للمقبلين على الزواج.. تعرف على سعر الذهب الأربعاء    بعد سقوط 560 قتيلاً.. جلسة طارئة لمجلس الأمن اليوم لمناقشة الأوضاع بلبنان    سعر السمك البلطي والمرجان والسبيط اليوم بالأسواق الأربعاء 25 سبتمبر 2024    شركة المياه بالقليوبية: مياه الشرب نظيفة    عاجل - نتيجة صواريخ لبنان: تفعيل الإنذار في تل أبيب ووسط إسرائيل    تأمين مكان انهيار شرفة عقار الإسماعيلية برافعة ضخمة    أبطال فيلم عنب يحتفلون بالعرض الخاص قبل عرضه اليوم بالسينمات (صور)    طيران الاحتلال الإسرائيلي يشن سلسة غارات فوق سماء بيروت    لا يمكن أن يمر دون رد.. ماذا قال الرئيس الإيراني عن إرهاب إسرائيل في لبنان؟    أمير قطر: منح العضوية الكاملة لفلسطين لا يؤسس سيادتها ولا ينهي الاحتلال    60 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات بمحافظات الصعيد.. الأربعاء 25 سبتمبر 2024    خلال تبادل إطلاق نار.. مصرع متهم هارب من أحكام قصائية في قنا    بأسلوب كسر الباب.. سقوط لصوص المنازل بحلوان    سقوط تشكيل عصابي تخصص في سرقة أعمدة الإنارة بالقطامية    مصرع شخص وإصابة سائق في حادث انقلاب سيارة بسوهاج    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الأربعاء 25-9-2024    متحدث الوزراء يُعدد مزايا الاستثمار في صناديق الذهب    تعرف على ندوات الدورة السابعة لمهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما    هل هناك نسخ بالقرآن الكريم؟ أزهري يحسم الأمر    أنقرة: الصراع الأوكراني يهدد بمواجهة عالمية طويلة الأمد    مواعيد مباريات الدوري الأوروبي اليوم الأربعاء 25-9-2024 والقنوات الناقلة    نجم الزمالك السابق: «قلقان من أفشة.. ومحمد هاني لما بيسيب مركزه بيغرق»    برنامج تدريبي لأعضاء هيئة التدريس عن التنمية المستدامة بجامعة سوهاج    برامج جديدة للدراسة بكلية التجارة بجامعة المنوفية    وفري في الميزانية، واتعلمي طريقة عمل مربى التين في البيت    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بأكتوبر    وزير خارجية لبنان: حوالي نصف مليون نازح بسبب العدوان الإسرائيلي    تحرك عاجل من كاف قبل 72 ساعة من مباراة الأهلي والزمالك بسبب «الشلماني»    بريطانيا تدعو مواطنيها لمغادرة لبنان "فورا"    أحمد موسى: مصر لها جيش يحمي حدودها وشعبها ومقدراته    بعد ظهورها في أسوان.. تعرف على طرق الوقاية من بكتيريا الإيكولاي    جولة مرور لوكيل «صحة المنوفية» لمتابعة الخدمات الصحية بالباجور    محافظ أسوان يطمئن المصريين: ننتظر خروج كل المصابين نهاية الأسبوع.. والحالات في تناقص    عمارة ل«البوابة نيوز»: جامعة الأقصر شريك أساسي لتنمية المحافظة وبيننا تعاون مستمر    بشرى للموظفين.. موعد إجازة 6 أكتوبر 2024 للقطاع العام والخاص والبنوك (هتأجز 9 أيام)    ريم البارودي تعود في قرار الاعتذار عن مسلسل «جوما»: استعد لبدء التصوير    مواعيد مباريات اليوم الأربعاء في الدوري الإسباني وكأس كاراباو بإنجلترا    خطر على القلب.. ماذا يحدث لجسمك عند تناول الموز على معدة غارفة    قطع المياه اليوم 4 ساعات عن 11 قرية بالمنوفية    فريق عمل السفارة الأمريكية يؤكد الحرص على دفع التعاون مع مصر    "صورة مع التورتة".. محمود البزاوي يحتفل بعيد ميلاده    وفاة إعلامي بماسبيرو.. و"الوطنية للإعلام" تتقدم بالعزاء لأسرته    ما حكم قراءة سورة "يس" بنيَّة قضاء الحاجات وتيسير الأمور    حال خسارة السوبر.. ناقد رياضي: مؤمن سليمان مرشح لخلافة جوميز    حمادة طلبة: الزمالك قادر على تحقيق لقب السوبر الأفريقي.. والتدعيمات الجديدة ستضيف الكثير أمام الأهلي    زيادة جديدة في أسعار سيارات جي إيه سي إمباو    وزير الاتصالات: التعاون مع الصين امتد ليشمل إنشاء مصانع لكابلات الألياف الضوئية والهواتف المحمولة    حدث بالفن| وفاة شقيق فنان ورسالة تركي آل الشيخ قبل السوبر الأفريقي واعتذار حسام حبيب    محافظ شمال سيناء يلتقي مشايخ وعواقل نخل بوسط سيناء    تشيلسي يكتسح بارو بخماسية نظيفة ويتأهل لثمن نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    هل الصلاة بالتاتو أو الوشم باطلة؟ داعية يحسم الجدل (فيديو)    رياضة ½ الليل| الزمالك وقمصان يصلان السعودية.. «أمريكي» في الأهلي.. ومبابي يتألق في الخماسية    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج الحمل    خلال لقائه مدير عام اليونسكو.. عبد العاطي يدعو لتسريع الخطوات التنفيذية لمبادرة التكيف المائي    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج القوس    هل هناك جائحة جديدة من كورونا؟.. رئيس الرابطة الطبية الأوروبية يوضح    رسائل نور للعالمين.. «الأوقاف» تطلق المطوية الثانية بمبادرة خلق عظيم    خالد الجندي يوجه رسالة للمتشككين: "لا تَقْفُ ما ليس لكم به علم"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عادل حمودة يكتب: الخلافة الإسلامية بالديمقراطية
نشر في الفجر يوم 14 - 12 - 2011


