على مدار عدة سنوات كانت قطر سببا في غضب عدد كبير من قيادات الدول العربية، بسبب سياساتها الداعمة للجماعات الارهابية المختلفة، إلا أنه كانت هناك محاولات كثيرة للصلح وإقناع الدوحة بالتراجع عن سياساتها ،لكن في كل مرة تتراجع ولم تلتزم بتعهداتها، ومع ذلك فقد تم إعطاء الدولة الخليجية الصغيرة أكثر من فرصة، حتى قررت مؤخرا توطيد علاقاتها مع إيران غير مكترثة بطموحات الأخيرة التوسعية في الوطن العربي ،الأمر الذي زاد غضب جيرانها وعلى رأسهم السعودية التي قررت هي ومصر والبحرين والإمارات العربية المتحدة قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية معها والواقع يؤكد أن العلاقات بين الدوحةوطهران ممتدة ومتنوعة ،وفيما يتعلق بالعلاقات السياسية فقد بدأت في 20. سبتمبر عام 1969. حيث سعت إيران إلى إبرام اتفاقية لترسيم الحدود البحرية مع قطر وتقسيم الجرف القاري ببن الدولتين، لتحديد وصيب كل منهما في الموارد الطبيعية النفطية بالمنطقة وبعد استقلال قطر السياسي في عام 1971. ،كانت علاقاتها مع إيران في ظل حكم الشاه محمد رضا بهلوي هادئة ،وكذلك كان الحال بالنسبة لكاجل الدول الخليجية وبعد إندلاع الثورة في إيران والإطاحة بالشاه وإقرار نظام الحكم الإسلامي في إيران، عام 1979 ، ومنذ ذلك الخين بدأت خالة من العظاء الصريح بين إيران من جهة وحكام الخليج من جهة أخرى، حيث اعتاد آية الله الخميني انتقاد الحكام الغرب ووصفهم بالخيانة والتآمر والخضوع لأمريكا وظهر ذلك جليا خلال حرب الخليج الأولى التي استمرت ما بين عامي 1980. و 1988. ،واتخذت حينها قطر موقفا مؤيدا لموقف دول مجلس التعاون الخليجي ، كما أعربت عن مساندتها ودعمها للعراق،ور ئيسه الأسبق صدام حسين في حربه ضد إيران، وترجمت الدوحة هذا الدعم في صورة قروض ومنح للنظام العراقي آنذاك بينما ظهر التقارب في العلاقات ما بين قطروإيران، عام 1992، حين ساهم الخلاف الحدودي بين السعودية وقطر على منطقة الخفوس، في تطبيع العلاقات الثنائية بين طهرانوالدوحة، بعدما استغل الرئيس الإيراني الأسبق هاشمي رفسنجاني ذلك الخلاف وأعلن مساندة إيرانلقطر، الأمر الذي دفع الأمير القطري خليفة بن حمد آل ثاني، جد الأمير الحالي، إلى إرسال رسالة شكر له لموقفه الداعم لقطر وفي بداية عام 1999، قام الرئيس الإيراني محمد خاتمي بزيارة مهمة إلى الدوحة. علق عليها الدكتور عرفات علي جرغون في كتابه "العلاقات الإيرانية الخليجية: الصراع، الانفراج، التوتر"، أن تلك الزيارة شهدت "توقيع عدد من الاتفاقيات في مجالات مختلفة، أهمها التفاهم حول عدد من القضايا السياسية الإقليمية والدولية، وإدانة الدولتين لظاهرة الإرهاب، وضرورة التمييز بين العمليات الإرهابية والمقاومة المشروعة". وشهدت تلك الزيارة أيضا دعم إيران للدوحة لاستضافة مؤتمر القمة الإسلامية حينها وكان أحد الآثار المهمة لتلك الزيارة التنسيق بين الطرفين لدعم حركة حماس الفلسطينية، وهو الأمر الذي صار من أقوى نقاط التقارب بين الدولتين في الفترة اللاحقة وفي عام 2000، قام أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني، بزيارة إلى طهران، وكانت تلك الزيارة هي الأولى التي يقوم بها حاكم دولة خليجية إلى الدولة الفارسية منذ اندلاع الثورة الإسلامية والإطاحة بحكم الشاه وفي عام 2006 قام الأمير القطري بزيارة أخرى إلى العاصمة الإيرانية، وظهر أثر التقارب الناتج عنها في يوليو من العام نفسه، عندما كانت قطر العضو الوحيد، من بين 15 عضوا في مجلس الأمن، الذي صوت ضد قرار المجلس رقم 1696 والذي طالب إيران بوقف العمل في برنامجها النووي ودعت قطر آنذاك إلى حل كافة القضايا والخلافات بين الدول بالطرق السلمية، معربةً عن أن من حق إيران امتلاك برنامج نووي سلمي وفي الوقت نفسه من حق المنطقة أيضا أن تعيش في أمن واستقرار وبلغ التعاون بين الدولتين ذروته في ديسمبر 2007، عندما قامت قطر بتوجيه دعوة رسمية للرئيس الإيراني المنتخب حينها محمود أحمدي نجاد، لحضور مؤتمر قمة الخليج الثامنة والعشرين في الدوحة كضيف شرف، وكان نجاد أول رئيس دولة أجنبية يحضر تلك القمة، ما أثار دهشة بعض الدول الخليجية واستهجانها كما شهد عام 2015 توقيع اتفاقية أمنية بين ممثلين عن الحرس الثوري وقيادات عسكرية قطرية،وكذلك توقيع اتفاقية ثنائية لمكافحة الإرهاب والتصدي للعناصر المخلة بالأمن في المنطقة وفي مايو 2017، وبعد فوز حسن روحاني بولاية رئاسية ثانية في إيران، حرص الأمير تميم