تناولت صحيفة "القدس" الفلسطينية" اليوم تقرير عن شبكة تجسس سعودية وكان نص التقرير الأتى: ربما لم يأت الاعلان عن ضبط شبكة تجسس سعودية قيل انها مرتبطة بايران، بغض النظر عن ملابساتها، مفاجئا في ظل التوتر المستمر واجواء عدم الثقة التي تسود العلاقة بين ايران وجيرانها العرب وخاصة الدول الخليجية منها وفي مقدمتها السعودية الند الاكبر لجمهورية ايران الاسلامية الشيعية. حتى ان السعودية نفسها التي اعلنت عنها لم تجعل منها حدثا دراميا ربما لتفادي مزيد من التوتر مع طهران ولاحتواء ازمة محتملة مع اكبر جارة غير عربية لها، وقد يعود هذا ايضا في جانب منه الى سياستها التقليدية المعروفة بدبلوماسيتها الهادئة. واستغربت السعودية مسارعة إيران إلى نفي علاقتها بشبكة التجسس التي تم ضبطها أخيراً في المملكة، رغم عدم توجيه أي اتهام رسمي لها. وقال الناطق الأمني باسم وزارة الداخلية السعودية اللواء منصور التركي خلال مؤتمر صحافي اخيرا: "لماذا بادروا الى النفي رغم أننا لم نتهمهم .. أتمنى توجيه السؤال اليهم". وكان الناطق باسم وزارة الخارجية الايرانية رامين مهمانبرست نفى في وقت سابق، أي علاقة لإيران بشبكة التجسس قائلا: إن "هذه المعلومات لا أساس لها وهو سيناريو يتكرر". وجاء النفي الإيراني بعد إعلان وزارة الداخلية السعودية الاسبوع الماضي أنها اعتقلت 18 شخصا بينهم إيرانيولبناني "بناء على ما توافر لرئاسة الاستخبارات العامة من معلومات عن تورط عدد من السعوديين والمقيمين بالمملكة في أعمال تجسسية لمصلحة إحدى الدول". ودافع مسؤول ايراني عن مسارعة وزارة الخارجية الايرانية الى نفي تهمة التجسس على المملكة. وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته: "ان رد وزارة الخارجية الايرانية جاء بعد نشر الصحافة السعودية لتصريحات تتهم ايران بالضلوع في شبكة التجسس". من جانبه اشار محمد علائي وهو خبير ايراني بشؤون منطقة الخليج الى ان ايران ارادت من خلال بياناتها المبكرة "وأد الفتنة في مهدها خاصة ان اسرائيل تسعي لتفجير المنطقة بعد التقارب التركي - الاسرائيلي بمباركة من اوباما"، على حد قوله، واصفا العلاقات الايرانية - السعودية ب "الجيدة". وبالرغم من محاولات الجانبين للحد من انعكاساتها على علاقتهما، لا تزال تداعيات القضية تلقي بظلالها على علاقاتهما في الجانب الدبلوماسي. فقد استدعت الخارجية الايرانية القائم بالاعمال السعودي في طهران، امس الاربعاء، وقدمت له مذكرة احتجاج على اعلان السعودية ربط شبكة التجسس بطهران. ونفى مصدر في وزارة الخارجية الايرانية ما نقلته بعض وسائل الاعلام حول مغادرة السفير الايراني لدى السعودية محمد جواد رسولي المملكة عقب الاحتجاج الايراني. بعد الغزو الاميركي للعراق وخروج الاخير من الساحة السياسية كقوة موازنة وتصدي للدور الايراني، اصبحت السعودية القوة الابرز والمنافس الاكبر لايران في المنطقة. وجاءت احداث "الربيع العربي" لتلقي بظلالها بقوة على العلاقات بين البلدين وتزيد من تعقيدها. واصبحت الساحة السورية حلبة تنافس وصراع بالوكالة بين السعودية ومعها قطر والجمهورية الايرانية التي تقف بقوة مع الرئيس بشار الاسد.