أعرب وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه عن انفتاح فرنسا للحديث مع أي حركة إسلامية في الخارج ما دامت تنبذ العنف، وهو ما اعتبر مؤشرًا على رغبتها في بناء علاقات مبكرة مع جماعات سياسية يمكن أن تتولى السلطة ببعض دول الشرق الأوسط. وقال جوبيه في تصريحات للصحفيين بباريس "نحن مستعدون للتحدث مع الجميع"، وأضاف "دعونا نتحدث إلى الجميع ودعونا نتحدث إلى (جماعة) الإخوان المسلمين", والتي أعطاها سقوط الرئيس السابق حسني مبارك فرصة للبروز على الساحة وممارسة نشاطها بشكل علني، بعد أن تم إدماجها رسميًا في العملية السياسية. وبرز دور الإسلاميين في مصر، خاصة "الإخوان" والسلفيين – الذين كان يرفض من قبل الانخراط في العملية السياسية- وكان لهذين الفصيلين اللذين أعلنا عن خطط لإنشاء أحزاب رسمية الدور الأكبر في إنجاح تمرير التعديلات الدستورية في الشهر الماضي. كذلك أدى الإطاحة بحكم زين العابدين بن علي بتونس إلى خروج الإسلاميين ممثلين في حركة "النهضة" خصوصًا التي عانت لسنوات طويلة تحت حكمه، وخضع قيادات هذه الحركة للسجن للسنوات طويلة وبعضهم أقام في المنفى لأكثر من عقدين إلى فك القيود المفروضة عليها وباتت لاعبًا أساسيًا على الساحة. واعتبرت وكالة "رويترز" أن الموقف الفرنسي يأتي على عكس نظرة الدول الغربية، ومن بينها فرنسا في السابق حيث كانت تنظر بريبة إلى الحركات الإسلامية الشهيرة مثل "الإخوان المسلمين" لأسباب منها تحذيرات من زعماء الحكومات في الدول التي ترسخت فيها تلك الحركات. وقال جوبيه وهو يشرح التغير في السياسة إن فرنسا خدعها الزعماء الذي صوروا الحركات الإسلامية على أنها الشيطان. وأضاف وهو يشير إلى بطء رد فعل فرنسا إزاء الانتفاضات الشعبية في تونس ومصر في أواخر العام الماضي "صدقناهم والآن يمكننا أن نرى النتيجة". وكان ينظر إلى فرنسا منذ فترة طويلة كصديق للشعوب العربية بسبب انتقاد السياسة "الإسرائيلية" في عهد الرئيس الراحل شارل ديجول واستضافة ياسر عرفات زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ومعارضة غزو العراق في عام 2003 . ونأت فرنسا منذ ذلك الحين بنفسها عن هذه الصورة. والرئيس نيكولا ساركوزي كان مؤيدا علنيا ل "إسرائيل" وانتهج موقفا براجماتيا فيما يتعلق بالزعماء العرب المستبدين، مثل الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي الذي غالبا ما كان يوصف في فرنسا بالإصلاحي المعتدل. واللهجة الدبلوماسية الجديدةلفرنسا توحي بأن ساركوزي يفضل الطموحات الديمقراطية- على أمل إقامة علاقات مع جيل جديد من الزعماء- على الاستقرار. وقال دبلوماسي فرنسي طلب عدم نشر اسمه "حقيقة أننا فضلنا الاستقرار الذي تجلبه نظم استبدادية اتضح أنه لم يكن خيارا جيدا لأنه في النهاية اختفى الاستقرار". وكان كثير من المسلمين في فرنسا عبروا عن اعتراضهم على حظر النقاب الذي قدمه ساركوزي كما أثير لجدل في الأونة الاخيرة داخل الحكومة بشأن العلمانية في المجتمع الفرنسي. وقال باسكال بونفيس الباحث بمعهد العلاقات الدولية والاستراتيجية "آلان جوبيه يحاول في الحقيقة بناء صورة إيجابية لفرنسا في العالم العربي وفي قلوب وعقل العرب في كل مكان".