لا تزال المعركة مع الجماعة المحظور نشاطها بحكم قضائي في بداياتها، ومازال الإخوان يعبثون بعقول الأجيال الصغيرة ودس فيها أفكارهم وسمومهم في مذاق ديني مغلّف بستار العلم، حتي في ظل تهديد المسئولين بوضع ما يعرف ب "المدارس الإخوانية" تحت الإشراف المالي والإداري لوزارة التربية والتعليم في حال مخالفتها. ورغم علم الدكتور محمود أبوالنصر وزير التربية والتعليم بعدد المدارس الإخوانية بجميع المحافظات والتي يتراوح عددها بين 40 و60 مدرسة، بالإضافة إلي عدد كبير من المدارس المسماة "الإسلامية"، فلا تزال ماكينة التعليم الاخواني تعمل بكل قوتها وكامل طاقتها غير عابئة بأي تحذير من هنا أو هناك.. ويمكن القول إن محافظة الإسكندرية لها نصيب كبير من هذه الدورة التعليمية التي لا تتوقف فقط عند حد استغلال عقول الأطفال وإنما أيضا إدارة بيزنس كبير للإخوان المسلمين.. ففي هذه المدارس شبكة كبيرة وعالم سري تحت مسمي المدارس الإسلامية، يستغل القائمون عليها القانون ويتلاعبون به كيفما يشاءون. "الموجز" أمسكت بطرف الخيط الذي تشابكت بعده خيوط أخري كثيرة لمدارس عديدة أصحابها من القياديين بالجماعة لكنهم غير معروفين علي المستويين الشعبي والإعلامي . في عالم مدارس"المحظورة " تجد العجب العجاب، فعدد كبير منها بني علي أراض غير مرخصة أو من خلال استئجار فيلات في مناطق راقية بالإسكندرية، تندرج تحت ما يسمي "الفيلات التراثية".. البداية مع مدارس "المدينةالمنورة" بمراحلها الثلاث رياض الأطفال، والإبتدائي، والإعدادي «بنين وبنات» والتي تقع بدائرة المنتزه بمنطقة السيوف شرق الإسكندرية، وهي مدارس يملكها القيادي الاخواني البارز جمعة أمين عضو مكتب الإرشاد بالجماعة، والذي يبلغ من العمر 79 عاما.. وقد انضم "جمعة" للإخوان المسلمين عام 1951، ثم أصبح عضوا للمكتب الإداري بالإسكندرية، ثم نائبا لرئيسه في الثمانينيات، ثم عضوا لمكتب الإرشاد منذ 1995 حتي الآن، وهو مقيم حاليا بلندن بدعوي العلاج حيث سافر يوم 2 يوليو قبل عزل الرئيس السابق محمد مرسي بيوم واحد. بنيت مدارس المدينةالمنورة بمشاركة كل من محمود شكري المسئول الإداري الأسبق لمكتب الإخوان المسلمين بالإسكندرية، ورجل الأعمال خالد داود وجمعة أمين، إلا أن الخلافات نشبت وفاجأ ورثة محمود شكري الجميع بعدم الالتزام بوصية والدهم التي كانت تلزمهم بالتوقيع للجماعة علي أي توكيلات أو أوراق ضد نصيبه في مدارس المدينةالمنورة المملوكة للجماعة والتي تبلغ قيمتها 50 مليون جنيه، حيث تقول الأوراق الرسمية إن محمود شكري يملك نصيب الثلث فيها. عدد من الوساطات المكوكية قام بها قيادات الجماعة بالإسكندرية بين ورثة محمود شكري وبين جمعة أمين بغرض إنهاء الصراع المالي الذي بدأ منذ عدة سنوات بين أمين وشكري وابنه أحمد خالد الشركاء الثلاثة ليس فقط في المدرسة بل في أضخم مكتبة ودار نشر تملكها الجماعة في الإسكندرية، وهي "دار الدعوة" في منطقة محرم بك والتي تأسست سنة 1978 وتصل قيمتها إلي 40 مليون جنيه حيث تم تسجيلها بأسماء شركاء ثلاثة هم جمعة أمين ومحمود شكري وابنه أحمد خالد بنسب متساوية بين الثلاثة. "المدينةالمنورة" أشبه بثكنة عسكرية استطاع أصحابها عزل الطلاب عن العالم الذي يعيشه المصريون، فكل من يعمل ويدرس بالمدرسة ينتمي للجماعة، وقد قامت المدرسة بتنظيم رحلات إلي اعتصامي رابعة العدوية والنهضة قبل فضهما، وتوالت بعدها مخالفات المدرسة مع بداية العام