أشهرهم "البورصة" و"زهرة البستان" و"أبو طارق" و"جروبى" و"التكعيبة" افتعلوا المشاكل وتحرشوا بالفتيات وكانوا يخفون الأسلحة تحت ملابسهم وجودهم منع "الزبائن" من التردد على المنطقة.. والقرار صائب وينهى الأزمات التى كان يفتعلونها وسط البلد.. إحدى المناطق الأشهر في القاهرة، وربما مصر بأكملها.. تمتاز بإقبال المواطنين عليها، فهناك من يتجول من أجل الترفيه، وآخرون يتجولون من أجل التسوق.. وفى السنوات الثلاث الماضية عانت المنطقة كثيرًا من إنتشار الباعة الجائلين، حيث تسببوا فى الازدحام الشديد، وأثاروا استياء المارة بسبب قيام البعض منهم باتباع "البلطجة" أسلوبا له فى البيع مما أدى إلى عزوف كثيرين عن التردد على المنطقة. لم يدفع المواطنون فقط فاتورة تواجد الباعة الجائلين فى "وسط البلد" وإنما أيضا عدد من المحال والمقاهي الشهيرة التي عانت أيضا وربما دفعت الفاتورة مضاعفة.. فهناك مقاهى "زهرة البستان"، و"جروبي"، و"التكعيبة"، و"البورصة" إضافة إلى كشرى "أبو طارق".. "الموجز" تجولت، في المنطقة لمعرفة ردود أفعال القائمين على هذه الأماكن المعروفة ب"نجوم وسط البلد"، على قرار مجلس الوزراء بنقل الباعة الجائلين، من منطقة وسط البلد إلى "الترجمان"، ومدى تأثيرهم على طبيعة عملهم خلال الفترة السابقة. البورصة هي مجموعة مقاهى، تقع فى المسافة الفاصلة بين البنك المركزي ومبنى البورصة المصرية، وتعد ملتقي الشباب والكبار، والمثقفين والكتاب والمطربين والممثلين والسياسيين وجميع أطياف القوى السياسية والثورية، بل وكل فئات المجتمع من الطبقات الكادحة حتي الطبقات الارستقراطية، ففي وقت الثورة كانت مقاهى البورصة مركزًا لتجمع الثوار ومحركا رئيسيا للمسيرات والتظاهرات. أحمد رفاعى، المسئول عن إدارة إحدى مقاهي البورصة، رحب بقرار مجلس الوزراء بنقل الباعة الجائلين، من منطقة وسط البلد، مشيرا إلى أن القرار يعمل على تقليص المشكلات التى أحدثها وجود هؤلاء الباعة بكثرة فى المنطقة، ويكفى أن هؤلاء الباعة كانوا عاملًا من العوامل التى منعت "الزبائن" من التردد على مقاهى البورصة. وأوضح أن أعداد الباعة الجائلين، قبل ثورة 25 من يناير، كان بسيطًا، وأن أوضاعهم كانت أفضل مما هي الآن، حيث لم يكن من المسموح تجاوز أماكن محددة من الأرصفة، فكانت أعداد الزبائن كثيرة فى ذلك الوقت، إلا أن انتشار الباعة بعد الثورة تسبب فى تقليل أعداد الوافدين إلى المنطقة، ذاكرًا قول أحد زبائنه "وسط البلد بقت عتبة". وأشار رفاعي، إلى التغير الملحوظ فى نوعية الزبائن المترددين على المنطقة، بعد ثورة يناير، حيث كانوا من المهندسين والمثقفين إلا أنه فى الفترة التى أعقبت الثورة مباشرة كان الثوار هم الزبائن، لافتًا إلى أن المترددين على مقاهي البورصة في الوقت الحالي، أقل بكثير مما كانت عليه. وأرجع رفاعى هذا التغيير فى نوعية المترددين على مقاهى البورصة إلى عدة أسباب، منها انتشار الباعة الجائلين، علاوة على تخوف المواطنين من التواجد فى الشوارع، إذ أن المنطقة لم تعد آمنة كما كانت عليه، قبل ثورة 25 يناير خاصة فى ظل التظاهرات وأعمال الشغب التى كانت تشهدها المنطقة من آن لآخر. وأكد أنه حتى الوقت الحالي، لم يظهر نتائج إيجابية أو سلبية على مقاهي البورصة بعد تنفيذ قرار نقل الباعة الجائلين من وسط البلد، حيث أن الحال كما هو، قائلًا: ما زال هناك تخوف والكل يترقب ليرى ماذا سيحدث وما إن كان الباعة سيرضون بهذا الإخلاء أم أنهم سيحاولون العودة مجددًا. ولفت رفاعي، إلى أنه يعمل في المقهى منذ عام 2006، وأن المقاهي موجودة منذ زمن بعيد، وعددها يتجاوز الخمسة عشر مقهى. أبو طارق وأبدى