تربع "أمناء الشرطة" على عرش البطولة للحدث الأكثر إثارة للجدل خلال الأسبوع الماضي، حيث بدأ الأسبوع بواقعة تزلزل على أثرها الرأي العام، بعد أن قتل أمين شرطة شاب في منطقة الدرب الأحمر بالرصاص دون داعي. لم يتزلزل فقط الرأي العام على إثر هذا الحدث ولكن كان له توابع داخل الحكومة نفسها بشكل عام والبرلمان، بالإضافة إلى وزارة الداخلية التي انقلبت رأسًا على عقب بعد الواقعة. ورصدت "الفجر" هذا الزلزال وتوابعه التي لحقت به على مدار الأسبوع المنصرم.
"الدرب الأحمر" تشعل الأزمة أدت الواقعة المعروفة إعلامياً ب "الدرب الأحمر" إلى توجيه الأنظار على تجاوزات أمناء الشرطة الأخيرة، وذلك حينما أطلق أحد أمناء الشرطة الرصاص من سلاحه الميري على أحد سائقي "التو توك" بمنطقة الدرب الأحمر، ما أدى إلى وفاته في الحال، وأمسك الأهالي بأمين الشرطة، وتحفظوا عليه داخل إحدى المحال التجارية لحين وصول الشرطة للقبض عليه، ورفضوا تسليمه لضباط قسم الدرب الأحمر، إلى أن استطاع الفرار ليتم التحفظ عليه وهو في حالة حرجه. وعلى إثر ذلك اتجه عدد آخر من الأهالي صوب مديرية أمن القاهرة، وحاصروا المبنى احتجاجًا على الحادث، وبالمعاينة الأولية للنيابة لجثة المجني عليه أثبت أن الوفاة سببها تلقيه ثلاثة رصاصات من سلاح الجاني في البطن والجمجمة. و تعالت الأصوات التي نادت بإلغاء معهد أمناء الشرطة، نظرًا لما يقوم به هؤلاء الأمناء من انتهاكات تهدد المجتمع المصري واستقراره. وبدورها أعلنت الأجهزة الأمنية بمديرية أمن القاهرة عن إلقائها القبض على أمين الشرطة المتهم بالواقعة، والتحفظ عليه، موضحةً أنه في حالة خطرة عقب المشاجرة مع الأهالي أمام المديرية، وتم نقله للمستشفى، ويدعى "مصطفى.م.ع" أمين أول شرطة من قوة النقل والمواصلات، حيث تبين إصابته بنزيف داخلي واشتباه ما بعد الارتجاج وجروح عميقة وكسور بجميع أجزاء جسده ولا يمكن استجوابه، وقامت بإخطار النيابة العامة.
البرلمان ينتفض ضد الأمناء وأدت التجاوزات المتكررة لعدد من أمناء الشرطة وخاصةً واقعة "الدرب الأحمر"، إلى غضب القوى السياسية وأعضاء مجلس النواب، مما أدى إلى انتفاضة النواب خلال الجلسة العامة لمناقشة اللائحة الداخلية التي عُقدت الأحد الماضي، حيث أكد بعض النواب على أن هذا الفعل إجرامي، في حين تعالت أصوات عدد كبير من الأعضاء بمنع تسليح رجال الشرطة وخاصةً الأمناء والاكتفاء بعصا تمنح له، والعمل على تشديد العقوبة على من يتجاوز من أمناء الشرطة ليمون رادعاً لغيره. كما طالب الأعضاء بضرورة محاسبة المخطئ حتى ولو بلغت نسبتهم 90% من رجال الشرطة، إضافةً إلى المطالبة بعقد جلسة خاصة بحضور الحكومة، تقدم فيها بياناَ كاملاً عن كل التجاوزات الأخيرة. واعتبر البعض أن مناقشة مجلس النواب لأزمة أمناء الشرطة كانت سطحية، وغير مرضية، خاصةً أنهم اعتبروا أنها أفعال فردية، واعتبر رئيس المجلس أن تجاوزاتهم لن تؤثر من قريب أو من بعيد في الدور الهام والفعال لرجال الشرطة.