10 مشاهد ساخنة فى سيناريو الحكم القادم

الخلافة الإسلامية بالديمقراطية

المشهد الافتتاحى

الهاربون من جنة الخلافة الديمقراطية

منذ خلع مبارك وحتى ساعة صفر الانتخابات البرلمانية خرج من مصر 350 ألف شخص ثري.. يمتلك الواحد منهم ما يوفر له عيشا مستريحا فى الغربة.. أو المنفي.. وفى الوقت نفسه انتشر مندوبو بنوك سويسرية شهيرة لتسهيل خروج الأموال المفزوعة من البقاء فى مصر.. وقدرت هذه الأموال بنحو عشرة مليارات دولار فى أقل من سنة.

وعرضت دول أوروبية تسهيل الحصول على الإقامة فيها لكل من يشترى بيتا على أرضها، فارتفع الطلب على العقارات فى دول تعانى الكساد مثل اليونان وقبرص وبريطانيا والولايات المتحدة وسويسرا.. ووصلت طلبات الشراء إلى الهند.. فالخوف مما هو قادم حفز القادرين على البحث عن وطن بديل يقضون فيه ما تبقى من أعمارهم.. وينفقون فيه ما جمعوه فى حياتهم.. وعرف المصريون لأول مرة مشاعر اللاجئين.. المنفيين.. المشردين. وتضاعف الطلب على الدولار لتخزينه فى البيوت (تحت البلاطة) انتظارا لانفلات سعره.. أو تمهيدا لتهريبه بواسطة سماسرة محترفين مستعدين لتوصيل كل ما هو ثمين ونفيس من دولة إلى دولة.. من الباب إلى الباب.. من هنا إلى هناك.

ونشط محامو الهجرة لرفع قضايا الاضطهاد الدينى لمسلمين قبل مسيحيين واستخدمت تصريحات المتشددين المسجلة بالصوت والصورة (على طريقة فيديو غزوة الصناديق للشيخ يعقوب) لحصول 12500 مواطن مصرى على الجنسية الأمريكية فى الستة أشهر الأخيرة بأحكام قضائية طبقا لقانون الحريات الدينية.. اللافت للنظر أن 70 % منهم مسلمون والباقى أقباط.. فاضطهاد الدين نفسه لأتباعه أحيانا ما يكون أشد.

وتضاعفت طوابير طالبى التأشيرات على السفارة الكندية حتى قيل فى سخرية أنها أطول من طوابير الانتخابات.. وأصبحت نكتة « أن مصر تنقسم إلى تكفير وهجرة وتفكير فى الهجرة» حقيقية.. وعندما يتحول الهزل فى مجتمع ما إلى أمر واقع فإنه يكون قد تجاوز حدود الأمان إلى حافة الهاوية.

وتعكس التعليقات اللاذعة ضد جماعات الإسلام السياسى على شبكات التواصل الاجتماعى (التويتر والفيس بوك) مخاوف حقيقية من أن تكون مصر طالبان أو السودان أو أفغانستان.. حيث ُتجلد المرأة التى ترتدى البنطلون.. وُتحرم من التعليم فور أن يتكور صدرها.. ويُمنع اختلاط الجنسين بين الأطفال حديثى الولادة.. وتتدخل الشرطة الدينية (على طريقة المطوعين فى السعودية) فى الحريات الشخصية.. وتحدد للناس الصواب والخطأ وتحاسبهم على هواها.. وقد بدأت هذه الأعراض تظهر فى مصر بعد تقدم السلفيين فى انتخابات المرحلة الأولي.

كانت هذه لقطات المشهد الافتتاحى فى سيناريو الحكم الدينى الذى يطرق الآن الأبواب بقوة.. موحيا بأنه يحمل على ظهره قدور العسل والسمن والحليب.. ويضع فى جيبه عقود تملك قصور فى الجنة.. بما يمكن وصفه بالخلافة ولو بالديمقراطية.. أو حكم الأئمة ولو على طريقة صناديق انتخاب الكفار

المشهد الأول

الديمقراطية تولد على حساب الصفات الحضارية

يمتلك المصريون مخزونا حضاريا جمعوه حبة حبة على مدى تاريخهم البعيد.. منحهم صفات متميزة.: الصبر.. التحمل.. التكيف.. التسامح.. والسير منومين وراء الحاكم.. فالناس فى بلادنا على دين ملوكهم.. ويصبرون على ظلمه وفساده إلى أن يرحل أو تعصف به مصيبة.. وهو ما جعلهم يقولون :« أرقص للقرد فى دولته».. وأن ضرب السلطان شرف.

