فرص عمل متاحة في مشروع محطة الضبعة النووية (رابط التقديم)    تظلمات بطاقة الخدمات المتكاملة لذوي الإعاقة (رابط)    خطوط مواصلات العاصمة الإدارية الجديدة.. داخل وخارج الأحياء    خبير اقتصادي: حياة كريمة تحولت لأكبر مشروع اجتماعي في العالم    أسعار العملات اليوم مع نهاية التحديثات اليومية.. استقرار ملحوظ    بري وبلينكن هاتفيًا يبحثان الأوضاع الراهنة في لبنان    قوات أحمد الروسية تعلن تحرير 15 بلدة في كورسك    تراجع الدولار عن أعلى مستوياته في شهرين    منتخب مصر يتخطي موريتانيا بهدفي تريزيجيه وصلاح    التغيير الثالث.. استدعاء لاعب جديد لتعويض باكيتا في قائمة البرازيل    انتهت تصفيات أمم إفريقيا - مصر (2)-(0) موريتانيا    اصابة 6 أشخاص في انهيار شرفة منزل بالإسماعيلية    التصريح بدفن جثة شاب لقى مصرعه أسفل عجلات قطار بالجيزة    ماستر سين الأغنية الراقية.. فودة يحتفي بميلاد عمرو دياب    شاهد بالبث المباشر تونس اليوم.. مشاهدة تونس × جزر القمر Tunisia vs Comoros بث مباشر دون "تشفير" | كأس أمم إفريقيا 2026    الأهلي يفوز على الزمالك 30-21 في دوري المحترفين لكرة اليد    المنيا يهزم بني مزار بثنائية في دوري المظاليم    تراجع أسعار النفط رغم التوترات في الشرق الأوسط    وزير الخارجية يتلقى اتصالا من نظيره الفرنسي لبحث التطورات الخطيرة في لبنان وغزة    إصابة شخص سقط من قطار بمحطة الجيزة    روسيا: أي هجوم على المنشآت النووية الإيرانية سيكون استفزازًا خطيرًا    المايسترو أحمد عويضة يقود حفل عبير نعمة والمؤلفين العرب في مهرجان الموسيقى العربية    درة تنشر أحدث جلسة تصوير على حمام السباحة .. والجمهور يعلق    «اتعامل معاهم وأنت متطمن».. 5 أبراج تجعلك تشعر بالثقة تجاههم    أفلام الجوائز فى مهرجان الجونة    الأفلام القصيرة بمهرجان البحر الأحمر تكشف عن فكر جيل جديد للسينما العربية    غدًا انطلاق قافلة طبية مجانية فى جنوب سيناء    وزير الاستثمار يشيد بعمق العلاقات المصرية السعودية    "ألف قائد محلي" تجري المقابلات الشخصية مع شباب الإسكندرية غدًا    افتتاح مسجد عزبة جابر بقرية الكاشف الجديد في دمياط    الكرة النسائية.. انسحاب فريق توت عنخ آمون بعد أول 45 دقيقة أمام بسيون    حملة "100 يوم صحة" قدمت أكثر من 112 مليون خدمة مجانية خلال 71 يومًا    بالصور- ضبط مخزن زيت طعام مجهول في سرس الليان    «الداخلية» توجه قوافل بالمحافظات مزودة بوحدات إلكترونية لتقديم خدمات الأحوال المدنية    تتراوح من الاكتئاب إلى الانفصام، أعراض وعلامات المرض النفسي لدى الأطفال والبالغين    طلاب جامعة المنوفية ينجحون في تحرير 4744 مواطنا من الأمية    وزير قطاع الأعمال:ضرورة تسريع تنفيذ المشروعات وتعزيز التكامل بين الشركات    ضمن جهود مبادرة بداية جديدة لبناء الإنسان.. الصحة تنظم دورات تدريبية حول الإسعافات الأولية من خلال فروع الهيئة بالمحافظات    الأنبا توماس يشارك في ورشة العمل "القادة الدينيين وبداية جديدة لبناء الإنسان"    بالصور- محافظ بورسعيد يفتتح مسجدا جديدا بمنطقة كربة عايد    موعد اجتماع البنك المركزي المصري أكتوبر 2024 ومصير سعر الفائدة    الأردن يدين استهداف الاحتلال الإسرائيلى