جاءت زيارة رئيس المخابرات الأمريكية "سي آي إيه"، مايك بومبيو، إلى أنقرة في أول زيارة خارجية له منذ توليه منصبه في ظل إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لمناقشة العديد من القضايا الأمنية , لتؤكد تحسن العلاقات بين الولاياتالمتحدةوتركيا بعد حالة الجفاء التى شهدتها أيام الرئيس الأمريكى السابق باراك أوباما. وكان رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، استقبل مؤخرا مدير وكالة المخابرات الأمريكي، مايك بومبيو، في مقر رئاسة الوزراء التركي "قصر جانقايا" بالعاصمة التركية أنقرة. كما التقى رئيس المخابرات الأمريكي بنظيره التركي ،حيث ناقش الطرفان الاوضاع الراهنة التي يمر بها الشرق الأوسط بشكل عام وسوريا بشكل خاص، وقد تم التركيز على التعاون الممكن بين البلدين . كما عبر الجانب التركي من جديد عن قلقه، من الدعم المقدم من قبل الولاياتالمتحدة لوحدات حماية الشعب الكردية ودور أجهزة الاستخبارات في كلا البلدين في حرب الإرهاب. وتناولت وسائل الإعلام الأمريكية والتركية، الحديث عن تلك الزيارة الهامة والأولي لرئيس المخابرات الأمريكي للخارج. وقالت صحيفة "حرييت" التركية، إن تركيا بدأت التقاط انفاسها في ظل إدارة ترامب وتأمل في تحسين العلاقات مع الولاياتالمتحدة وتحقيق مطالبها، بعد توتر العلاقات خلال فترة إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما. ومن جانبه، قال بومبيو خلال زيارته لأنقرة، إنه اختار تركيا لتكون المحطة الأولى في أول زيارة يجريها خارج البلاد، مشيرا إلى أهمية التعاون مع تركيا، وفقا لما نشرته الصحيفة. وأضاف بومبيو أن الولاياتالمتحدة تأمل في بداية سعيدة للعلاقات مع تركيا، وأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ينوي التعاون مع أنقرة في أقرب وقت ممكن. وقال رئيس الوزراء التركي، خلال المقابلة مع بومبيو، إن تركيا تعمل على مكافحة جماعة "فتح الله جولن" الإرهابية، مؤكدًا الأهمية التي توليها بلاده للتعاون مع الإدارة الأمريكية الجديدة، وفقًا لما نشرته الصحيفة التركية. كما شدد الجانبان على أن التعاون بين البلدين في إطار مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، والاستخبارات، يعتبر ضروريًا للجانبين. وقالت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إن زيارة مايك بومبيو، إلى تركيا تدل علي بداية تحسن العلاقات بين البلدين خلال الفترة المقبلة، حيث يتم مناقشة المطالب التركية التي تسببت في توتر علاقاتها مع أمريكا، في ظل إدارة الرئيس السابق باراك أوباما. وأشارت ، إلى توتر العلاقات السابق بين تركياوالولاياتالمتحدة بسبب رفض أمريكا تسليم "فتح الله جولن"، الذي اتهمته تركيا بتدبير محاولة الانقلاب العسكري الفاشلة، كما اعلنت غضبها من دعم الولاياتالمتحدة للمقاتلين الاكراد السوريين. كما اعتبرت إدارة أوباما أن المقاتلين المنتميين إلى حزب العمال الكردستاني، هم المقاتلين الأكثر فعالية في الحرب ضد تنظيم "داعش" الإرهابي في سوريا، في حين قام مقاتلين العمال الكردستاني بتفجيرات عديدة في تركيا، وهو ما أثار غضب أنقرة. وقالت الصحيفة ، إن الحكومة التركية علقت أمالها في تحسين العلاقات مع الولاياتالمتحدة، على إدارة ترامب، مضيفًة أن تلك الزيارة مؤشرًا على الانتعاش في العلاقات التركية الأمريكية. كما اهتمت الصحف البريطانية أيضا بهذه الزيارة حيث قالت صحيفة "الجارديان" ان الزيارة ستقدم المزيد من الدعم لمعركة "درع الفرات" التي تقودها القوات التركية في شمال