ترى السعودية في سقوط النظام السوري هزيمة لايران و"مشروعها الشيعي" واضعافاً لتحالفاتها في المنطقة خاصة مع الجماعات الشيعية في العراق وحزب الله في لبنان. قضية "تورط ايران باعمال تجسس" في الدول العربية ليست بالامر الجديد. فقد أعلنت اليمن قبل فترة الكشف عن ست شبكات تجسس خلال العام الماضي، وضبطت شحنة أسلحة إيرانية في المياه الإقليمية اليمنية على السفينة "جيهان 1" الايرانية. وأعلنت الكويت سابقا عن القبض على شبكة تجسس قامت بتصوير المنشآت العسكرية الكويتية والأميركية وتسليمها للأجهزة الأمنية الإيرانية. وقد أشار تقرير لوزارة الدفاع الأميركية إلى سعي إيران لتوسيع قدراتها الاستخبارية في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا والاعتماد على عدد كبير من الجواسيس في الحصول على المعلومات وبث نفوذها في المنطقة العربية وشمال أفريقيا. وتشير المعلومات الاستخباراتية الأميركية إلى أن إيران تستغل موظفيها الدبلوماسيين في إدارة شبكات التجسس، وأنها تملك أكثر من 30 ألف ضابط تجسس وموظف دبلوماسي للحصول على المعلومات الاستخباراتية. ويعلق سايمون هندرسون، مدير برنامج الخليج في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، قائلا "إن طهران تريد فرض سيطرتها على منطقة الشرق الأوسط وفرض الهيمنة الإقليمية واستغلال مواردها في الطاقة وتفوقها الثقافي لتحقيق تفوق إقليمي، وإظهار تأثيرها في عمق الأراضي السنية العربية". من جانبه، يحذر جوشوا لانديس، أستاذ السياسة في جامعة أوكلاهوما لدراسات الشرق الأوسط، من اقتتال بين السنة والشيعة من أجل السيطرة على منطقة الشرق الأوسط، مشيرا إلى أن سوريا تعد نموذجا مصغرا لهذا الصراع، ويقول "إن الصراع الطائفي والتنافس بين السعودية وإيران من حيث النفوذ الديني والنفوذ الاستراتيجي الجغرافي سيؤدي إلى تأجيج التوترات الطائفية في المنطقة، إضافة إلى سعي إيران لامتلاك أسلحة نووية". وما زال الخلاف بين ايران والعرب بشكل عام وايران والخليج بزعامة السعودية بشكل خاص بشأن الازمة السورية على اشده. ولاتفوت ايران اية فرصة للدفاع عن النظام السوري وانتقاد داعمي معارضيه، حتى انها اصحبت ناطقا غير رسمي او ربما رسمي لدمشق، كما يشير البعض. فقد انتقدت طهران قرار الجامعة العربية في قمتها الاخيرة بالدوحة منح المعارضة السورية مقعد دمشق في الجامعة. واعتبرت طهران امس ان منح مقعد سوريا للمعارضة سابقة خطيرة بالنسبة الى الجامعة العربية، بحسب تصريحات لوزير الخارجية علي اكبر صالحي. كما نقلت وكالة الانباء الايرانية عن مساعد وزير الخارجية حسين امير عبداللهيان قوله ان "هذه البادرة تسجل بالفعل نهاية دور الجامعة العربية في المنطقة". لا يعتقد ان تؤثر قضية التجسس المذكورة كثيرا في العلاقات الايرانية-السعودية الفاترة والمتوترة اصلا وسيسعى الطرفان الى احتوائها والحد من اضرارها، كما يرى مراقبون. لكن التنافس العلني والخفي بينهما سيستمر. وقد تحدد الازمة السورية في النهاية نتيجة هذا التنافس ومن سيكون صاحب النفوذ الاقوى في المنطقة.