لقوات اليونيفيل جنوب لبنان    حزب الاتحاد ينظم ندوة بعنوان «إفريقيا عمق استراتيجي لمصر ومصير مشترك»    الصعيد في عيون حياة كريمة.. مدينة إسنا تحصل على دعم كبير برعاية مجلس الوزراء    دار الإفتاء توضح فضل زيارة مقامات آل البيت    وكيل صحة سيناء يتفقد مستشفى الشيخ زويد المركزي ووحدات الرعاية الصحية    فضل الدعاء للأب المتوفي في يوم الجمعة: مناجاةٌ بالرحمة والمغفرة    بالتزامن مع الاحتفال بذكرى بنصر أكتوبر.. تنسيقية شباب الأحزاب تعلن عن استراتيجيتها الجديدة    تعرف علي حكم قراءة سورة الكهف يوم الجمعة    سفيرة مصر في زامبيا تطالب الكنيسة بتوسيع خدمات المستشفى القبطي    سقوط تشكيل عصابي تخصص في سرقة سيارات النقل بالأقصر    الصحة: إغلاق عيادة جلدية يديرها أجانب مخالفة لاشتراطات التراخيص في مدينة نصر    خطبة الجمعة اليوم.. تتحدث عن السماحة في البيع والشراء والمعاملات    ترامب يتعهد بإلغاء الضريبة المزدوجة على الأمريكيين المقيمين بالخارج حال الفوز    مشادة كلامية.. حبس فتاة قتلت صديقتها طعنا داخل كمباوند شهير في أكتوبر    موعد مباراة هولندا والمجر والقنوات الناقلة في دوري الأمم الأوروبية    اختللاط أنساب.. سعاد صالح تحذر المواطنين من أمر خطير يحدث بالقرى    ميوزك أورد وجينيس وفوربس.. أبرز 20 جائزة حققها الهضبة طوال مشواره    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تفسير قوله تعالي "مثل القرية الآمنة المطمئنة"
نشر في الفجر يوم 22 - 07 - 2016

أقام سبحانه هذا الكون وفق سنن محكمة، وقوانين مطردة، من أخذ بها نجا وسلم وأفلح، ومن غفل أو أعرض عنها، فقد خسر خسراناً مبيناً. ومن سنن الاجتماع التي أقام عليها سبحانه نظام هذا الكون سُنة قيام المجتمعات والدول وزوالها، تلك السُّنَّة التي تقرر أن أمر المجتمعات إنما يدوم ويستقر إذا أقامت شرع الله فيها، وأن أمرها يؤول إلى زوال واضمحلال، إذا أعرضت عن ذكر الله، وتنكبت سنن الهداية والرشاد.
وقد ضرب سبحانه مثلاً واقعياً يُجلِّي هذه السُّنَّة الاجتماعية، ويظهرها أظهر بيان، ذلك ما نقرأه في قوله تعالى: {وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون} (النحل:112)، فقد جعل سبحانه (القرية) -والمراد أهلها- التي هذه حالها مثلاً لكل قوم أنعم الله عليهم، فأبطرتهم النعم، فكفروا بها، وتولوا عن أمر ربهم، فأنزل الله بهم عقوبته، وأبدلهم نقمة بعد ما كانوا فيه من نعمة.
ويذكر المفسرون أن هذا المثل، ضربه سبحانه لبيان ما كان عليه حال أهل مكة؛ لأنهم كانوا في الأمن والطمأنينة والخصب، ثم أنعم الله عليهم بالنعم العظيمة، وهو محمد صلى الله عليه وسلم، فكفروا به، وبالغوا في إيذائه، فسلط الله عليهم البلاء والوباء. وقد قالوا هنا: عذبهم الله ب (الجوع) سبع سنين، حتى أكلوا الجيف، والعظام، أما (الخوف) فهو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبعث إليهم السرايا، فيغيرون عليهم.
وهذا الذي نزل بهم إنما كان بسبب موقفهم من دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإعراضهم عن الهدي الذي جاءهم به محمد صلى الله عليه وسلم، فكان عاقبتهم أن أذاقهم {الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون}.
