لم ينكر أحد من الصحفيين الذين وردت أسماؤهم فى قائمة الجمعية العمومية لصحفيى الإخوان حقيقة هذه القائمة إلا الزميل ممدوح الولى المرشح نقيبا للصحفيين، إذ إنه عبر رد مطول - 1700 كلمة - تطرق فيه لموقفه من الجريدة وإنجازاته النقابية التى لم ينكرها أحد عليه .. ثم إلى مسألة انتمائه للجماعة، وهو محل اهتمامى هنا.. لأنه ما تطرقت إليه بالفعل. يقول الولى إن الجريدة خصصت أربعة أعمدة بعنوان «جنود المرشد فى انتخابات نقابة الصحفيين»، بينما لم يرد بمحتوى الموضوع من الأدلة على ذلك ، سوى الزعم بوجود قائمة بأسماء الجمعية العمومية للصحفيين ورد فيها اسمى ، حيث يمكن لأى شخص فبركة قائمة تضم أسماء معينة للدلالة على أمر غير حقيقي». ويضيف الولى: «وحتى بافتراض صحة القائمة المنشورة فهل أنا مسؤل عن قيام شخص بوضع اسمى فى قائمة تخص نشاطا معينا؟ أم أن كاتب الموضوع كان ينبغى أن يدعم موضوعه، بما يؤكد زعمه من خلال نشر وقائع تؤكد ما نشره مثل حضورى لفعاليات معينة للإخوان أو مشاركتى فى أنشطة محددة لهم خلال السنوات الماضية ». وهو أمر قد يكون للولى حق فيه، لكن ما ليس من حقه أن يشكك فى الوثيقة أو يدعى أنها مفبركة، فإذا كان هو ينكرها، فقد أكدها أكثر من صحفى ينتمى لجماعة الإخوان، بل وأقروا أن الجماعة بالفعل تجمع صحفييها الذين يعملون فى الصحف المختلفة فيما يشبه التنظيم الداخلى، وهو بمثابة جمعية عمومية للصحفيين الإخوان. وقد يكون الولى صادقا فى أنه لم يشارك فى فعاليات إخوانية معينة، لا ندوات ولا مؤتمرات، ولذلك كان توصيفه داخل القائمة أنه غير ملتزم تنظيميا، وقد أكد لى بعض الصحفيين الإخوان، أن الولى كان من بين أبناء الجماعة أثناء دراسته الجامعية .. وكان عضوا نشطا ونشيطا للغاية، بل كان من بين أبناء الجماعة الواعدين، لكنه وبعد أن عمل بالصحافة خفت علاقاته وصلاته بالجماعة.. وقد يكون هذا مفسرا لإلحاقه بالجماعة فى كل مناسبة... فجذره إخوانى.. لكن السيقان ليست كذلك. يعلن الولى فى رده تبرؤه من جماعة الإخوان تماما يقول: «أكرر ما قلته لرؤساء تحرير سبع صحف ومجلات هى: المصرى اليوم والأخبار وأخبار اليوم واليوم السابع والمصور وأكتوبر وروزا اليوسف، أن لى رصيدا من مئات المقالات المنشورة فى الداخل والخارج، وخمسة كتب اقتصادية واجتماعية ، وأكثر من أربعين بحثا فى المجالات الاقتصادية والاجتماعية، وأكثر من مائة محاضرة ألقيتها فى كثير من المحافظات، وأنشطة نقابية خلال ثمانى سنوات عضوا بمجلس نقابة الصحفيين وأربع سنوات بعدها، حيث طلبت منهم البحث فى ذلك الإنتاج الصحفى والفكرى والأنشطة النقابية، للإتيان بدليل يشير الى انحيازى الى أى تيار سياسى أو دينى خلال تلك السنوات منذ التحاقى للتدريب بجريدة الأهرام عام 1983 وحتى الآن. ويضع ممدوح الولى أيدينا على سر وصمه بانتمائه للإخوان قائلا: «لقد ظهرت نغمة ادعاء البعض بانتمائى للإخوان فى دورة انتخابات النقابة عام 1999، ورغم ذلك حصلت على المركز الثالث فى الأصوات، وظللت أربع سنوات كانت كفيلة أمام الجمعية العمومية للصحفيين للتأكد من انحيازى لهموم الجماعة الصحفية، مما