طارق يوسف، نجل صاحب "كشري أبو طارق"، سعادته بقرار الحكومة بنقل الباعة الجائلين من منطقة وسط البلد، إلى منطقة الترجمان، حيث تم توفير مكان للباعة أولًا ثم تم نقلهم إليه، وبالتالى عاد القرار بالإيجاب على المنطقة بأكملها وكذلك الباعة أنفسهم. وأشار طارق إلى أن القرار عمل على حل المشكلات، التى افتعلها الباعة الجائلون، إذ تسببوا فى زيادة البلطجة، كما أنهم كانوا يخرجون عن الأخلاق فى سلوكياتهم، ولم تكن تصرفاتهم تصرفات من يريد أن يكسب قوت يومه، حيث كانوا يحتفظون بأنواع الأسلحة المختلفة معهم، تحت طيات بضائعهم وكانوا يفتعلون المشكلات، لأتفه الأسباب، علاوة على مضايقاتهم للفتيات فى الشارع. وقال إن وجودهم كان يتسبب فى العديد من المشكلات لجميع المحال الموجودة، مشيرًا إلى أنه على الرغم من ابتعاد محل "أبو طارق"، عن أماكن تواجد الباعة الجائلين إلا أنهم لم يسلموا من المشاكل المستمرة، كتلك التى تحدث بين الباعة الجائلين أنفسهم وملاحقتهم بعضهم البعض، وهو أمر كان يتسبب فى خوف الزبائن القادمين إلى المطعم. وأضاف: وصل الأمر فى بعض الأحيان إلى اننا أحيانًا كنا نفاجئ بوجود "ضرب نار"، ومن ثم من يصطحب عائلته أو زوجته للخروج سيفضل الإبتعاد عن هذا المكان لما فيه من مشكلات دائمة. ولفت إلى أن نتائج تنفيذ هذا القرار بدأت تظهر، حيث عودة الطمأنينة إلى شوارع المنطقة، وعودة العائلات من جديد للنزول إلى منطقة وسط البلد وكذلك الفتيات. وعن تاريخ "كشري أو طارق"، أشار إلى أن البداية كانت عام 1995 ، حين اتخذ والده "أبو طارق" هذا المكان ليكون مطعمًا من طابق واحد فقط، يبيع به الكشري، الذى باعه لسنوات سابقة من خلال عربة الكشري الخاصة به، حيث ورثها عن والده، ثم استمر فى توسعة المكان شيئًا فشيئًا حتى أصبح مكونًا من عدة طوابق. آخر ساعة ويصف طارق شوقي، مدير مطعم آخر ساعة، قرار مجلس الوزراء بنقل الباعة الجائلين من منطقة وسط البلد إلى منطقة الترجمان، بالقرار الصائب، حيث عادت المنطقة إلى طبيعتها. وقال.. أثناء تواجد الباعة الجائلين كان من الصعب على المارة العبور أو السير فى الطرق، أما الآن فأصبحت المنطقة أفضل كثيرًا، كما أن هذا القرار جيد بالنسبة إليهم، حيث انتقلوا إلى مكان يستغلونه فى كسب أرزاقهم بدلًا من التعرض للمخاطر، نتيجة تنقلهم بين الشوارع. وقال شوقي: الحكومة خصصت لهم مكانا انتقلوا إليه ليبيعوا فيه بضائعهم لا يبعد كثيرًا عن تلك منطقة وسط البلد. وأكد أن مطعم "آخر ساعة"، لم يتأثر لتواجد الباعة الجائلين في المنطقة، حيث أن تواجدهم لم يكن مؤثرًا على حركة البيع والشراء فى المحلات، فمن كان يريد أن يشترى منهم يشترى ومن يفضل المحلات فله مطلق الحرية فى ذلك. ولفت إلى أن الشيء الوحيد الذى يمكن ملاحظته بعد نقل الباعة الجائلين من المنطقة، هو قلة المشاكل فى الشوارع، التى كانت تؤثر كثيرًا على حركة البيع و الشراء، و عندما يكون هناك اعتصام أو إضراب بالقرب من المنطقة كانوا يقوموا بإغلاق المحل فورًا. وقال تاريخ "آخر ساعة" يرجع لعام 1968 وكان أول فروعه فى شارع الألفي. زهرة البستان يؤكد هشام محمد، المسئول السابق عن إدارة مقهى "زهرة البستان"، أن قرار نقل الباعة الجائلين من منطقة وسط البلد، جيد، وأنه عاد عليه بالنفع كثيرًا، حيث لم تعد هناك مشادات أو احتقانات مع البائعين، والتى كانت تؤدى إلى مغادرة بعض الزبائن المقهى، دون أن يقوموا بسداد "الحساب". وأوضح أن التحسن في المنطقة أصبح ملحوظًا، بعد تنفيذ القرار، قائلًا: يكفى الالتزام بإشارة المرور، وعدم وجود أزمة في سير السيارات كما كان من ذي قبل، وعدم استطاعة المارة السير على