فى الوقت نفسه يعانى المصريون من الأنيميا الديمقراطية.. فثلاثة أرباع عمرهم قضوه تحت الاحتلال الأجنبي.. والربع الباقى خضعوا فيه لسطوة حكم وطنى مستبد أجبرهم على الخنوع والخشوع.. وأطعمهم القهر مع الفقر.

لكن.. الوقائع والأحداث الأخيرة كشفت عن انقلاب على هذه الصفات.. وانكار لها.. وتمرد عليها.. المخزون الحضارى نفد.. والصفات المتميزة تبخرت.. الصبر تبدد.. والأعصاب انفلتت.. والتسامح انقلب إلى تعصب.. والغضب حلَّ على الجميع.. والعنف أصبح سمة وطنية مشتركة.

على أن غياب المخزون الحضارى جرى تعويضه بصحوة ديمقراطية.. فاجأت العدو قبل الصديق.. عبر عنها الإقبال المذهل على انتخابات المرحلة الأولي.. وهو ما لم يتوقعه أحد.. أو يصدقه أحد.. وكأن الشعب المصرى ولد فى برلمان عريق الحرية.

إن الشعب الذى هز الدنيا بثورته فى يناير.. أبهرها بسلوكه الانتخابى فى نوفمبر.. وربما سيصدمها بما ستسفر عنه النتائج النهائية فى يناير القادم.. فى الذكرى الأولى للثورة التى سرقت من أصحابها.

لا فرق بين سلفيى مصر وسلفيى المغرب

قضاة فقدوا حيادهم وأعصابهم فى لجان الأقباط

المشهد الثانى


ليس بالهداية وحدها تكسب الحكومة الإسلامية شعبيتها

لم تخل الانتخابات من سلبيات اعترف بها رئيس اللجنة العليا وصلت إلى حد الطعن فيها بمئات العرائض وجدت طريقها إلى محكمة النقض.. الجهة المختصة بالفصل فيها.. وأغلب الظن أن تلك القضايا ستعيد الانتخابات فى دوائر يصعب تحديد عددها الآن.. وكانت البداية في» الساحل».

ولا يمكن التهاون مع التجاوزات بدعوى أن هذه الانتخابات بكل ما فيها من نواقص أفضل من الانتخابات التى سبقتها.. ولنحمد الله على ذلك.. ونقبَّل أيدينا من الوجهين.. وهو قول يفتقد الدقة.. فلم تشهد مصر انتخابات من قبل.. وإنما شهدت مسرحيات هزلية.. قاطعها الجمهور لأنها» أونطة» فى «أونطة».

ولو كانت جماعات الإسلام السياسى سبقت الجميع فى سباق الفوز فإنها لم تتخل عن الصدارة فى التجاوزات أيضا.. وارتكبت من الأخطاء السافرة ما يتناقض مع ما تدعو إليه من مبادئ دينية سامية.. تحض على الطريق المستقيم.. فقد أرادت أن تكسب بكل الطرق المشروعة وغير المشروعة.. فلم تحترم قانون إيقاف الدعاية فى اللجان قبل التصويت بيومين.. فيما يعرف بفترة الصمت.. ووضعت فى يد ناخبين أميين ورقة بمرشحيها.. ووضعت فى اليد الأخرى الثمن.. واستخدمت الدعاية السوداء ضد منافسيها.. وزعتها فى منشورات علنية.. فادعت أنهم فاسقون.. كافرون.. يروجون للدعارة والشذوذ والانحلال الأخلاقي.

وتحالف بعض القضاة مع هذه الجماعات.. فتجاوزوا عن كشف وجه المتنقبات.. أو وضع إصبعهن فى الحبر الفسفوري.. فكان أن صوتت المتنقبة الواحدة أكثر من مرة لنساء أخريات جمعت منهن بطاقات الرقم القومى مقابل كيس أرز أو أنبوبة غاز.. فالفوز لم يكن بشرف رغم أن فرصتهم فى التفوق كانت كبيرة.

وسجل مركز «ماعت» لمراقبة الانتخابات أن قاضيا فى لجنة مدرسة «الفرير» أغلق بابها مبكرا وحرم نساء مسيحيات من التصويت بحجة أنهن غير محجبات.. وهو تصرف لو ثبت وقوعه فإن تفسيره الوحيد أن هناك قضاة ممن وثقنا فيهم فقدوا حيادهم وخذلونا.

ورفض قاض فى الفيوم تحرير محضر لمتنقبة اعتدت على سيدة قبطية فى حالة متكررة من حالات التصويت الطائفى التى سيطرت على الانتخابات هذه المرة.

إن التضليل فى هذه الانتخابات أسوأ من التزوير فى الانتخابات السابقة.. وهو أمر متوقع من أمة نصفها يعيشون تحت خط الفقر.. لا يفكون الخط.. ويرون فى الانتخابات فرصة لكسب سريع ولو رخيصا.

لم يكد الإخوان يشعرون بتفوقهم فى الجولة الأولى من الانتخابات حتى طالبوا بتشكيل الحكومة.. متعجلين النتيجة النهائية.. متصورين أنهم سيحظون بالأغلبية.. متجاهلين أن الدستور لم يتغير.. وأن قرار تشكيل الحكومة لا يزال من صلاحيات رئيس الجمهورية الذى يقوم بدوره الآن المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

والحقيقة أنه لا يجوز تجاهل الأغلبية البرلمانية عند تشكيل الحكومة ولو لم يكن ذلك دستوريا.. فالأغلبية يمكن أن تعطل القوانين التى تتقدم بها الحكومة.. ويمكن أن تسحب الثقة منها بعد استجواب عابر.. وهو ما يضع السلطات كلها فى مأزق صعب وحرج.. ويهدد فى الوقت نفسه بعدم الاستقرار.

