حسم الرئيس السوداني عمر حسن البشير الجدل بشأن مصير نحو مليوني جنوبي مقيمين بالشمال بإعلانه ترحيلهم الى دولتهم الجديدة بعد تدشينها في التاسع من يوليو المقبل حسبما افادت وكالة الانباء الكويتية . ونقلت وكالة الانباء السودانية اليوم عن الرئيس البشير قوله "بعد يوم 9 يوليو 2011 سيكون الجنوبي جنوبيا والشمالي شماليا وبعد التاريخ المحدد ستكون هنالك مهلة للمواطنين الجنوبيين بالشمال لتوفيق اوضاعهم وبعدها سيتم ترحيل كل الموجودين في الشمال بصورة غير قانونية". وتشير تقديرات المنظمات الدولية في السودان الى ان عدد الجنوبيين الموجودين في الشمال يربو على المليوني شخص منهم نحو 170 الفا للجنوب خلال فترة الاستفتاء على تقرير المصير في يناير الماضي. ويعيش غالبية الجنوبيين في الشمال حول العاصمة الخرطوم وتقدر المنظمة الدولية للاجئين عددهم بنحو 3ر1 مليون شخص في المدينة وضواحيها وثمة اجماع على ان معظم هؤلاء انتقلوا الى الشمال هربا من الحرب لا بحثا عن فرص العمل. وابلغت مصادر سودانية وكالة الانباء الكويتية (كونا) ان المهلة القانونية التي ستمنح للجنوبيين لتوفيق اوضاعهم القانونية ستكون في حدود 60 يوما يقوم خلالها اي جنوبي يريد الاقامة في الشمال بتسجيل نفسه في مراكز امنية لاستخراج تصاريح اقامة مؤقتة له. واشارت المصادر الى وجود لوائح وخطة متكاملة لضبط اوضاع الجنوبيين سيتم طرحها خلال الايام القليلة المقبلة على الاجهزة التنفيذية والتشريعية لاقرارها بشكل نهائي. وقالت المصادر ان اعلان البشير بترحيل الجنوبيين بعد الانفصال يعني عمليا عدم وجود اي اتجاه لمنح الجنسية المزدوجة او استثناء الجنوبيين سواء القياديون منهم في حزب البشير او غيرهم من المعاملة كاجانب في حال رغبته البقاء في الشمال. وراج في الاوساط السودانية ان الحكومة ربما تمنح الجنسية لعدد كبير من الجنوبيين من اعضاء حزب المؤتمر الوطني الحاكم لاسيما المسلمين خشية تعرضهم لأعمال عدائية وانتقامية حال عودتهم الى الجنوب. وأكدت المصادر ان خطط ضبط اوضاع الجنوبيين ستضمن تسريح نحو 100 الف جنوبي من الوظائف التي يشغلونها في اجهزة الدولة المختلفة بخلاف الوظائف الاخرى في القطاع الاهلي. وكان البشير اعلن خلال الفترة التي تلت الاستفتاء الذي جاء بانفصال الجنوب عزم حكومته تسريح كل الموظفين الجنوبيين من الخدمة مع دفع حقوقهم كاملة مبررا ذلك بأنهم كانوا يشغلون نسبة من الوظائف مخصصة للجنوب لابد ان يتم الغاؤها بانفصاله. وأبدت مئات الاسر الجنوبية عقب الانفصال عدم رغبتها في العودة الى الجنوب الذي لايزال يفتقد لأبسط مقومات الحياة المدنية. ولايعرف بعد وضعية الاف الطلبة الجنوبيين في الجامعات والمدارس الشمالية ما اذا كان ستنطبق عليهم قواعد الاجانب او يتم منحهم وضعا مميزا سواء في الاقامة او في رسوم الدراسة او حتى في اعتبار دراستهم في الشمال على سبيل المنح التعليمية من الشمال للجنوب. وتطالب الاسر الهجين من اب شمالي وام جنوبية او العكس بضرورة ايجاد معالجة خاصة لها مستندة الى التقاليد والاعراف السودانية المتوارثه التي ترى ان ابناء الاسر الهجين جنوبيون في نظر اهل الشمال وشماليون في نظر اهل الجنوب. يذكر ان الاستفتاء المصيري لجنوب السودان الذي جاء بفوز كاسح لخيار الانفصال اجري بمقتضى اتفاق السلام المبرم بين الشمال والجنوب عام 2005 بعد 21 عاما من الحرب الاهلية التي تعد من اطول حروب القارة الافريقية.