فى ظل حالة التوتر العسكرى والانقسام السياسى الذى تشهده ليبيا، بين الشرق الذي يُديره مجلس النواب والجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر، وبين الغرب حيث المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، برئاسة فايز السراج، وهي الحكومة المعترف بها دوليًا إلا أنها لم تحظ بثقة البرلمان، وتصدرها لواجهة الرأي العام العربي و الدولي على حدّ السواء في سعي حثيث لتوحيد أطراف النزاع الليبي وتحقيق الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي وتجاوز الأوضاع المتردية، أعلن المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، عن مبادرة سياسية لإنهاء الأزمة الليبية من ثماني نقاط كالتالى.. 1- أن يتولى كل إقليم من أقاليم ليبيا الثلاثة على حدة باختيار من يُمثلهم بالمجلس الرئاسي المكون من رئيس ونائبين، وذلك بالتوافق بينهم أو بالتصويت السري تحت إشراف الأممالمتحدة. 2- يقوم المجلس الرئاسي بعد اعتماده بتسمية رئيس للوزراء ونواب له يمثلون الأقاليم الثلاثة لتشكيل حكومة يتم عرضها على مجلس النواب لنيل الثقة، ويكون رئيس الوزراء ونائباه شركاء في اعتماد قرارات مجلس الوزراء. 3- بعد تشكيل المجلس الرئاسي يتم تشكيل لجنة من الخبراء والمثقفين لوضع وصياغة دستور للبلاد بالتوافق، يتم بعده تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية تنبثق عن الدستور المعتمد الذي سيحدد شكل الدولة ونظامها السياسي. 4- القوات المسلحة الوطنية الليبية تقوم بدورها لحماية هذا الوطن وأمنه ولا يجوز بأي شكل من الأشكال المساس بها، ويتولى المجلس الرئاسي الجديد مجتمعا مهام القائد الأعلى للقوات المسلحة خلال هذه المرحلة. 5- يستمر مجلس النواب في ممارسة رسالته ودوره كسلطة تشريعية منتخبة إلى حين انتخاب مجلس نواب جديد. 6- الإقليم الذي يختار منه رئيس المجلس الرئاسي لا يختار منه رئيس الوزراء. 7- لا يحق لرئيس المجلس الرئاسي ونوابه الترشح لرئاسة الدولة في أول انتخابات رئاسية. 8- للقوات المسلحة حق ترشيح وزير الدفاع. "صالح" أكد أنه على استعداد مع الشخصيات الوطنية والنخب السياسية لتقديم المشورة المخلصة والصادقة للوصول إلى العناصر القادرة على تجاوز وحل مشاكل وقضايا هذا الوطن، متمنيًا من زملائه "نواب الشعب" أن يكونوا أول الداعمين لهذا المقترح. وتمنى رئيس مجلس النواب "أن تباشر الأممالمتحدة بدعوة القيادات الاجتماعية والنخب السياسية الذين تختارهم الأقاليم الثلاثة لاختيار وتسمية من يمثلهم في المجلس الرئاسي، وإبعاد الأطراف التي لا تريد الوصول إلى حل عادل للأزمة الليبية وكانت وراء ما تعرضت له ليبيا من مآس ومظالم وفساد. واعتبر صالح أن الحوار السياسي الليبي سجل "فشلًا ذريعًا"، وأن مجلس النواب والأعلى للدولة "لم" و"لن يتفقا" على حل للأزمة في البلاد لتعدد المصالح وتضاربها، ورأى أنه أمام هذا الخلاف ضرورة إرجاع الأمانة إلى أهلها وهو الشعب الليبي صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في تقرير مصير البلاد. محللون سياسيون أكدوا أن هذه المبادرة ليست جديدة، فكل بنودها كانت مطروحة فيما سبق، وكانت تعتبر بمثابة أرضية تم الانطلاق منها في الاجتماعات التي حدثت في المدة الأخيرة، سواء في برلين أو في أماكن أخرى، لكنها تظل المبادرة الوحيدة القادرة على الخروج بحل قد يرضي جميع الأطراف في ليبيا. وتساءلوا عن ماهية الآلية التي سيتم من خلالها تطبيق هذه البنود، أو الآلية التي سيتم من خلالها الاتفاق على أنها تعتبر عملية البدء في مفاوضات جديدة بين الأطراف المتصارعة في ليبيا، وبالتالي تحتاج هذه المبادرة القديمة الجديدة إلى أن يتم تبنيها من قبل الدول الفاعلة في الأزمة الليبية والقادرة على فرض اعتبارها نقطة يتم من خلالها الوصول إلى حلول يمكن التعديل فيها إضافة أو نقصانا، للوصول إلى حل يرضي جميع الأطراف. وحول إمكانية القبول بالمقترح، أكد المحللون أن الصراع الدائر في الداخل والمحيط الإقليمي سيحول دون تنفيذ المقترح الذي طرحه المستشار عقيلة صالح. وأضافوا أن خروج الغالبية في المنطقة الشرقية لتفويض الجيش لقيادة المرحلة بشكل كامل يؤكد على ثقتهم بأن هذا الأمر هو الحل الوحيد للأزمة بعدما وصلت لما هي عليه الآن. وتابعوا أن المبادرة ربما لن تلقى الصدى من الجانب الغربي، خاصة في ظل الظروف الراهنة. وأشاروا إلى أن الخسائر المتواصلة الناتجة عن الاحتراب والقتال والاستجداء بالدول الأجنبية دفعت القيادة السياسية لتجديد طرح الرؤية