"السيسي" يرد على تجاوزات الشرطة وفي محاولة من الرئيس عبدالفتاح السيسي، لكبح لجام إمبراطورية أمناء الشرطة والحد من تجاوزاتهم بحق المواطنين من قتل واعتداء، طالب الرئيس وزير الداخلية، اللواء مجدي عبدالغفار، بسن تشريعات جديدة لضبط الأداء الأمني في الشارع، وأن يتم عرضها على مجلس النواب خلال 15 يوم لمناقشتها، ومواجهة تصرفات أمناء الشرطة بالقانون لوقفها بشكل رادع ومحاسبة مرتكبيها. وهو ما اعتبره أعضاء مجلس النواب خطوة جيدة للحد من تجاوزات رجال الشرطة، في حين انتظر الشعب المصري نتيجة تنفيذ هذا القرار وتطبيقه على أرض الواقع.
قرارات "الداخلية" لحفظ ماء وجهها وعقب التجاوزات المتعددة لرجال الشرطة، خرج اللواء مجدي عبدالغفار، وزير الداخلية ليؤكد أن التعامل اليومي لرجل الشرطة مع المواطن يفرز العديد من الإشكاليات والممارسات غير المسؤولة قِبل المواطنين، وأن تلك الممارسات تُشكل عائقاً حقيقياً تجاه إنجاز مهام ومسئوليات الشرطة الوطنية في مواجهة الجريمة الجنائية والإرهابية. وتابع أنه أصبح لزاماً علينا جميعاً التصدي بحزم لهؤلاء العناصر التي تسيء لوزارة الداخلية وللقاعدة العريضة من رجال الشرطة الأبطال الذين يقدمون كل يوم تضحيات عظيمة لخدمة رسالة الأمن. في حين بدأت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية اتخاذ خطوات سريعة للسيطرة على "دولة حاتم"، لامتصاص موجة الغضب التي اجتاحت الشارع المصري، حيث أعلنت عن ما يعرف باسم معهد "معاوني الأمن" في محاولة منها للاستغناء عن أمناء الشرطة مع مرور الوقت، كما صدر قراراً بتعديل قانون هيئة الشرطة الصادر بالقانون رقم 109 لسنة 1971، وأعلنت الداخلية بدء تلقي الطلبات لوظيفة معاون الأمن، خاصةً أن هذه الوظيفة يتم تعيينهم وتأهيلهم وفقًا لأسس ومعايير خاصة، من الفئات العمرية الشابة ما بين 19 و23 عامًا، وذلك من حملة الشهادة الإعدادية، حيث يتم تأهيلهم وتدريبهم بشكل مميز، وفق أحدث البرامج الشرطية المتطورة، ويتم التخرج بعدها بوظيفة معاون أمن ثالث، قابل للترقي حتى درجة معاون أمن أول. وعلى التوازي لهذه الخطوة وتوسيع دائرة معاوني الأمن، يتم تقليص دور أمناء الشرطة تدريجياً للاستغناء عنهم، من خلال مطالب بتطبيق القانون رقم 20 لسنة 98 على فئة أمناء الشرطة والأفراد والخفراء، ولا يتم قصره على الضباط، والذى يعطى الحق الجوازي لوزير الداخلية بعد الحصول على رأى المجلس الأعلى للشرطة بإحالة "الأمناء" عند بلوغهم 45 سنة فأكثر للمعاش، بناء على تقارير الأمن القومي والجنائي، ما يعطي فرصة لتقليص عددهم وزيادة أعداد معاوني الأمن. كما استقبل اللواء مجدى عبد الغفّار، وزير الداخلية أسرة قتيل "الدرب الأحمر"، في محاولة منه لتهدئة الأوضاع وامتصاص غضب الشارع المصري.