الدراسي، حيث رفضت إدارة المدرسة ترديد النشيد الوطني وأطلقت اسم أسماء البلتاجي علي أحد فصولها، كما طبعت أعدادا هائلة من الكراسات والكشاكيل باللون الأصفر منقوشا عليها الكف ذو الأربعة أصابع، والمعروفة بعلامة رابعة ومنعت الطلاب من تجليدها، كما منعتهم من شراء كراسات بديلة أخري حتي أن مدرس المادة لا يصحح دروسها إلا إذا كانت من هذا النوع من الكراسات التي تم الزام التلاميذ بها. وتأتي مدرسة "الجزيرة" التابعة لإدارة العجمي التعليمية، ويملكها القيادي الإخواني طلعت فهمي، عضو المكتب الإداري للجماعة بالإسكندرية، كثاني أشهر مدرسة للجماعة بالمحافظة.. وقد استطاع مالك المدرسة الحصول علي قطعة أرض بكل يسر وسهولة في عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، بالمخالفة للقانون وبنفس تصاريح وتراخيص المدرسة القديمة الموجودة بمنطقة العجمي، حيث وضع قيادات حزب الحرية والعدالة بالإسكندرية حجر أساس مجمع مدارس الجزيرة بمقرها الجديد في قرية السلام بالكيلو 21، في شهر مايو الماضي، بعد أن هدمت في عهد "مبارك" وأغلقت أكثر من مرة ما بين عامي 2005 و2008 بسبب عدم وجود تراخيص لها، واتهمت الجماعة آنذاك أمن الدولة بالوقوف وراء هدم المدرسة بعد تقرير رفعته السفارة الأمريكية عن خطورتها. أما مدارس "أجيال للغات" بمراحلها الأربع رياض الأطفال والإبتدائي والإعدادي والثانوي، والذي توفي أحد مدرسيها ويدعي إيهاب فايق مدرس أول التربية الرياضية خلال فض اعتصام رابعة العدوية، فتقع بشارع توريل بمنطقة الرأس السوداء بالإسكندرية، ويملكها القيادي الإخواني المهندس أحمد سعد، ويديرها علاء عجمية مسئول ملف التعليم بحزب الحرية والعدالة. ومن بيزنس مدارس الجنيه المصري إلي بيزنس مدارس الدولار الأمريكي للجماعة.. وفي هذا السياق تتربع مدارس "زيتونة إسلامك سكول" علي عرش مدارس "الانترناشيونال" بالإسكندرية.. وتقع المدرسة في 35 شارع كفر عبده بجوار القنصلية الإنجليزية بمنطقة رشدي والتي تعد من أرقي أحياء الإسكندرية.. والمدرسة يملكها عدد من كبار رجال أعمال الإخوان تترأسهم السيدة سارة ابنة الدكتور أسامة إبراهيم رئيس جامعة الإسكندرية والقيادي الإخواني البارز، وصاحب مركز "عيون".. أما شركاء سارة فهم عدد من قيادات الإخوان شركاء أيضا في شركة للاستثمار العقاري والسياحي تدعي "جرين تاور" مثل مسعد أحمد فتح الله، و نجل الدكتور علي محليبة، فضلا عن ممدوح حسني رجل الأعمال وأحد قيادات "الوطني" المنحل. ظلت "زيتونة إسلامك سكول" تعمل لمدة عامين كحضانة فقط قامت خلالهما صاحبة المدرسة بعمل أكثر من "سمينار" بفندق الفورسيزون الشهير بالإسكندرية للإعلان عن تحويل الحضانة إلي مدرسة تطبق النظام الألماني كان آخرهما في أواخر عام 2012، ورغم عدم وجود تصاريح أو امتلاك صاحبة المدرسة لأرض لبناء المدرسة عليها قامت "سارة" بتحويل الفيلا إلي مدرسة وقامت بافتتاحها بداية العام الدراسي الحالي وقد بلغت مصاريف المدرسة ما يقرب من 48 ألف دولار. مدرسة أخري بنيت دون ترخيص تسمي حضانة وأكاديمية "جيمس" والتي تم فضح أمرها بعد قيام عدد من أولياء الأمور برفع دعاوي قضائية ضد ملاكها، بعدما اكتشفوا عدم حصول المدرسة علي ترخيص "انترناشيونال"، إلا أن المدرسة تحايلت وقامت باستصدار رخصة حضانة عربي من الشئون الاجتماعية. بيزنس المدارس الخاصة للجماعة لم يسدل عليه الستار وربما تكشف الأيام القادمة عن مدارس أخري يمتلكها رجال أعمال