قال ضابط اسرائيلي امس انّ التوتر عند الحدود الاسرائيلية - المصرية اكبر من التوتر عند الحدود الاسرائيلية – اللبنانية وان التخوف هو من قيام مسلحين بالتسلل من سيناء واسر جندي اسرائيلي فيما تم امس الاول اطلاق النار من سيناء باتجاه دورية عسكرية اسرائيلية. ونقل موقع (واللا) الالكتروني الاسرائيلي عن الضابط المتواجد عند الحدود الاسرائيلية - المصرية قوله ان الاجواء هنا اكثر توترا على الحدود اللبنانية، ويوجد هنا حرص على تنفيذ التعليمات، ونحن نتحرك تحت حراسة ودروع دائمة ولا نخلع الخوذة رغم الحر، ويوجد تخوف كبير هنا من عمليات اختطاف.
وذكرت تقارير صحافية ان قوة تابعة للجيش الاسرائيلي تعرضت امس الاول لاطلاق النار من جهة سيناء بالقرب من موقع هجمات ايلات التي وقعت قبل شهر تقريبا.
واضافت التقارير ان القوة الاسرائيلية لم ترد باطلاق النار، وانه لم تقع اصابات بهذا الحادث لكن تم اجراء عمليات تفتيش بمحاولة لاقتفاء اثار مطلقي النار. وقدّر ضابط بقيادة الجبهة الجنوبية للجيش الاسرائيلي، بحسب صحيفة 'هآرتس' ان اطلاق النار على القوة العسكرية الاسرائيلية امس غايته فحص مدى جهوزية القوات الاسرائيلية والقوة سمعت صوت اطلاق النار وهناك تقارير متناقضة عن مشاهدة شخص يغادر المكان، ونحن لا نستبعد امكانية ان الحديث يدور عن محاولة لفحص جهوزية القوات وشكل رد فعلها.
واضاف الضابط ان الانذار حول نية مسلحين بتنفيذ هجوم ما زال قائما. يذكر انه عقب هجمات ايلات قال وزير الجبهة الداخلية الاسرائيلي متان فيلنائي انّ خلية تابعة لحركة الجهاد الاسلامي تخطط لهجوم ضد اهداف اسرائيلية، بينما اصدر رئيس اركان الجيش الاسرائيلي بيني غانتس تعليمات بتعزيز القوات عند الحدود بين اسرائيل ومصر وبين اسرائيل وقطاع غزة.
على صلة، رأى الخبير في شؤون الشرق الاوسط، البروفيسور ايال زيسر، انّه في الوقت الذي تقوم فيه الحكومة التركيّة بتأليب الرأي العام المحليّ ضدّ اسرائيل وتُحرضه ضدّ تل ابيب، فانّ الوضع في مصر يختلف، ذلك انّ الحكومة المصريّة والمجلس العسكريّ الاعلى يعملان بكل ما اوتيا من قوة بهدف اخماد نيران اضرام النار في سفارة تل ابيب في القاهرة، وذلك ضمن سلسلة الخطوات التي تعمل القيادة المصريّة على اخراجها الى حيّز التنفيذ بهدف الحفاظ على اتفاق السلام مع الدولة العبريّة، على حد تعبيره. نوه الى انّ الحكومة والمجلس العسكريّ لا يتصرفان على هذا النحو لانّهما يرغبان اسرائيل، انّما ما يدفعهما اولا واخيرًا هو الحفاظ على المصالح المصريّة، وعليه فانّ السؤال المركزيّ الذي يواجهه صنّاع القرار في القاهرة اليوم هو ليس هل اقتحام السفارة هو بداية نهاية اتفاق السلام، انّما مستقبل الدولة المصريّة، وبكلمات اخرى، قال زيسر، من يحكم مصر اليوم والى اين يريدون انْ يصلوا بهذه الدولة.
