مع انتهاء فترة ولاية رئيس الموساد تامير بوردو كان يتعين على نتنياهو اختيار رئيسا جديدا للجهاز ولكن ذو مواصفات خاصة لاسيما بعد التغيرات الإقليمية والدولية التي حدثت فيما عرف بثورات الربيع العربى , فعدد من أنظمة الدول العربية تغيرت في أعقاب هذه الثوارت وكذلك أصبح وضع إيران مختلفا بعد توقيعها لاتفاق مع الدول العظمى ،لذلك وقع اختيار بنيامين نتنياهو على يوسي كوهين مستشاره للأمن القومي لتولى هذا المنصب. ومن المعروف أن كوهين كان واحدا من بين ثلاثة تم ترشيحهم للمنصب ولم يتم حتى الإعلان عن الشخصية الأولى التي كانت تنافسه بينما الشخص الثاني هو رامي بن باراك الذي يتولى منصب مدير مكتب المخابرات. ونقل موقع واللا الإخباري الإسرائيلي عن نتنياهو واصفا كوهين بأنه من ذوي الخبرة والإنجاز والقدرة الكبيرة في مختلف نشاطات المؤسسة ،كما أنه صاحب قدرة إدارية ووعي مهني وكلها أمور مطلوبة ممن سيتولى هذا المنصب الهام في المنظمة. وأضاف نتنياهو , أن الموساد سوف يستمر في تطوير خدمته من خلال نشاطات وعمليات أفضل وإلى جانب ذلك لن يغفل القدرات الجديدة لعصر "السايبر" والتكنولوجيا المتقدمة ،فالمؤسسة يجب أن تكون بين أجهزة المخابرات الأفضل حول العالم ،وإلى جانب مهمة الموساد الأساسية يجب الاهتمام بتطوير العلاقات السياسية مع العالم ككل وبالأخص مع العالمين العربي والإسلامي. ووفقا لصحيفة هاآرتس حدثت بين كوهين ورئيس الموساد المنتهية ولايته بعض الخلافات مما دفع الأول للبحث عن مكان له خارج المؤسسة – قبل أن يعود إليه مجددا كرئيس- ومنذ أن تولى أعمال خارج الموساد أصبح له دورا سياسيا إلى جانب دوره الأمني وتعددت علاقاته برجال المجتمع ،ونشأت بينه وبين زوجة رئيس الوزراء سارة نتنياهو علاقة صداقة ،كما استطاع أن يوطد علاقته بالحريديم أو اليهود المتشددين. ويلقب كوهين ب "عارض الأزياء" نظرا لأناقته الشديدة واهتمامه البالغ بمظهره ،ووفقا للمصادر فهو يرفض مضغ العلكة ويكوي ملابسه بنفسه ،ولا ينتعل صندلا حتى في أيام الحر الشديد ويرى زملاؤه أنه صاحب أناقة أوروبية. ووفقال لما رواه زملاؤه عنه فإنه يظهر تعاطفا إنسانيا كبيرا مع قضايا الدول مما يساعده عل تجنيد العملاء والجواسيس حتى أنه أصبح الجاسوس رقم واحد في إسرائيل.. لدى كوهين أسلوب غريب في تدريب الجواسيس الجدد فهو يطلب منهم الصعود العشوائي إلى أي شقة في تل أبيب بطابق الثالث لاقناع صاحبها بأي طريقة بأن يخرج إلى الشرفة ويشير بإصبعه إلى شجرة أمام المنزل في الجهة القابلة ،وإذا فشل المتدرب في مهمته اعتبره غير ملائم للعمل. ويرى محللون, أن اختيار نتنياهو, ليوسي كوهين ليكون رئيسا للموساد يعكس تفضيلا واضحا لدى نتنياهو لتعيين اليهود المتدينين ذوي الفكر الاستيطاني في مجال الأمن القومي لإسرائيل ،فوفقا للمحلل في صحيفة يديعوت أحرونوت رون بن يشاي يهتم الموساد بثلاث مجالات الأكثر أهمية بينهم هم جمع المعلومات الاستخباراتية الحيوية حول العالم ،والمجال الثاني هو القيام بعمليات سرية يهدف جزء منها إلى الحصول على معلومات استخباراتية ،كما يهدف معظمها إلى احباط وتعطيل تهديدات تحيط بالأمن الإسرائيلي ،ويهتم بالعمليات التي تهدف إلى ضمان سلامة يهود الشتات ،أما المجال الثالث فيتعلق بعلاقات إسرائيل الخارجية السرية ،خصوصا مع دول ليست لديها علاقات دبلوماسية معها وإقامة علاقات مع الأجهزة الاستخباراتية في الدول الصديقة عندما لا تكون العلاقات الرسمية معها جيدة. ورأى الكاتب الإسرائيلي , أن اختيار "كوهين" يكشف بوضوح تفضيل نتنياهو في هذه الفترة للتركيز على العلاقات الخارجية السرية التي تجري من خلال الموساد ،للمساعدة في بلورة تعاون دولي لمحاربة الإرهاب وللسماح لبلاده للقيام بدور أكبر في التأثير على التحركات الدولية التي تركز على القضاء على إرهاب الإسلام المتطرف ،كما أنه من غير التعاون الدولي لا يمكن لرئيس الوزراء الإسرائيلي أن يقضي على الإرهاب الشيعي بزعامة إيران فضلا عن أن نتنياهو بحاجة إلى زيادة النشاط الدبلوماسي السري من خلال الموساد بسبب العزلة السياسية المتزايدة لبلاده في الفترة الأخيرة. والسبب الثالث الذي يدفع نتنياهو لاختيار مجال السياسة الخارجية السرية هو استغلال الفرص ،فليس سرا أنه توجد دول عربية وإسلامية لديها مصالح مشتركة مع إسرائيل إلا أنه غير مستعدة لإقامة علاقات علنية وطبيعية معها على الأقل حتى تسوية النزاع مع الفلسطينيين, ولهذه الأسباب يرى الكاتب الإسرائيلي أن كوهين هو الرجل المناسب لتولي رئاسة الموساد في هذه الفترة بسبب تجربته الدولية التي حصل عليها خلال فترة عمله في أوروبا ،وكذلك عندما كان مستشارا للأمن القومي ،حيث أثبت قدرة فائقة في هذا المجال عندما أدار في الفترة الأخيرة الحوار مع الأمريكان من خلال نائب مدير عام وزارة الخارجية جيرمي يسخروف بشأن مفاوضات الدول العظمى مع إيران حول الملف النووي ،حيث كان له دورا كبيرا فيما توصلت إليه النتائج النهائية للمفاوضات فعلى الرغم أنها لم تكن لصالح إسرائيل إلا أنها خرجت بشكلها النهائي بأقل الأضرار ،وكذلك عالج مع يسخروف موضوعات حساسة أخرى كانت متعلقة بالعداء بين أوباما ونتنياهو, إضافة إلى ذلك لدى كوهين تجربة غنية في مجال تجنيد الجواسيس وكان رئيسا لشعبة تسوميت التي استخدمت ضباطا لجمع المعلومات والعملاء خلال الحرب السرية ضد البرنامج النووي الإيراني وقد نال طاقم برئاسته جائزة أمن إسرائيل. يذكر أن يوسي كوهين ولد في عام 1961 بمنطقة رحافيا بالقدس لأسرة متدينة فوالدته كانت مدرسة مخضرمة عملت كمديرة لمدرسة بالمدينة العتيقة وتعد من مواليد الجيل السابع لعائلتها بإسرائيل والذين استوطنوا بمدينة الخليل ووالده أريه كان أحد نشطاء منظمة "إيتسل" أو المنظمة العسكرية القومية التي أسسها عصابات الصهاينة في الثلاثينيات من القرن الماضي ،وبعد ذلك أصبح موظفا ببنك مزراحي أو البنك الأهلي بإسرائيل ويعد أحد أبناء الجيل الثامن للأسرة التي أسست حي "مئا شعاريم". وكان كوهين أحد أعضاء حركة بني عكيفا ،وتخرج في المدسة الدينية أور عتسيون وخدم بالجيش من خلال وحدة الشباب الرائد للقتال وبعد انهائه لفترة التجنيد انتقل للدراسة الجامعية في لندن ،وفي عام 1983 انضم للموساد ،وفي 1997 تولى منصب رئيس مكتب الموساد في أوروبا ،وفي عام 2006 أصبح رئيس وحدة "العقدة"وهي إحدى وحدات الموساد النشطة ،وخلال توليه هذا المنصب حصل على جائزة الأمن العام الإسرائيلي ،وفي 2011 تم تعيينه نائبا لرئيس الموساد ورئيس إدارة العمليات بالمؤسسة المخابراتية ،وفي أغسطس 2013 تم اختياره من قبل رئيس الوزراء بنيامين نتياهو ليكون مستشاره للأمن القومي ورئيسا لهيئة الأمن الوطني, في 7 ديسمبر من العام الجاري أعلن نتنياهو أنه تم تعيين كوهين ليكون رئيسا للموساد, أما عن حياته الاجتماعية فكوهين متزوج من إمرأة تعمل كممرضة في مستشفة للأورام وكان قد التقى بها في حركة بني عكيفا خلال المرحلة الثانوية ،حيث تزوجا قبل حرب لبنان الأولى بقليل ولهما أربعة أبناء .