وأفضل أولياء الله هم أنبياؤه وأفضل أنبيائه هم المرسلون منهم وأفضل المرسلين أولو العزم : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم قال تعالى : { شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه } وقال تعالى : { وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا * ليسأل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذابا أليما } وأفضل أولي العزم : محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وإمام المتقين وسيد ولد آدم وإمام الأنبياء إذا اجتمعوا وخطيبهم إذا وفدوا صاحب المقام المحمود الذي يغبطه به الأولون والآخرون وصاحب لواء الحمد وصاحب الحوض المورود وشفيع الخلائق يوم القيامة وصاحب الوسيلة والفضيلة الذي بعثه الله بأفضل كتبه وشرع له أفضل شرائع دينه وجعل أمته خير أمة أخرجت للناس وجمع له ولأمته من الفضائل والمحاسن ما فرقه فيمن قبلهم وهم آخر الأمم خلقا وأول الأمم بعثا كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح : [ نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم فهذا يومهم الذي اختلفوا فيه - يعني يوم الجمعة - فهدانا الله له : الناس لنا تبع فيه غدا لليهود وبعد للنصارى ] وقال صلى الله عليه وسلم : [ أنا أول من تنشق عنه الأرض ] وقال صلىالله عليه وسلم : [ آتي باب الجنة فأستفتح فيقول الخازن : من أنت ؟ فأقول : أنا محمد فيقول : بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك ] وفضائله صلى الله عليه وسلم وفضائل أمته كثيرة ومن حين بعثه الله جعله الفارق بين أوليائه وبين أعدائه : فلا يكون وليا لله إلا من آمن به وبما جاء به واتبعه باطنا وظاهرا ومن ادعى محبة الله وولايته وهو لم يتبعه فليس من أولياء الله بل من خالفه كان من أعداء الله وأولياء الشيطان قال تعالى : { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله } قال الحسن البصري رحمه الله : ادعى قوم أنهم يحبون الله فأنزل الله هذه الآية محنة لهم وقد بين الله فيها أن من اتبع الرسول فإن الله يحبه ومن ادعى محبة الله ولم يتبع الرسول صلى الله عليه وسلم فليس من أولياء الله : وأن كان كثير من الناس يظنون في أنفسهم أو في غيرهم أنهم من أولياء الله ولا يكونون من أولياء الله فاليهود والنصارى يدعون أنهم أولياء لله ( وأنه لا يدخل الجنة إلا من كان منهم بل يدعون أنهم أبناؤه ) وأحباؤه قال تعالى : { قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق } الآية وقال تعالى : { وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم } إلى قوله : { ولا هم يحزنون } وكان مشركو العرب يدعون أنهم أهل الله لسكناهم مكة ومجاورتهم البيت وكانوا يستكبرون به على غيرهم كما قال تعالى : { قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون * مستكبرين به سامرا تهجرون } وقال تعالى : { وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك } إلى قوله : { وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون } فبين سبحانه أن المشركين ليسوا أولياءه ولا أولياء بيته إنما أولياؤه المتقون وثبت في الصحيحين عن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول جهارا من غير سر : [ إن آل فلان ليسوا لي بأولياء - يعني طائفة من أقاربه - إنما وليي الله وصالح المؤمنين ] وهذا موافق لقوله تعالى : { فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين } الآية وصالح المؤمنين : هو من كان صالحا من المؤمنين وهم المؤمنون المتقون أولياء الله ودخل في ذلك أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وسائر أهل بيعة الرضوان الذين بايعوا تحت الشجرة وكانوا ألفا وأربعمائة وكلهم في الجنة كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [ لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة ] ومثل هذا الحديث الآخر : إن أوليائي المتقون أيا كانوا وحيث كانوا كما أن من الكفار من يدعي أنه ولي الله وليس وليا لله بل عدو له فكذلك من المنافقين الذين يظهرون الاسلام يقرون في الظاهر بشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأنه مرسل إلى جميع الأنس بل إلى الثقلين : الأنس والجن ويعتقدون في الباطن ما يناقض ذلك مثل أن لا يقروا في الباطن بأنه رسول الله وإنما كان ملكا مطاعا ساس الناس برأيه من جنس غيره من الملوك أو يقولون : إنه رسول الله إلى الأميين دون أهل الكتاب كما يقوله كثير من اليهود والنصارى أو أنه مرسل إلى عامة الخلق وأن لله أولياء خاصة لم يرسل إليهم ولا يحتاجون إليه بل لهم طريق إلى الله من غير جهته كما كان الخضر مع موسى أو أنهم يأخذون عن الله كل مايحتاجون إليه وينتفعون به من غير واسطة أو أنه مرسل بالشرائع الظاهرة وهم موافقون له فيها وأما الحقائق الباطنة فلم يرسل بها أولم يكن يعرفها أو هم أعرف بها منه أو يعرفونها مثل ما يعرفها من غير طريقته