«التضامن»: حملة «هنوصلك 2» تنفذ 200 قافلة ب19 محافظة    كواليس تلقي الرئيس السادات خبر استشهاد شقيقه في حرب أكتوبر    كم سجل سعر الجنيه الإسترليني أمام الجنيه اليوم في البنوك المصرية؟    نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية التونسية تبلغ 27.7%    مفوض أممي: المدنيون في لبنان عالقون بين النزوح وعدم القدرة على الاحتماء    مولر: عمر مرموش استغل الفرص أمام بايرن ميونخ بدون مشاكل    عمر مرموش يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف بالبطولات الأوروبية    "سنوات من الظلم والتجميد".. أول محكمة كرة قدم نسائية في مصر تعلن اعتزالها وتكشف الأسباب    إصابة 18 شخصا في حريق داخل مطعم بالشيخ زايد    صندوق مكافحة الإدمان ينظم زيارة للمتعافين من أبناء المناطق «بديلة العشوائيات»    كيف خلدت الأفلام المصرية نصر أكتوبر؟    بعد إعلانه بيع مطعمه.. نقل صبحي كابر إلى العناية المركزة (فيديو)    رسالة نارية من نجم الزمالك السابق إلى حسام حسن بشأن إمام عاشور    تعليق مثير من محمد صديق على أزمة أحمد حجازي مع حسام حسن    جيش الاحتلال: لا صحة للإشاعات التي تتحدث عن إنقاذ بعض الأسرى في غزة    شكوك حول دخول جواسيس إسرائيليين للجزائر بجوازات مغربية    سعر بيع مطعم صبحي كابر    القبض على سائق "توك توك" تعدى على طالبة فى عين شمس    العبور الثالث إلى سيناء.. بعد 50 عاما من التوقف انطلاق أول قطار إلى سيناء من الفردان إلى محطة بئر العبد غدا الاثنين.. (صور)    بالتزامن مع بدء تركبيها.. ما أهمية مصيدة قلب المفاعل النووي؟    محافظ الإسماعيلية يستقبل رؤساء الوفود المُشاركة بمهرجان الفنون الشعبية    توقعات الأبراج حظك اليوم برج الجدي على جميع الأصعدة.. فرص جديدة    بخفة دمه المعهودة.. علاء مرسي يحتفل بزفاف ابنته بالعزف على الدرامز    أمين الفتوى: 6 أكتوبر من أيام الله الواجب الفرح بها    إحالة فريق"المبادرات" بالإدارة الصحية بطوخ للتحقيق    ديتر هالر: خريجو الجامعة الألمانية سفراء لعالم أكثر سلامة واستدامة    في الذكرى ال140 لتأسيسها.. البابا تواضروس يدشن كنيسة "العذراء" بالفجالة    أرخص 5 سيارات SUV في السوق المصري    اللواء مجدى علام: 6 أكتوبر كان اليوم المناسب لشن الحرب    أكرم القصاص: حرب أكتوبر خداع استراتيجي وملحمة غيرت موازين القوة    تداول 3200 طن بضائع عامة و418 شاحنة بميناء نويبع البحري    وكيل الأوقاف محذرًا من انتشار الشائعات: "كفى بالمرء إثمًا أن يحدث بكل ما سمع"    بالفيديو.. رمضان عبدالمعز: النصر دائما يكون بالتمسك بالكتاب والسنة    وزير الإسكان يتابع سير العمل بمحور عمرو بن العاص الحر    إطلاق دليل الحلول والممارسات الناجحة للاستثمار بمجال الطاقة المتجددة    فكري صالح يطالب بإلغاء الترتيب بين حراس منتخب مصر    المنيا تحتفل بذكرى نصر أكتوبر (صور)    الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال دمَّر 611 مسجدا كلّيًا بغزة واقتحم الأقصى 262 مرة خلال عام    إصابة سيدة وابنتها في انهيار حائط منزل ببني سويف    سوريا:غارة جوية إسرائيلية استهدفت 3 سيارات تحمل مواد طبية وإغاثية    جلسة تصوير للتونسى محمد علي بن حمودة أحدث صفقات غزل المحلة.. صور    أكاديمية البحث العلمي تعلن إنتاج أصناف جديدة من بعض الخضراوات    خبير استراتيجي: الحق لا يرجع بالتفاوض فقط.. يجب وجود القوة    أستاذ بالأزهر: يوضح حكم الصلاة بدون قراءة سورة الفاتحة    أحد أبطال حرب أكتوبر: القوات المسلحة انتهجت أسلوبا علميا في الإعداد لحرب أكتوبر المجيدة    استشاري تغذية: الأسس الغذائية للاعبي كرة القدم مفتاح الأداء الرياضي    الوادي الجديد.. تنظيم قافلة طبية لمدة يومين في قرية بولاق بمركز الخارجة    وزير الصحة: حملة 100 يوم صحة قدمت أكثر من 105 ملايين خدمة مجانية خلال 66 يوما    اتحاد الكرة يحيي ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة ويهنئ الرئيس السيسي    غرق طالبين وإنقاذ ثالث بأحد الشواطئ بالبرلس فى كفر الشيخ    الداخلية تقدم تسهيلات للحالات الإنسانية بالجوازات    دعاء الذنب المتكرر.. «اللهم عاملنا بما أنت أهله»    إدارة الموسيقات العسكرية تشارك فى إقامة حفل لأطفال مؤسسة مستشفى سرطان 57357    ضبط 3 عصابات و167 سلاحا وتنفيذ 84 ألف حكم خلال يوم    تشاهدون اليوم.. مواجهات قوية للمحترفين في الدوريات الأوروبية    رسميًا.. سعر الريال السعودي مقابل الجنيه اليوم الأحد 6 أكتوبر 2024 بالتزامن مع إجازة البنوك    نص كلمة الرئيس السيسي بمناسبة ذكرى انتصارات أكتوبر المجيدة    الحياة المأساوية للنازحين من ذوي الإعاقة والأطفال في مخيم خان يونس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البرئ .. هشام طلعت مصطفى.. الرجل الذى غدر به الجميع!
نشر في الموجز يوم 18 - 04 - 2016


نحن نفتح القضية من جديد
دماء سوزان تميم تبوح بأسرار الجريمة التى هزت مصر
الروائح الكريهة كانت تزكم الأنوف، منذ بدأت الإشارات المستترة ثم المعلنة إلى ضلوع هشام طلعت مصطفى فى التحريض على قتل المطربة اللبنانية سوزان تميم.
كانت الشخصيات كلها تبدو وكأنها خارجة من فيلم أبيض وأسود. أو لم تخرج منه. وكلها، طبقا للصورة التى قدمتها الجهات رسمية وغير رسمية، اشتركت فى نوع غريب من البلاهة!
