في ربط يعد الأول من نوعه بين الإصلاح الديني والتنمية الاقتصادية، أكد الدكتور محمد عثمان الخشت نائب رئيس جامعة القاهرة في محاضرته الرئيسية بمعسكر قادة المستقبل المقام في جامعة القاهرة ضمن الأنشطة الصيفية لطلاب الجامعة: أن الإصلاح ليس جزرا منعزلة، وأن الاصلاح الاقتصادي مرتبط ارتباطا جذريا بالاصلاح الديني، لأن منظومة الأفكار والقيم الحاكمة للسلوك الاقتصادي هي نفسها منظومة الأفكار والقيم الحاكمة للمعتقد والسلوك الديني. ولا توجد دولة متقدمة في الاقتصاد ومتخلفة في التعليم والصحة أو الأفكار الدينية، ولا توجد دولة متقدمة في التعليم والصحة والخطاب الديني ومتخلفة في الاقتصاد. وأشار الخشت إلى أن الاصلاح الديني لابد ان يقوم على الربط بين اتقان العمل والصدق والمبادرة وتحمل المسئولية من جهة وبين التقدم ودخول الجنة من جهة اخرى. كما تطرق الى ان الاصلاح الديني يجب ان يؤكد ان الانسان هو الذي يصنع مستقبله عن طريق بذل الجهد والمحاولة تلو المحاولة بعيدا عن روح القطيع وبعيدا عن التقليد وهي نفس الافكار التي تقوم عليها فكرة "ريادة الاعمال" في الاقتصاد. من جانب آخر شرح الخشت كيف أن الفكرة الصواب هي التي تعمل بنجاح في الواقع وتنفع الناس. وأبان أن الأفكار التقليدية السائدة في الخطاب الديني التقليدي تحكمها أفكار رجعية تفسد الدين كما تفسد الاقتصاد، مثل : انتظار الفرج، والتواكل، والفصل بين الايمان والعمل .. وان دخول الجنة غير متوقف على الاعمال الدنيوية. وقال إن هذه الأفكار الدينية الخاطئة هي التي تحكم من أسف الحركة الاقتصادية للمجتمع والأفراد، وهذه الافكار تشكل الايديولوجية التي تحرك منظومة الفساد الادراي التي تعتمد على اهمال العمل والاختلاس والرشاوي والعمولات والوسائط وعدم تكافؤ الفرص، وفي آخر السنة يقوم هذا الفاسد بأداء الحج أو العمرة تكفيرا عن ذنوبه! واعتبر الخشت ان تغيير منظومة القيم الدينية مهمة من اهم مهام تجديد الخطاب الديني، ومنظومة القيم هي اساس الافكار الحاكمة للمشروعات الصغيرة والتنمية الاقتصادية، مثل: تنمية مهارات المبادرة الفردية والتخطيط والتفكير الابداعي وتحمل المسئولية الفردية والاعتماد على الذات وعدم التواكل .. وكلها مهارات يقوم عليها الاصلاح الديني الذي يدعم المسئولية الفردية والعمل الحر والمبادرة وبذل الجه،. بعيدا عن الوظائف الحكومية. ولذا أكد الخشت أنه لابد من خطاب ديني جديد يؤكد على مجموعة من المعتقدات الدينية الصحيحة التي تدعم العمل الحر والانتاج والتنمية، مثل أن مفهوم "العمل الصالح" هو العمل المنتج مثل: البناء والصناعة والزراعة ...إلخ، وأن (العبادات والطقوس) لاقيمة لها إذا لم تصلح سلوك الناس في الحياة، والغش والرشوة والسرقة والكذب والظلم وأكل أموال الناس بالباطل كبائر تدخل مرتكبيها النار في الدنيا والآخرة. ومن أهم المفاهيم الجديدة التى دعا إليها الخشت أن اتقان الاعمال الدنيوية عبادة في نفس وزن اتقان الطقوس والشعائر، وهما معا الضامن للنجاح في الدنيا والآخرة. كما أن الانسان هو الذي يصنع مستقبله ، والوجود يسبق الماهية، وتغيير العالم يكون بالعمل وليس بالدروشة، والرزق يكون بالسعي والأخذ بالأسباب، والدعاء لا يكون فعالا إلا بالعمل كما أكد القرآن الكريم.