"نحبك هادي" اسم يدل للوهلة الأولى على تعبير رومانسي، كأن تُعبر فتاة عن مشاعرها لشخصي يُدعى "هادي"، ولكن إذا أمعنت النظر في هذا التعبير، تجده خرج عن كونه رومانسيا فقط، ليدل على توجه موجود ومُعلن عنه لدى مجتمعاتنا العربية، وهو "نحبك هادئ الطباع"، أي مستسلم للأمر الواقع كما هو، حيث أراد مؤلف ومخرج الفيلم التونسي "نحبك هادي" محمد بن عطية، بهذا العنوان، أن يرصد حال الكثيرين من أبناء العرب، قبل ثورات الربيع العربي، ليُقدم بعدا سياسيا في قالب رومانسي فريد من نوعه. وبعد سلسلة من مشاركات الفيلم في مهرجانات سينمائية دولية، وحصوله على عدد من الجوائز، حاور "الفجر الفني" المؤلف والمخرج التونسي محمد بن عطية، الذي أعرب بدوره عن سعادته بوجوده في مصر، ومشاركة فيلمه للمرة الأولى في مهرجان أيام القاهرة السينمائية، بسينما زاوية بوسط القاهرة، مؤكدا أنه لمس ردود فعل إيجابية لدى الجمهور المصري، والتي لم تختلف كثيرا عن ردود فعل الجمهور عند عرض الفيلم في تونس وبعض الدول العربية والأوروبية، مشيرا إلى تشابه أوجه الأسئلة والنقاشات التي دارت حول الفيلم أيضا. وأضاف "بن عطية" أن عدة أسباب تدخلت في اختياره لقصة فيلمه "نحبك هادي"، ليكون الفيلم الروائي الطويل الأول له، مؤكدا أنه كان يعمل لدى شركة بيع سيارات، لكنه لم يفكر في خوض تجربة التأليف إلا مع قيام الثورة التونسية في عام 2011، حيث أراد التعبير عنها في قصة سينمائية تتضمن سرد تفاصيلها وأهدافها، مشيرا إلى عدم استعداده لفعل هذا الأمر وقت اندلاع الثورة، وبعد مرور سنوات، قرر أن يرتبط فيلمه الأول بروح الثورة ولكن بشكل غير مباشر. وتابع "بن عطية" أن البُعد السياسي في فيلمه، يُعد من أهم سمات العمل، لكنه يأتي في إطار رومانسي، عن طريق قصة حب تنشب بين "هادي" الشخص الذي يُرِيد التمرد على نفسه، و"ريم" الفتاة المنطلقة التي تؤثر الثورة سلبا على عملها في مجال السياحة وتضطر إلى ترك وطنها بحثا عن العمل، مؤكدا أن الشخصيات التي تضمنها فيلمه، تدل على الواقع السياسي في تونس، ولكن بطريقة غير مباشرة، لكنها مفهومة لدى الجمهور عند مشاهدة أحداث الفيلم. وأضاف "بن عطية" أنه تفاجأ بموهبة الممثل التونسي مجد مستورة، بطل فيلمه، مؤكدا أن لعب شخصية "هادي" بطريقة أكثر احترافية من الذي توقعها عندما وقع عليه الاختيار لتجسيد الدور، مضيفا أنه رسم في مخيلته صفات شكلية وشخصية مختلفة لبطل الفيلم في البداية، لكنه اكتشف أن "مجد" هو الأنسب للدور أثناء التصوير، مشيرا إلى اعتماده على معايير محددة في اختيار باقي ممثلي الأدوار في الفيلم، وهو ما دفعه للاستقرار على باقي الأبطال، ومنهم الفنانة ريم بن مسعود، وغيرها. وأعرب "بن عطية" عن سعادته باختيار فيلمه للمشاركة في مهرجانات دولية معروفة، وحصوله على جائزة أفضل عمل أول لمخرج من مهرجان برلين السينمائي في دورته الأخيرة، مؤكدا أن المهرجانات السينمائية تعتمد على معايير اختيار من الممكن أن تختلف عن الجمهور، موضحا أن لكل مهرجان خصوصيته، فبعضها تهتم بالأفلام التي تتضمن رؤية فنية، وتتناول قضايا حيوية في العالم العربي، وبعضها يهتم بالبُعد السياسي، وهو ما يختلف لدى الجمهور، حيث يُرِيد مشاهدة شئ يهدف إلى التسلية والضحك أكثر. وكشف "بن عطية" عن سبب اختيار عنوان "نحبك هادي" لفيلمه، مؤكدا أنه يتضمن جانب رومانسي عن قصة الحب التي تدور حولها الأحداث، وجانب أخر يُعبر عن حال المجتمعات العربية، وهو حب الشخص الهادئ في طباعه الشخصية، والمستسلم لواقعه الذي يسيّره له المحيطون به، وأضاف "بن عطية" أن يستعد لكتابة وإخراج فيلمه الطويل الثاني، خلال الشهور القادمة، مؤكدا أن الفيلم يسلط الضوء على العلاقات بين أفراد العائلة، ويتضمن أبعاد أخرى مختلفة. وعن تأثير ثورات الربيع العربي على المجتمعات العربية، وإلى أي حد نجحت الشعوب في تحقيق الأهداف المرجوة منها، أكد "بن عطية" أن الثورة في تونس سارت على الطريق الصحيح منذ قيامها وحتى الأن، وحققت أهم أهدافها وهو حق الشعب في التعبير عن رأيه بحرية، مشيرا إلى بعض الاضطرابات التي يعاني منها المجتمع التونسي، بعد الثورة، ومنها تراجع السياحة بشكل كبير، وأزمة غلاء الأسعار، نتيجة لتدهور الحالة الاقتصادية في البلاد. لمشاهدة الفيديو اضغط هنا