لكن.. يفترض فى هذه الحالة أن تتمتع الأغلبية بثلثى مقاعد البرلمان.. وهو أمر لم يحسم بعد.. أو إذا حسم سيكون بتحالف بين السلفيين والإخوان وقوى أخري.. وهو أمر صعب المنال بالخلافات الحادة المتفجرة بينها.. فلا الأحزاب الدينية متجانسة.. ولا القوى الليبرالية متحدة.

ويتمنى كارهو الإخوان والسلفيين أن يتورطوا فى تشكيل الحكومة ويتحملوا متاعبها، فى وقت يطالب فيه الشعب بما لا طاقة لأحد به.. خصوصا أن المشاكل مزمنة.. يصعب على المدى القريب علاجها..بطالة متزايدة.. ضاغطة.. خدمات متدنية.. متراجعة.. أزمات تموينية حادة.. متفجرة.. انهيار متتال فى الاحتياطى النقدى يحتاج تعويضه إلى معجزة.. نقص فى مخزون السلع الاستراتيجية يهدد بالجوع وارتفاع الأسعار.. بخلاف الأحلام العريضة بالقضاء على العشوائيات ونقص المستشفيات وتهدم المدارس وضعف الأجور.

ولو كان الإخوان قد قادوا الناس إلى صناديق الانتخاب بما قدموه لهم من سلع ومال على سبيل الهبة فإن ذلك لن يكون فى صالحهم.. فالناس تنتظر منهم الكثير.. أن تتحول النفحة إلى خطة.. وبسرعة.. فقد نفد صبر الجميع.. ولو لم يتحقق ما يريده الناس فى الوقت المناسب.. وبالكم المطلوب فإن الانتكاسة والصدمة وفقدان الثقة ستكون هى النتيجة الوحيدة المتوقعة.

ويصعب أن تستجيب الحكومة الإسلامية القادمة (لو تشكلت) لكل ما وعدت الناس به.. رفعت به سقف توقعاتهم فصوتوا لمرشحيها.. فلن يكفى دعوتهم للهداية.. ولن يكون الحل فى الصوم وحفظ الأوردة.. فليس بالصلاة وحدها تعيش الشعوب.. ولو حكمها أولياء الله الصالحون.

ويزيد الطين بلة أن التشدد الدينى الذى ستلجأ إليه جماعات بعينها بدعوى التزمت الخلقى سيقضى على مهن كثيرة أو يسبب لها انكماشا فى أفضل الأحوال.. مثل السياحة التى تستوعب بطريقة مباشرة نحو خمسة ملايين وظيفة.. وتخلق بطريقة غير مباشرة مثل هذا العدد.. كما أن صناعة الملابس والترفيه والسينما لن تكون فى كامل لياقتها.. يضاف إلى ذلك الحلاقة.. فهى حرام فى حرام حسب فتاوى القنوات الدينية.

وفى حالة الفشل لن يكون أمام هذه التيارات سوى خلق قضايا وهمية لإلهاء الشعب عن مشاكله.. ربما تتفجر حوادث طائفية.. ربما تتفجر حوادث سلفية.. ربما تتفجر حوادث إجرامية.

وقد بدأ من اليوم التالى لإعلان نتائج المرحلة الأولى للانتخابات نزول جماعات سلفية متشددة للشوارع تطارد الفتيات حتى المحجبات.. وتعترض القبطيات.. وتهاجم غير المتنقبات. لكن فى الوقت نفسه لا يجوز الاستهانة بقدرة الإخوان وبراعتهم فى جذب استثمارات خارجية من دول إسلامية أعضاء فى تنظيمهم الدولي.. وستنزل هذه الاستثمارات لتشترى مشروعات جاهزة يمتلكها رجال أعمال مسجونون أو هاربون.. وقد تسربت معلومات عن رغبة مستثمرين ينتمون للجماعة فى شراء مصانع وشركات أحمد عز.. لكن.. لا أحد يعرف مزيدا من التفاصيل.




مرسى

التمويل : ملايين من مسيحيين مقابل مليارات من مسلمين

المشهد الثالث

من اللحظة الأولى فى هذه الانتخابات تغيرت خريطة القوى السياسية والحزبية.. فقد صعد السلفيون الذين لا يزيد عمرهم السياسى عن شهور قليلة لينافسوا بضراوة الإخوان المسلمين أصحاب التاريخ الطويل.. الممتد لنحو ثمانين سنة.. ووقف حزب الوسط بينهما حائرا..وهو ما تكرر على الجانب الليبرالى أيضا.. فالوفد الأكثر عراقة انكمش فى سباقه مع الكتلة الأكثر حداثة.. ورقصت باقى الأحزاب على السلم.

وأغلب الظن أن هذه الانقلابات الحادة ستجهز على شخصيات تصدرت المشهد العام من قبل.. وستجبرهم على الاعتزال.. والعودة للظلام.. وربما نجد الدكتور السيد البدوى وأنور عصمت السادات وحسام بدراوى على رأس القائمة.. وفى الوقت نفسه خلت الساحة لظهور نجوم جدد.. مثل عمرو حمزاوي.. وزياد بهاء الدين.. وأمين إسكندر.. وأكرم الشاعر.. عبد المنعم الشحات.. وعماد عبدالغفور.