وتساءل البروفيسور الاسرائيليّ: هل الرعاع في مصر هم الذين يديرون شؤون البلد، ليس فقط في قضية العلاقات مع اسرائيل، انّما في قضايا اخرى، امْ الحكومة المصريّة الحاليّة امْ الحكومة التي سيتم انتخابها
وبرأيه، فقبل كل شيء، فانّ المشكلة تمكن في انّ الحكومة المصريّة تواجه مشكلة عويصة وهي تدبير الطعام ل86 مليون مصريّ، بمن فيهم الرعاع الذين هاجموا السفارة، وقضيّة اطعام المصريين وتوفير الاكل لهم مشروطة الى حد كبير باتفاق السلام مع الدولة العبريّة ومع تدهور العلاقات معها، على حد تعبيره
والشيء بالشيء يذكر، اضاف زيسر، قائلا انّ قدرة مصر على جلب الاستثمارات الخارجيّة من الحكومات الاجنبيّة ومواصلة الحصول على اموال المساعدات الامريكيّة، هما من العوامل المهمة لاطعام الشعب المصريّ. واضاف البروفيسور الاسرائيلي، انّه في هذه الايام بدأت في مصر عملية اعادة تقييم اقتحام السفارة الاسرائيليّة بعد انْ تحررت القيادة من الشعور بالنصر الذي رافقها خلال العمليّة، وللتدليل على ذلك، زاد زيسر، فانّ رئيس الحكومة المصريّة، عصام شرف، الذي وصف الشاب المصريّ الذي انزل العلم الاسرائيليّ قبل المرّة الاخيرة بانّه بطل قوميّ، يعمل اليوم بكل قوته من اجل تهدئة الاوضاع ويستنكر بشدة قضية اقتحام السفارة، ولكن مع ذلك، اكد الباحث الاسرائيليّ، على انّه يجب الاقرار والاعتراف بانّ من يدير دفة الامور في مصر هو الشارع، المبادرة في يديه، وايضًا القوة الهائلة، ومن يدري ما هو المخطط القادم لهذا الشعب في المرّة القادمة ضدّ اسرائيل، وعلى الرغم من انّ القوى السياسيّة المصريّة تتفق تقريبًا على انّه يجب الحفاظ على اتفاق السلام مع اسرائيل، لكونه مصلحة مصريّة، فانّ للشارع في مصر ديناميكيّة خاصة، ويعمل وفق قوانين خاصة به.
وبحسب البروفيسور زيسر فانّ لاسرائيل لا يوجد ما تفعله في هذا السياق، كما انّه من غير الواضح بتاتًا في ما اذا كان اعادة تحريك العمليّة السياسيّة مع الفلسطينيين ستهدئ من روع الشارع المصريّ، ولكنّه استدرك قائلا انّ اتفاق كامب ديفيد مع مصر هو مصلحة اسرائيليّة عليا، وبالتالي على تل ابيب انْ تُساهم في الحفاظ عليه عن طريق ضبط النفس، وبذلك فانّها تُقدّم مساعدة كبيرة للنظام المصريّ الحاليّ الذي يريد هو الاخر المحافظة على اتفاق السلام، على حد قوله.
وزاد البروفيسور زيسر قائلا انّ الخلاف على السلام عاد وبكل قوته الى بداية الطريق التي شقّها الرئيس المصري الراحل، انور السادات ورئيس الوزراء الاسرائيليّ، مناحيم بيغن، وعليه علينا ان نكون على امل اليوم ايضا بانّ قيادة تل ابيب والقاهرة قادرتان وترغبان في المحافظة سويّةً على اتفاق السلام بين الدولتين في مواجهة اولئك الذين يريدون القضاء عليه.
وخلص البروفيسور زيسر الى القول انّه اذا اخذنا بعين الاعتبار حالة الاحباط السائدة في صفوف شباب ثورة الخامس والعشرين من يناير بسبب وصول الثورة التي قادوها الى طريق مسدود، فلا يستغربن احد عودة الثوار مرة اخرى واخرى الى القضيّة الاسرائيليّة، ذلك انّ الموقف من الدولة العبريّة هو القاسم المشترك الاعظم الذي يُوحّد المصريين على اختلاف انتماءاتهم، ولكن قد يقول قائل انّ ازمة السفارة باتت من ورائنا، ولكن علينا الاقرار انّ الهجوم القادم هو مسألة وقت لا اكثر، على حد قول زيسر.