فعلا، كانت الصورة لشخصيات تتسم بالبلاهة، بدءا من المتهم الأول الذى كان حريصا على ترك أكثر من دليل يكفى واحد منها لجعل الشرطة تتوصل إليه فى أقل من أربع دقائق وليس أربع ساعات كما أعلنت شرطة دبى وقتها. ثم المتهم الثانى الذى صرف ملايين لا حصر لها على المطربة وهى حيّة.. وملايين أخرى حتى تموت.. رغم أن مليوناً واحداً (لا 11 مليوناً) تكفى وزيادة لاستئجار بلطجى قديم محترف يشحنها من دبى إلى تحت قدميه أو فى أى مكان فى العالم!
وفى الفيلم، قائمة طويلة من الشخصيات الثانوية التى لعبت أدواراً أو كانت أدوات فى أدوار أخرى. بينها شخصيات اعتبارية لصحف وصلتها معلومات شديدة السذاجة فنشرتها دون أن يلفت نظرها ألف دليل ودليل على عدم منطقيتها.
ولأننا كنا فى فيلم أبيض وأسود.. فكان لا بد من وجود شخص ذكى احتكر كل حيل المكر والخداع. وهذا الشخص هو الضحية التى تمكنت بدهائها أن تخدع كل رجال الفيلم وتجمع ثروات طائلة وتجمع أيضا بين زوجين وربما ثلاثة، وترفض أن تنتهى حياتها إلا بعد أن تهدم المعبد على كل من فيه!
لسنا جهة تحقيق حتى نصدر أحكاماً ببراءة هذا أو إدانة ذاك..
ولا نحاول التشكيك فى أحكام قضائية صدرت وتم تنفيذها.
فقط، نحاول أن نقوم بواجبنا فى فك لغز، بدأ مع بداية القضية ولم ينته باقتراب يوم إطلاق سراح بطلها.
ونقوم بواجبنا أيضا فى تفسير حالة التعاطف غير المسبوق مع هشام طلعت مصطفى (المتهم الثانى) الذى امتد تدريجيا ليشمل محسن السكرى (المتهم الأول) رغم كل ما قيل عن اعترافاته.
وكان التفسير الأقرب أو مفتاح اللغز هو إرجاع كل ما حدث إلى صراع رجال أعمال كانوا قريبين من دوائر السلطة.
والأسئلة أيضا تزداد بمعدل ألف سؤال فى الساعة ولعل أبرز تلك الأسئلة على الإطلاق هو ما يتعلق برجل الأعمال وعضو مجلس الشورى هشام طلعت مصطفى من عينة:
هل كان هشام فى إجازة عقلية وهو يحرض على مثل هذا العمل الشنيع؟
ولماذا لم يدرس تداعياته قبل الإقدام عليه؟
وهل كان الأمر يستحق فعلا المغامرة بتاريخ حافل بالإنجازات من أجل امرأة تحاصرها المشكلات والشائعات؟
هل تستحق تلك المرأة أن يكسر الرجل حائط الأمان ويتصرف بإهمال شديد ويختار قاتلاً بلا كفاءة، يرتكب أخطاء لا يرتكبها لص مبتدئ، وينفذ الجريمة ببدائية منقطعة النظير.
الجريمة كلها بدائية. بداية من التحريض على القتل.. إلى اختيار ضابط أمن دولة سابق..
فهل يمكن بسهولة أن يتحوّل الضابط من نفسية الحماية السياسية إلى نفسية القاتل المأجور؟
وكيف ارتكب حماقات قادته إلى السجن ولم يكن معه سوى دليل واحد: تسجيلات هاتفية لمكالمات بينه وبين هشام، كما لم يجد مكاناً يخفى فيه ثمن القتل إلا فرن الغاز؟
كلها علامات على ركاكة وبدائية تكشف سر جريمة أكبر من قتل سوزان تميم.
الجريمة لم تكن كاملة، لكنها أصبحت فضيحة شاملة، تجمع العناصر الثلاثة الضرورية التى لا جدال حولها: الجنس والمال والسلطة.. وقد أضيف إليها عنصر رابع فرضه عصر العولمة، وهو أنها عبرت الحدود بين الدول والقارات، برغم أنها تمت فى بيئة اجتماعية عربية وإسلامية واحدة.
كيف خرجت حادثة قتل عادية تمتلئ بمثلها ملفات الشرطة والقضاء، لتمس العصب الاجتماعى والوطنى لثلاث دول عربية، وتثير قلقا سياسيا فعليا فى اثنتين منها على الأقل.
ومن هى تلك الأطراف التى قامت بتحويل تلك الجريمة إلى فضيحة مكتملة الأوصاف والأركان؟!
كان من الممكن أن تعيد الجريمة طرح أسئلة لبنانية قديمة حول الصورة والسمعة، والمسئولية الاجتماعية والأخلاقية عن إنتاج هذا الكم الهائل من الفنانات، وعن إرسال فتيات لبنانيات صغيرات إلى الخارج ليواجهن مخاطر وتحديات كبيرة، ويرسخن فى أذهان العرب هوية جديدة، يسأل عنها السائح العربى فور وصوله إلى مطار بيروت، ويظل يبحث عنها طوال إقامته اللبنانية، ويحفظها فى ذاكرته دون أن يتنبه إلى وجود مناطق أثرية أو معالم تاريخية أو حتى أحوال مناخية معتدلة فى هذا البلد الجميل بقوامه الخاص.
وبدلا من ذلك، وجدها البعض فرصة للحديث عن مكانة دبى ومعجزتها الاقتصادية العربية والعالمية، التى كان لها (كما قيل) دور حاسم فى كشف القاتل والمحرض، وترددت أقاويل كثيرة عن رفضها لكل المحاولات الرسمية التى جرت فى القاهرة لإخفاء المعالم أو على الأقل لتجهيل الفاعل أو حصرها به شخصيا.
وتدافع آخرون ليقولوا إن دبى كانت تدافع عن كونها واحة جذابة تنعم بالأمان الذى يحتاجه أى رجل أعمال أو مستثمر، فى محيط مشتعل بالحروب والاضطرابات.
وانتهزها البعض فرصة ليزعم وجود توترات شديدة فى أوساط السلطة المصرية، بين المؤسسة العسكرية والأمنية صاحبة الشرعية الوطنية، وبين طبقة رجال الأعمال النافذين الذين أصبحوا فى سنوات نظام مبارك الأخيرة أصحاب الأدوار الأهم فى التوجيه السياسى والتخطيط الاقتصادى.
تخطت الجريمة الحدود، لكن الفضيحة استقرت هنا.. ولم تزكم روائحها الكريهة غير أنوف المصريين.
ولمن لا يتذكر، فالقصة، تتلخص فى أن مطربة لبنانية لم يكن يعرفها كثيرون اسمها سوزان تميم لقيت مصرعها يوم الثلاثاء 29 يوليو 2008 بعد تلقيها طعنات بسكين فى أجزاء متفرقة من جسدها فى شقتها بأحد الأبراج السكنية بمنطقة الصفوح فى دبى، وعثر رجال الشرطة على جثتها، بعد تلقى غرفة العمليات اتصالاً هاتفياً من ابن عمها.