وبينما اختفى الحزب الوطنى من الذاكرة فإن الأقباط قد تخلصوا من سلبيتهم الشهيرة.. ونزلوا بثقل مؤثر فى الانتخابات.. ربما لأول مرة منذ ثورة 1919.. ولعب نجيب ساويرس دورا مؤثرا.. وإن تسببت تصرفاته وتصريحاته أحيانا فى خسائر للكتلة المصرية.. وفى الوقت نفسه تدفقت تبرعات من رجال أعمال أقباط.. دفع أحدهم بمفرده 20 مليون جنيه.. لكن.. المبالغ التى دفعت على هذا الجانب كانت هزيلة قياسا بمئات الملايين التى أنفقها الإسلاميون.. وجاء بعضها من دول خليجية تخشى من عودة مصر لقوتها المركزية فى المنطقة.

مصير المجلس العسكرى :إما طلب إخوانى سلفى بمحاكمتهم وإما انقلاب فى الجيش عليهم



المشير يريد أن يدخل التاريخ باعتباره أول جنرال سيسلم الحكم لرئيس مدنى لكن السؤال: هل سيسلمه خراباً أم عماراً؟!

المشهد الثامن

المشهد الخامس

مصر مركز قيادة الحرب السنية على الشيعة الإيرانية

الإخوان سيحاكمون أعضاء المجلس العسكرى ليتخلصوا من قوة الجيش

فى السياسة وموائد الرحمن.. لا أحد يأكل وحده.. ولو حصلت الأحزاب الدينية على شرعيتها بالانتخابات، فإن هناك شرعية أخرى تنافسها هى شرعية الثورة التى أتت من ميدان التحرير ومهدت بدماء شهدائها طريق الديمقراطية والانتقال السلمى للحكم.. بجانب شرعية ثالثة هى شرعية المؤسسة العسكرية التى حكمت نحو ستين سنة.. وتؤمن بأن لها نصيبا فى الثمار التى ستجنى بحكم تدخلها لحماية الثورة وانحيازها لها حتى لو انقلبت عليها وشهَّرت بشبابها فيما بعد.. وهو ما خلق حالة ساخنة من العداء عند الطرف الآخر.. فطالب برحيلها.. وفى النهاية خسر الطرفان.

إن على سطح السلطة فى مصر الآن ثلاث قوى تبدو مختلفة إن لم تكن متصارعة.. قوة خرجت من صندوق الانتخاب.. وقوة تعرف كيف تستخدم المدرعات.. وقوة خرجت من الميدان.. ولا مفر من أن تتوافق هذه القوى فيما بينها.. وتشترك معا فى رسم خريطة المستقبل.. لكن.. ليس فى الأفق القريب ما يشير لتوحدها.. أو تقاربها.. أو تفاهمها.. بل إن علامات الصراع تبدو أشد.. وأخطر.. وهو ما يعنى أن عواصف المتاعب قادمة بالعنف والقسوة وعدم الاستقرار.. إن الفوضى التى لم تأت بالبلطجية يمكن أن تأتى بالديمقراطية.

والمؤكد أن المجلس العسكرى يريد تسليم السلطة للشعب.. بطريقة مدنية.. وسمعت من مقربين للمشير حسين طنطاوى أن الرجل يريد أن يدخل التاريخ باعتباره أول جنرال فى مصر يسلم السلطة لرئيس منتخب وبرلمان يعبر عن البشر.. لكن.. ذلك لا يعنى العودة للثكنات دون ضمانات وصلاحيات.. ولا نقول مكاسب ومميزات.. فلن يخرجوا من اللعبة بكل القوة التى يملكونها «يا مولاى كما خلقتني».

وقد حاولوا فرض حصانة وحماية لهم فى وثيقة المبادئ الدستورية (المعروفة إعلاميا بوثيقة السلمي) لكن كل التيارات السياسية (الدينية والليبرالية واليسارية والثورية) رفضت.. فسحبت الوثيقة.. والأدق الآن بعد الانتخابات أن نقول إنها ماتت ودفنت.. وهو ما يعنى أنهم يشعرون بالقلق على مستقبلهم.. وهو قلق مشروع ولو لبعض الوقت.. سيضاعف من تحفزهم.. وسيزيد من تدخلهم.. وسيهدد فى النهاية بقلب المائدة على من يتصدرها.. ويتحكم فيها.

والغريب أن الجنرالات لم يسعوا إلى ضم الثوار إليهم.. لتزيد قوتهم العسكرية بالشرعية الثورية.. بل على العكس.. بادروا الثوار بالعداء.. اعتقلوهم.. وحاسبوهم.. وتجاهلوهم.. واتهموهم بالعمل لحساب جهات خارجية.. أجنبية.

ونال الدكتور محمد البرادعى النصيب نفسه من الاتهامات.. فهو بالنسبة للسلطة القائمة رجل الأجندة الأمريكية الذى لا يمكن التفاهم معه.. أو القبول به.. وإن كانت فى الحقيقة تخشاه.. وتفضل عنه رجلا مثل كمال الجنزوري.. رئيس حكومة تفصيل.. حسب الطلب.. مهما قيل عن صلاحياته.. وربما كان ذلك السبب الذى جعل الإخوان يتحمسون له ويرفضون عمرو موسى رئيسا للحكومة قبل أن يرفض هو بنفسه.. أما حازم الببلاوى فقد عرض عليه المنصب لكنه قال إنه يحتاج إلى وقت ليعرض الأمر على زوجته ويأخذ رأيها فلم ينتظره أحد.