بن حمد آل ثاني على الاتصال به لتهنئته، وأكد على ضرورة توسيع العلاقات الثنائية خاصة مع عدم وجود أي عائق أمام تطويرها، بينما أكد الرئيس روحاني، في المقابل أن جميع الشروط مؤاتية لتوسيع أفق التعاون بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية مؤكدا على ضرورة ذلك ونتيجة لهذه العلاقات السياسية المتنامية بين البلدين بعد حرب الخليج الأولى،تطورت أيضا العلاقات الاقتصادية بينهما. وبحسب ما ذكر عرفات علي جرغون في كتابه "قطر وتغيير السياسات الخارجية: حلفاء وأعداء"، نما التبادل التجاري بين الدولتين باطراد في السنوات الأخيرة، حتى وصل إلى ما يزيد عن 500 مليون دولار عام 2010 كما لم تقتصر العلاقات الاقتصادية بين البلدين على التبادل التجاري، بل تمتد أيضا إلى التنسيق حول الاستثمار المشترك للثروة الغازية في الجرف القاري، حيث أنهما يشتركان في عدد من الحقول الغازية الضخمة، ومن أهمها حقل غاز الشمال، الذي تصفه تقارير الوكالة الدولية للطاقة بأكبر حقل غاز في العالم إذ يضم 50.97 تريليون متر مكعب من الغاز، وتبلغ مساحته نحو 9,700 كيلومتر مربع منها 6,000 في مياه قطر الإقليمية و3,700 في المياه الإيرانية. وقد قام الجانبان بتوقيع اتفاقية بخصوص تنظيم العمل المشترك بالحقل في عام 2015 وامتد التعاون بين البلدين إلى بعض الأفكار المبتكرة والجديدة كذلك. فعقب حرب الخليج الثانية، أسهمت مشاريع المياه المقترحة بين إيرانوقطر في تعزيز العلاقات المشتركة بينهما فانطلاقا من رغبة إيران في إعادة توثيق علاقاتها من جديد مع دول مجلس التعاون الخليجي، ولمحاولة كسر جدار العزلة المفروضة عليها، عرضت الحكومة الإيرانية على قطر مشروعا طموحا يهدف إلى تزويدها بالمياه العذبة عبر مد شبكة أنابيب، تبدأ من نهر الكارون الواقع جنوب غرب إيران في منطقة الأحواز ثم تمتد مع محاذاة الساحل الإيراني مرورا تحت مياه الخليج وصولا في النهاية إلى قطر، بهدف مساعدتها في حل مشكلتها المائية وبحسب ما ذكره الباحث ريان ذنون العباسي في بحث بعنوان "إيران ومشروع تزويد قطر بالمياه"، التقى وزير الكهرباء والماء القطري مع نظيره الإيراني عام 1995 وعقدا سلسلة من المباحثات تناولت إمكانية قيام إيران بتأمين ما تحتاجه قطر من المياه العذبة، وهو الأمر الذي جرى التفاهم بشأنه في المحادثات الثنائية بين زعماء الدولتين لأكثر من مرة بعدها، وإن لم يتحقق بشكل عملي على أرض الواقع حتى الآن. وإلى جانب التعاون السياسي والاقتصادي، كان هناك تعاون في المجال الأمني، وإن كانت درجة التعاون تختلف من فترة لأخرى ،ويمكن القول إن هناك تفاهما بين الطرفين فيما يتعلق بالعلاقات الثنائية، بينما كان هناك تضارب في المصالح فيما يخص الرؤى الإستراتيجية والإقليمية، خصوصا في مناطق النزاع والقتال في سورياوالعراق واليمن ففي ديسمبر من عام 2010، وبحسب ما أعلنت بعض الوكالات الإعلامية الإيرانية، استقبلت الشواطئ القطرية سفنا عسكرية تابعة للحرس الثوري الإيراني، وحملت تلك السفن قيادات عسكرية إيرانية لإجراء لقاءات من أجل التوصل إلى تفاهمات أمنية مع الجانب القطري، وحضر الاجتماع سفير إيران في قطر والممثل العسكري في السفارة وانتهى إلى توقيع اتفاقية أمنية بين البلدين وفي أكتوبر عام 2015، أعلنت وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء، توقيع اتفاق عسكري بين البلدين، تحت مسمى مكافحة الإرهاب والتصدي للعناصر المخلة بالأمن في المنطقة، ووقعه كل من قائد حرس الحدود الإيراني قاسم رضائي ومدير أمن السواحل والحدود في قطر علي أحمد سيف البديد، وشهد ذلك الحدث توقيع اتفاقية تعاون لحماية الحدود المشتركة، كما شمل إجراء تدريبات عسكرية مشتركة ما بين قوات البلدين اواللافت أن غالبية هذه التفاقيات أعلن عنها من الجانب الإيراني، بينما لم تحاول الدوحة التباهي بها، خشية إثارة ردود الأفعال السعودية الغاضبة وفي المقابل، ألقت المصالح الأمنية المتشابكة والمتعارضة بين إيرانوقطر بظلالها القاتمة على المشهد في بعض الأحيان ففي ديسمبر من عام 2015، تم اختطاف مجموعة من القطريين في العراق، ووجهت سهام الشك لمجموعات حزب الله العراقية وحلفائها من كتائب الحرس الثوري الإيراني، وبالتحديد لقائد فيلق القدس قاسم سليماني. وبعد احتجاز لمدة تزيد عن العام، تم إطلاق سراح المحتجزين في إبريل الماضي، بعدما ترددت بعض الأقاويل عن لقاء وزير الخارجية القطري بسليماني وحدوث اتفاق بينهما في ما يخص المختطفين