وعلى الفور سارعت الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية، هناك، بتشكيل فريق عمل لحصر المشتبه فيهم وجمع المعلومات الكاملة عن تفاصيل وأبعاد الجريمة، واستجوبت الإدارة بعضاً من معارفها الذين تواجدوا معها فى ليلة الحادث.
وأشار أقرباء لها إلى وجود خلافات عديدة بينها وبين أشخاص آخرين فى لبنان ومصر ولندن، وكانت سوزان قد اشترت الشقة التى شهدت مصرعها بمبلغ يقترب من المليون دولار أمريكى قبل 5 أشهر من الحادث، وإن أكد البعض أنها حصلت عليها كهدية من شخصية عربية نافذة!
لم يلفت النظر خلال كل ذلك إلا الأجواء التى انشغل الناس فيها بمغنية يتعارك عليها ديناصورات المال: كيف أصبحت بطلة مانشيتات؟! وكيف تحول قتلها من جريمة عاطفية إلى حدث سياسى يتطلب حظر نشر، وكأن هناك من يريد حماية شخص ما متورط فى الجريمة أو يسعى إلى التأكيد بأن الشخص الذى تتناوله الشائعات متورط فى التحريض على القتل فعلاً؟! أم هى لعبة من ألعاب إلهاء الناس بقصة مثيرة لكى تمر أشياء كبيرة؟!
والغريب أن الأنظار لم تلتفت للأسباب التى دفعت لتضخيم القصة والتى كانت حريصة على تصوير مصر وكأنها تقترب من أجواء المافيا الروسية التى ظلت تمتص الدولة قطعة قطعة، حتى أصبحت هى الدولة تقريباً ولم يعد هناك فرق بين الدولة والعصابة!
بالطبع، لا توجد مشكلة فى أن تكون هناك علاقة من نوع ما بين رجل أعمال كبير وشهير وبين مطربة لبنانية تم الدفع بها فى طريقه أو وجدها هو. لكن المشكلة فى أن يحاول البعض الخروج من ذلك بدليل اتهام.
والغريب هو أننا وقتها، لم نسمع أحدا يشير إلى بديهيات كان الالتفات إليها ضروريا وإجباريا بينها مثلا أن شركة هشام طلعت مصطفى تنافس شركة «إعمار» الإماراتية وشركات أخرى على مشاريع فى مصر ودبى.
لم نسمع ذلك، رغم أن مثل تلك المنافسات لا يتردد من يخوضونها فى استخدام كل الأسلحة: ثروة خرافية ونفوذ سياسى وقدرة على الحماية.. والارتباط هنا عضوى بين الثروة والسلطة والجنس!
«البلد فيها نظام، والمخطئ... أى مخطئ يُحاسب».
تزداد الألغاز فى القضية حين تعرف أن صاحب هذه العبارة هو هشام طلعت مصطفى نفسه.
قالها خلال حوار أجراه معه عمرو أديب، عشية إحالته إلى محكمة الجنايات.
وخلال برنامج «القاهرة اليوم»، تم تقديم هشام طلعت مصطفى بالدرجة الأولى كرجل أعمال، وبناء على ذلك رأيناه يتحدث عن حجم أعماله وشركاته التى تتوزع فروعها فى مصر وخارجها.. ورغم أن الحوار لم يتطرق إلى قضية سوزان تميم، إلا أن شبحها كان حاضراً: «أنا مؤمن جداً، والدى ربانى على كده. لمّا تضيق بيك الدنيا اسجد لربك، وساعتها لو اجتمع الإنس والجن مش ح يضرّوك».
وهذه عبارات أخرى قالها هشام بشكل يجبرك أن تصدقه.
عمرو أديب -على غير عادته- كان جادا جدا، لكن لم يفته أن يطرح أسئلة ذات إيحاءات.. وخلال الحوار انتقل هشام وعمرو إلى مسجد لأداء الصلاة.. وهناك وجد عمرو الفرصة لطرح أسئلة ذات بعد روحانى، اكتشفنا من خلال الإجابات عنها صورة لرجل الأعمال لم يكن كثيرون يعرفونها عنه.. وإن كان القريبون منه يعرفونها جيدا.
سأله عمرو عن الدعاء الذى يردده وقت الأزمات، فأجاب: «لا إله إلا أنت.. سبحانك إنى كنت من الظالمين».
ثم أضاف: «الحياة غرور، لازم دايماً تراجع نفسك وتأدّب نفسك.. الفلوس «بتبوّظ» أخلاق الإنسان، ولكن الأهم أن تعلم ما هى رسالتك فى الدنيا، لو نسيتها حاتقع فى أخطاء كثيرة.. ربك يعطيك ويختبرك فى هذا العطاء، لازم تعرف إنك مؤتمن فى الدنيا على ما أعطاك ربك».
وبين ما قاله هشام أيضا: «كل حياتك ومماتك وحركتك فى الحياة معتمدة على الله سبحانه وتعالى.. احترامك لنفسك وطاعتك لله هما أهم قضية».. وبعدها استأذن عمرو: «حانصلّى ركعتين وبعدين نكمّل».
فهل يمكن أن تصدق أن هذا الرجل من الممكن أن يرتكب جريمة بتلك البشاعة وبهذا القدر الكبير من السذاجة؟!
هشام طلعت مصطفى، رجل فاحش الثراء، الذى يمكنه أن يعيش ما تبقى من عمره على فوائد أمواله فى البنوك، كان يصر على العمل «لتوفير رزق 40 ألف عامل وموظف يعملون فى شركاته» والكلمات أيضا له، هل يمكن أن يكون ضالعاً فى جريمة؟!
وهل نصدق ذلك رغم أنه كان خارج مصر وعاد برغبته، فور علمه بما تناثر من شائعات؟!
ألم يكن بإمكانه لو كان يشك مجرد شك فى براءته أن يبقى فى الخارج، ولديه بالطبع حسابات بالملايين ولا نقول بالمليارات فى أغلب بنوك العالم بسبب أعماله فى العديد من عواصم العالم؟!
اللامنطق، ألقى بظلاله أيضاً على المتهم الأول.. على محسن السكرى.
هل رأيتم قاتلا متعاونا مع الشرطة مثل هذا الرجل؟
وهل سمعتم من قبل عن سكين من نوع معين ليس لها إلا وكيل واحد، ولا يبيعها إلا محل واحد.. ولا يشريها إلا شخص واحد هو نفسه الذى ارتكب جريمة حصل من أجل تنفيذها على 2 مليون دولار؟!
شرطة دبى أعلنت أمام الجميع أن الضابط المسئول عن التحقيق فى مقتل سوزان تميم تمكن من تحديد اسم وجنسية وهوية القاتل بعد 4 ساعات فقط من الإبلاغ عن الجريمة!!
