-إيرادات فرقة التنورة تشعل الصراع بين وزارة الآثار وصندوق التنمية الثقافية على مقر وكالة الغوري لتقاسم "الكعكة" -مصمم "تنورة": المهنة غير رائجة لأن السياحة في غرفة الإنعاش -صناعة "زي التنورة" مصري خالص ويتكلف 2600 جنيهًا وعمرها 5 أعوام أحد الدراويش: إيرادات فرقة التنورة تشعل الصراع بين وزارة الآثار وصندوق التنمية الثقافية على مقر وكالة الغوري لتقاسم "الكعكة" -"الغوري" تحصد مائة ألف جنية شهريًا.. وراتب الدرويش في الحفل الواحد 25 جنيه -ابني يرقص وعمره 5 سنوات ورفضت احتراف ابنتي الرقص لأنها مهنة الذكور (تعالى إليّ فأنا أحبك ايًا كان دينك أيًا كان لونك أيًا كان مذهبك فأنا أحبك)، جملة استعان بها جلال الدين الرومي على قبره ليؤكد أن الصوفية نوع من التصافي والحب فأينما كنت أنت محب لله والرسول والإنسانية وكل خطواتك بها حب، ومن هنا ولدت الفكرة الفلسفية للتنورة الصوفية. مهنة صناعة التنورة من أقدم الحرف التي احترفها البعض منها عن طريق الهواية ومنها عن طريق الوراثة عن الآباء والأجداد حفاظًا على تواجدها بيننا كنوع من أنواع التراث الذي لا يمكن له أن يندثر، وتكشف "الفجر" في السطور القادمة عن تفاصيل هذه الصناعة وتكلفتها والعاملين بها.. قال عبد الحكيم هلال، مصمم أزياء التنورة، 58 عامًا، إنه في الأصل راقص تنورة قبل أن يحترف المهنة ويعلمها لولاده موضحًا: "عندما ذهبت لأحد المصممين لتصنيع تنورة لي قام بلف القماش أمامي وقصها ثم قال لي ركز لأنني لا أضمن حياتي وأعتقد أنه سيكون لك شأن في المستقبل"، متابعًا: "قديمًا كان المصممين يعلموننا وحاليًا لا يريد أحد من الشباب احتراف المهنة". وأضاف عبد الحكيم، أن أساس أزياء التنورة (القطن) ثم يتم تطعيمه ب"أورجانزا، ستان، لاميه، شيفون"، وذلك حتى تعطي العمل الرئيسي للراقص، والتنورة عبارة عن شكل دائري يتم قصها "فورم" يتم توزيعها على شكل شبه منحرف، ويتم تدويرها من تحت، وكل ما يتم تصنيعه من التنورة موجود في مصر وربما نستورد، "ستان، أورجانزا، لاميه، شيفون"، ويبلغ سعر التنورة التركي السادة 300 جنيه، ويتصاعد السعر وكلما زادت جودة الخامات حتى يصل إلى 2600 جنيه، حيث يتم تجهيز التنورة وتذهب إلى "الخيامية" لوضع شغل "الهاند ميد" عليها ثم تعود إلينا لتشطيبها. واستطرد: صناعة التنورة ليست منتشرة وتقتصر على عدد من الناس حيث يوجد في مصر 16 أو 18 مصمم لزي التنورة، والتكلفة بشكل سنوي لا يتم حصرها لأنها تتم حسب الطلب وهي مهنة غير رائجة ومن يقتني تنورة تظل معه من عامان لخمسة أعوام، وموسم التصنيع يميل حاليًا للكساد لأن السياحة لم تعد كما كانت قديمًا فمن كان يعمل في القرى السياحية بالغردقة وشرم الشيخ كانوا يطلبون تفصيل "تنورة" ولكن حاليًا السياحة أصبحت في "غرفة الإنعاش"، وأنا كمصمم لا أستورد شيء وما يتم استيراده من الخارج هو خامات "البوليستر" فقط، ومن يعمل معي في التصميم ابني الكبير ومعنا ولدان صبية يساعدوننا في بعض الأوقات، ولم يمر أحد عليّ لاحتراف مهنة التصمميم لأنها ليست في بال أحد، ومن يعمل في تصميم التنورة من الأطفال معدودين على الأصابع يكاد لا يتعدى الثلاثة أطفال، وكل راقص له ذوق في عمله فالبعض يحب العمل بالألوان الأبيض والأسود والبعض يضيف الألوان الأحمر والفسفورية والألوان المفضلة هي "اللموني الفسفوري، البمبة الفسفوري"، وكل من يريد زي صوفي نقوم بتصنيعه، ولا يوجد أماكن لبيعها لأنها تقتصر على بعض الأشخاص. على صعيد متصل