وساطة الدوحة لإنقاذ الحوثيين باليمن اليوم، ليس بجديد على نظام الحمدين، لاسيما عقب تنامى الدور القطري بشكل كبير في صنعاء، حيث شاركة في قتل اليمنيين خلال الحرب، بل كان الطرف الأقوى لإحياء الحوثيين وتقويتهم عن طريق الدعم المالي والأسلاحة والتدريبات التي وفرها لهم، ناهيك عن الوساطة لتمكنهم من السلطة. ويعود تاريخ إرتباط قطر بجماعة الحوثي المتمردة إلى عهد زعيم الجماعة السابق ومؤسسها حسين بدر الدين الحوثي الذي قتل في عام 2004م بعد حرب مع القوات الحكومية .
وعقب سيطرت القوات الموالية للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح،على مواقع عدة في العاصمة صنعاء، غداة اشتباكات مسلحة مع شركائها في الانقلاب ميليشيات الحوثيين، كشفت مصادر عسكرية بصنعاء أنه الآن تدور محاولات قطرية لإنقاذ الميليشيات الحوثية الإرهابية من نيران رجال القبائل بصنعاء، ومن تقدُّم عناصر الحرس الجمهوري؛ التابع للرئيس المخلوع لعدم طردهم من صنعاء، حسبما ذكرت صحيفة "سبق" السعودية. وتشير المصادر إلى أن المخلوع علي عبدالله صالح يرفض حتى الآن وساطةقطر، ويأمر قواته وحزبه ورجال قبائله باستمرار طرد ميليشيات الحوثيين، واستمرار هجومه العسكري الطاحن عليهم دون الالتفات لمحاولات أمير قطر البائسة لإنقاذ عملائه الإرهابيين من القضاء عليهم من أحرار اليمن. من جانبها أعلنت "سكاي نيوز" في نبأ عاجل لها، اليوم السبت، أن قوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، سيطرت على دار الرئاسة ووزارة الدفاع وجهاز الأمن القومي في صنعاء القديمة.
انقاذ الحوثيين من الهزيمة ساهمت قطر بشكل كبير في عدم انقاذ الحوثيين وعدم القضاء عليهم، من خلال إبرمها أبرمها صفقة ضمنت بموجبها وقف تقدم الجيش اليمني نحو منطقة مطرة الجبلية، آخر معاقل المتمردين شمال محافظة صعدة، والتي كان يتواجد فيها زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، مقابل أن يقيم شقيق مؤسس حركة الحوثيين يحيى ووالده بدر الدين الحوثي وعمه عبدالكريم مؤقتاً في الدوحة، وأن تتولى قطر دفع مساعدات وتعويضات وإعادة الإعمار. واعتبرت قيادات الجيش اليمني وقتها أن الوساطة القطرية أنقذت الحوثيين من الهزيمة والقضاء عليهم، واتهمت الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح الذي كان حاكماً في تلك الفترة، بالاستسلام للإغراءات وعقد صفقة مع قطر التي تعهدت أيضاً بتقديم مبالغ مالية كبيرة كمساعدات مقابل إيقاف الحرب، لكن الحوثيين بمجرد إعادة ترتيب أوراقهم، بفعل التدخل القطري الذي مازالت كثير من تفاصيله غامضة، حتى أشعلوا حرباً جديدة في العام التالي، وتنصلوا من كل الاتفاقيات.
تنامي قدرات الحوثيين العسكرية بالدعم القطري وبفضل التدخل القطري تنامت قدرات الحوثيين العسكرية والمادية وباتت قوية، حيث استطاعوا بعد أن كانوا محصورين في كهوف جبلية بأطراف محافظة صعدة من التمدد إلى مناطق أخرى والتوسع في المحافظة ودحروا الجيش اليمني، الذي فوجئ بالعتاد الحربي الذي بات بحوزتهم، ولم يتمكن أحد من معرفة الطريقة التي تمكنت بها قطر ومن ورائها إيران من تزويدهم بذلك العتاد. واشتعلت الحرب السادسة في عام 2009 والتي تدخلت فيها السعودية بآلياتها ومعداتها العسكرية لدعم الجيش اليمني، لترعى قطر توقيع اتفاقية الدوحة بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين في 21 يونيو 2010، فارضة وجود هذه الجماعة المتمردة كطرف بخلفية مذهبية وطائفية يحاكي داعميه الأساسيين في طهران.