كيف ذلك يا أخطر جهاز شرطة فى العالم؟!
ضاحى خلفان مدير شرطة دبى (وقتها) لم يكن هناك حاجة لمن يطرح عليه السؤال فقال بكل فخر إن «السكين» التى تركها القاتل خلفه مع ملابسه الملوثة بالدماء هى التى كشفت هويته.
وأوضح أن القاتل ترك السكين فى صندوق الإطفاء التابع للدور الذى تقع فيه شقة القتيلة.
ليس ذلك فقط بل إن المحقق اكتشف أن «السكين» من ماركة مشهورة، غالبا ما يستخدمها رجال الجيش والشرطة وهى ماركة لها وكيل واحد فى دبى وبمراجعة الوكيل تبين أن السكين قد بيعت لأحد الزبائن قبل أيام من ارتكاب الجريمة ودفع ثمنها ببطاقة ائتمان (كريدت كارد) صادرة عن أحد بنوك القاهرة!
وبهذا الشكل وبمنتهى البساطة، تمكنت الشرطة من تتبع اسم وصاحب البطاقة (الأبله) فعرفت اسمه وعنوانه ورقم بطاقته. واكتشفت أيضاً أنه استخدم نفس البطاقة فى تسديد إيجار غرفة الفندق الذى نزل فيه. وفى شراء بعض الأشياء من المطار قبل مغادرة دبى إلى القاهرة!!
إنه بلا أدنى شك قاتل عبيط.. أو متعاون على أقل تقدير.. وليس أدل على عبطه أو تعاونه من أنه ترك بقعة من دمائه على الملابس التى كان يرتديها وتركها على بعد أمتار من مسرح الجريمة ليتم استخدامها فيما بعد فى تحليل الحامض النووى (DNA) الذى أكد أن الدماء للقاتل!
لا نعرف كيف سالت الدماء من القاتل لتترك بقعة على ملابسه؟!
فهل كانت القتيلة تحمل هى الأخرى سكيناً من ذلك النوع الخاص جدا؟!
أم أن القاتل جرح نفسه حتى يسهل المهمة على رجال أجدع شرطة فى العالم؟!!
وهل يستقيم ذلك مع ما تأكد عن أن القتيلة لم تتعرض إلى أية طعنات أو أعمال عنف فى جسدها سوى الجانب الأمامى من الرقبة؟!
فى التفاصيل، قيل إن «المتهم الأول» عندما قام بوضع شعار الشركة العقارية صاحبة الشقة على العين السحرية للباب، اطمأنت الضحية وفتحت الباب, ثم دخل المتهم ليقترب من باب الشقة واستلمت منه الرسالة وعليها شعار الشركة, وفى اللحظة التى بدأت فيها تفتح الرسالة لقراءتها, اندفع إليها ليطرحها أرضا وأخرج السكين وأجهز على الأوردة الدموية فى رقبتها بشكل وحشي, وتأكد أنها فارقت الحياة, ثم غادر!!
كيف سالت الدماء منه إذن؟
ولم يكن آخر المهازل قيام المتهم الأول بالاعتراف بهذه السرعة بارتكابه للجريمة ثم تراجعه عن ثلث الاعتراف ثم تراجعه عن نصفه.. وهو الأمر الذى لو صح لاستوجب تحويل المتهم إلى طبيب نفسى للكشف عن قواه العقلية!
كل هذه الألغاز تزداد صعوبة لو كنت تتذكر أن المتهم الأول ضابط أمن دولة سابق.. ويحمل رتبة العقيد.. وهذا لغز جديد.. إذ كيف يكون عقيدا وهو الذى ترك الخدمة منذ تسع سنوات.. بما يعنى أنه كان وقتها لم يتم عامه الثلاثين.. بما يعنى أنه كان سيصبح أصغر لواء شرطة فى تاريخ الداخلية المصرية لو استمر فى الخدمة لأعوام قليلة!!
الذين عرفوا محسن السكرى قالوا إنه شخص معتدّ بنفسه، له قدرة على الإقناع، ويوحى بإمكاناته الفائقة فى التخطيط والتنفيذ.
وأبسط أدلتهم على ذلك قصة قيامه بإنقاذ لمختطفين فى العراق أيام الفوضى الأمنية هناك عامى 2004 و2005.
قبل ذلك، كان السكرى هو المسئول عن تأمين كازينو لامبادا بمول أركاديا الذى شهد جريمة اهتزت لها أركان مصر، وتردد فيها اسم رجل أعمال شهير عمل معه (أو لصالحه) السكرى بعد ذلك، بما يوحى أن الاثنين قد تكون لهما علاقة بالأمر!
ومن سخرية القدر أن يتزامن وجود هشام طلعت مصطفى فى سجن مزرعة طرة مع «عمر الهوارى»، الذى كان يقضى عقوبة السجن المؤبد لاتهامه بارتكابه تلك الجريمة التى لقى فيها رجل الأعمال محمود روحى مصرعه!
ليس أمراً سهلاً أن نجد رجل أمن سابقاً، ومحترفاً فى ملاحقة الإرهابيين، وتأمين مقر للشخصيات رفيعة المستوى، محاصراً (بعد كل هذه التجارب والخبرات) بسيل من الأدلة الدامغة على ارتكابه جريمة سهلة لا تقارن بما كان موكلا إليه القيام به من تأمين لشركة «عراقنا» للتليفون المحمول فى بغداد وما حولها، قبل ثلاث سنوات من تلك الأحداث، وأخيراً كمسئول عن تأمين واحد من أكبر الفنادق التى يرتادها كبار رجال الأعمال والسياسيين فى العالم، وهو ال«فور سيزونز» بشرم الشيخ على البحر الأحمر.
وليس معنى وظيفته الأخيرة أنه كان موظفا لدى هشام طلعت مصطفى وهى المعلومة التى انتشرت وشاعت رغم خطئها، والصحيح هو أن محسن كان يمتلك شركة الأمن الخاصة التى تعاقدت على تأمين الفندق!
هناك حلقة أو حلقات مفقودة.. وتزيد تلك الحلقات لو عرفنا أن السكرى كان وقتها متزوجا ولديه طفلة، وأنه ينتمى لأسرة محترمة وكان والده ضابطا (كبيراً)، وأنه كان يتميز بتعدد صداقاته التى يُحسد عليها منذ عمله كضابط فى أمن الدولة.. وأنه سافر للخارج لاجتياز دورات فى اللياقة الأمنية، إضافة لدورات فى مكافحة الإرهاب.
وبعد أن ترك الخدمة قام بتأسيس شركة أمن خاصة وهو ما فتح أمامه الباب للتعرف على العالم الواسع لرجال المال والأعمال.