قال أحمد علوان، راقص تنورة منذ 15 عامًا، إنه احترف رقص التنورة كهواية منذ أن كان عمره 10 سنوات، وفي عامه ال13 انضم لفرقة بنها للفنون ومنها إلى فرقة التنورة للفنون التراثية ووصل إلى "ليدر" في الفرقة. وأضاف: أحب هذا الفن عندما كنت أشاهده في الحفلات والأفراح وعلى شاشات التلفاز ومن هنا بدأت في التعلم من خلال التنورة الاستعراضية والصوفية والتي من خلالها وصلت إلى أن أقدم حالة "الدرويش" الذي يزهد الدنيا ويطير جسده في السماء مع الله وهذه هي الحياة الصوفية، ومن خلال التنورة الاستعراضية أستطيع إبراز مهاراتي وعضلاتي من خلال الرقص. واستطرد: استطعت أن أتعلم تصميم التنورة التي تتكون من (قماش سواء من القطن أو الجفردين، وتنتهي بسلبة لإثقال التنورة)، وأستخدم الألوان الأسود والأخضر والأحمر وهذه عناوين الطريقة الصوفية، وتكلفني التنورة حوالي 1600 جنيه، وأجددها كل عام حتى أُبهر الجمهور ويكون لدي تجد في الألوان ولفت نظر الجمهور وتحقيق عنصر الإبهار. وأشار إلى أن ابنه محمد صاحب الثماني سنوات تعلم رقص التنورة وبداها منذ أن كان في "كي جي" وعمره خمس سنوات واحترفها محمد كمهارة استعراضية وقام بتصميم تنورة له تكلفت 500 جنيه، مشيرًا إلى أنه لم يصل بعد لحالة "الدرويش" عند الرقص على التنورة الصوفية ولكن الحياة الدينية تخلف في الإنسان منذ صغره والإنشاد الديني يخضع له أي شخص، وحاليًا يقوم بالرقص على موسيقى هادئة حتى يدخل في مرحلة الخشوع، ومؤكدًا أنه رفض دخول ابنته حنين (12 عامًا) ولديها المهراة وترقص تنورة، ولكن تفرغها للدراسة أهم، لافتًا إلى أن الشباب هم أكثر من يدخلون هذا المجال وهناك فرصة لدخولهم مدرسة التنورة الصوفية. وألمح أحمد علوان، إلى أن فرقة التنورة لم تعد كما كانت في السابق لأن قيادات وزارة الثقافة الحاليين لا يعرفون قيمة هذا الفن وينظرون إليه على أنه تحصيل حاصل رغم أن الفرقة لها تاريخ عريض ومثلت مصر في الكثير من المحافل الدولية، والآن هناك صراع قائم بين وزارة الآثار وصندوق التنمية الثقافية على مقر الوكالة ومن تتبع فيهم والسبب خلاف على الإيرادات التي تحققها الفرقة للمكان، ولا يعلم أحد إلى متى سيستمر هذا الصراع، موضحًا أن كل راقص بالفرقة يحصل على 25 جنيه في الحفل الواحد وأعضاء الفرقة 50 عضوًا، وتحقق الفرقة إيرادًا يوميًا حوالي 5 آلاف جنيه وتبلغ قيمة تذكرة الحفل للفرد الواحد 75 جنيهًا وهو ما جعل الخلاف يتصاعد كونها تحقق أرباحًا، وأمام كل هذا يمكن أن نرقص في أجواء غير جيدة فلا شيء يحمينا من المطر والتكيفات غير مجهزة وهنا عليهم أن يفكروا في الفرقة والفن، كما أن السفر لم يعد قويًا كما في السابق وحاليًا يقللون عدد أعضاء المسافرين في حفل خارجي حتى أن 4 أعضاء بالفرقة يقومون بمجهود 60 عضو، وبالنظر للحفلات الخاصة مثلًا عند الذهاب إلى "أوردر" أحصل على حوالي 200 جنيه وحتى 500 جنيه، في ربع ساعة، ولكن انتمائي للتنورة وليس للمادة. من جانبه قال محمود عيسى مدير وكالة الغوري السابق، إن كل ما هو "تنورة" يعد تراثًا، لكن هناك فرق بين التنورة الاستعراضية والصوفية، فما نراه في الشارع والحفلات والنوادي والأفراح تنورة استعراضية وما هو إلا استعراض للراقص والفنانيين والألوان إلى ان يصل لحالة من الإبهار دون أي بُعد فلسفي، أما التنورة الصوفية فلها فلسفة وعندما بدأنا تقديم التنورة الصوفية منذ عهد فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق، أخذنا الفكرة