وضع الجنيه المصري واستقراره أمام الدولار منذ ثورة 25 يناير الجميع في حيرة .. فالاقتصاد المصري في أسوأ حالاته لفقده جزء كبير من موارده المتمثلة في السياحة، وأيضا بسبب توقف الإنتاج في كثير من قطاعات الدولة، وانعكس ذلك بوضوح على معدلات النمو حيث حقق الاقتصاد المصري ولأول مرة نمواً سلبياً بلغ 4.2%، خلال الربع الثالث من العام المالي 2010/2011 والمنتهي في مارس الماضي. بعد ثورة 25 يناير كانت التوقعات لحدوث انخفاض لسعر الجنيه يصل ل25 % بأفضل التوقعات.. إلا أن أداء الجنيه جاء أفضل من ذلك كثيرا حيث لم ينخفض بأكثر من 6%، وعندما فتح الجهاز المصرفي بعد الثورة كان سعر الدولار 5.589 جنيه وارتفع الى 5.96 جنيه ولم يتحرك أكثر من ذلك على مدار ستة أشهر كاملة. وفي ظل هذا الوضع يؤكد كثيرون أن هناك تدخلات من البنك المركزي في سوق الصرف ولذلك يظهر الجنيه بمظهر قوي أمام الدولار بالرغم من تدهور حالة الاقتصاد .. إلا أن البنك المركزي المصري نفى ذلك عدة مرات على لسان هشام رامز نائب محافظ البنك، حيث أكد أنه منذ ثورة 25 يناير تدخل المركزي في سوق الصرف مرة واحدة فقط في الثامن من فبراير مما أدى إلى ارتفاع العملة 1% في ذلك اليوم. إحباط المضاربين وأكد رامز أن البنك المركزي سيتدخل بحسم في سوق الصرف في حالة وجود مضاربات على الجنيه، موضحا أن البنك لا يستهدف مستوى محدداً لسعر الجنيه مقابل الدولار وإنما يترك تحديده لظروف العرض والطلب بالسوق. واعتبر أن المؤشر الحقيقي لسعر الدولار مقابل الجنيه هو ألانتر بنك "سعر التداول بين البنوك"، وكان أعلى سعر وصل إليه الدولار هو 5.97 قرشا. وبالرغم من هذه التأكيدات من البنك المركزى يرى المصرفيون والمراقبون لسوق الصرف أن هناك تدخلات مستمرة من المركزي لتحقيق الاستقرار للجنيه أمام الدولار.. ولكنهم اختلفوا حول هذه السياسة فالبعض يرى ضرورة الحفاظ على هذه السياسة للوقوف أمام المضاربين ولدعم الشركات الصناعية المصرية التي تعتمد على استيراد الخامات من الخارج بالدولار.. بينما يرى آخرون ضرورة ترك سعر الصرف للعرض والطلب لدعم الصادرات المصرية. يؤكد هاني جنينه رئيس البحوث بشركة فاروس للأوراق المالية والمحلل الاقتصادي أن هناك تدخلات قوية من البنك المركزي المصري في سوق الصرف مما أدى إلى استقرار سعر الجنيه منذ اندلاع ثورة 25 يناير.. مرجعا ذلك الى أن التوقعات كانت تشير الى هبوط قوي لسعر الجنيه في أعقاب الثورة ولعب المضاربون على ذلك وقاموا بشراء الدولار بكثافة.. ولا شك أن المركزي لو ترك الأمر ستتحول التوقعات الى واقع ويكون المستفيد الأول المضاربين في سوق الصرف. ويشير الى أن المركزي أحبط المضاربين في سوق الصرف بهذه السياسة لأن احتفاظهم بالدولار سيطول خاصة وأن الفائدة على الدولار منخفضة بصورة كبيرة مقارنة بالفائدة على الجنيه المصري. تلاعب بسعر الصرف وأشار جنينه أن تدخل البنك المركزى فى سوق الصرف أثّر سلبيا على الاحتياطي بالعملات الأجنبية ولكن هذا الأثر أخف مما لو ترك المركزي المضاربين يتلاعبون بسعر الصرف حيث إن ارتفاع الدولار مقابل الجنيه سيؤدي الى عودة الدولرة مرة أخرى. وفيما يتعلق بأثر تخفيض قيمة الجنيه المصري على الصادرات المصرية أوضح هانى جنينة أن الأثر لن يكون كبيرا كما يتوقع البعض مشيرا الى أن السياحة من أكثر الخدمات التي تتأثر بسعر الصرف الا ان الأسعار انخفضت فى مصر بصورة كبيرة تتجاوز الاثر المتوقع فى حال تخفيض قيمة الجنيه. واشار أن تخفيض سعر الجنيه يمكن أن يكون له أثر سلبي كبير على كثير من الشركات الصناعية المصرية التي تستورد خامات من الخارج بالدولار. وأكد جنينه أن المركزي يمكن أن يترك الجنيه لينخفض في حال تم السيطرة على المضاربين تم إضعافهم. تراجع الإيرادات وتتفق بسنت فهمي مستشار بنك البركة مصر مع جنينة فيما يتعلق بأن هناك تدخلا من البنك المركزي المصري في سوق الصرف مشيرة الى أن نفى البنك المركزي وجود تدخل أمر غير منطقي نظرا لأن ظروف الاقتصاد المصري حاليا تؤكد أن هناك تدخل نظرا لتراجع الإيرادات خاصة بالعملة الأجنبية. ولكن فهمي ترى ضرورة سماح المركزي للجنيه بالتراجع للحفاظ على الاحتياطي النقدي الأجنبي مشيرة الى أن أضرار تراجع الاحتياطي أكبر كثيرا من أضرار تراجع الجنيه. وترى فهمي أنه لابد من إعادة النظر في السياسة النقدية بما يسمح بتحرك الجنيه المصري وفقا لآليات العرض والطلب مشيرة الى أن انخفاض الجنيه سيكون له أثره الإيجابي على الصادرات المصرية وهذا ما تفعله دول العالم مع عملاتها .. فإضعاف العملة يعني قوة أكبر للصادرات.. كما أن المحافظة على الاحتياطي النقدي الأجنبي ا أمر أهم كثيرا من الحفاظ على سعر ثابت للصرف.