جعلها تتوجنى بشرف الحصول على أعلى الأصوات فى انتخابات 2003 ، ولو كنت كما تقول إننا جنود المرشد فى النقابة لكنت قد رشحت نفسى فى انتخابات 2007، والتى اعتذرت عنها رغم شعبيتى المرتفعة بين الزملاء ، بينما نجح فيها غيرى بصعوبة بالغة. والطريف أن المجموعة اليسارية التى ترفع اليوم شعار اتهامى بالانتماء للإخوان، وهو شرف لا أدعيه هى نفسها الى حشدت أفرادها على جميع لجان التصويت فى انتخابات 2003 زاعمة أننى ضمن جوقة التطبيع بسبب تخصصى فى متابعة الاقتصاد الإسرائيلى تحت شعار «اعرف عدوك». ويكمل الولى إثبات أنه ليس إخوانيا بقوله: لن أستشهد بقيامى بتنظيم حفل غنائى لصالح صندوق التكافل بالنقابة شاركت فيه المطربة أصالة وحكيم وبهاء سلطان، ولكنى أستشهد بمشاركتى بعدة أوراق بحثية اقتصادية فى مركز بحثى يتبع جهة سيادية قبل الخامس والعشرين من يناير، وكثيرا ما اشتبكت خلال تلك الندوات البحثية مع الدكتور على الدين هلال، ولا أتصور أن تلك الجهة كانت ستدعو شخصا قبل الثورة ينتمى للإخوان للمشاركة فى ندوات مغلقة مقصورة على الخبراء، يتم خلالها استعراض أدق البيانات الاقتصادية. لكن القائمة التى أنكرها الولى مبعدا عن نفسه شبهة الإخوانية أكدها الزميل قطب العربى وهو العضو العامل فى الجماعة كما أشارت الوثيقة، العربى أكد أنه إخوانى ولا ينكر ذلك تماما، لكنه كشف أيضا أن الجمعية العامة للإخوان تجتمع قبل كل انتخابات لتستقر على أسماء مرشحيها فى هذه الانتخابات، لأن صحفيى الإخوان يدعمون المرشحين ماديا ومعنويا فى حملاتهم الانتخابية، ولذلك من حقهم أن يكون لهم رأى فى اختيار هؤلاء المرشحين. وقد حدث أن الصحفيين الإخوان نزلوا انتخابات النقابة أكثر من مرة بأشخاصهم دون أن يعلنوا عن هوياتهم الإخوانية، وكان مفروضا أن يحدث هذا أيضا هذه المرة، لكن خبرا نشر عن طريق الخطأ جاء فيه أن الجماعة ترشح خمسة من الصحفيين فى انتخابات النقابة، فأصبح الأمر معروفا لدى الجماعة، ولم يحاول الصحفيون أن يقوموا بنفيه، لأن إنتماءهم للجماعة ليس سبة. كان محيرا بالنسبة لى أن يكون لصحفيى الإخوان جمعية عمومية، لكن قطب العربى أشار إلى أن هذا أمر عادى، فالجماعة تراعى أن أبناءها ينتمون لمهنة تغلب عليها الأضواء، ويمكن أن يتعرض بعضهم إلى فتنة هذه الأضواء، فتقوم الجماعة من خلال بعض الشخصيات القيادية بها فى جمع الصحفيين الإخوان بجلسات يمكن أن نطلق عليها جلسات إعادة التوازن الروحى، وهى جلسات يغلب عليها الطابع التربوى المعروف عن جماعة الإخوان المسلمين... كما أنها لا تخلو كذلك من جانب تثقيفى يحتاجه الصحفى فى عمله، خاصة أن الجماعة تنظر إليه على أنه رسولها داخل النخبة المثقفة والذى يحمل مشروع نهضتها إليها. أهم ما قاله قطب العربى أن جماعة الإخوان المسلمين تفكر الآن أن ترفع يدها عن النقابات المهنية وألا تدخل انتخاباتها بعد ذلك، ويمكن أن يتم هذا خلال خمس سنوات من الآن. الجماعة لن تفعل ذلك - فيما يبدو - زهدا فى النقابات المهنية، لكن لأنها أصبحت الآن تمتلك حزبا سياسيا ويمكن من خلاله أن تمارس دورها السياسى دون الحاجة إلى النقابات.