وثيقة تكشف علاقة قطر بالحوثيين وفضحت وثيقة خطيرة، أعيد تداولها أخيراً، حقيقة التواصل والدعم القطري للحوثيين، عبر خطاب موجه من بدر الدين الحوثي والد حسين وعبدالملك، إلى أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني، أثنى فيه على دعمه السخي إلى جانب وقفة "أسود الإسلام في إيران"، بحسب وصفه، والذي مكنهم على حد زعمه من تحقيق الانتصارات، وعاهد الحوثي أمير قطر بأن يواصل المعركة.
علاقة قطر قديمة بالحوثيين وكشف الباحث اليمني مؤسس "حركة الشباب المؤمن"، في صعدة محمد يحيى عزان، عن حرص قطر على عدم انكشافها في دعم الحوثيين وعملها لصالح التمرد، مشيراً إلى أن محاولتها لإخفاء هذه الحقائق فشلت، بعدما أثبتت الدول الداعية لمكافحة الإرهاب تورطها في تمويل التنظيمات المتطرفة بعدد من الدول العربية. ووفقاً لصحيفة"الوطن"، قال عزان, إن قطر دخلت اليمن في البداية من خلال وساطة قطرية فترة طويلة، وكانت تسعى من خلال تلك الوساطة على بناء علاقة قوية مع الحوثيين في اليمن، وهو ما تحقق بالفعل، ومن خلال تلك الوساطة استقبلت بعض القيادات الحوثية في الدوحة، كما قام عدد من المسؤولين القطريين بزيارات لبعض القيادات الحوثية في صعدة. وأضاف عزان أن غضب الحوثيين في المرحلة الحالية من مقاطعة قطر يأتي لعدة أسباب، منها أن لدى الحوثيين مفهوماً أساسياً يحمل معنى "عدو عدوي صديقي"، ومن ثم فإن قطر التي تعادي السعودية حالياً هي صديقة للحوثيين، مستدركاً بالقول "إن ذلك ليس جديداً، لأن العلاقة بين الدوحة والمتمردين قديمة". وحسب عزان، فإن من الأسباب الأخرى لإعلان التعاطف الحوثي القطري الآن، هو تقارب قطروإيران، لافتاً إلى أن هناك عملاً إيرانياًقطرياً حالياً للمقاربة بين حزب الإصلاح والحوثيين.
استغلال ملف إعمار صعدة في دعم الحوثيين كما قال الباحث محمد الولص بحيبح، في صفحته على "فيسبوك"، " إن العلاقة المبكرة بين قطر والحوثيين إلى محاولة القطريين الإضرار بالسعودية، في وقت كانت العلاقات الدبلوماسية بدأت تسوء بين البلدين". وأستخدمت الدوحة سفارتها في صنعاء لدعم الميليشيات بمبلغ شهري مخصص لأنشطة معهد ديني طائفي يتبع للحوثيين في صعدة، وارتفع الدعم القطري للمعهد الطائفي في عام 2003، في وقت كان القيادي الحوثي يحيى قاسم عواضة يتسلم تلك الحوالات. وقال بحيبح أن الدوحة قامت باستغلال ملف إعمار صعدة في دعم الحوثيين بمبالغ كبيرة تجاوزت مئات الملايين، ما مكن الحوثي من تعزيز قواته الميدانية، وشراء سياسيين في المشهد اليمني. وأشار إلى أن قطر قدمت أكثر 100 جهاز اتصال دولي (ثريا) لدعم قيادات حركة الحوثي في التواصل مع حلفائهم الممثلين في طهران وميليشياتها في الضاحية الجنوبية بلبنان، موضحاً أن أجهزة الاتصالات جاءت من سيف البوعينين رئيس اللجنة القطرية في الوساطة آنذاك.