سوريا بالتعاون مع فصائل محلية عربية من المنطقة، مشيرة إلى أن تصريح المسئولين حول اللقاءات يهدف للتنسيق على الجبهة التي تقترب فيها الجماعات العربية المدعومة من تركيا من الباب والجبهة التي يقترب فيها الأكراد المدعومين من الولاياتالمتحدة من الرقة معقل "داعش". وأضافت "إن الاتراك حصلوا على دعم أمريكي للمنطقة الآمنة للاجئين السوريين خلال لقاءاتهم مع بومبيو، وأن أنقرة ستعمل على إقناع الولاياتالمتحدة بتقديم المزيد من الدعم للمنطقة الآمنة والحرب ضد تنظيم "داعش". وكانت هناك بعض المؤشرات التي تدل على التقارب التركي الأمريكي ،حيث أعلنت قناة "سي إن إن" التركية عن زيارة بومبيو لتركيا، عقب الأتصال الهاتفي الذي أجراه ترامب مع نظيره التركي الرئيس رجب طيب أردوغان واستغرق 45دقيقة عقب تولى "ترامب" منصبه رسميا. وأفادت المصادر أن أردوغان وترامب اتفقا في اتصالهما الهاتفي على التحرك بشكل مشترك في الباب والرقة بسوريا، كما بحثا عددًا من القضايا على رأسها منظمتي "ب ي د" و"فتح الله جولن" الإرهابيتين. وقال بيان صادر عن المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية التركية وقتها، إن الرئيسين اتفقا على الولاياتالمتحدةوتركيا بلدين حليفين وصديقين يربطهما تحالف دائم، وفقًا لما نشرته وكالة "الأناضول" التركية. وتباينت آراء الخبراء حول السيناريوهات المتوقعة للعلاقات بين تركياوالولاياتالمتحدة في الفترة المقبلة، حيث قال الدكتور صلاح لبيب، الخبير في الشأن التركي، إن العلاقات الامريكية التركية ستظل على توترها كما كانت في عهد أوباما، وما يقوم به ترامب من مكالمات هاتفية لأردوغان وايضًا زيارة مايك بومبيو لانقرة، ما هما إلا سياسة طبيعية في ظل إدارة الرئيس الجديد. وأضاف لبيب أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مستمر في دعم المسلحين الأكراد المعاديين لتركيا, وشدد "لبيب" على الرغم من ذلك التوتر فإن هناك ملفات تعاون بين البلدين، منها التحالف للقضاء على الإرهاب والحرب المشتركة ضده ومواجهة تنظيم "داعش" الإرهابي. وقال الدكتور طارق فهمي، أستاذ السياسات العامة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، جامعة القاهرة، إنه هناك مناخ جديد يتشكل في العلاقات بين تركياوالولاياتالمتحدة، وخاصة بعد زيارة مايك بومبيو، لتركيا وايضًا المكالمات الهاتفية التي يجريها ترامب مع الرئيس التركي ورئيس الوزراء بن علي يلدريم. وأضاف فهمي أن العلاقات بين البلدين ترتبط بملفين، الأول هو فكرة تكوين المناطق العازلة في سوريا، والتي تقوم فيها تركيا بدور كبير لتشكيل تلك المناطق، ولذلك هناك تكثيف في التعاون بينهما حول تلك النقطة، ويتضح ذلك في الفترة المقبلة باجتماع "فيينا"، أما الملف الاخر فهو يتمثل في دعم الجانب الأمريكي للجانب التركي في محاربة الأكراد وخاصة لوجودهم على مناطق الحدود التركية. وأشار فهمي إلى العلاقات الإسرائيلية التركية الجيدة، تحفز الولاياتالمتحدة علي التقارب من تركيا بسبب المنافع المشتركة بينهما، وتقاربها من إسرائيل. وأكد فهمي أن الفترة المقبلة ستشهد سيناريو لتطور العلاقات بين تركياوأمريكا، بشكل إيجابي ولكن ستواجه العلاقات بعد ذلك تطورات سلبية وخلافات حول العديد من القضايا، اهمها محاربة الأكراد. وأضاف أن تسليم ترامب لجولن مستبعد تمامًا، حيث أن جولن يعيش الآن في الولاياتالمتحدة مثل أي مواطن أمريكي عادي ولا نية لدي ترامب في تسليمه لتركيا، مشيرًا إلى أن وعود ترامب "كاذبة"، وأغلب قراراته يتراجع فيها.