لي صديق يري أن الأجيال الجديدة لم تعرف الحب الحقيقي.. لم تسافر في مواكب الأشواق ولم تتألم مع أحزان الفراق ولم تسبح مثلنا في شواطئ الذكري.. صديقي يري أن الحب في هذه الأيام كائن مشوه فقد تغيرت ملامحه واختلفت صفاته ولم يعد يحمل مشاعر الحب القديم شوقا وحنانا وافتقادا ووحشة.. وانا اتصور أن الحب كائن مثل كل الكائنات يحمل ظواهرعصره.. ومن يقرأ تراث الحب في العالم فسوف يكتشف أنه يتغير من وقت لآخر.. ان مجنون ليلي أحبها علي طريقته حتي أصابه الجنون.. وابن زيدون احب ولادة وتخلي عنها من أجل المنصب.. بينما رفض ملك إنجلترا ادوارد الثامن ان يتنازل عن الأمريكية التي احبها مسز سمبسون وترك العرش راضيا.. ومات جيته شاعر ألمانيا الكبير وترك زوجة شابة كانت تحبه وحين سألوها بعد رحيله لماذا لا تتزوجين بعده قالت كيف لامرأة سكنت قلب جيته ان تختار رجلا بعده.. وكان بودلير شاعر فرنسا العبقري يحب امرأة زنجية تعمل راقصة في ملهي ليلي وفضلها علي إحدي الأميرات التي دفعت للقضاء غرامة ديوانه الشهير أزهار الشر.. وليس للحب شكل واحد أو طقوس ثابته لان الحب هو الذي يخلق زمنه وعصره..الزمن لا يصنع الحب ولكن الحب هو الذي يصنع الزمن. ولان الإنسان كائن متفرد فهو الذي يشكل تجربته حسب ظروفه وحياته.. ولهذا أتعجب كثيرا من خطابات الغرام التي تباع علي الارصفة ويشتريها كل عابر لكي يكتب رسالة إلي حبيبته واعجب اكثر من النهايات السعيدة للافلام العربية واغاني الحب التي تتكرر فيها نفس الكلمات.. قد تتشابه تجارب الحب لكن لكل إحساس عالمه الخاص.. إن اللقاء بين المحبين يختلف..والحنان يختلف والذكري لها الف باب والف مكان والدليل ان تجد قلبين جمعهما إحساس عميق وافترقا ليجلس كل منهما بعد ذلك علي شاطئ يسمي الذكريات وهناك يلتقيان كل دقيقة رغم ان المسافة بينهما تتجاوز حدود القارات كيف استعادا اطياف الذكري وكيف زارهما الماضي بلا استئذان.. إنه الحب الذي يصنع زمانه ويختار مواسم رحيله وظهوره وايضا يختار ميعادا للذكري. نقلا عن جريدة الأهرام