وبناء على كل ذلك يكون منطقياً جدا أن يعجز الرأى العام عن استيعاب الدوافع التى أدت إلى وقوع جريمة شديدة البشاعة بمثل هذا الانكشاف والسهولة فى التدبير والتخطيط، وكأن مرتكبها عديم الخبرة بمثل هذه الأعمال التى تتطلب حساً مرهفاً وتدقيقاً ومحواً للآثار وتنظيفاً لكل ما يدل على مَنْ قد يكون ارتكب الجريمة.
ولهذا، وباعتبار أن ما حدث ليس جريمة فقط، بل فضيحة وسذاجة فى إجرام مدفوع لتنفيذه مليون دولار أمريكى وأكثر، كانت فكرة إقدام السكرى على الانتحار فى مقدمة الروايات التى تناقلها المتابعون للقضية فور الكشف عن ملابساتها، وسرعة الوصول للقاتل وجمع الأدلة الدامغة على ارتكابه الحادث الشنيع.
عشرات الألغاز وعشرات الحلقات المفقودة التى لم يكن آخرها قيام وزارة الداخلية بفرض سرية تامة على بيانات السكرى، وقيام الإدارة العامة للأحوال المدنية بتكويد ملف البيانات والقيد العائلى الخاص بوالده على حمدى السكرى.
وهو ما حدث بأمر شفوى من مساعد أول الوزير لمصلحة الأحوال المدنية الذى طلب من القائمين على الإدارة العامة وضع كلمة مرور «باسوورد» لصفحة الضابط حتى لا يتم الاطلاع عليها إلا لمن يمتلك هذا الرقم السرى.
هذا عن محسن السكرى المتهم الأول.. فماذا عن الضحية؟
السيرة الذاتية القصيرة لسوزان تميم تقول إن ظهورها الأبرز كان عام 1996 وعمرها لم يكن ليتجاوز التاسعة عشرة حين ظهرت فى برنامج مسابقات تلفزيونى يحتضن المواهب الغنائية ووصلت إلى المرحلة النهائية والتى مثلت البداية لمغنية ستثبت نفسها فى المشهد الغنائى الصاعد بعد خمس سنوات من ظهور القنوات الفضائية العربية.
كان المغنون اللبنانيون الناتج الأساسى لإنتاج القنوات الفضائية خلال هذه الفترة لا بل اعتبرت السلعة التى صدرها اللبنانيون إلى الخارج، فهذا البلد لا يتمتع بثروات نفطية، أو معادن، والمغنيات من هذا البلد يعتبرن رمزاً للإثارة والجنس والقدرة على الإمتاع فى عيون باقى رجال الدول العربية.
وكناتج طبيعى، عرفت سوزان كيف تسوق نفسها بلغة هذا الجزء من العالم: مجموعة من عمليات التجميل، تكبير الصدر، نفخ الشفايف، لتبدأ مهمتها فى الشرق الأوسط (الكبير)، ونجحت فى البداية بإصدار ألبوم غنائى تشترك كل أغنياته جميعا فى أنها تدور حول كلمة (حبيبى) بينما كان يظهر المحبون بصورة نمطية فى أغنيتين صورتهما بطريقة الفيديو كليب.
بفضل الأغنيتين المصورتين وبفضل عمليات التجميل أيضاً، اكتسبت هذه الفتاة قدرة جبارة جعلت الرجال فى حياتها يتغيرون بسرعة كما يتغير الرجال فى تصوير أغانى الفيديو كليب.. خلال حياتها القصيرة تزوجت مرتين..
حين تقدمت سوزان تميم إلى برنامج ستديو الفن، كان يرافقها زوجها الأول على مزنر الذى كان يهتم بها ويرعاها.. ثم جاءتها الفرصة على طبق من ذهب حين انسحبت مادونا من مسرحية غادة الكاميليا لتلعب دور البطولة وتتألق كنجمة فى سماء الفن ولتخسر حياتها الزوجية كضريبة لهذا النجاح.. ولتبدأ سلسلة قضايا سوزان مع المحاكم بعد أن تركت منزل الزوجية ولم تستطع أن تحصل على الطلاق إلا بعد أن دفعت لزوجها الأول مليون دولار.. دفعها الزوج الثانى عادل معتوق.
كان التعارف بينهما قد حدث عام 2000 حين طلب منه المخرج سيمون أسمر أن يهتم بها ويدعمها فنياً حيث كان اللقاء الأول لهما فى فرنسا حيث يدير عادل معتوق عدة مشاريع هناك، وانضمت سوزان إلى الشركة العربية الأوروبية للإنتاج الفنى تمهيدا لانطلاقها فى عالم الموسيقى والغناء... ولأن سوزان كانت مرتبطة بعقد سارى المفعول مدته 10 سنوات مع سيمون أسمر وستديو الفن، سارع عادل بالاتصال بأسمر واتفق معه على دفع كل شروط العقد لفسخه، وهذا ما حدث حيث وافق سيمون أسمر وتم فسخ العقد المبرم بين سوزان وستديو الفن.
بعدها تم توقيع عقد جديد بين مكتب عادل معتوق وسوزان تميم مدته 15 سنة، ويقضى هذا العقد بعدم تعاملها خلال هذه الفترة مع أى شركة أخرى، وأن يكون إنتاجها الفنى حصريا للشركة الجديدة. وبدأ مكتب معتوق الاهتمام بها فنيا والتخطيط لها والإعداد لأعمال فنية جديدة.
وبعد طلاق سوزان تميم من زوجها الأول على مزنر تزوجت من عادل معتوق وبعد حوالى 8 أشهر بدأت الخلافات تدب بينهما.. واشتعل الموقف وزادت حدة المشاكل الطاحنة وجاءت سوزان إلى مصر رغم حصول الزوج على قرار يمنع سفرها، وقيل يومها إنه تم تهربيها من لبنان بطريقة أثارت الشكوك حولها.
وانقطعت الاتصالات بين الزوجين حتى كانت الفترة التى بدأت فيها سوزان تتحدث عن زواجها.. كانت تعلن أحياناً أنها متزوجة من عادل معتوق ثم تعود لتؤكد أنها غير متزوجة منه الأمر الذى اعتبره عادل معتوق تشهيراً به، فقرر اتخاذ الإجراءات القانونية من خلال محاميه الخاص بالإضافة إلى إجراءات قانونية أخرى قام بها محامى شركته على أساس إخلال سوزان بالعقد المبرم بينهما وهى الشركة التى تملك حقوق نقل وتسويق كل أعمالها وحفلاتها فى الشرق الأوسط والدول الأوروبية..
