كشف د.عوديد عيران - الدبلوماسي الإسرائيلي السابق وسفير تل أبيب الأسبق في عمان - في دراسة نشرها على موقع مركز أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، إن أحداث الأيام الأخيرة في مصر هي بداية لفترة هزات عنيفة، وقد تدفع إسرائيل إلى تحديات أمنية وسياسية خطيرة للغاية، وأن صلاحيات الرئيس المنتخب محمد مرسي محدودة، مشيرًا إلى إعلان المجلس العسكري مع إغلاق صناديق الاقتراع بأنه سيُشارك في وضع الدستور الجديد، لن يصب في صالح الرئيس الجديد، بالإضافة لذلك فإن حل مجلس الشعب، الذي تتمتع فيه حركة الإخوان المسلمين والسلفيين بنسبة كبيرة، يؤكد لكل من في رأسه عينان على أن المجلس العسكري مصمم على المحافظة على دوره المصيري في تحديد الأجندة المصرية - الداخلية والخارجية - على حد تعبيره وعلي أنه سيحافظ على سلطته، بما في ذلك القرار بإعلان الحرب، أو القرار بشأن قمع المظاهرات في مصر، كما أن قيام جنرالات من الجيش بعقد مؤتمر صحفي للتخفيف من حدة التوتر لم يُجد نفعًا. تقاسم السلطة بين مرسي والمجلس العسكري وتابع الباحث الإسرائيلي قائلاً أنه مضى أسبوع على انتهاء المعركة الانتخابية، وبالتالي تساءل هل استغل المجلس العسكري ومرسي هذه الفترة الزمنية في محاولة للتوصل إلى تفاهمات حول تقاسم السلطة؟ والنقاش حول دور مصر الإقليمي في المنطقة؟ بما في ذلك دورها في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي؟ كما لفت إلى سؤال مهم للغاية برأيه وهو: هل واصلت الإدارة الأمريكية محادثاتها مع الإخوان المسلمين ومع الرئيس الجديد؟ ذلك أن للحوار الأمريكي المباشر مع الرئيس الجديد وحركته سيكون له مدلولات وتداعيات مهمة للغاية في الفترة القريبة، إذ أن الأيام القادمة – بحسب قول عيران - ستُنتج عملية تقاسم السلطة بين مرسي والجيش. ولفت إلى أن مرسي نشر له مقال في صحيفة 'الجارديان' البريطانية يوم ال15 من الشهر الجاري انتقد فيه بشدة اختفاء دور مصر عن الحلبة العالمية، والذي أوجد فراغًا كبيرًا وخطيرًا، وأدى إلى نقل المنطقة برمتها إلى حالة من الخطر، قائلاً إن مصر يجب أنْ تعود للقيادة، وأنه إذا فاز بالرئاسة سيعيد دور مصر الريادي. الأوضاع الأمنية على الحدود الجنوبية متردية للغاية وانتقل الخبير الإسرائيلي في دراسته إلى التوتر القائم على الحدود المصرية الإسرائيلية، وإطلاق صواريخ من طراز (جراد) من سيناء إلى داخل العمق الإسرائيلي، مؤكدًا أن هذه التطورات هي مؤشر خطير وتثبت بأن الأوضاع الأمنية على الحدود الجنوبية متردية للغاية، وعن نمط جديد من العمليات الفلسطينية، التي قد تتلقى الدعم غير المباشر من النظام الجديد في مصر. وتابع قائلاً إن ازدياد التوتر على الحدود المصرية الإسرائيلية يُحتم على صناع القرار في تل أبيب تحديد آلية وكيفية الرد على هذه العمليات، ذلك أن أي رد فعل عسكري إسرائيلي - يشمل اجتياز الحدود - سيكون بمثابة الفتيل الذي سيُشعل المطلب المصري، الذي تبناه جميع المرشحين للرئاسة في مصر، والقائل إنه يجب إعادة النظر في الملحق الأمني لاتفاقية السلام الموقعة بين البلدين منذ العام 1979، وأضاف قائلاً "إن الضبابية في المسوؤلية عن الأمن في مصر، سيؤدي إلى أن تقوم تل أبيب بإجراء المفاوضات والاتصالات مع الجيش فقط، بدون التوجه إلى المستوى السياسي، وبالتالي فإن الدولة العبرية ستجد نفسها أمام صعوبة بالغة في عملية اتخاذ القرارات العسكرية مع مصر، الأمر الذي سيؤدي لخسارات سياسية كبيرة لإسرائيل على صعيد المجتمع الدولي والرأي العام العالمي، مع تداعيات خطيرة خارجة عن نطاق العلاقات الثنائية بين الدولتين". أي تدخل أمريكي غير مجدي وليس له تأثيره ومن ناحية أخرى قال الخبير "إن الشكاوى الإسرائيلية على التعدي عليها ستقع في المنطقة الرمادية بين الجيش والرئيس المصري، وفي حال قيام إسرائيل بعملية عسكرية فإن ذلك سيعود سلبًا على المحادثات بين الجيش والرئيس حول تحديد الصلاحيات، وستدفع بالمستوى السياسي إلى المطالبة بإلغاء الحظر المفروض على مصر من ناحية إدخال قوات عسكرية إلى سيناء". ولفت الخبير الإسرائيلي أيضًا إلى أن الدور الأمريكي في العلاقات الثنائية بين إسرائيل ومصر لا يتعدى كونه فخريًا فقط، وقدرة الولاياتالمتحدة على المساهمة في ترتيب الأوضاع بين القاهرة وتل أبيب في قضية سيناء ستكون محدودة، ذلك لأن الإدارة الأمريكية لا تريد نزاعات مع القيادة المصرية الجديدة، وأعرب عن شكه في أن تهديد الولاياتالمتحدة بقطع المساعدات عن مصر سيجلب النتائج، معتبرًا إياه سلاحًا ليس فعالاً، ذلك أن الرئيس الجديد وحركة الإخوان المسلمين لن يذرفوا الدموع إذا تحول الجيش إلى جيش ضعيف، مرجحًا أنْ تكون هذه المسألة قد نوقشت بين الجيش وبين الرئيس المنتخب. الفوضى التي تسود سيناء الآن من أجل إستفزازنا وأوصت الدراسة صناع القرار في تل أبيب إلى عدم الانجرار وراء الاستفزازات الفلسطينية، والتي تهدف إلى جر إسرائيل إلى القيام بحملة عسكرية في سيناء، وعلى الحكومة الإسرائيلية المحافظة على قنوات اتصال مع المصريين عن طريق الأمريكيين، كما قال أنه يُستشف من تصريحات قادة الإخوان المسلمين الأخيرة كراهية لإسرائيل، راجيًا أن المشاكل الداخلية التي تعاني منها مصر، قد تقود الحكام الجدد إلى اتخاذ قرارات صائبة وحكيمة في العلاقات مع إسرائيل، وخلص إلى القول "إنه من المفهوم أن لا تُسلم إسرائيل في حالة الفوضى التي تسود سيناء، ولكن بالمقابل على الحكومة في تل أبيب أنْ تدرس خطواتها على خلفية التطورات في الشرق الأوسط برمته، ذلك أن عملية عسكرية إسرائيلية في سيناء ستكون تداعيات ليس في مصر فقط، وإنما في الأردن وفي فلسطين، ولكن إذا استمر الوضع على حاله، وتواصلت الأعمال الفدائية من سيناء، فلن يكون أمام إسرائيل مفرًا من عملية عسكرية داخل الأراضي المصرية" على حد تعبير د. عيران.