الإخوان، خاصة بعد ما تردد بشأن انتقال ملكية مدارس سيدي جابر للغات لأحد قيادات الجماعة بالإسكندرية، فضلا عن وجود ثلاث مدارس خاصة بدائرة المنتزه التعليمية لأحد قيادات الجماعة غير المعروف إعلاميا إحداها موجودة بمنطقة العصافرة القبلية، والثانية بالعماروة الصغري والثالثة بالقرب من منطقة 45. من جانبه يقول إيهاب القسطاوي منسق حركة تغيير: "أدركنا من البداية الخطر الكامن في المدارس التابعة لجماعة الإخوان المسلمين التي أعدت لتربية جيل كامل علي مبادئ الجماعة، وضد الوطن، حيث يتم تلقينه كل يوم درسا مفاده أن الوطن هو الجماعة والانتماء هو الجماعة والطاعة هي الجماعة، مشيرا إلي أن القائمين علي تلك المدارس يقومون بتدريب الطلاب علي تدريبات رياضية وقتالية عنيفة. وكشف "القسطاوي" في اجتماع له مع الدكتور محمود أبوالنصر وزير التربية والتعليم بحضور كل من الدكتورة مايسة فاضل رئيس قطاع التعليم العام والدكتور علاء عبدالغفار مستشار وزير التربية والتعليم عن مطالبته الوزارة بالإسراع في إخضاع هذه المدارس لإشراف مباشر من الحكومة لما تسببه من خطر مباشر علي الأمن القومي المصري، مشيرا إلي أنه ضد فكرة إغلاق المدارس الإسلامية قائلا: " إغلاق أي مدرسة يوازي إغلاق دور عبادة". وطالب بإشراف وزارة التربية والتعليم علي المدارس الإسلامية وإخضاع مناهجها وأنشطتها للرقابة، بالإضافة إلي الإشراف المالي والإداري وكذلك إخضاع حجم الإنفاق إلي مراقبة إدارية وقانونية. ويطالب ياسر جابر، وكيل نقابة المعلمين المستقلة بالإسكندرية والمتحدث الرسمي باسمها، وزير التعليم ورئيس الجمهورية المؤقت بإغلاق مدارس الإخوان الخاصة أو وضعها تحت سيطرة الدولة.. مبررا ذلك باستخدام مدارس الإخوان في أعمال الإرهاب وتخزين الأسلحة كما حدث في محافظة بني سويف بعد القبض علي مرشد الجماعة في إحدي شقق أحد المدرسين وبتفتيش مدرسته، عثرت الأجهزة الأمنية علي كميات كبيرة من الأسلحة، فضلا عن قيام إدارات هذه المدارس بتغيير السلام الوطني. وأضاف: "مدرسة المدينةالمنورة أشبه بثكنة عسكرية ممنوع الاقتراب منها نظرا لسطوة قيادات الجماعة عليها"، مؤكدا قيام مدرستي المدينةالمنورة والجزيرة برحلات للطلاب وأولياء الأمور إلي اعتصام رابعة العدوية. واعتبر"جابر" وجود هذه المدارس جريمة في حق الدولة لما تبثه في الأطفال من كراهية للمجتمع والوطن، مشيرا إلي أن هذه المدارس ترفع علم الإخوان وتنكس العلم المصري، مطالبا الدولة بالملاحقة الأمنية لأصحابها. من جانبها قالت بسيونية سرور، وكيل وزارة التربية والتعليم بالإسكندرية: "سأتعامل بكل حزم ومتابعة شديدة للمدارس الإسلامية، خاصة التابعة لجماعة الإخوان المسلمين"، مشيرة إلي أنها وجهت تعليماتها للإدارات التعليمية بالمحافظة بعدم الحديث داخل المدارس في السياسة أو الدين سواء للطلاب أو المدرسين، لافتة إلي أنه في حال وجود تجاوزات أو مخالفات من المدارس الاخوانية ستقابل بكل حزم وسيتم تحويل من يثبت تجاوزه ومخالفته إلي الشئون القانونية واستبعاده من المدرسة. وأكدت "سرور" أن ما يتردد بشأن تغيير المناهج في المدارس التي يمتلكها جماعة الإخوان المسلمين غير صحيح علي الإطلاق، مشيرة إلي التزام جميع المدارس بما فيها المدارس الخاصة بمناهج ومقررات الوزارة، ولفتت إلي أن هناك تنقية في بعض المواد الدراسية بشكل عام هذا العام وأن وزير التربية والتعليم قام بتأجيل بعض المناهج إلي العام المقبل.