وحصل الزوج على حكم يؤكد الزواج وبمجرد علم سوزان تميم بذلك سارعت لتقديم طعن فى حكم زواجها من عادل معتوق مؤكدة عدم صحة توقيعها وطالبت بوجوب رد الدعوى لبطلان عقد الزواج المزعوم بطلاناً مطلقاً لمخالفة المادة 13 من قانون حقوق العائلة فى لبنان لأنه يمنع أى امرأة ما زالت على ذمة الغير أن تعقد زواجاً ثانياً حيث أكدت سوزان أنها كانت فى هذه الفترة لا تزال على ذمة زوجها الأول على مزنر، فى حين أن عادل معتوق قدم قسيمة الزواج المؤرخة بتاريخ 31 يوليو 2002 وحكم طلاقها من زوجها الأول كانت بتاريخ 5 فبراير 2002 وليس 27 مارس 2003وبعد عدة جلسات انتهت المحكمة إلى أن وقوع طلاق سوزان تميم من زوجها الأول كانت بتاريخ 5 فبراير 2002 وتاريخ زواجها من عادل معتوق كان فى 31 يوليو 2002 وقامت سوزان بالطعن فى هذا الحكم.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فبالإضافة إلى كل الدعاوى القضائية السابقة كانت هناك دعوى قضائية تقدم بها عادل معتوق ضد سوزان تميم يتهمها فيها بالحصول قبل سفرها إلى مصر على مبلغ 230 ألف دولار من الخزينة الموجودة فى منزل الزوجية، وبعد عدة دعاوى قضائية متبادلة نجح الزوج فى الحصول على قرار من المحكمة بإيقافها عن الغناء فى كل المحطات التلفزيونية الفضائية والإذاعية، بالإضافة إلى حكم «طاعة» تحت رقم أساسى 211/2003، وهو الأمر الذى ينفى تماما إمكانية حدوث طلاق بينهما، إلا أن سوزان استأنفت الحكم ليحصل بعدها الزوج على عدة أحكام قضائية ضد سوزان تميم التى صدرت ضدها مذكرات بالقبض عليها وتبديد أثاث المنزل، وصدرت هذه الأحكام عن قاضى التحقيق الأول فى بيروت ومدعى عام التمييز الأول فى السلطة القضائية العليا فى لبنان، ليتم بعدها تعميم هذه المذكرة دولياً عبر منظمة الإنتربول الدولية، وتم إدراج اسمها فى كل مطارات العالم.
وفى يوم 29 يونيو 2003 دخلت سوزان تميم وعادل معتوق قسم شرطة الدقى، بعد أن حاول زيارتها فى منزلها بالدقى فى محاولة لعودتها إلى بيروت، ونشبت بينه وبين والدتها مشاجرة، وتم تحويل الأمر إلى نيابة أمن الدولة، حيث أكدت سوزان أنها فوجئت بتهجم عادل معتوق على منزلها، بينما أكد الزوج أنها زوجته وأنه يريد إعادتها إلى منزل الزوجية فى بيروت بموجب حكم الطاعة الذى كان قد حصل عليه.
ولم تنتهِ صراعات سوزان تميم مع عادل معتوق فقد تقدم بدعوى ضدها اتهمها فيها بمحاولة قتله.. وتسلّم قاضى التحقيق فى جبل لبنان فادى صوان يوم الأربعاء بتاريخ 16 ديسمبر 2004، ملف محاولة قتل متعهد الحفلات عادل معتوق، زوج المطربة سوزان تميم، بإطلاق النار عليه أثناء مروره بسيارته على أوتوستراد انطلياس قبل نحو شهرين.
وكان معتوق قد تقدم بادعاء أمام النيابة العامة الاستئنافية فى جبل لبنان أوضح خلاله أنه وفيما كان ماراً بسيارته على أوتوستراد انطلياس تجاوزته سيارة و«أمطرته بوابل من الرصاص» بشكل مباشر واخترقت رصاصتان زجاج سيارته واستقرتا فى المقود فيما لامست ثالثة قميصه ونجا منها.
وبشكل صريح اتهم معتوق زوجته ووالدتها بتدبير محاولة القتل نتيجة النزاعات القضائية بينهما، بمساعدة رجل الأعمال هشام طلعت مصطفى، مشيراً إلى أنه ليس لديه أى أعداء..
ومن محاسن الصدف أن سوزان تقدمت قبل الحادثة بشكوى ضد معتوق فى مصر تتهمه فيها بتهديدها، وعلى أساس تلك الشكوى تم احتجازه لمدة يومين وأفرج عنه لعدم ثبوت وجود علاقة له بالموضوع.
ومما يثير الدهشة هو أن مكتب انتربول بيروت أصدر مذكرة طالب فيها الإنتربول المصرى بالقبض على سوزان تميم وتسليمها لاتهامها فى جريمة سرقة أموال ومجوهرات من عادل معتوق ولم يتم تنفيذها!
فى العام نفسه.. عام 2004 تم إلقاء القبض على عبدالستار خليل تميم والد سوزان فى القاهرة بعد أن عثرت مباحث مطار القاهرة بمساعدة الإدارة العامة للمخدرات على كمية كبيرة من الهيروين فى ثلاثة أكياس أخفيت داخل علبة ساعة فى محاولة لتهريبها إلى مصر وكان قادماً من بولندا عن طريق بيروت!
واستدعت نيابة النزهة فى مصر سوزان تميم لأخذ أقوالها فى القضية المتهم فيها والدها بجلب مواد مخدرة والاتجار فيها، بعد أن أكد فى التحقيقات أن الساعة أحضرها هدية لابنته وأنه لم يكن يعلم أن بداخلها مواد مخدرة فقد أعطتها له إحدى صديقات ابنته فى لبنان!
ورغم القبض على الأب متلبسا، ورغم أن ما قاله فى التحقيق ساذج جدا، إلا أن الأب خرج من تلك القضية بمنتهى السهولة. ولم نعرف وقتها من هى تلك الصديقة التى ترسل ساعة من «الماس» هدية لصديقتها! ولم نعرف أيضا شيئا عن الطريقة التى تم بها إغلاق ملف القضية وخروج الأب منها!
فى القاهرة، عرفت سوزان رجال أعمال كثيرين بينهم هشام طلعت مصطفى، ولم تجد مفرا من مطاردات زوجها عادل معتوق سوى الهروب إلى لندن وهناك أقامت علاقات عديدة أبرزها رياض العزاوى وهو رياضى عراقى مغمور يبحث عن الشهرة وينسب بطولة العالم إلى نفسه رغم تعدد الاتحادات والجهات الرياضية التى تمنح مثل هذه الألقاب، والذى فاجأ الجميع بإعلانه أنه تزوجها قبل رحيلها!
تلك باختصار.. هى أهم المحطات فى حياة سوزان تميم التى تجاوزت الثلاثين بقليل: الزواج من رجل والهروب منه إلى رجل ثان لتتزوج منه ثم الهرب مع رجل ثالث لم تستطع الزواج منه رغم محاولاتها، وفى الوقت نفسه معرفة رجل رابع من أجل الحصول على جنسية بريطانية عن طريق الزواج..