السياسية للتأكيد على أن الأطراف الأخرى هي من ترفض هذه التسوية. ومنذ عدة أيام، قال المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، إن المشهد في ليبيا تحول إلى فوضى كاملة، مشيرًا إلى أن الوضع الاقتصادي انحدر إلى أسوأ حال. واتهم "حفتر" المجلس الرئاسي بالفساد، وارتكاب الجرائم، والاستهانة بكرامة المواطن، والتفريط في سيادة الدولة، ونهب أموال الشعب، وإفساد الذمم، والتحالف مع المليشيات. وطالب الشعب بالمعاونة في إسقاط الاتفاق السياسي وما نتج عنه؛ لتنصيب غير مشروع، فضلًا عن إعطاء التفويض للمؤسسة التي يرونها أهلًا للمرحلة المقبلة، وإدارة شئون البلاد بما يُمهد لبناء الدولة المدنية التي يتطلع إليه الشعب الليبي. وتابع قائد الجيش الوطني الليبي أن التفويض يجب أن يكون بكل ثقة وحزم عبر المجالس المحلية وتنظيماتها السياسية والنقابية والمهنية، مشددًا على أهمية التعبير عن الإرادة الحرة لتصحيح المسار. ومن جانبها، قالت القائمة بأعمال مبعوث الأممالمتحدة الخاص، إن ليبيا تتحول إلى "حقل تجارب لكل أنواع الأسلحة الجديدة" مع إرسال مؤيدى طرفى الحرب أسلحة ومقاتلين إلى هناك فى انتهاك للحظر. وقالت ستيفانى وليامز القائمة بأعمال المبعوث الدولى، فى مؤتمر صحفى عبر الإنترنت، إن أسلحة واردة من الخارج أججت موجة القتال الجديدة. وأضافت المسئولة الدولية: "لدينا شيء يُسمى قاذفة اللهب برو-إيه وهى نوع من الأنظمة الحرارية يستخدم فى الضواحى الجنوبية لطرابلس، ولدينا طائرات مسيرة جديدة نقلت إلى هناك منها طائرة مسيرة أشبه بطائرة مسيرة انتحارية تنفجر عند الاصطدام". وفى 20 فبراير 2020، طرح مجلس النواب الليبي، 12 نقطة لحل الأزمة، يأتي على رأسها، تفكيك الجماعات الإرهابية والميليشيات، وتتمثّل النقاط المقترحة من مجلس النواب، في تفكيك الجماعات الإرهابية والميليشيات المسلحة، والعصابات المسيطرة على العاصمة، وأن تكون للقيادة العامة صلاحية الضم والدمج وجمع السلاح، على أن تكون القوات المسلحة الليبية، وحدها الموكل إليها تطهير البلاد من الجماعات الإرهابية والميليشيات والعصابات، وحماية الحدود والأهداف الحيوية وضبط الأمن والنظام. وفى 29 أكتوبر 2019، أعلن رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري، عن مبادرة جديدة لحل الأزمة في ليبيا، وتضمنت، خمسة محاور؛ هي "محور دستوري، ومسار سياسي، ومسار أمني، وأولويات حكومية، ومبادئ تعزيز الثقة بين مكونات المجتمع الليبي"، لتكون هذه المحاور "مرحلة انتقالية أخيرة"، خلال 14 شهراً. ووفقاً لمدد زمنية حددتها المبادرة، يجري تعديل الإعلان الدستوري بالتوافق ما بين المجلس الأعلى للدولة ومجلس النواب، وتعديل المجلس الرئاسي بتقليص صلاحياته وفصل حكومة "الوفاق" برئيس وزراء مستقل، لتجري بعدها انتخابات رئاسية وبرلمانية على أساس تعديل الإعلان الدستوري. وفي المسار الأمني، دعت المبادرة إلى انسحاب قوات حفتر من مدينة ترهونة وعودتها إلى مقارها قبل شنّ العملية العسكرية في طرابلس في 4 إبريل، تزامناً مع انسحاب فصائل ترهونة إلى داخل حدود المدينة، مع ضمانات من قبل قوات الحكومة بعدم ملاحقتها، ووقف القتال نهائياً. وفى 27 يونيو 2019، طرح الجيش الليبي مبادرة لحلحلة الأزمة الراهنة في البلاد، تراوحت بين الحل العسكري والسياسي. وتضمنت مبادرة الجيش الليبي، التي طرحها المتحدث الرسمي باسم القيادة العامة أحمد المسماري إجراء حوار للمصالحة بمشاركة كل القوى في البلاد "باستثناء المتطرفين ومن ارتكبوا جرائم ضد البلاد"، وبرعاية أممية، وتشكيل حكومة كفاءات لإدارة شؤون البلاد، تتكفلّ بحل مشكلات السيولة وجمع السلاح من الشارع ودراسة مسودة الدستور عبر لجنة خاصة واتخاذ ما يلزم تجاهها مع ضمان حقوق المواطنين، لكنها ربطت الدخول إلى هذه العملية السياسية الانتقالية، بالحسم العسكري في العاصمة طرابلس. وفى 16 يونيو 2019، طرح فائز السراج رئيس وزراء الحكومة الليبية مبادرة للخروج من الأزمة التي تشهدها البلاد. وقال السراج: "لقد أكدنا مراراً بأنه لا حل عسكري للصراع في ليبيا. ومن واقع مسئوليتي الوطنية ورغم العدوان الغاشم علينا والذي سنستمر في دحره وتسخير كل الإمكانيات لإنهائه وهزيمته فإنني أقدم اليوم مبادرتنا السياسية للخروج من الأزمة الراهنة". وأوضح السراج أن مبادرته تتلخص في "عقد ملتقى ليبي بالتنسيق مع البعثة الأممية، يمثل جميع القوى الوطنية من جميع المناطق ممن لهم التأثير السياسي والاجتماعي، الذين يدعون إلى حل سلمي وديمقراطي".