والأكثر غرابة أن الأحزاب الدينية خانت الثورة.. وأعطت ظهرها للثوار.. وكأن دورهم قد انتهى بما فعلوا.. أو كأن قوتهم قد تبددت بضعف مليونياتهم الأخيرة.. وهى حسبة خاطئة.. فالثوار الذين خرجوا من الميدان بلا «حمص» لن يتركوا ثأرهم.. ولو فشلوا فى حشد المليونيات فإنها سيلجأون إلى الميليشيات.. ليصبح العنف هو الطريق الوحيد المفتوح أمامهم كى يواصلوا ثورتهم وينتقموا لشهدائهم.. ولو بأحزمة ناسفة.

ولو كان المجلس العسكري، لقلة خبرته السياسية، قد منح الإخوان فرصة عمرهم بوضع البرنامج السياسى المريح لهم فإنه قد شعر بالندم على ذلك ولكن متأخرا.. وإن لا يزال يرى أن الفرصة سانحة لتعويض ما سببه من أضرار مباشرة لباقى القوى ولنفسه أيضا.. وللبلاد كذلك.. فقد أدرك متأخرا أن الإخوان لا يوفون بعهودهم.. ويصعب الوثوق فى كلامهم.. ومن ثم سيقاتل فى معركته الأخيرة بضراوة وشراسة ربما يكون قادرا عليهم هذه المرة.. فلو لم ينجح سوف يجد أعضاءهم أنفسهم أمام محاكمات يدبر الإخوان فيها الاتهامات ليتخلصوا من القوة الوحيدة القادرة على الوقوف فى وجوههم.

لقد صرح بعض قيادات التيار الدينى بأنهم مستعدون لغفران ما سبق للمجلس العسكري.. وهو ما يعنى أن من يسامح يقدر أن يعاقب.. ومن يغفر من حقه أن يحاسب.

لا مفر من نضج القوى الثلاث المؤثرة فى مصر.. الثائر.. والجنرال.. والمرشد.. لا مفر من التوافق بينهم.. ولو تصور واحد منهم أنه الوحيد الذى يمتلك الشرعية مهما كان مصدرها.. الوحيد الذى له حق الانفراد بالسلطة فإن العنف سيتفجر بالدم.. وعدم الاستقرار سيأتى بالفوضي.

لا أحد يمكن أن ينفرد بوضع الدستور أو تشكيل الحكومة أو فرض إرادته وهويته وخطته على الشعب.

لم يعد الغرب مهتما بملفات الإرهاب.. استنفدت هذه اللعبة أغراضها.. وانكفأت دول أوروبا والولايات المتحدة على مشاكلها الاقتصادية المؤلمة.. تبحث عن حلول مناسبة تنقذها من الانهيار.

والولايات المتحدة بالذات ترى أن المعركة القادمة ستكون مع الصين.. وقد بدأها أوباما بتصريحات منذ شهرين أعلن فيها تنكره لحرية التجارة.. وطالب بحماية جمركية للصناعة الأمريكية كى تخف نسب البطالة.. رافعا شعار «اشترى سلعة أمريكية توفر وظيفة أمريكية».

وبخلاف النفط فى الخليج والسعودية.. والتخوف من توسع النفوذ الإيرانى للسيطرة على مناطق الآبار الحيوية لن يحفز الولايات المتحدة لغزو إيران عسكريا.. ولو كانت إسرائيل جاهزة لتلعب دورا مباشرا.. كل ما تتحمس له واشنطن هو المقاطعة الاقتصادية بجانب تنشيط الصراعات المذهبية بين الشيعة هناك والسنة فى مناطق الجيرة الخليجية والسعودية.. ليمتد نفوذ السنة المشارك فى هذه الحرب الإسلامية- الإسلامية إلى مصر.. بل إن مصر ستصبح مقر القيادة المركزية لهذه الحرب.. وهو ما يفسر المليارات التى أنفقتها السعودية وقطر على الانتخابات كى يفوز بها سلفيون اعترفوا علنا بتلقى الملايين.

لقد استغل الغرب الإسلام عندما اتهمه بالإرهاب.. وقسَّم المسلمين إلى معتدلين ومتطرفين.. وهو يكرر نفس اللعبة لكن بتقسيمات مختلفة.. شيعة وسنة.. ولن تتوقف هذه الحرب الأهلية المذهبية ما لم نستوعب هذه المؤامرات المعروفة والمنشورة.. لكننا كالعادة لا نقرأ.. وإذا قرأنا لا نصدق.. وإذا صدقنا لا نستوعب.. وإذا استوعبنا لا نتحرك.


المشهد التاسع

الإخوان : البداية مع الليبراليين والنهاية مع السلفيين

مهما أبدى الإخوان حماسا للدولة المدنية.. ومهما أعلنوا إيمانهم بالحريات الشخصية.. ومهما سعوا للتحالف مع قوى ليبرالية فإنهم سيجدون أنفسهم فى طريق مسدود أمام الوهابية السلفية التى ستضع الجميع فى حرج.. وربما تجبرهم على العودة للتشدد.. فعندما يدخل الدين فى السياسة لا يكسب المعتدل وإنما يكسب المتطرف.

