المتحدث الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين تحتاج مصر الي رجال ونساء يتحلون بمنظومة من المبادئ والقيم والاخلاق, والي مشروع للنهضة ينخرط لجميع فيه ويعملون له كالنحل في خلاياه كي تنهض من كبوتها وتسترد عافيتها وتستعيد مكانتها. اذا كان البعض يفهم الشريعة علي انها مجموعة من العبادات والاخلاق تربط الانسان بربه فقط واذا كان البعض الآخر يفهمها علي انها الحدود المفروضة كعقوبات للجرائم فحسب, فإننا نفهم الشريعة علي انها منهج كامل للحياة تهذبها وتنظمها وترقيها وتحميها, ومن هنا كان مشروعنا لنهضة مصر مرتكزا علي الشريعة الاسلامية, ولشرح هذه الحقيقة نقول: ان الشريعة الاسلامية هي كل ما شرعه الله تعالي للناس لتنظيم حياتهم وتحقيق سعادتهم في الدنيا و الآخرة ولاغرو في ذلك فهو خالقهم وهو اعلم بما يصلحهم وينفعهم, فالعقيدة يعتبرها العلماء من الشريعة, وكذلك العبادة والاخلاق والقيم والتصورات, وهذه كلها يقوم عليها الجانب التربوي والمعنوي والفكري والنفسي الذي من شأنه ان يقوي ملكة المراقبة لله تعالي ويوقظ الضمائر ويحيي القلوب ومن ثم يندفع المرء في كل مايرضي الله تعالي وينفع النفس والوطن والمجتمع غير منتظر ثناء او اجرا من غير الله تعالي, فيعمل ويتقن العمل ويلتزم بالصدق والامانة والوفاء ويجتهد في التعلم والابتكار والابداع وفي خدمة الناس, ويتجنب كل مايغضب الله تعالي من اهمال وسرقة واختلاس وظلم واثره وكذب وخيانة دون خوف من شرطة او قانون وانما استحضار لمعني الحديث: ( اعبد الله كأنك تراه, فإن لم تكن تراه فإنه يراك). ولدينا من مواقف سلفنا الصالح رضي الله عنهم نماذج وفيرة تملأ صفحات التاريخ, وفي التاريخ الحديث عندما سئل رجب طيب اردوغان عن سر الانجازات الكبيرة التي حققها وهو رئيس بلدية استنبول قال: السر في اننا لم نسرق. لذلك فإن مشروعنا يرتكز علي اطلاق الحرية للدعاة المخلصين والمربين الفاقهين والعلماء الربانيين لنشر هذه المبادئ والقيم بين الناس للوصول لمستوي رفيع من الاخلاص والنزاهة والاستقامة والايجابية, كما أنه يرتكز علي تقرير الحريات العامة وحقوق الانسان التي هي جزء من شريعة الاسلام, حيث اقر الاسلام هذه المبادئ قبل ان يعرفها الغرب بأكثر من عشرة قرون. فإذا كنا نؤكد حق الناس في حرية العقيدة والعبادة, وحرية الرأي والتعبير, ومبدأ الشوري او الديمقراطية, وحق الشعب في اختيار حكامه بإرادته الحرة, في انتخابات نزيهة, وحق الناس في انشاء احزابها السياسية ونقاباتها المهنية, ومنظماتها الأهلية, واتحاداتها الطلابية, وانديتها الثقافية والجامعية والرياضية, وتقرير المساواة الانسانية العامة والمساواة امام القانون وامام الدقضاء,واذا حققنا استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية, ووفرنا للقضاة مستوي كريما لائقا من المعيشة ووضعنا ضوابط عادلة مجردة لموضوع الانتداب والاعارة حتي يتحقق العدل للجميع دون تفريق بين غني وفقير وكبير وصغير. واذا افلحنا في تنفيذ الاحكام القضائية دون تسويف او التفاف او هروب حتي يحصل كل ذي حق علي حقه, واذا حفظنا لكل إنسان حقه في