شدد وزير القوى العاملة والهجرة الدكتور أحمد البرعي على أهمية تحقيق التنمية الشاملة في الدول العربية من خلال إرساء العدالة الاجتماعية، مشيرا إلى أن التنمية الاقتصادية لم تعد كافية لتحقيق آمال الشعوب. جاء ذلك خلال افتتاح الملتقى العربي الثالث الذي عقد اليوم الثلاثاء بالقاهرة تحت شعار "المسئولية الاجتماعية لمؤسسات القطاع الخاص في الوطن العربي..دور المسئولية الاجتماعية في التنمية"، بحضور الدكتور صفوت النحاس رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة ورئيس إتحاد جميعات التنمية الإدارية، والدكتور رفعت الفاعوري مدير عام المنظمة العربية للتنمية الإدارية، إلى جانب السفير محمود راشد غالب مدير إدارة مرصد المجتمع المدني بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية. وأكد البرعي - في كلمته أمام الملتقى الذي يعقد برعاية الأمين العام لجامعة الدول العربية - أن مصر حققت خلال السنوات الماضية تنمية اقتصادية وصلت في بعض الأحيان إلى 7ر6 \%، لكنه أشار إلى أن الغرب لم يعد يعطى الأولوية حاليا للتنمية الاقتصادية فقط لأنها ليست كافية، وإنما يركز على التنمية الشاملة. وقال إن "الثورة الاجتماعية في مصر لم تبدأ في عام 2011 كما يعتقد البعض، لكنها انطلقت بعمق في اضرابات مدينتي المحلة وكفر الدوار في عام 2005"، مطالبا بوضع حد أدنى للمعيشة والأجور، فضلا عن توفير الحد اللازم للتعليم والمساواة بين مختلف طوائف الشعب. وأضاف في هذا الصدد "نحن بعيدون عن العدالة الاجتماعية التى حثنا عليها الإسلام"، مؤكدا أن العدالة الاجتماعية تجاوزت حدود المسئولية لتصبح ضرورة قصوى لإنقاذ المجتمعات العربية. وقال إن العالم العربى لم يعد يحتمل أن تصبح توصيات المؤتمرات مجرد حبر على الورق، محذرا فى الوقت نفسه من أن يتحول الربيع العربي إلى "خريف عربي".ومن جهته، أكد الدكتور صفوت النحاس رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة ورئيس إتحاد جميعات التنمية الإدارية في كلمته أمام الملتقى العربي الثالث للمسئولية الاجتماعية - أن المسئولية الاجتماعية للشركات ليست عملا خيريا فقط، بل هي استثمار في المجتمع لتحقيق التنمية المستدامة من خلال تأهيل العاطلين عن العمل والمساهمة في بناء المدارس والمراكز الصحية ودعم البحوث والدراسات العلمية. وشدد النحاس على ضرورة قيام القطاع الخاص بدور فاعل في تنمية المجتمع، موضحا أن هذا الأمر يتطلب وضع آليات ضمن الإطار الأخلاقي والاجتماعي الذي ينعكس إيجابيا على مختلف فئات المجتمع. وطالب النحاس بضرورة إيجاد ثقافة عامة حول أهمية المسئولية الاجتماعية للشركات وفوائدها العامة بشأن التنمية المستدامة، داعيا إلى تنظيم مسابقة سنوية على مستوى الوطن العربي لتكريم الشركات ذات المسئولية الاجتماعية وإيجاد تشريعات تساعد على ذلك. وأكد أن المنظمة العربية للتنمية الإدارية يمكنها بالتعاون مع الأجهزة المعنية بالدول العربية، إعداد البرامج التدريبية بهدف تعزيز المسئولية الاجتماعية للمؤسسات في العالم العربي، إضافة إلى المبادرات الخاصة بالمسئولية الاجتماعية للمؤسسات الوطنية والمحلية والأكاديمية والحكومية، فضلا عن منظمات المجتمع المدني. وأعرب