أمناء شرطة الشرقية والإعلامي وتضاربت الأقوال حول ملابسات القبض على 7 من أمناء الشرطة، حيث نشرت بعض المواقع أن تحريات مباحث أمن الجيزة، أثبتت امتلاك 7 قيادات من ائتلاف أمناء شرطة، وبصحبتهم موظف مدني، عقاقير ومواد مخدرة، وسلاح غير مرخص، الأمر الذى لاقى استهزاء عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي. في حين ربط البعض الآخر الأمر، باستضافة الإعلامي وائل الإبراشي ل 7 من أمناء الشرطة على رأسهم الأمين منصور أبو جبل، المسؤول عن اعتصام الشرقية، ثم اختفاؤهم وعدم حضورهم، وقد تبين اعتقال الداخلية لهم لمنعهم من الظهور في البرنامج. وشنّ شقيق أحد أمناء الشرطة المقبوض عليهم ويدعى محمود مختار، هجوماً حاداً على "الإبراشي" بعد القبض على شقيقه إسماعيل، وقال خلال اتصال هاتفي ببرنامج "العاشرة مساءً"، "بعتذر لك في اللفظ وبتأسف لكن ضميري بيقولي أقول إن برنامجك تحت قيادتك وفريق إعدادك بيعتبر محطة تسليم لأي معارض لأي حد يجيب سيرة الداخلية في مصر". وأضاف، "أي حد بيترتبله لقاء معاك بيتم القبض عليه من البوابة زي ما حصل مع أخواتي النهارده". في حين رد الإبراشي، مؤكداً أن القبض على عدد من أمناء الشرطة و هم في طريقهم إلى لقاء تليفزيونى معه جريمة، ووصمة عار لا تليق بجهاز الشرطة. ورداً على هذا الحدث، نظم أفراد وأمناء الشرطة بالشرقية، وقفة احتجاجية أمام مبنى مديرية الأمن في مدينة الزقازيق، اعتراضًا على القبض على زملائهم، ودفعت الأجهزة الأمنية في الشرقية، ب7 تشكيلات أمن مركزي انتشرت في محيط مديرية الأمن بكافة الطرق المؤدية لها لتأمينها، تحسبًا لتزايد أعداد المعتصمين.
اعتداءات متكررة ولم تكن واقعة "الدرب الأحمر" هي الواقعة الأولى أو الأخيرة لاعتداءات أمناء الشرطة على المواطنين المدنيين، حيث أطلق أمين شرطة على جاره الرصاص في الخصوص بسبب "الغسيل"، وفي المنيا أطلق أمين شرطة الرصاص على 3مواطنين لخلافات عائلية، وفي بورسعيد قتل أمين شرطة زميله بسلاحه الميري، أما في الدقهلية قامت عاملة بقتل أمين شرطة طالب معاشرتها جنسيًا مقابل إيصال أمانة.
ردود الأفعال وأثارت تلك التجاوزات غضب المواطنين في الشارع المصري، حيث قالو لوزير الداخلية: "بطلنا ناكل من الكلام ده.. أمناء الشرطة ربنا يقوينا عليهم.. رجع حق الشعب كله مش مواطن الدرب بس"، وبالرغم من تعهد وزير الداخلية، لأهالي الفقيد، باسترداد حقه، وأن دمه لن يضيع هدرًا، إلا أن رد فعل الوزير، أثار جدلًا في الشارع المصري؛ حيث تساءلوا: "ماذا عن حقوق باقي المواطنين الذين يتعرضون للانتهاكات؟.. وماذا عن بقية أمناء الشرطة المخطئين". قرار مجلس الوزراء وأخيراً وافق مجلس الوزراء في اجتماعه أمس الخميس، من حيث المبدأ على تعديل بعض أحكام القانون رقم 109 لسنة 1971 بشأن هيئة الشرطة، كما قرر تشكيل لجنة وزارية لمراجعة الصياغة النهائية لتلك التعديلات، ويأتي ذلك تنفيذاً لتوجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي، بإجراء تعديل تشريعي لقانون هيئة الشرطة.