ألا يكون منطقيا بعد كل ذلك أن ننتظر خبر العثور عليها مذبوحة فى شقة أهداها لها شخص ذو نفوذ كبير؟
المنطق يقول إنها نهاية طبيعية جدا.. لكن المنطق نفسه ينفى أن تتركز كل أصابع الاتهام إلى شخص واحد ليست له أى مصلحة فى وفاتها، بينما تترك تلك الأصابع عشرات الأشخاص الذين سيريحهم قتلها من مشكلات كثيرة وقد يحقق لبعضهم مكاسب أكثر!
فهل هذا نموذج المرأة التى أعطت عقل رجل بوزن هشام طلعت مصطفى أجازة عقلية ليرتكب بسذاجة منقطعة النظير جريمة التحريض على قتلها؟!
هل تستحق هذه المرأة التى تحاصرها المشكلات والشائعات أن يغامر رجل أعمال وسياسى بتاريخ حافل بالإنجازات من أجلها؟!
هل تصلح تلك المرأة لأن يكسر الرجل حائط الأمان ويتصرف بإهمال شديد ويختار قاتلاً بلا كفاءة، يرتكب أخطاء لا يرتكبها لص مبتدئ، وينفذ الجريمة ببدائية منقطعة النظير؟!
الجريمة كلها بدائية. بداية من التحريض على القتل.. إلى اختيار ضابط أمن دولة سابق.. فهل يمكن بسهولة أن يتحوّل الضابط من نفسية الحماية السياسية إلى نفسية القاتل المأجور؟!
وكيف ارتكب حماقات قادته إلى السجن؟!
ثم كيف لم يجد مكاناً يخفى فيه ثمن القتل إلا فرن الغاز؟
تلك ليست أسئلة نحاول أو ننتظر إجابات عنها، لكنها مجرد علامات على الركاكة والبدائية، وتكشف بوضوح أن ما حدث كان جريمة أو جرائم أكبر كثيراً من قتل سوزان تميم!
كل شئ ضد كل شئ
ما حدث كان جريمة أو جرائم أكبر كثيرا من جريمة قتل، مع الوضع فى الاعتبار أنه فى عالم المال والأعمال يتم توظيف كل شىء ضد كل شىء. وأن المسيطرين على الثروات والسلطة يمتلكون أيضا الأدوات اللازمة لحرق شخصية أو إلقاء الضوء على أخرى وأن ثراء الأغنياء أو نجاح رجال الأعمال ليس نعمة فقط، وإنما قد يكون أيضا نقمة وقد يورطهم فى كوارث!
يؤكد تلك الفرضية ما ظهر وقت حادث قتل سوزان تميم وظهر بعد سقوط نظام مبارك ما يؤكده، وهو احتمال أن يكون ذلك الحادث هو المطرقة التى استخدمها رجل الأعمال وإمبراطور الحديد «أحمد عز» لتدمير رجل الإنشاءات العقارية «هشام طلعت مصطفى»، ووقتها كانت بينهما أزمة ارتفعت وتفجرت فى أبريل 2008 حينما أرسل مصطفى إنذاراً رسمياً ل«عز» يتهمه فيه بنشر بيانات ومعلومات مغلوطة عن مجموعة طلعت مصطفى، ويطالبه بتصحيح هذه البيانات منعاً لإلحاق أضرار بالمجموعة.
وكان عز قد وزع تقريراً مطولاً على وسائل الإعلام عن صناعة الحديد فى مصر والعالم، وموقف مجموعة «عز» فى ظل الارتفاع الكبير والمتواصل فى أسعار الحديد. وتضمن قائمة بالأرباح على المبيعات لكبرى الشركات المصرية المتداولة فى البورصة المصرية، وجاء فيه أن مجموعة مصطفى تحقق عائداً على المبيعات بنسبة 70.9%، بينما تحقق مجموعته 14.6% فقط!
وقد أثار التقرير الذى تم توزيعه ردود أفعال غاضبة لدى كل من النائبين هشام وطارق طلعت مصطفى، إذ اعتبراه تقريرا لا يستند إلى أى معلومات صحيحة ويهدف إلى الإساءة للشركة وتبرير موقف حديد عز على حساب سمعة مجموعة شركات طلعت مصطفى.
ومن جانبه، وصف هشام طلعت مصطفى التقرير بأنه محاولة للإضرار بشركاته، خصوصاً أن صراعاً حاداً تفجر بين الاثنين منذ بدء صعود أسعار الحديد، وتأثير ذلك على المشروعات العقارية لمجموعة مصطفى. وتم رفع التقرير إلى قيادات بالحزب الوطنى.
وكانت الأزمة تفجرت عندما استورد هشام طلعت مصطفى 21 ألف طن حديد رومانى بسعر لا يزيد على 800 دولار، وقام ببعض الاتصالات بعدد من رجال الأعمال لمساعدتهم فى استيراد الحديد بهذا السعر المتدنى، وهو ما يساهم فى كسر احتكار أحمد عز للحديد خصوصا بعدما ارتفع سعره فى الأشهر الأخيرة بشكل غير مسبوق، وهو أمر أثار استياء أحمد عز الذى قام بترويج المعلومات المغلوطة حسب نسبة الأرباح التى تحققها مجموعة هشام طلعت مصطفى والمطروحة أسهمها فى البورصة. وأكدت مصادر فى مجموعة شركات طلعت مصطفى أن عائد المبيعات الخاصة بالمجموعة لا يتجاوز 2.41%، وليس كما يدعى أحمد عز فى تقريره 9.07%، وهو أمر لا ينافى الحقيقة فحسب، وإنما يتعارض مع المادتين 36 و46 من قانون هيئة سوق المال الذى يجرم أى بيانات غير صحيحة عن أى شركة يتم تداول أسهمها فى البورصة.
الرابط بين خلاف عز ومصطفى وحادث مقتل سوزان، أكده رجب حميدة عضو مجلس الشعب الأسبق وأحد الحاصلين على أحكام بالبراءة فى القضية التى عرفت إعلاميا ب«موقعة الجمل». حين قال فى حوار نشرته جريدة الأهرام: شاهدت بنفسى عندما سأل هشام طلعت مصطفى سكرتير الرئيس السابق جمال عبدالعزيز وزكريا عزمى: أنا عاوز أعرف حبستونى ليه؟! فرد جمال عبدالعزيز: ما أعرفه أنك كنت عامل مشاكل مع أحمد عز علشان الحديد وكانت شركة خليجية تريد أن تدخل السوق فى مصر وأنت مقفل عليهم فدفعوا مبالغ مالية كبيرة بالدولارات حتى يتم تلفيق قضية قتل سوزان تميم لك واستغلوا أن محسن السكرى الذى كان ضابطاً سابقاً فى أمن الدولة وأحضروا له المليون دولار وأقنعوه بأن يعترف على هشام طلعت مصطفى وأنه سوف يخرج منها, فذهب السكرى إلى شقة سوزان تميم فوجدها مقتولة وأن الذى قتلها قريب رئيس وزراء دولة عربية وأن التحقيقات كانت سيتم حفظها وفجأة قاموا بتزوير التقرير الطبى والكلام على لسان جمال عبدالعزيز وزكريا عزمى.