عن تفاؤله إزاء مستقبل المسئولية الاجتماعية للشركات، منوها بأن هناك كثيرا من المؤسسات بدأت تتبنى مبادرات المسئولية الاجتماعية من خلال انشاء وحدات لهذا الغرض، وتخصيص وحدات لقياس الأثر الاجتماعي الناتج عن المسئولية الاجتماعية وتعميم النتائج على جميع القطاعات. وطالب النحاس - في ختام كلمته - بضرورة وضع آلية تهتم بمتابعة تنفيذ كافة التوصيات التي يخلص إليها الملتقى، مؤكدا أن تخصيص ما يسمى "صندوق المسئولية الاجتماعية"، يعد من أهم آليات عمل الشركات لتحقيق المسئولية الاجتماعية، فضلا عن تخصيص شهادة أشبه بشهادة الأيزو تمنح للشركات التى تسهم بفاعلية في تنفيذ برامج المسئولية الاجتماعية. ودعا النحاس المنظمة العربية للتنمية الإدارية إلى تنظيم مؤتمر سنوي دولي عربي للمسئولية الاجتماعية للشركات لمناقشة أفضل الممارسات العربية والدولية في هذا الصدد، إلى جانب إيفاد بعثات للخارج للحصول على درجات الماجستير والدكتوراة في مجال المسئولية الاجتماعية.ومن جهته، أكد السفير محود راشد غالب مدير إدارة مرصد المجتمع المدني بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية - في كلمته أمام الملتقى العربي الثالث للمسئولية الاجتماعية - أن هذا الملتقى يعقد في توقيت مهم في ظل المستجدات الجارية على مستوى العالم أجمع. وأكد أن العدالة الاجتماعية التي كانت شعار ثورتي يوليو و25 يناير، تعد مطلبا إنسانيا يحتم ضرورة وجود سلام اجتماعي وانتماء للوطن، مشيرا إلى أنه لا يمكن الحديث عن اقتصاد مزدهر دون التطرق للتنمية الاجتماعية. ولفت إلى عقد مؤتمر في ديسمبر القادم لمواجهة المشكلات التي نتجت عن غياب العدالة الاجتماعية، مثل مشكلة البطالة التى تعد أحد الأسباب الرئيسية المحركة للانتفاضات في الشارع العربي. ومن جانبه، أشار دكتور رفعت الفاعوري مدير عام المنظمة العربية للتنمية الإدارية إلى أن المنظمة ستقوم خلال عام 2012 بتنظيم أكثر من 20 نشاطا يتناول المسئولية الاجتماعية وتأهيل المؤسسات وتوعيتها في هذا الشأن. ولفت إلى أن اهتمام المنظمة وشركائها بالمسئولية الاجتماعية لمؤسسات القطاع الخاص تحول من دائرة الصدفة والإحسان إلى دائرة التنمية الاجتماعية الشاملة القائمة على المنافع المتبادلة والسلوك القانوني والأخلاقي القويم بين الشركات الكبرى والمجتمعات التي تعمل فيها وتتأثر بأنشطتها. وقال الفاعوري إن العولمة كانت لها افرازات سلبية على دول العالم الثالث، لاسيما التوسع الكبير في التجارة الدولية والعلاقات المالية المتشابكة، الأمر الذي مكن الشركات الكبرى العابرة للقارات من التأثير على السياسات الاقتصادية والاجتماعية. وأشار الفاعوري في هذا الصدد إلى أن شعوب الدول النامية استشعرت هذا الخطر قبل حكامها وبدأت تتخذ من المواقف الجماعية ما هو كفيل بعودة الأمور إلى نصابها وأن تنال المجتمعات حقوقها دون المساس بحقوق المستثمرين في هذه الشركات. وأكد الفاعوري - في ختام كلمته - استمرار جهود المنظمة لتحقيق النفع للمجتمعات والشركات، مشيرا إلى أن الملتقى الرابع لن يركز على نشر مفاهيم وثقافة المسئولية الاجتماعية فقط، وإنما على بناء القدرات والمهارات والكوادر الكفيلة بتحقيق هذه الأهداف.