عرّف الحياة في قاموسه ك"بروفة للآخرة"، ولم يكن يخشى لقاء عزرائيل فيقول: لو جالي هفتحله وانط في حضنه، "عبدالرحمن الأبنودي" الذي تعرض في أواخر أيام حياته لمرض في الرئة، وقال إنه "سيقطع طريقه إلى دولة الأموات بفضل هذا المرض"، وقال أيضًا إن "الصعيدي يموت دون أن يمرض"، والمرض في اعتباره "عيب". رصدت "الفجر" في الذكرى الأولى لرحيل الخال مجموعة من آخر المشاهد في حياته 1-كان آخر ما كتب الخال على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي تويتر يوم 16 أيريل و"يا مصْر وإن خيّروني ما أسكن إلاكي.. ولأجْل تتبِّسمي.. يا ما بابات باكي.. تسقيني كاس المرار.. و برضُه باهواكي.. بلدي ومالي إلا انتي ولو ظلمتيني". كما كتب ايضا في نفس اليوم: "مقبولة منِّك جراح قلبي وْدموع عين الجرح يشْفى إذا بإيدك لمستيني.. كي!.. كلّك حلاوَة.. وكلمة «مصر».. أحلى" 2-عبر الأبنودي عن رأيه في الرئيس عبدالفتاح السيسي خلال آخر مداخلة هاتفية له قبل وفاته بأيام مع المحامي خالد أبو بكر، ببرنامج "القاهرة اليوم" على فضائية اليوم، قائلًا إن الرئيس السيسي حاد الرؤية ويعد الرجل المناسب لتلك الفترة، مؤكدًا أن الشعب المصري أكرمه الله بالرئيس الحالي . وأضاف الأبنودي: "أعتقد أن السيسي لديه معلوماته الخاصة وليس مغامراً، وهو رجل مخابرات ويحسب الأمور بدقة شديدة"، مبدياً أمله في أن يوفقه الله لحماية مصر وشعبها. 3-قدم الأبنودي مجموعه من الوصايا للرئيس والحكومة حيث طالبها بالإفراج عن المعتقلين وقال وقتها: "افرجوا عن الشباب واحبسونا بدلهم"، وقال عن سجن الشباب , أحمد دومة أخطأ لكنه يدقه ثمن عقوبة لما يرتكبها وغيره . 4-وطالب أيضاً الأبنودي من الرئيس عبد الفتاح السيسي بضرورة الحفاظ على مصر ومراعاة الفقراء والبسطاء حيث قال إن أهم ما فعله عبدالناصر هو أنه حافظ على قضيتين، كان أولهما فقراء مصر، وكل ما فعله من أجلهم، وثانيًا الشباب، وكيفية خلق أطر تنظيمية يتعلم فيها الانتماء من جديد، وأن يدرس الأدب والفن والثقافة والاقتصاد 5-تمنى الشاعر الراحل الأبنودى قبل وفاته الحضور بجانب الشعب المصري وقت الاحتفال بقناة السويس الجديدة في شهر أغسطس، أي قبل وفاته بأكثر من ثلاثة أشهر، قائلا "أنا هنا ما بينى وبينها خطوات لأنى مقيم فى الإسماعيلية، وأتمنى أننا نعمل حاجة طيبة لقناة السويس". 6-طلب من المصريين أن يتذكروه، وأن يظل حاضرا بينهم بعد موته، قائلا في تصريحات صحفية خلال مرضه وقبل وفاته بفترة أثناء احتجازه بمجمع الجلاء الطبي للقوات المسلحة، أنه اختار أن تكون مقبرته بعيدا عن القاهرة وتحديدا في الإسماعيلية، المدينة التى انتقل الأبنودي للعيش فيها منذ سنوات، وإن كانت هذه هي وصيته للمصريين فكانت وصيته لأهله هو أن يدفن فى الإسماعيلية، وأن تقام له جنازة عادية، ولا يلف جسده أو نعشه بعلم مصر أو حتى ملاءة. 7-قال الأبنودي في آخر لقاء له مع الإعلامية لميس الحديدي فى برنامج هنا العاصمة أثناء زيارتها له في المجمع الطبي للقوات المسلحة حيث كان يتلقى علاجه "حالتي مش كويسة بس بين أيد أمينة، أنا لا يمكن أضيع عبد الرحمن الأبنودي، المرض في حاله، وأنا في حالي أضحك والعب وأقرأ وأكتب". وتابع "حيًا أو ميتًا أنا عبد الرحمن الأبنودي، ظلموني ما رضيتش اتظلم، حبيت هذا الوطن، وهذه الأرض، وبوجه تحية للشعب المصري بقولهم ما تنسونيش، للي بيحبني أنا مش عايز اتلف في علم ولا في ملاية، أنا عملت مقبرتي بعيد، وبقول للي ليا عندي فلوس يسامحني، واللي ليا عنده فلوس بناتي مش أقل غلاوة، من بناته، أنا عمري ما طالبت بحق لنفسي". 