لم يعد مثيرًا للدهشة، أن يسقط مجلس النقابة الحالي للصحفيين في أزمة أو ورطة، ففي الوقت الذي كان من المفترض أن فيه تنشغل الجماعة الصحفية بقضايا تعديل قانون النقابة، والانتهاء من قانون الإعلام الموحد، إضافة للإعداد لانتخابات مجلس النقابة المقبلة، التي من المفترض أن تنعقد في مارس المقبل، انشغل مجلس النقابة الحالي بأزماته الداخلية، التي انفجرت بعد اقتحام قوات الأمن لها، مطلع مايو الماضي، وكأن تلك الأزمة كانت مثل العقد الذي انقطع، لينفرط وراءه اللولي منكبًا على الأرض. وبدلًا من أن يكون الاحتفال باليوبيل الماسي للنقابة، أبريل الماضي "يوم عُرسها" سرعان ما انتهى شهر العسل، وانقضت الأزمات عليها قبل أن تنتهي من الاحتفاء بتاريخها، ليصنع ذلك لها تاريخًا جديدًا، قد لا يكون محمودًا لها في المستقبل. "ومن الذي يستطيع أن يدوس على طرف صاحبة الجلالة".. هكذا بدت للجميع نقابة الصحفيين، صاحبة القلم، المدافع الأول عن حقوق المظلومين، وقبلة طالبي الحق والإنصاف، إلا أن القدر لم ينصفها لذاتها، واستطاع أن يرسم لها وجهة جديدة، فبدلًا عن بحثها عن حقوق من يطالبون بحقهم، أصبحت تبحث عن حقها في الوجود. - الرئيس "السيسي" واالصحفيين وبعد أن سقطت صاحبة الجلالة في الوحل، لم يلتفت لها الرئيس عبد الفتاح السيسي "مرة" على الرغم من أن تلك الفترة التي تعرضت فيها النقابة لأزمات عدة، بدأت باقتحام قوات الأمن لها، ومحاكمة النقيب، شهدت إلقاء الرئيس للعديد من الخطابات التلفزيونية للشعب، إلا أنه لم يلتفت لأزمة الصحفيين، إلا مرة واحدة، حين قال: "أنا مش زعلان من الصحفيين"، وكأنهم هم المذنب الأول في تلك الأزمات. كل هذا وذاك، إضافة إلى عدم دعوة الرئيس السيسي ل"يحيى قلاش" نقيب الصحفيين، لأي حوار أو نقاش، على الرغم من دعوته لرؤساء تحرير الصحف الكبرى والقومية، لمناقشة قضايا الدولة، ولم يدعو مرة نقيب الصحفيين، وهو ما زاد من علامات الاستفهام لدى كبار الكتاب الصحفيين والشباب. - الأزمات تنخر في عظام المجلس الحالي قبل انتخابات التجديد وعلى الرغم من أن نية المجلس الحالي لم تضح بخصوص انتخابات التجديد، مارس المقبل، إلا أنه من المتوقع أن يترشح بعضهم على مقعده مرة أخرى، أو على مقعد النقيب، ولكن من المتوقع أن تؤثر الأزمات التي تعرض لها المجلس الحالي، في نسبة نجاحه مرة أخرى، خاصة بعد اتهام بعض كبار الكتاب الصحفيين له، بأنه لم ينجز أي شيئ قد يفيد الجماعة الصحفية مستقبلًا، على الرغم من حساسية الوقت الذي تولى فيه المجلس مقاعده. وتعددت تلك الأزمات التي أثقلت ظهر المجلس الحالي، بانفجار أزمة اقتحام قوات الأمن للنقابة، والتي كانت ولازالت مثل الطوفان، الذي كلما هدء سرعان ما ارتفعت أمواج توابعه، التي وصلت لمحاكمة نقيب الصحفيين في قضية، تنظرها محكمة جنح قصر النيل، في تهم نشر أخبار كاذبة، والتستر على مطلوبين للعدالة، فأصبح المجلس الحالي بدلًا من أن يبحث عن حق إثنين من الصحفيين المتهمين بقضايا نشر، يبحث عن حقه هو. - هل تنهي قضية قضية "اقتحام نقابة الصحفيين" عمل المجلس الحالي نقابيًا؟ وأصبح يتراود هذا السؤال في أذهان كبار الصحفيين والشباب، هل تنهي قضية "اقتحام نقابة الصحفيين" عمل المجلس الحالي نقابيًا، خاصة بعد تغير موقف العديد من كبار الكتاب الصحفيين، من مؤيد للمجلس بعد عموميته الطارئة في مايو الماضي، لمعارض بعد أن رأى البعض أن موقف المجلس تراجع وتراخى، حتى وصل به الحال لأروقة المحاكم، في سابقة يراها الكثيرين إهانة لصاحبة الجلالة، بعد ضعف موقف المجلس في حل الأزمة، بل وانفجار أزمات فرعية أخرى من القبض "الجماعي" على شباب الصحفيين خلال تأدية عملهم، ولا يمكن إنكار أن فئة أخرى من كبار الكتاب يرونها فخرًا. كل تلك الأزمات، وخاصة أزمة "اقتحام قوات الأمن للنقابة، سيظل توابعه تلاحق مجلس النقابة الحالي، حتى انتهاء مدته، وستظل تلاحق من ينتوي الترشح على مقعده أو مقعد آخر، في الانتخابات المقبلة، بل ويراه عدد من شباب الصحفيين، ينهي عمل المجلس الحالي نقابيًا في الدفاع عن حقوق الأعضاء وحرياتهم، وينهي عمل المجلس الحالي أيضًا، بعد تجاهل السلطة للنقابة أكثر من مرة، بدلًا من أن تكون المحاسب الأول لها. وتنظر محكمة جنح قصر النيل المنعقدة بمحكمة عابدين، جلسة النطق بالحكم، في قضية اتهام نقيب الصحفيين يحيى قلاش، وخالد البلشي وكيل النقابة، وجمال عبد الرحيم السكرتير العام، في القضية المعروفة إعلاميًا ب "قضية اقتحام نقابة الصحفيين، واتهامهم بنشر أخبار كاذبة، وإيواء مطلوبين للعدالة. - آراء مختلفة ورأى ضياء رشوان نقيب الصحفيين السابق، أن مجلس النقابة الحالي تعرض للكثير من الأزمات، التي لم يمكن ليتحملها غيره، وعلى الرغم من ذلك يظل مجلس النقابة متماسكًا "إلى حد ما"، وهو ما سيكون له توابع وآثار قوية، على انتخابات التجديد النصفي المقبلة للنقابة، سواء إذا أراد أحد من المجلس الحالي الترشح على مقعده أو مقعد آخر، أو إذا أراد أحدًا آخر الترشح، موضحًا أن أزمات النقابة الحالية، ستظل توابعها سنوات عديدة. بينما رأى مكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين الأسبق، أن مجلس النقابة الحالي كان السبب الرئيسي في اندلاع تلك الأزمات، مؤكدًا أن مجلس النقابة تعامل مع الأزمات بشكل "خاطئ"، وهو ما أثر على شعبيته بشكل سلبي، وجعل فئة من الجماعة الصحفية، تعتبره "منتهي الصلاحية"، حتى انتخابات التجديد.