وعندما قلت له أنا الذى كنت أتابع قضية سوزان تميم وشاهدت بنفسى اسطوانات تصوير محسن السكرى أخبرنى بأن هذا الموقف كان أمامى وأخبرنى هشام طلعت مصطفى بأن أحمد عز كان هو العقل المدبر لحبسى وأخبروا رئيس الجمهورية الأسبق حسنى مبارك بأنه برىء وسوف ينزل حتى يتم حفظ التحقيقات وبعدما عرفوا أننى نزلت قعدت الدنيا وأن عمر سليمان سبق وأن حذرنى وقال لى لا تنزل يا هشام طلعت وفجأة قالوا اننا رفعنا أيدينا عن الموضوع حتى يقول القضاء كلمته.
واستمر رجب فى سرد أسرار هذه القضية التى كانت تحوى أسرارا كثيرة يطول شرحها بعدما ذكر بأنه تقابل مع اللواء أحمد رمزى مساعد الوزير للانتربول قبل أن يكون قائدا للأمن المركزى فأخبر هشام طلعت بأن الانتربول لم يقم بضبط محسن السكرى وأن الذى قام بضبطه جهاز مباحث أمن الدولة وهم الذين أقنعوا السكرى بالاعتراف على هشام طلعت مصطفى وأنه كان أرسل السكرى لتتبعها ومراقبتها فقط وليس لقتلها!
ويتبقى الوليد بن طلال الذى يحمل فى نفسه الكثير، والذى خسر امام هشام فى أكثر من جولة فى ظل الحرب المعلنة بين الطرفين، وقد اتهمته ألسنة النميمة والشائعات بأنه يقف خلف تفجير القضية، وتمادت كثيرا هذه الالسنة لدرجة اخطر وأبشع، هذا فضلا عن كون الوليد من مصلحته إقصاء هشام وإضعافه تماما وتأليب أولى الأمر والكبار ضده ليضمن على الأقل بأن يبتعدوا ويكفوا عن مؤازرته وهو ما حدث فعلا!
ونشير إلى ما تردد عن ضغوط مارسها الوليد على هشام للمشاركة فى تجارة السلاح وفى تخليص صفقات كبرى اعتقد الوليد أن هشام يستطيع تخليصها بحكم حصانته البرلمانية وبحكم علاقاته، وامتنع هشام خوفا من الدخول فى صفقات من هذا النوع، فاستشاط الوليد وقرر أن يستغل الفرصة ليس للانتقام فقط من هشام ولكن لإبعاده أيضا عن الفورسيزون، وكانت روح الانتقام من هشام طلعت مصطفى هى المسيطرة على اللقاءات السرية التى جمعت بين الوليد وجمال مبارك، وكان لابد من تدبير خطة يتم من خلالها التخلص من هشام أو على الأقل فضحه أمام الرأى العام، وتضمنت القضية الكثير من التفاصيل التى تؤكد أن الطرفين (جمال والوليد) كانا يدبران مكيدة لهشام طلعت مصطفى بحيث يتورط فى جريمة ويحكم عليه بالإعدام حتى تبدأ الخطوات التنفيذية التى تستهدف الاستيلاء على كل مشاريع وممتلكات هشام طلعت مصطفى وأسرته.. وبالفعل بادرت السلطات فور القبض على هشام بسحب تراخيص مدينتى وغيرها من مشاريع هشام وأوقفت البنوك تمويلها للمشاريع تمهيدا للاستيلاء عليها.
ويدعم هذا السيناريو سؤال شديد البساطة والمباشرة:
لماذا تخلت عائلة مبارك عن هشام طلعت فى أزمته وسعت بكل الطرق والوسائل كى تصل برقبته إلى حبل المشنقة؟!
ألم يكن باستطاعة جبروت آل مبارك إفساد القضية مثل عشرات ومئات القضايا التى تم إفسادها وإخفاء تفاصيلها؟!
وما من شك فى أن عشرات القضايا تم إخفاء تفاصيلها بإشارة من نجلى الرئيس، غير أن ما حدث مع هشام طلعت يؤكد أن هناك إصراراً على التخلص منه حتى لا يهدم المعبد على الجميع. وهناك تفاصيل كثيرة تشير إلى أن «محسن السكرى» كان هو الأداة التى تم استخدامها للتخلص من هشام طلعت مصطفى وكنا قد كتبنا أكثر من مقال حول تلك المسألة، وامتلأت القضية بتفاصيل تؤكد أن السكرى كان يسعى بكل الطرق والوسائل كى يضع الأدلة والبراهين التى تكشف تورط هشام طلعت مصطفى. ويُضاف إلى ذلك ما تردد عن أن السكرى كان أحد أفراد الحراسة الخاصة بالرئيس السابق وأن نشر صوره جاء متأخرا لهذا السبب ولأنه معروف فى أوساط الحراسات، وكان ظهوره اضطراريا بعد أن فشل المخطط الأول والذى كان يتوقع له الوليد وجمال أن ينتهى دون أن يظهر السكرى، فقد كان هناك شخص ثالث، نعم كان هناك شخص ثالث أعلنت عنه شرطة دبى رسميا مؤكدة أن السكرى استعان بأحد ضباط أمن الدولة المصريين والذى كان على علاقة بالسكرى مقابل 300 ألف دولار أمريكى، وحسب محاضر وتقارير السلطات الإماراتية فإن الذى توجه إلى شقة الفنانة اللبنانية سوزان تميم لم يكن محسن السكرى بل هذا الضابط الذى يعمل فى أمن الدولة المصرى. وقد اعترف الضابط محسن السكرى بهذه الوقائع، لكن حظر النشر فى هذه القضية أبعد كل الاتهامات عن جمال مبارك وجهاز أمن الدولة المصرى الذى تم تسخيره بالكامل لخدمة العائلة الحاكمة فى مصر.
وقد عملت الأجهزة الأمنية المصرية، وقتها، على إخفاء اسم العنصر الثالث، كما عملت على إبعاد جمال مبارك عن هذه القضية بالكامل.
أكرر أن حكم القضاء هو عنوان الحقيقة.. وأننا فقط حاولنا أن نشير إلى ما قد يكون حقاً لهشام طلعت مصطفى دون أى تشكيك فى أن الحكم بعقابه غير عادل، وربما تعيد الأيام فتح الملف من جديد وفضح المسكوت عنه بشكل تتكشف فيه كل الأوراق وتحاسب فيه كل الأطراف، ليعرف الشعب ما كان يدور فى الكواليس من فساد وجرائم تباع فيها أراضى الدولة من الباطن ويتم خلالها الاستيلاء على المليارات بالدم والمؤامرات والصفقات المشبوهة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.