8-قصيدة عبد الرحمن الأبنودى والتي كتبها في أواخر أيامه عن "الموت" والوداع الأخير له فى قصيدة "العمة يامنه"، قائلًا: "إذا جاك الموت يا وليدي.. موت على طول.. اللي اتخطفوا فضلوا أحباب.. صاحيين فى القلب.. كإن ما حدش غاب.. واللى ماتوا حتة حتة". 9-مراحل المرض مرت بالتدريج حيث في اليوم التالي لشم النسيم, شعر بإرهاق شديد، كان التعب شديدا جدا، وشعر بآلام في عظامه وأكتافه، وكل جسده، وتناول جرعة من العلاج نصحه بها الطبيب عند الحاجة، وفى يوم التالي شعر بتعب شديد جدا وقال لزوجته «لازم أروح المستشفى فورا» رغم تواجدهم في الإسماعيلية والمستشفى في القاهرة، وأثناء تجهيز زوجته لحقيبة السفر، أرسل لها محمود «مساعده ومن أقرب الناس إليه» وقال له: «قول لها أنا بموت»، وطبعا محمود لم يجرؤ أن يقول هذه الكلمة في ذلك الوقت، وفضل أن يقولها لزوجته بعد أيام من الوفاة، ومن شدة الضغط أصيبت زوجته بحيرة وتشتت، وظننت أن محمود هو من قام بتجهيز حقيبة الأبنودى. 10-قبل دخوله غرفة العمليات كان يطلب آية ونور بناته ، ورغم أنهما كانا معه وعادا إلى المنزل، إلا أنه كان طوال الليل يسأل عنهما، ويقول "مشيوا ليه.. أنا كنت عايزهم، ليه سيبتيهم يمشوا"وظل ينادى عليهم حتى وهو نائم "يا آية يا نور"، ثم ينادى على زوجته وعلى محمود ويقول "أنا لازم أرجع الإسماعيلية اليوم" ولم يستوعب الدنيا، وقال لزوجته "بلغى محمود يجهز الأكلات اللى بيحبوها البنات" كل شيء أصبح عنده غير موزون، وفى اليوم التالى وبعد إجراء الإشاعات والتحاليل قرر الأطباء دخوله غرفة العمليات لإجراء جراحة سريعة فى المخ. 11-أجرى حوار مع الإعلامي محمود سعد تحدث فيه عن الموت فى أيامه الأخيره. وأكد أنه غير خائف من الموت، وأن هذه هي عادات "الصعايدة"، قائلا: "أنا بلعب مع المرض، وعلّمونا في الصعيد أننا لا نمرض، فالرجل يموت فجأة عندما يأتي موعده". وتابع مرددا جزء من أشعاره: "وأمي.. والليل مليل، طعم الزاد القليل..بترفرف.. قبل ترحل جناح بريشات حزانى.. وسددت ديونها وشرت كفن الدفانة..تقف للموت يوماتي ما جاش ابن الجبانة". 12-وجه الشاعر المصري "عبد الرحمن الأبنودي" رسالة من على فراش الموت، لكُل مُدخن ومُدخنه، قبل ساعات فقط من وفاته بعد أن أنهكت الأمراض جسده نتيجة إدمانه على التدخين بشراهة، وكان آخر ما نطق به "الأبنودي" هذه الكلماتُ المؤثرة، وقال الأنبودي في رسالته "أنا بلا رئة الآن.. أنا أحد ملايين المصريين الذين أفسدوا حياتهم بهذه اللعبة الحقيرة المُسمّاة بالسجائر، وصلت لحالة من الشراهة بالتدخين حتى فسدت رئتاي وتضخمتا فأصبحتا كالكرة التي إن رميتها للكلب رفض أكلها، وكل ما بقي منها هو هذا الجزء الصغير الذي يُمكنني من التحدث معك". فليقف كل مدخن ومدخنة عند هذه الكلمات قبل أن يصل به الحال لما وصل اليه الراحل الأبنودي وليتوقف عن التدخين لإنقاذ ما تبقى من صحته.