لو وقف الإخوان بين الليبراليين والسلفيين سينحازون للفريق الأول.. لكنهم سرعان ما ينقلبون عليه عندما يجدون أن الفريق الثانى يزداد قوة وشعبية وتوسعا.. ساعتها سيخرج منافسا لهم.. ولو ألقى بماء النار على وجوه الناس فى الشوارع.

الدستور.. المعركة القادمة بين الإسلاميين والعسكريين والليبراليين

المشهد السادس

الجريمة التى ارتكبها البعض ولم يقدر على منعها البعض الآخر هى جريمة إجراء الانتخابات قبل وضع الدستور.. فالدستور يحدد قواعد اللعبة الديمقراطية.. بما فى ذلك انتقال السلطة عبر صندوق الانتخاب.. ودونه يمكن أن تأتى الانتخابات بفصيل سياسى يضع بنفسه الدستور وينص عليه ما يضمن له بقاءه فى السلطة إلى يوم الدين.

الجريمة التى سيحاسب التاريخ عليها طارق البشرى ستكون سببا مباشرا فى صدام قادم لا محالة.. فالأحزاب الدينية لو حصلت على الأغلبية ستصر على أن تكون لها اليد العليا فى وضع الدستور.. وستتجاهل أن الدساتير توضع بالتوافق وليس بالأغلبية.. لكنها.. ستتجاهل ذلك.. وستحاول تفصيل الدستور على مقاسها وأفكارها وتصورها للشريعة.. وساعتها ستتهم من يختلف معها بالكفر والخروج على إجماع الأمة.

ولو كان المجلس العسكرى قد عجز عن فرض وثيقة المبادئ الدستورية وقواعد اختيار لجنة الدستور قبل تفوق الأحزاب الدينية فى الانتخابات فكيف سيقدر على ذلك ومؤشرات التفوق فى النتائج لصالحها؟

هنا.. ستكون معركة القوى السياسية غير الدينية.. بجانب المجلس العسكري.. وشباب الثورة.. فالديمقراطية التى نتقبل نتائجها لا تعنى أن يضع طرف دون غيره شروط اللعبة.. وإلا وصفت بالديموكتاتورية.. أى الديمقراطية التى أدت إلى الديكتاتورية.. وفى هذه الحالة يكون صندوق الانتخابات مجرد وسيلة نقل حُرقت بعد أن أوصلت أول راكب إلى الحكم.. وهو بالتحديد ما حدث فى غزة.. حيث فازت حماس بأغلبية شكلت الحكومة.. لكنها.. لم تقبل بانتخابات جديدة.. وبقيت على قلب الفلسطينيين مثل حجر ثقيل لا يتزحزح.

إن معركة الدستور هى المعركة الفاصلة بين فصائل القوى الوطنية والإسلامية.. بعدها.. سيكشف الجميع النقاب المستتر وراءه.. لتظهر الوجوه على حقيقتها.. والسلوكيات على طبيعتها.

وهناك شك لم يتبدد بعد عن شىء ما يضمره الإسلاميون سيضعونه فى الدستور القادم لم يفصحوا عنه بعد.. وإلا لماذا لم يوقّعوا على وثيقة المبادئ الدستورية وهى مبادئ لا يختلف عليها اثنان لأنها تتعلق بالحريات العامة والمساواة بين المواطنين وعدم التمييز.. وهى نفسها مبادئ تفرضها المواثيق والمعاهدات الدولية الموقعة عليها مصر.. ويجب احترامها سواء نص عليها الدستور أو لم ينص. وما لا نتخيله فى هذا المشهد هو مدى قوة المجلس العسكرى بكل صلاحياته الرئاسية المخولة له بحكم الإعلان الدستورى ؟.. هل سيستمر فى حالة الضعف التى جعلت التيارات الدينية تأكله لحما ثم تلقى به عظما ؟.. أم سيدافع عن وعده بفرض الدولة المدنية التى يؤمن بها ويرى أن مهمته القادمة هى الدفاع عنها؟.. هل سيقدر على جولة جديدة من المواجهة أم سيسلم نفسه لما سيضعه فى السجن أو يحيله إلى التقاعد ؟.

إن المؤسسة العسكرية لا تزال تتمتع بتأييد شعبى جارف.. فهى تمثل المدرسة الوطنية المنتصرة والحامية.. لا تزال تحظى بأغلبية شعبية لدى الرأى العام.. وصلت إلى تسعين فى المائة أحيانا.. وعندما هبطت لم تنزل عن سبعين فى المائة.. بجانب سيطرتها على قطاعات لابأس بها من الإعلام الرسمى الذى ألقى اللوم على المتظاهرين عندما طالبوا برحيل المجلس العسكرى.. باختصار حان الوقت للمشير ورجاله بكل ما يملكون من صلاحيات وسلطات أن يثبتوا أنهم يحمون الشرعية الديمقراطية بعد حمايتهم للشرعية الثورية.


على المسرح السياسى تتصارع ثلاث قوى لم تتفق معاً حتى الآن:

1

مؤسسة عسكرية تخشى على مصالحها وتتحمس للدولة المدنية

المشهد العاشر

مصر دولة إسلامية على الطريقة الباكستانية

المشهد السابع

الحكومة الإسلامية فى مصر الخطوة الأولى فى مخطط تقسيمها

2

بدأت الثورة الإيرانية ثورة شعبية وانتهت حكومة قمعية.. تكمم الأفواه.. وتقطع الألسنة.. وتسحل المعارضين.. وتجرم التظاهر.. وتقتل دون حساب أو عقاب.

