"حكاوي" زاوية ثابتة يقدمها "الفجر الرياضي" كل إثنين وخميس، لمتابعيه من واقع أرشيف الكرة المصرية، وتاريخ رموز الوسط الرياضي. شعار الأهلي يحكم، الذي يردده ملايين مشجعي القلعة الحمراء حالياً، ليس من فراغ ولكنه نابع من إحساسهم الدائم بأن السيطرة الكلية علي مجريات الأمور، تكمن في كلمة واحدة تصدر من رئيس ناديهم، وهو الأمر الذي لم يعد بمثابة كلمات وشعارات ولكنه ناتج عن مواقف خلدها المايسترو صالح سليم، داخل أذهان الاهلاوية وجميع مشجعي كرة القدم، فكان دائما يتحدث وهو رافعا للافتة "الأهلي فوق الجميع " ليعطي الإيحاء بأنه رئيس جمهورية الأهلي، وليس كأي رئيس لنادي آخر. وقف صالح سليم، أمام أصحاب أعلي المناصب في سبيل عدم التفريط في هيبة النادي الأهلي، وعدم المساس بمكانة القلعة الحمراء، الذي كان يري من وجهه نظره انها دولة داخل الدولة، وليس من حق أحد مهما علا شأنه التقليل من قيمة هذا الكيان العظيم. في يوم نهائي البطولة العربية للأندية التى استضافها النادي الأهلي بشهر مارس، عام 1995، قرر حسني مبارك رئيس مصر الأسبق، حضور تلك الحدث الرياضي في ظل تواجد الأمير السعودي، وعدد كبير من الوزراء والأمراء ذات المكانة العالية بالدول العربية، حتي يشهدوا مراسم الاحتفال بالفريق الفائز في المباراة النهائية التي جمعت بين الأهلي المصري والشباب السعودي، وأثناء إعداد ترتيبات الحفل فوجيء رجال الرئاسة بإعتراضات وجهها إليهم صالح سليم، وكان يعنغهم بسببها بصورة ملفتة للأنظار. اكتشف صالح سليم، أن رجال الرئاسة المسئولين عن تنظيم جلوس الضيوف، قد خصصوا مقعد له في نهاية المقصورة الأمامية في نفس الصف الذي سيجلس به حسني مبارك رئيس الجمهورية وجميع الأمراء والوزراء الحاضرين، وهو الأمر الذي أثار غضب المايسترو وتحدث معهم رافضا تماما الجلوس في هذا المقعد، وأكد لهم أنه لايملك تفسير آخر لما فعلوه سوي انهم يقللون من قيمة النادي الأهلي. حاول رجال الرئاسة ومسؤول البروتوكول، إقناع صالح سليم، بصعوبة تغيير المقاعد بسبب ضرورة جلوس أمير السعودية بجانب حسني مبارك، ثم الوزراء ورئيس المجلس الأعلي للشباب والرياضة، ولكن اشتعلت النار في قلب المايسترو، وهددهم بالانسحاب نهائيا ومغادرة تلك الحفل كليا في حال عدم حفظ كرامة النادي الأهلي، وإعلائه فوق جميع الحاضرين وأكد لهم أنه لايبالغ ولايطلب المستحيل ولكنه يضع الكيان الأحمر في مكانه بمقدمة كل شيء. صمم صالح سليم علي موقفه ورفض محاولات إقناعه بالرضوخ والجلوس في أخر مقعد بالصف الأمامي، وقال لرجال الرئاسة أنا لا أطلب منكم مطلبا شخصيا، فماتفعلوه هو إهانة للنادي الأهلي، صاحب هذا الحفل وإذا لم يجلس رئيس هذا الكيان في المقدمة، فلن أرضي بتلك الإهانة والإستهزاء والانتقاص من قدره، وفشل رجال الرئاسة في إقناعه بالأمر حتي قرر المايسترو، الانسحاب من هذا الحفل نهائيا وبالفعل غادر المقصورة، متوجها إلي بيته، في وسط محاولات مستميته باقناعة ولكنها باءت بالفشل. سريعا كثف رجال الرئاسة والمسؤولين عن البروتوكول اتصالاتهم بالمايسترو، وأعتذروا له وطالبوه بالعودة وأن كل شيء سيسير وفقاً لرغبته، وبالفعل عاد صالح سليم، وجلس بجوار كرسي رئيس الجمهورية في منتصف الصف الأول وتراجع الوزراء والأمراء ليجسلوا بعد رئيس النادي الأهلي. لم يتراجع المايسترو في قراره ولم ينظر الي العواقب التي ستترتب علي إنسحابه من الحفل ولكن كل ماشغل باله حينها هو كيان النادي الأهلي الذي كان يري من وجهه نظره أنه سيهان بسبب جلوس رئيسه في المقعد الأخير في الصف الأمامي، في حين أن من سبقوه في المقاعد هم أمراء ووزراء وأصحاب مكانة مرموقة ولكن "الأهلي فوق الجميع".