الفلسفية لمولانا جلال الدين الرومي، فهو من الوسطيين في التفكير الإسلامي والفلاسفة الإسلاميين وله باع في تاريخ الصوفية، وتعتبر مدينة "كونية" في تركيا هي مدينة الدراويش التي عاش فيها أواخر أيامه، وذهبنا لمدينة "كونية" ضمن وفد ضم 50 دولة وقدمنا العرض وحققنا نتيجة منحنا إياها مركز المولوية التركي بأن العرض المصري أخرج الفكرة الفلسفية من (الخاصة) وهم الدراويش إلى العامة (الشارع)، ودشنوا لنا مسرحًا أمام المركز عرضنا فيه لمدة أسبوع، إذن مصر استوحت التنورة الصوفية من الفكر الفلسفي ل جلال الدين الرومي، أما البنيان فهو مصري متكامل موسيقى وحركة وغناء. وتحدث عيسى، عن الفكرة الفلسفية التى تقول إن الكون يبدأ من نقطة وينتهي عند ذات النقطة أي أن الدائرة هي أساس الكون وأن الدرويش أو "راقص التنورة" يمثل الشمس، ومن يلف بالحانة حول راقص التنورة يمثلون الكواكب ويسمون "الحنتية" ويلفون عكس عقارب الساعة من اليسار إلى اليمين مثل الطواف حول الكعبة، أي يلفون حول راقص التنورة الذي يمثل الشمس ومع اللف ينقلون الحالة الكونية التي تحدث في الأرض، بين الأرض والسماء وكل منطقة شخصية لها طقس يقدم في الحركة على المسرح والحالة الثانية أنه كلما دار الشيء كلما تخفف، أي كلما لف الدرويش فهو يتخيل أنه تخفف من كل الأخطاء والمساويء التي فعلها ويطير إلى الحقيقة العليا إلى "الله" دون سيئات، وهذا هو الفكر الأساسي لراقص التنورة في النهاية، ويأخذ كل إمكانياته الإيقاعية من مرحلة إلى أخرى حتى يصل إلى إيقاع جواب الجواب وهو التكليف كي يطير وسط إنشاد ديني مصري بحت والموسيقى وأركانها مصرية وفي نهاية العرض يكون إجمالي المناطق الفنية مصرية خالصة. واستطرد: الصوفية موجودة في كل الأديان السماوية والتنورة اختراع مصري من خلال الفنان الشعبي التلقائي في الموالد، وكان الأتراك يستخدمون جلباب واسع و"لبة" فوق رأسهم، والتنورة لها مريدين من كافة الناس، ونحن بدأنا عرض"التنورة" للأجانب عام 1988، وكان من يحضر في قبة الغوري وكان يسمى قصر الغوري للتراث، وكان يتواجد 90% من الأجانب و10% مصريين، وعندما بدأنا الترنيم انتقلنا لقلعة صلاح الدين ووصلنا لمرحلة 60% أجانب و40% مصريين، وبعد خمس سنوات من العرض في القلعة عدنا إلى وكالة الغوري واستمرينا حتى الآن بتواجد 70% مصريين و30% أجانب أي أن المصريين بدأوا يتقبلوا الفكرة، وجلال الدين الرومي والفكرة الفلسفية معروفة لدى الأجانب وبلد مثل الهند التي بها بوذية الكونفوشسية والهندوسية، كل هذه الأديان بها صوفية التي تعد منطقة الحب. ونفى عيسى، فكرة أن يكون للمرأة علاقة بالتنورة لأنها تعتمد على "الذكر" الذي يُعد مقتصرًا على الرجال، ولدينا مدرسة لتعليم التنورة يأتون للتعلم في الصيف ومن ينجح يتم تصعيده للفرقة. وعن الإقبال أضاف أنه يوجد إقبال على التنورة من جميع الفئات "شباب وعائلات" ونعرض بصفة أسبوعية للجمهور، والفرقة تخرج للعروض الخارجية وزرنا حوالي 70% من دول العالم منها اليابان، أمريكا، استراليا، الصين، الهند، وتايلاند ناهيك عن دول أوروبا بالكامل، ولم نقوم ببعثات تعليمية ولكن الأجانب يأتون للتعليم "كاستعراض"، والفرقة لا تخرج لأفراح وما نراه في الأفراح فرق استعراضية خاصة، والمعنى والهدف من استمرارية الفكرة الفلسفية في تقديم عروضها يقال أن الفنون من الموروث، والفلكور له موروث وظاهرة وفن "التنورة" دخل باب الفلكلور من باب الظاهرة وليس باب الموروث والسبب فرقة التنورة.