لكن.. هذا النموذج لا يثير حماس التنظيمات والجماعات الإسلامية فى مصر.. على الأقل لطبيعة الخلافات المذهبية الحادة بين السنة هنا والشيعة هناك.

ورغم حالة إعجاب الإسلاميين المصريين بالتجربة التركية فإنهم فزعوا منها عندما أعلن أردوجان وهو فى القاهرة أن حكومته علمانية.. ساعتها سقطت لافتات الترحيب به.. وخفتت شعبيته.. ولولا الحياء لودعوه بالبيض والطماطم والحجارة.

ليس هنا صفات غير إسلامية تميز ديمقراطية دول إسلامية مثل ماليزيا وإندونيسيا عن غيرها من الدول الديمقراطية.. فهى دول برلمانية علمانية.. يصلى الناس فيها وراء الشيوخ.. لكنهم يتبعون زعماءهم.

النموذج المرشح للحكم الإسلامى فى مصر هو نموذج الدولة الباكستانية.. حيث يسيطر الإسلاميون على البرلمان.. وأحيانا الحكومة.. ويسيطر الجيش على الرئاسة.. بمساندة مباشرة من الولايات المتحدة الأمريكية.

وليس هناك ما يمنع أن يواصل الأمريكيون دعم الجيش المصرى بتدفق المعونة العسكرية إليه رغم ما يبدو على السطح من اعتراضات لبعض رجال الكونجرس.. فلاتزال مصر دولة محورية يجب الحفاظ عليها.. ووضعها فى المخزون الاستراتيجى اللازم لحماية المنطقة.

ولو كان المشير حسين طنطاوى لا يريد الاستمرار فى السلطة فإن خليفته يجب أن يتمتع بقوة مناسبة تتوازن مع قوة الإسلاميين.. وإلا جاء غيره ولو بانقلاب عسكرى كما حدث فى باكستان وقت حكم برويز مشرف.

ولو كان المجلس العسكرى قد تعهد بعدم تقديم مرشح رئاسى من جانبه، فإن ذلك لا يمتد لمرشح رئاسى كان واحدا منهم فيما قبل.. وهنا نتوقع صعود نجم الفريق أحمد شفيق.. ليكون حصان الرهان العسكرى بجانب ما يعرف عنه من موهبة الإدارة وقت أن أصبح وزيرا مدنيا.. وإن لم تتح الفترة القصيرة التى قضاها رئيسا للحكومة أن تؤكد هذه المواهب.

وقد كانت هناك خلافات قديمة بينه وبين المشير ترجع لوقت حكم مبارك الذى كان يميل لزرع الفتنة بين رجاله ليسيطر عليهم.. لكن.. من المؤكد أن هذه الخلافات تلاشت كما تلاشت الخلافات السابقة بين المشير وعمر سليمان أيضاً.

إن النموذج الباكستانى الأقرب لطبيعة الإسلاميين والعسكريين فى مصر سيوفر نظاما رئاسيا يتسم بالقوة بجانب حكومة برلمانية تأتى بالانتخاب.. وتذهب بالانتخاب.. كل خمس سنوات.

ثوار خرجوا من الميادين بلا«حمص» ومستعدون لتفجير أنفسهم بأحزمة ناسفة


مع الجحيم السلفى الذى سيوضع فيه المصريون إلى حد الشواء، فإن المشكلة القبطية ستخرج من مستوى الاعتداء الفردى على الكنائس والأقباط لتصل إلى مستوى أخطر فيه اضطهاد معلن لهم.. سيكون سببا فى حرب أهلية.. يمكن أن تنتهى بتدخل دولى وتقسيم للأرض.. وقيام أكثر من دولة فى مصر.

ربما يعد هذا التصور سابقا لأوانه.. ربما يحدث بعد سنوات طويلة.. لكنه سيحدث سيحدث.. فلم يحكم إسلاميون دولة إلا وسعوا لتقسيمها.. والسودان مثال حى لم يختف من الذاكرة القريبة.. والعراق مثال سابق عليها.

وليس هناك ما يمنع من قيام دولة فلسطينية فى سيناء.. وهو مخطط إسرائيلى يقوم على أساس أن الأمة الإسلامية كيان واحد.. فلا فرق بين مسلم فلسطينى يعيش فى سيناء ومسلم مصرى يعيش فى غزة.

3

أحزاب إسلامية حصلت على شرعيتها من صندوق الانتخابات

مشهد الختام

دعاء إلى الله

اللهم لا نسألك رد القضاء وإنما نسألك اللطف فيه.

■ النموذج الباكستانى.. رئيس عسكرى يسانده الأمريكيون وحكومة إسلامية تتصارع معه ولا يتفقان إلا على محاربة الشيعة فى إيران ■ 350 ألف ثرى مصرى تركوا البلاد منذ يناير الماضى وحملوا معهم 7 مليارات من الدولارات ■ 12500 مصرى حصلوا على الجنسية التركية من محاكم الحريات الدينية بسبب شريط الشيخ يعقوب..70% منهم مسلمون والباقى أقباط ■ دول أوروبية تعرض على المصريين الإقامة مقابل شراء شقة أو وديعة فى بنك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.