الحياة, وحقه في العزة والكرامة الانسانية( ولقد كرمنا بني ادم) الاسراء والحفاظ علي ماله وعرضه ووفرنا الامن في ربوع البلاد, واصبح امن المواطن لايقل اهمية عن امن النظام. ونجحنا في منع الظلم والترهيب والتعذيب والاهانة واذا طهرنا المؤسسات من الفاسدين من بقايا النظام البائد, واستعدنا الاموال والثروات المنهوبة او جزءا كبيرا منها ووظفناها في خدمة المصلحة العليا للشعب, فقد طبقنا جزءا من الشريعة الاسلامية. واذا توخينا توفير الغذاء والكساء والدواء والسكن والزواج, والعمل المناسب لكل عاطل والاجر المناسب لكل عامل والكفالة الاجتماعية لكل عاجز وقاومنا الادواء الاجتماعية من رشوة ومحاباة واستغلال للنفوذ وتربح. وحمينا الملكية الخاصة مادامت حلال المصدر وشجعناها علي الاستثمار والنمو, وعمدنا الي مكافحة الفقر والبطالة واحترمنا حقوق المرأة, وحقوق غير المسلمين الدينية والأمنية والسياسية. واذا حققنا كفايتنا من انتاج طعامنا ولباسنا ودوائنا وسلاحنا وكل مانحتاج الي تصنيعه من وسائل التكنولوجيا واجهزة العصر وادوات الانتاج الزراعي والحيواني والصناعي. اذا طورنا نظم التعليم ومناهج الدراسة ورفعنا مكانة ومستوي المعلم والمدرسة والجامعة وأساتذتها وقضينا علي السلبيات التي ادت الي تدهورها, واذا جندنا اكبر الا مكانيات للبحث العلمي والتقني وتطبيقات نتائجه, وارتقينا بمستوي الصحة والعلاج والطب والاطباء واذا انصفنا العمل والفلاحين والحرفيين والمهمشين ورفعا فيهم مستوي الاحساس بآدميتهم وكرامتهم ورددنا اليهم حقوقهم. واذا حافظنا علي البيئة ونشرنا بين الناس ثقافة النظافة والنظام والتعاون, واذا نجحنا في توفير مناخ جيد لجذب الاستثمار وقضينا علي البيروقراطية المعوقة, و قمنا بالتدريب التحويلي للعمال لتواكب احتياجات السوق. اذا احسنا استغلال المناطق المهملة مثل سيناء والساحل الشمالي في مشروعات قومية كبيرة وتنمية شاملة وتعمير كبير حفاظا علي الامن القومي واستفادة من الثروات القومية وتخفيفا من الكثافة السكانية في الوادي, وعندما يتوافر حد الكفاية لافراد المجتمع ويسود الامن والسلام, فإن العقوبات التي شرعها الله تعالي للمنحرفين والخارجين عن القانون تطبق عليهم اذا توافرت شروطها الشرعية. واذا وطدنا علاقاتنا بأشقائنا العرب و انجزنا تكاملا بيننا في مختلف المجالات, وكذلك مع الدول الاسلامية المختلفة, ودول افريقيا ودول حوض نهر النيل اذا فعلنا ذلك كله نكون قد سرنا علي طريق النهضة الحقيقية, وعلي طريق تطبيق الشريعة الاسلامية فهي ليست كلاما وليست نشاطا محدودا, ولكنها كما قال الامام ابن القيم:(فإن الشريعة مبناها واساسها علي الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد, وهي عدل كلها, ورحمة كلها, ومصالح كلها, وحكمة كلها, فكل مسألة خرجت عن العدالة الي الجور, وعن الرحمة الي ضدها, وعن المصلحة الي المفسدة, وعن الحكمة الي العبث فليست من الشريعة وان ادخلت فيها بالتأويل) كانت هذه هي الخطوط العريضة لمشروع النهضة وتبيان مدي التحامها مع مبادئ الشريعة وانطلاقها منها, اما التفاصيل التطبيقية فمرجعها الي مشروع النهضة.