أنجيلا ميركل وراء تأخر ظهور استراتيجية الحكومة.. و"قابيل" يستعين بخبير ألمانى لتطويرها أكثر من 8 أشهر مرت على دخول القانون المعروف باسم استراتيجية صناعة السيارات حيز النقاش داخل أروقة مجلس النواب، وتحديدا بلجنة الصناعة ولم يخرج القانون إلى النور، رغم انتهاء دور الانعقاد الثانى للبرلمان. أسباب مختلفة كانت وراء حالة التعثر التى يمر بها القانون، والتى تعود إلى كثرة الألغام بالاستراتيجية التى اقترحتها الحكومة، والشبهات حول أن رجل الأعمال رءوف غبور، واحد من أهم المستفيدين من القانون، ذلك بعد أن كشف للبرلمان عن سيارتى ميكروباص من إنتاج شركته. السبب الأهم الذى برز فى الكواليس، يعود إلى يوم 2 مارس الماضى، عندما زارت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، القاهرة وأبدت اعتراضها على القانون، حيث إن ألمانيا هى أحد أقوى الدول الأوروبية التى ترتبط مع مصر باتفاقية الشراكة الأوروبية، الموقعة مع دول الاتحاد الأوروبى. أشارت ميركل إلى أن مشروع القانون ينتهك شروط الاتفاقيات التجارية بين مصر ودول الاتحاد الأوروبى، ويضر بالتعاملات والاستثمارات المستقبلية. وتستفيد من اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية ثلاث شركات ألمانية لصناعة السيارات، هى مرسيدس وفولكس فاجن وبى إم دبليو. وحسب الاستراتيجية الحكومية، يمنح مشروع القانون إعفاءات ضريبية للشركات التى تقوم بتصنيع السيارات محليا، ويحميها من المزايا غير العادلة التى تتمتع بها منتجات الاتحاد الأوروبى، وهو ما عبرت عن رفضه رابطة مصنعى السيارات الأوروبية. فيما له صلة بدأت مصلحة الجمارك فى يناير من العام الماضى، تطبيق المرحلة الثانية من اتفاقية الشراكة المصرية الأوروبية، بتنفيذ الإعفاءات الجمركية الجديدة على السيارات المستوردة، والتى تشمل السيارات حتى 1600 سى سى، لتصل نسبة التعريفة الجمركية لها إلى 16% فقط، بدلا من 40%، وما فوق 1600 سى سى تخضع لتعريفة جمركية تصل إلى 135%، سيتم تخفيضها إلى 54%. فى حال تمرير القانون بشكله الحالى، فإنه ستتم المساواة بين السيارات الأوروبية والمصرية، التى سُتمنح نفس الإعفاءات الجمركية والضريبية، وهو ما يؤثر على المنتج الأوروبى سلبا. وأشار رد فعل الحكومة والبرلمان على الاعتراضات الألمانية إلى الاستجابة السريعة لها، فوفقا للتسريبات فإن المستشارة الألمانية حصلت على وعود من قيادات اتحاد الصناعات، ونواب بالبرلمان، بعدم صدور القانون إلا بعد دراسة شاملة لا تتعارض مع الاتفاقيات الموقعة. وبعد اجتماعات عديدة من جانب لجنة الصناعة لمناقشة القانون، قررت إيقاف تلك المناقشات بشكل مفاجئ فى 26 مارس الماضى، مبررة ذلك بازدحام جدول أعمالها بمشروعات قوانين أخرى وعدت بإصدارها قبل نهاية شهر يوليو الحالى. كما أشارت اللجنة إلى أن اعتراض مصنعى السيارات على بنود بالقانون، يعد سببا آخر لوقف المناقشات، وإرسال القانون مرة أخرى لوزارة التجارة والصناعة، وتتعلق تلك البنود بالتصدير، وتحديد كميات الإنتاج والإعفاءات المقررة، حتى لا تستفيد كبرى الشركات فقط من القانون. وطلبت وزارة التجارة والصناعة، إعادة الاستراتيجية لدراسة تلك الاعتراضات، وأوضحت أن الهدف من إجراء التعديلات على القانون، هو إتاحة سيارة بسعر مناسب للمستهلك، وعدم رفع الأسعار بشكل كبير، خاصة أن القانون يزيد من نسبة الضريبة على الشركة المصنعة المستفيدة من الحوافز المنصوص عليها. لكن الوزارة وجدت نفسها فى مأزق آخر، يتعلق بأن الضريبة التى أطلق عليها فى القانون، اسم ضريبة تنمية الصناعة، ستكون السبب فى الطعن على الاستراتيجية بعدم الدستورية، حيث إن الضريبة يجب أن تورد للموازنة العامة للدولة، ولا يجوز فرض ضريبة لجهة بحد ذاتها، لكن القانون يخضع تلك الضريبة إلى ما يعرف باسم صندوق تنمية السيارات. من جانبه قرر وزير التجارة والصناعة، المهندس طارق قابيل، بتشكيل لجنة تضم ممثلين من غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، ورابطة صناعة السيارات، وهيئة المواصفات والجودة، وهيئة التنمية الصناعية، لوضع وتحديث المواصفات القياسية الخاصة بصناعة السيارات فى مصر. وعقدت اللجنة من جانبها عددا من الاجتماعات لدراسة نسبة المكون المحلى، وفقا لطراز كل سيارة، والذى يندرج تحته سيارات صغيرة ومتوسطة التكلفة، ومرتفعة التكلفة، ورفعت اللجنة توصياتها لهيئة التنمية الصناعية لإعداد التصور النهائى، وعرضه على الوزير، ثم عرض القانون مرة أخرى على مجلس النواب. خلال الأيام القليلة الماضية، أعلن المهندس طارق قابيل، خلال مشاركته فى مؤتمر صحفى عقدته لجنة الصناعة بمجلس النواب، أن الوزارة بصدد التعاقد مع خبير ألمانى متخصص فى صياغة استراتيجيات صناعة السيارات، للاستفادة من خبرته، فى خطوة مثيرة وتضرب بعرض الحائط اعتبارات تعارض المصالح. وبررت وزارة الصناعة التعاقد مع الخبير الألمانى، بأنه شارك فى وضع استراتيجيات مماثلة فى جنوب إفريقيا والمغرب. يشير هذا الصراع إلى أن الاستراتيجية بوضعها الحالى لن تعود بفائدة على المستهلك المصرى، لأن الهدف الأساسى هو تقوية الشركات المحلية أمام المنتج الأوروبى بعد إلغاء الجمارك على السيارات الأوروبية، وليس الاهتمام بصناعة التجميع فقط، ويعمل فى مصر حاليا 17 مصنعا لتجميع السيارات، يقدر إنتاجها بنحو 24 ألف سيارة سنويا.