هل هى حقا الرقصة الأخيرة للدواعش فى سيناء وذيولهم من الجماعات الأخرى الموالية لهم ؟ الأمر يبدو كذلك بالفعل فكل المؤشرات تؤكد هشاشة التنظيم وجيوبه وتشير الى أمر مهم انفردت به "الموجز" فى أعداد سابقة وهو أن هذه الجماعات باتت تواجه انشقاقات من الداخل وكلمة السر التى سنزيح عنها الستار فى هذه الخلافات هو أبو هاجر الهاشمى الذى سيكتب كلمة النهاية لهذا التنظيم بسيناء ابو هاجر بكل تأكيد هو اسم كودى وسرى لا احد يعرف بشكل قاطع اسمه الحقيقى لكن كل المؤشرات والمعلومات ترجح أنه هو نفسه أبو عبدالله، الذى كان قد أعلن اسمه كقائد جديد لدواعش سيناء عقب تمكن الجيش من تصفية القائد الراحل للتنظيم أبو دهاء الأنصارى، فى أغسطس من العام الماضى. إذن فكل من أبو هاجر وأبو عبدالله شخص واحد، وأن تعدد الألقاب لقائد داعش الحالى، إنما من باب التمويه والاحتياطات الأمنية داخل التنظيم خشية الاختراقات، وكذا فى مواجهة أجهزة المعلومات التى ترصد تحركات قادة التنظيم الارهابى وتؤكد المعلومات ان أبو هاجر الهاشمى هو أول والى عراقى يقود التنظيم الإرهابى من داخل الحدود المصرية. وقد اعتادت التنظيمات المسلحة ذات الطابع الدينى، أن تتخذ لقادتها القابا تبدأ ب"أبو" للتعتيم على هويتهم الحقيقية، لكن اللقب يكون دومًا حقيقيًا، ولو لم يكن مُتضمنًا فى الاسم الأساسي للشخص، وبالتالي فإلحاق الهاشمى باسم أبو هاجر لا يمكن أن يكون مصادفة. كما ان التسريبات الصحفية التابعة لتنظيم داعش، كإصدار النبأ الإلكترونى، تجزم بالفرضية السابقة، مدعية أن أبو هاجر عراقى الجنسية، حيث كان ضابطًا سابقًا فى جيش صدام حسين، قبل أن توكل إليه مهمة قيادة الجناح الداعشى المصرى، عقب مقتل أبو دعاء الأنصارى. فى المقابل فان تقاريرتقدير الموقف والتقارير المعلوماتية عن التنظيمات الارهابية النشيطة فى سيناء تؤكد وجود مقاتلين أجانب فى سيناء على طول الخط من جنسيات عدة منها العراقية والفلسطينية والجزائرية والشيشانية والأفغانية والألمانية وغيرهاتمكنوا من دخول الحدود المصرية الشرقية اثناء عام حكم الإخوان كما ان هناك جزء لا يستهان به قد تمركز فى سيناء منذ عام .2011 الأمر لم يقتصر فقط على تقارير المعلومات فى التأكد من وجود اجانب فى سيناء لكن محاولة عزل الشيخ زويد من قبل الدواعش فى 1 يوليو 2015، كشفت عن سقوط غير مصريين بين المهاجمين على يد الجيش، غالبيتهم دل عليهم مظهرهم الأجنبى، فيما كان أحدهم حاملًا لجواز سفر تركى كما تم العثور على مستندات وخرائط تؤكد حصول هذه الجماعات على دعم اجهزة استخبارات دولية .. ليس هذا فقط بل أن ولاية سيناء وتحديدًا قبل مقتل أبو دعاء، لم تكن تعلن عن اسم واليها، كما هو العرف مع أفرع داعش فى الأقاليم. ورغم انه كانت بالفعل هناك أسماء مصرية كشادى المنيعى وسليمان دهبيش أبو ملحوس، وأحمد الجهينى، وتوفيق فريج زيادة، وشقيقه محمد فريج زيادة، وابن شقيقة محمد مسلم فريج زيادة، وراشد أبو القاسم، وغيرهم، يشار إليها كمسئولين عسكريين أو قادة للتنظيم، إلا أن أيًا منهم وغالبيتهم قتل أو لا يزال مختفيًا، لم يتم تسميته واليًا يعمل باسم الخليفة المزعوم، أبو بكر البغدادى