الأرصفة. وعبر عن عدم رضاه تجاه انتشار قوات الأمن بهذه الكثافة في منطقة وسط البلد، مشيرا إلى أن تواجد رجل أمن أمام كل محل، لن يحل الأزمة. وأشار إلى أن المقهى كان قبلة للفنانين والمثقفين وبعد ثورة 25 يناير، أصبح قبلة للثوار حيث كانوا يجتمعون فيها للخروج فى التظاهرات والمسيرات. ولفت إلى أن عدد الباعة الجائلين كان قليلا قبل الثورة، وكان يقدر بحوالى عشرة بائعين فى محيط طلعت حرب بأكمله، إلا أنه بعد الثورة تجاوز المائتين أو الثلاثمائة، مما أوجد صعوبة في المرور بالسيارة، أو سيرًا على الأقدام، وأضاف: إذا تكلمت لا تجد إلا السباب، كما أن تواجد الباعة يؤثر على المحلات الكبرى بسبب بيعهم لنفس البضائع لكن بأنواع رديئة وأسعار أقل مما كان يجذب الزبائن إليهم. وأشار وليد محمود المدير الحالى للمقهى إلى تاريخ المقهى، حيث يرجع إنشائه إلى سنة 1960، فقد اشتراه والد صديق لي عام 1960 أو 1962 تقريبًا لكن المكان كان موجودًا من قبل، إلا أنه كان أصغر مما هو عليه الآن لكن تمت توسعته، وكان اسم صاحب المحل هو "عبد اللطيف أحمد حسين"، ثم أعطاه لابنه أحمد عبد اللطيف ثم خلفهم محمد أحمد عبد اللطيف، كما ذكر ما قاله الشاعر أحمد فؤاد نجم عن مقهى "زهرة البستان" عندما قال "ثورة القارئ الأولى خرجت من البستان وريش". التكعيبة يقول المسئول عن مقهى التكعيبة، الشهير ب"سيد ليبتون"، إن قرار الحكومة بنقل الباعة الجائلين من منطقة وسط البلد، كان صائبًا تمامًا، إذ كان هؤلاء الباعة من عوامل "تخريب"، منطقة وسط البلد. وأوضح سيد أن المقهى لم يتأثر بتواجد هؤلاء الباعة أو بقرار نقلهم لم يؤثر، فلم تكن هناك شكاوى من الزبائن تجاههم. وأكد أنه قبل ثورة 25 يناير كان المكان يعج بالزبائن، والعمل به يسير بشكل جيد، فكان يتردد عليه فئات كثيرة كالمحامين والصحفيين، بأعداد كبيرة لكن الأمر إختلف كثيرًا بعد الثورة وهذا ما انعكس فى نوعية الزبائن التى أصبحت "تحت خالص" -حسب وصفه-. وأشار إلى أن المقهى موجود منذ أكثر من 45 عامًا حيث بدأ صغيرًا ثم تمت توسعته ويضيف " طول عمرنا لحد الثورة والزبون كان مختلف تمامًا". ولفت إلى أن السبب فى قلة نزول المواطنين إلى منطقة وسط البلد هو التظاهرات المستمرة الموجودة به. وأوضح أن القرار جاء في صالح المواطن والناس إذ كان الباعة يتسببون فى مضايقة الجميع أما الآن فأفسحوا المجال لأى شخص فى النزول والاستمتاع بوقته فى المكان الذى يبغيه بعيدًا عن الزحام المعتاد. جروبي أبدى عبدالله عبدالسميع، مدير فرع جروبي، في وسط البلد، ترحيبه بقرار الحكومة بنقل الباعة الجائلين من منطقة وسط البلد، حيث أصبح حال المنطقة أفضل كثيرًا عن ذى قبل، لافتًا إلى دور الباعة الجائلين، فى إفتعال أزمة كبيرة جدًا فى حركة المواصلات والمرور، بينما أصبحت هناك الآن سهولة كبيرة فى المرور والحركة العامة فى وسط البلد وتحديدا وسط ميدان طلعت حرب. وقال: معظم هؤلاء الباعة الجائلين، من البلطجية الذين يتبعون "البلطجة" لبيع بضائعهم رغمًا عن الناس فيقفون كمن احتل المكان، أما الآن فقد تحسن الوضع كثيرًا. وأشار إلى أن نوعية الزبائن قد تغيرت كثيرًا بسبب الباعة الجائلين، موضحا أن رقي المكان سيجذب الزبائن للمجئ أما انتشار هذه النوعية من البائعين، دون المستوى, -على حد وصفه - فى الخارج كان يتسبب فى نفور الكثيرين وإعراضهم عن دخول المقهى. وأضاف: فى الفترة التى سبقت ثورة 25 يناير كانت نوعية زبائن "جروبى" من الطبقة الأرستقراطية الذين يتميزون بإلتزامهم بالزى الرسمى من البدلات الأنيقة، أما بعد الثورة فأصبح هذا قليلًا جدًا و تحول المكان إلى الزبائن العاديين.