى منذ يناير 2011، وكذلك معدل النمو إلى نحو 6.1٪، ومعدل البطالة عند أفضل مستوياته منذ أحداث يناير؛ فقد وصل إلى 13.5٪ مع ارتفاع الاحتياط النقدي إلى 44 مليار دولار، وتحقيق فائض أولي بالموازنة لأول مرة منذ عشر سنوات بمقدار 24 مليار جنيه، مع تحقيق وفرة في كل من جولات خفض الدعم، والتحول من الاستيراد للاكتفاء الذاتي من الغاز بمقدار 3 مليارات دولار. وهكذا كانت تلك القرارات هي ثمار معركة كبيرة للدولة، وصبر عليها الناس وتحملوها، وربما تكون تلك الزيادات جرعة تصبير للناس على تحمل جزء من ارتفاع الأسعار المقبل؛ خاصة أن تلك الزيادات ستكلف الموازنة 60 مليار جنيه، منها 28.5 للأجور و30.5 للمعاش، غير أن التناقض بين من يستحق الدعم من يصل دخلة ل1500 جنيه، والحد الأدنى 2000 جنيه غير مؤثرة؛ بمعنى أن بطاقة الفرد الواحد قيمتها 50 جنيهًا، وإذا كان الفرد يعول أسرة من 4 أفراد كمتوسط يعني 200 جنيه، حيث إن السلع التموينية أصبح سعرها مساويًا للسوق الحرة؛ إذن لو حصل خروج من التموين لعدد من الموظفين؛ بسبب أن الحد الأدنى لأجرهم ارتفع؛ فهو كسب 800 جنيه وخسر 200 جنيه؛ بما يعني صافي مكسب ب600 جنيه، وإذا افترضنا أن التضخم في الفترة المقبلة سيرتفع من 20% إلى 25%؛ فهذا يعني أن صافي مكسبه ارتفع، ولكن الدولة يجب أن تستكمل المنظومة، ولا تنسى غير العاملين بالدولة ولا يستفيدون بالمعاشات، وهؤلاء معظمهم من الذين يعانون وتحت خط الفقر. ومن المعروف أن عدد العاملين بالحكومة يمثلون 25% من القوى العاملة المصرية، ورفع الحد الأدني للأجر لذوي الدخول دونها أمر محمود، و لكن ما يتبع هذه الزيادة من ارتفاع متوقع في الأسعار لابد أن يدعو للتساؤل: ماذا عن ال 42% من القوى العاملة التي تعمل بالقطاع غير الرسمي و الصغير بوجه عام؟ وهم في معظمهم من ذوي دخول محدودة أو ثابتة، ومن ثم أي ارتفاع في الأسعار يمسهم بالسلب، و يخفض من قوتهم الشرائية. فهل من أفكار لتعويض هذه الفئات التي تعمل بالقطاع الخاص الرسمي وغير الرسمي، بالإضافة للعاملين بالقطاع الزراعي؛ خاصة الفلاحين وهم يمثلون نحو 18% من القوى العاملة، ذلك أن زيادات الأجور لابد أن تكون مدروسة بدقة؛ حتى لا تخلق اختلالات جديدة في نمط توزيع الدخل لمصلحة العاملين بالحكومة على حساب الفئات المختلفة العاملة بالقطاع الخاص من ذوي الدخول المنخفضة والثابتة. وخذ مثلا الصحفيين الذين يعملون على هوامش الدولة هم من المقيمين على "الأعراف" (مصطلح قرآني يعني الإقامة خارج الجنة والنار معًا) على حد تعبير "هشام يونس" أحد أعضاء مجلس نقابة الصحفيين؛ بمعنى أنهم ليسوا تابعين للدولة، فتشملهم الزيادات ولا هم بعيدين عنها؛ بسبب نمط الملكية المرتبك، فيتم تجاهلهم تمامًا؛ وبرغم بدل التكنولوجيا الموسمي فإنه مجرد مسكّن موضعي، وهو ليس أجرًا ثابتًا، ولا يتم الاستفادة به في المعاش أو التأمينات؛ لأنه مثل بدل السفر يأتي ويذهب بسرعة، دون أن يقيم ولو جزئيا في أصل الراتب. وربما يكون من المناسب للجنة القوى العاملة بمجلس النواب العمل على إصدار قانون لإضافة العاملين بقطاع الأعمال، بتعديل أجور المخاطبين بقانون الخدمة المدنية وغير المخاطبين؛ فيصبح مشروع القانون المقترح (المخاطبين بقانون الخدمة المدنية وغير المخاطبين بقانون الخدمة المدنية وقطاع الأعمال)؛ وهكذا يمكن تحقيق قدر من العدالة الاجتماعية للغالبية.