وظل السؤال الابرز ونقطة الخلاف التى انفجرت لاحقا هو لماذا لا يوجد والى فى سيناء؟.. كان ذلك محل خلاف بين دواعش المركز فى الشام والعراق، ودواعش سيناء بعد بيعتهم وتحولهم من تنظيم أنصار بيت المقدس إلى فرع لخلافة البغدادى بشبه جزيرة سيناء . وقد كشفت معلومات جاءت فى تقديرات موقف ومتابعات لحركة الجماعات الارهابية بان داعش بناءً على أمر عالٍ من خليفته قد رهن قبول مبايعة قادة "أنصار بيت المقدس" فى سيناء قبل أكثر من 24 شهرًا، بخضوع التنظيم وكوادره وخططه وأهدافه وتوجهاته الاستراتيجية، لولاية مندوب أو قائد أو سفير عراقى للبغدادى من جنوده فى عاصمة الخلافة بمدينة "الرقة" السورية. وكان التنظيم المركزى، وقبل أن يصبح الدولة الإسلامية فقط، دون العراق والشام، قد اتبع سياسة جديدة بإبعاد أى قيادة لا تنتمى لبلاد الرافدين عن أى موقع مؤثر، بل إنه انتهج طويلًا استراتيجية تصدير القيادات العراقية لقيادة دفة الأمور فى سوريا، وبالتالى، فإن المنطق يقول المنهج المتبع فى الشام من يجب تطبيقه فى ولايتها الاستراتيجية بمصر. لكن ذلك كان شرطًا مجحفًا لكثير من جنود أنصار بيت المقدس بسيناء، ما أدى إلى انشقاقات عدة فى التنظيم كان أشهرها لهشام عشماوى، الذى يقود حاليًا الفرع الليبى المصرى من جماعة المرابطين التى تدين بالولاء للقاعدة والعداء لداعش. الدواعش حاولوا الخلاص من ازمة تعيين والى غير مصرى يقود العمليات بسيناء، بإقرار صيغة توافقية عبر تعيين قيادى داعشى يقيم فى العراق للإشراف على عمليات بيت المقدس على الأرض فقط، ولا علاقة له بالإدارة الروحية أو السياسية أو الفقهية له، على أن يتولى ذلك القائد مهمة نقل تعليمات البغدادى من خلال رسائل يتلقاها منه بالشفرة إلى مسئول التنظيم بمصرلكن لاحقا اثار ذلك نوعا من شق الصفوف وتشتت الجيوب الارهابية فى تلقى المعلومات وهو ما نجحت قواتنا المسلحة فى استغلاله لتصفية هذه الجيوب .. كما ان غموض أبو هاجر وطبيعته المختلفة بدورها عن القادة الميدانيين المصريين السابق الإشارة إليهم كقادة سابقين لدواعش سيناء، ادت الى رقصة النهاية فقد دخل الرجل فى تناحر علنى مع حماس، على إثر توقف ما للأخيرة عن دعم جماعات العنف المسلح عبر أنفاقهافادى ذلك الى خنق جيوب الارهاب من خطوط الامداد وحرمانها منها . قادة حماس حاولوا بذلك تقريب وجهات النظر مع مصر وفتح صفحة جديدة لتكفير ذنوبهم التى اقترفوها بالانفاق التى كانت تهدف فى الاساس تخفيف الضغط عن اشقائنا فى غزة الا ان الحركة استخدمتها كوسيلة ضغط فى السنوات الاخيرة ومدت يد المساعدة للجماعات الارهابية فى سيناء لكنها عندما عادت واغلقت الانفاق لم يتردد أبو هاجر فى محاولة إحراجها بالكشف عن صور وأسماء مقاتلين حمساويين يعملون تحت إمرته بسيناء قتلوا مؤخرًا على يد الجيش، فى إشارة منه واضحة بأنهم دخلوا الأراضى المصرية فى السابق بعلم ومباركة الفصيل الفلسطينى. لكن كل هذه التفخيخات لم تسفر او تغير من الامر شىء فالحقيقة المؤكدة ان التنظيم فى سيناء فقد الرئة التى كان يتنفس منها وفقد خطوط امداده وتموينه من الانفاق كما ان الخلافات وسوء ادارة ابو هاجر قادت الدواعش للرقصة الأخيرة.