* "يوم الدين" استغرق 5 سنوات تحضير و33 يوم تصوير *أسست شركة إنتاج صغيرة لأتمكن من إخراج الفيلم *حضرت طاقم العاملين بالفيلم قبل العمل مع البطل تجنبًا لإحراجه *استفدنا من "راضي" في تفاصيل المرض الصغيرة واستبداله بمحترف كان صعبًا *صورنا مصر بشكل مختلف و"هرم ميدوم" أبرز معلم بالفيلم *تشبيهي بمحمد صلاح شرف لي والمشاركة في الجونة تسعدني منتصف مايو الماضي أصبح المخرج الشاب أبوبكر شوقي حديث الإعلام والوسط الفني، بعد فوز فيلمه الروائي الأول "يوم الدين" بجائزة Francois chalais، في الدورة الحادية والسبعين من مهرجان كان السينمائي، وهو الإنجاز المصري الأكبر في المهرجان العتيق حتى الآن. ومع أن الفيلم هو الأول لصاحب ال32 عامًا، إلا أنه فرض بصمته الخاصة وتمكن من لفت أنظار النقاد حول العالم، ممن اعتبروا الفيلم حالة إنسانية مميزة، وهو ما جعل البعض يشبه إنجازه العالمي بما حققه اللاعب المصري العالمي محمد صلاح. "الفجر الفني" حاورت المخرج الشاب للحديث عن فيلم "يوم الدين" ورؤيته الفنية ومشروعاته المقبلة، وإلى نص الحوار: في البداية، حدثنا عن تحضيرات فيلم "يوم الدين"، وما السر وراء اختيار مرض الجذام؟ قدمت فيلم تسجيلي قصير بعنوان "المستعمرة" منذ عشر سنوات عن مستعمرة الجذام في أبو زعبل، وأثناء التحضير للعمل التقيت العديد من المجذومين ممن تركهم ذويهم في صغرهم، وهو ما ألهمني فكرة فيلم "يوم الدين" عن شخص مجذوم يترك المستعمرة بحثًا عن أسرته في الصعيد، وسؤالهم عن السبب وراء عدم عودتهم وتركه في المستعمرة وحيدًا، وبذلك لم يكن المقصود من الفيلم المرض بعينه، بقدر الحديث عن قصص شخصيات ألتقيتها هناك. ما أوجه الاختلاف بين فيلمي "المستعمرة" و"يوم الدين"؟ "المستعمرة" فيلم تسجيلي قصير لا يتعدى عشر دقائق، قدمته كمشروع تخرج في معهد السينما منذ عشر سنوات مع طاقم عمل صغير وميزانية محدودة، أما "يوم الدين" فهو فيلم روائي طويل وهو مشروع تخرجي من جامعة نيويورك، مدته 90 دقيقة، وبه طاقم عمل أكبر واستغرق تصويره 33 يومًا، و5 سنوات كتابة وتحضير. ما أبرز الصعوبات التي واجهتها أثناء تحضير الفيلم سواء في التمويل أو تصاريح العمل؟ واجهت الصعوبات العادية التي يواجهها أي فيلم مستقل، حتى أن انتاج الفيلم جاء عبر شركة انتاج أسستها بنفسي لأتمكن من الحصول على تصاريح التصوير، خصوصًا وأن الفيلم هو أول عمل لي ولمنتجته دينا الإمام، فلم تتوافر أسماء كبيرة تشجع المنتجين على الاستثمار في العمل، إلى جانب أن الممثلين ليسوا محترفين، فبطل الفيلم راضي جمال هو مجذوم متعافي، والبطل الثاني وهو طفل يٌدعى أحمد عبدالحفيط. هل وجدت صعوبة في إقناع طاقم العمل بالعمل مع مجذوم؟ كنت أرغب في تحضير طاقم العمل لطبيعة العمل قبل البدء فيه، وذلك تجنبًا لمواقف قد تحرج البطل من طريقة التعامل المختلفة معه، والحقيقة أن أغلب العاملين كانوا متفهمين للموقف، ولم يكن لديهم أي مشكلة في التعامل معه، فالمشكلة الحقيقة نفسية فقط، خصوصًا وأنه ليس مريض وإنما متعافي، ولا يمكنه نقل العدوى، ولكن آثار المرض لا تزال بادية على مظهره الخارجي. كيف أقنعت بطل العمل "راضي" بالاشتراك في الفيلم؟ وهل كان من الممكن استبداله بفنان محترف؟ أردت في البداية شرح مضمون الفيلم ل"راضي" حتى لا يشعر بأننا نستغله، وتعرفنا على بعضنا البعض وأصبحنا أصدقاء، ما جعله يقبل العمل بسهولة، وبالنسبة لاستبداله بفنان محترف كنت أفكر في الأمر في البداية، لكن حين التقيت راضي وجدت أن استبداله سيكون صعبًا، خاصة أنه كان أكثر واقعية وأظهر لنا تفاصيل لم نكن لنأخذها بعين الاعتبار لو كان الممثل محترفًا ولم يعاني مسبقًا من المرض ونتائجه. ما هي أبرز أماكن التصوير التي حرصت على إظهارها خصوصًا وأن الفيلم ينتمي إلى نوعية أفلام "الطريق"؟ فيلم "يوم الدين" فيلم "طريق"، لذلك حرصنا على تصوير مصر بشكل مختلف، وأغلب أماكن التصوير لم تظهر على الشاشات من قبل أو ظهرت مرات قليلة، وكان أغلبها خارج القاهرة، ولعل أبرز مكان صورنا به كان: "هرم ميدوم" وهو موجود في بني سويف، وأغلب الناس لا تعرف بوجوده. بطلي الفيلم "مجذوم" و"نوبي" هل تتعمد في أعمالك التركيز على معاناة الأقليات والمهمشين؟ أحب في أعمالي تسليط الضوء على المهمشين والأقليات، لأنهم لا يظهرون كثيرًا في الأفلام، وهم مادة شيقة لتقديم أفلام عنها، ولا نراهم في أدوار أساسية رغم وجودهم معانا. قمت بكتابة سيناريو الفيلم بنفسك هل أنت مع فريق الكاتب المخرج تفضل تقديم فكرة من أولها لآخرها؟ وهل توافق على إخراج عمل من كتابة غيرك؟ يتوقف الأمر على طبيعة العمل المقدم، ففي "يوم الدين" كنت مُلمًّا بالقصة من البداية لذلك كتبت السيناريو ثم أخرجته، وفي المقابل قد تعجبني سيناريوهات أخرى من كتابة غيري، وليست لدي أدنى مشكلة في إخراجها. هل توقعت نجاح الفيلم وهو العمل الروائي الطويل الأول لكِ؟ وكيف ترى مشاركته في مهرجان كان؟ حاولت تقديم أفضل فيلم يمكنني تقديمه من خلال السبل والمعطيات المتوافرة لدي، والبعض لم يتحمس للفيلم بسبب قصته غير المألوفة وغياب الأسماء الكبيرة كما أنه الفيلم الأول لي، ولكنني كنت مؤمنًا ومقتنعًا بنجاحه وأن الجمهور سيود مشاهدته، وعن مشاركته في مهرجان "كان" فلم تكن متوقعة، وهي شرف كبير لي وهي من المرات القليلة التي يشارك فيها فيلم أول لمخرج في المسابقة الرسمية، وسعيد بوصول الفيلم للعالمية بهذا الشكل. بعد مشاركة الفيلم في كان وتحقيق أصداء إيجابية، كيف ترى حظوظ الفيلم للمنافسة في الأوسكار ضمن فئة الأفلام الناطقة بلغة أجنبية؟ لا يعود الأمر إلى، فهناك أفلام جيدة لا تشارك في الأوسكار والعكس صحيح، والأمر مرتبط بالحظ بشكل عام، وأن يخرج الفيلم في وقت مناسب وأن يشاهده أشخاص معينون ويمر على لجان معينة، والانفاق على دعاية معينة للفيلم، وبالنسبة لي أتمنى وصوله لكل العالم. كيف ترى تشبيه المخرج عمرو سلامة انجازك بما حققه محمد صلاح لاعب نادي ليفربول الإنجليزي لكرة القدم؟ شرف بالنسبة لي، أنا أحب محمد صلاح، لأنه أعطى الأمل لكثيرين لتحقيق ما يرونه صعب الوصول إليه، عن طريق العمل وبذل المجهود والالتزام بالنظام، وفي حال كان النظام الداخلي معوق للنجاح فبإمكانك تحقيق النجاح بنفسك وهو ما أكد عليه صلاح. وأشكر عمرو سلامة، وشرف لي التشبيه بنجم بحجم صلاح لأنه أثبت أن العمل الجاد والشاق والطموح يمكن أن يوصلك لأي مكان رغم أنف من يحاولون الإيقاع بك. بعد نجاح تجربة فيلم "يوم الدين"، كيف ترى مستقبل الأفلام المستقلة في مصر؟ أتمنى أن تحقق العديد من الأفلام المصرية المستقبلة مراتب عالية عالميًا مثلما حدث مع "يوم الدين" رغم أنه كان فيلم مستقل المستقل فحتى وسط الأفلام المستقلة لم يعرف أحد شركة الانتاج التي أسسناها، والأفلام المستقلة في مصر هي حركة كبيرة، وأتمنى أن يستمر الأمر ولا يكون مرة واحدة، وأدعو الجميع إلى الطموح والعمل بأنفسهم وعدم انتظار المساعدات. ماذا عن مشاركة الفيلم في مهرجان الجونة السينمائي باعتباره العرض الأول للفيلم داخل مصر؟ شرف كبير للفيلم، خصوصًا بعد نجاح الدورة الأولى من المهرجان العام الماضي، وأتوقع أن تكون الدورة المقبلة أقوى بكثير، وقد نال الفيلم منحة في الدورة الأولى لاستكمال مرحلة البوست برودكشن، وسعيد بأن يكون العرض الأول داخل مصر من خلال المهرجان. والدتك نمساوية، هل تطمح لتقديم أعمال عالمية بلغات غير العربية؟ أرغب في تقديم أعمال عالمية جيدة بعيدًا عن اللغة أو البلد، ولكن في حال توفر قصة جيدة أحب تقديمها. التقيت زوجتك دينا إمام أثناء تصوير الفيلم، هلا حدثتنا عن قصة الحب التي جمعتكما؟ كانت دينا منتجة العمل قبل أن نلتقي أو نتزوج، وهي من المنتجين النشطين ممن يضعون أياديهم في كل تفاصيل العمل ولا تكتفي بالإشراف فقط، فكانت تعمل بنفسها لافتات العمل وتشارك في بناء أماكن التصوير. ما هي مشاريعك المقبلة؟ وما هي الفئات المهمشة التي تطمح لتقديم فيلم عنها؟ هناك أفكار كثيرة لازلت أحضر لها ولم استقر بعد على المشروع المقبل، ولكنى أفضل تقديم أفلام عن فئات مهمشة ومنسية لديها صعوبات أكثر من غيرها في الوصول لما تريده، وهو ما أبحث عنه في عملي المقبل.