يقول سيد قطب رحمه الله موضحاً ما لأجله ضرب الله هذا المثل: هذا "أشبه شيء بحال مكة، جعل الله فيها البيت، وجعلها بلداً حراماً من دخله فهو آمن مطمئن، لا تمتد إليه يد، ولو كان قاتلاً، ولا يجرؤ أحد على إيذائه، وهو في جوار بيت الله الكريم. وكان الناس يُتخطفون من حول البيت، وأهل مكة في حراسته وحمايته آمنون مطمئنون. وكان رزقهم يأتيهم هيناً هنيئاً من كل مكان مع الحجيج ومع القوافل الآمنة، مع أنهم في واد قفر جدب غير ذي زرع، فكانت تجبى إليهم ثمرات كل شيء، فيتذوقون طعم الأمن، وطعم الرغد منذ دعوة إبراهيم الخليل، ثم إذا رسول منهم، يعرفونه صادقاً أميناً، ولا يعرف عنه ما يشين، يبعثه الله فيهم رحمة لهم وللعالمين، دينه دين إبراهيم باني البيت الذي ينعمون في جواره بالأمن والطمأنينة والعيش الرغيد؛ فإذا هم يكذبونه، ويفترون عليه الافتراءات، وينزلون به وبمن اتبعوه الأذى. والمثل الذي يضربه الله لهم منطبق على حالهم، وعاقبة المثل أمامهم، مثل القرية التي {كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله}، وكذبت رسوله، {فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون}، وأخذ قومها العذاب".
ولا يهمنا في هذا السياق تحديد (القرية) المرادة في هذا المثل، هل هي مكة -كما ذهب لذلك أكثر المفسرين، أو أن يراد قرية من قرى الأولين-، بل المهم بيان أمر هذه (القرية)، وكيف كان حالها من الرخاء، والسعة في الرزق، والبسط في العيش، ثم إنها تنكبت عن شرع الله، فضربها الله مثلاً لعباده؛ إنذاراً من مثل عاقبتها.
والغرض الرئيس من هذا المثل بيان أن التزام شرع الله هو الأساس الذي تُحفظ به الدول، وتستقر به المجتمعات، وأن الإعراض عنه يؤدي بها إلى الهلاك والزوال، مصداق ذلك غير الآية التي معنا قوله عز وجل: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما كانوا يكسبون} (الأعراف:96)، وقوله سبحانه أيضاً: {وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد} (هود:102).
ولا يغرنك في هذا الصدد ما تراه من استقرار الأمم، وازدهار الدول التي لا تطبق شرع الله، ولا تقيم له وزناً، فإنها في حقيقة أمرها إنما هي تمر بالمرحلة الأولى التي ذكرها هذا المثل، وهي مرحلة الأمن والطمأنينة؛ لينظر الله ماذا عساها تعمل، وماذا عساها تصنع، والعبرة بالخواتيم والنهايات، وقد يُستأنس في هذا الشأن بقوله تعالى: {بل متعنا هؤلاء وآباءهم حتى طال عليهم العمر} (الأنبياء:44).
ويفيدنا في هذا المقام أيضاً، أن نستحضر سقوط العديد من الدول في عصرنا الحديث جراء كفرها بأنعم الله، كالدولة التي كانت تُعرف بالاتحاد السوفياتي، التي كانت من الدول العظمى في العالم، ثم آل أمرها إلى ضعف وانحطاط، وكذا غيرها من دول المعسكر الشرقي.
ومن المهم أن نلفت الانتباه إلى أن هذه السُّنَّة في الاجتماع، وهي سُنَّة يصح أن نطلق عليها سُنَّة الصعود والهبوط، والأمن والخوف، والسعة والضيق، نقول: إن هذه السُّنَّة كما تنطبق على المجتمعات والدول، فهي تنطبق كذلك على الأفراد والجماعات، فالإنسان الذي يعيش في نعمة، ولا يرعى هذه النعمة، ولا يقدرها قدرها، ولا يشكر واهبها، فلا جرم أن يُحرم من تلك النعمة، وأن يسلبها الله إياها؛ لكفرانه بها، وجحده بمانحها وواهبها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.