بدأت المقاومة الشعبية داخل العاصمة صنعاء في التحرك لتحرير المدينة من قبضة الحوثيين الذين يواجهون مزيدا من الخسائر جنوبا، فيما يستمر المبعوث الأممي في التحرك دبلوماسيا لحلحلة الصراع سياسيا. شكلت المواجهات بين عناصر المقاومة الشعبية والحوثيين شمال العاصمة صنعاء، تطورا جديدا من شأنه أن يزيد الضغوط على الجماعة. بحسب "المشهد اليمني" يأتي ذلك في وقت تواصل فيه المقاومة بدعم من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية تحرير باقي المناطق والمدن التي يسيطر عليها الحوثيون في الجنوب. وقتل، أمس السبت، 12 من مسلحي الحوثي، في مواجهات مع المقاومة الشعبية، الموالية للرئيس اليمني، عبدربه منصور هادي، في منطقة "أرحب" شمال العاصمة صنعاء، حسب مصادر في المقاومة. وقالت المصادر (رفضت ذكر اسمها) إن "الحوثيين حاولوا التقدم في قرى "بيت مران" و"الجنادبة" بالمديرية (أرحب) لاختطاف بعض المواطنين، وتفجير منازلهم، بحجة مشاركتهم في عمليات ضد الحوثيين خلال اليومين الماضيين". وهذه من المرات القلائل التي تشهد فيها صنعاء هذا العام مواجهات عنيفة كالتي حصلت السبت بالنظر إلى السيطرة الكاملة التي يفرضها الحوثيون على المدينة، وهو ما دفع المراقبين إلى القول بأن صنعاء على أعتاب انتفاضة داخلية تنسج على منوال عدن. وعلى مدار الأشهر الماضية نفذ الحوثيون المدعومون من قوات الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، العديد من حملات الاختطاف في مديرية أرحب إلى جانب تفجير عدة منازل قالوا إنها تابعة للدواعش وعناصر القاعدة. ويخشى الحوثيون انتقال عدوى الخسائر التي يتعرضون إليها في الجنوب إلى الشمال وخاصة إلى صنعاء ذات الرمزية السياسية الكبيرة. ولا يحظى الحوثيون بدعم شعبي بالعاصمة، حيث يرفض غالبية سكانها الإجراءات التعسفية المستمرة ضدهم والتي زادت ضراوة بسبب خوف الحوثيين من فقدان أهم مدينة يسيطرون عليها حتى الآن منذ أن نفذوا انقلابهم في سبتمبر 2014. وعمدوا في الفترة الأخيرة إلى جلب تعزيزات للمدينة، واستحدثوا معسكرات ومراكز على طول الحزام الجنوبي للعاصمة. كما قاموا بتسريع تخزين الأسلحة في مقرات الجمعيات الخيرية والمستشفيات ودور السكن للطلاب استعدادا لأيّ هجوم مباغت. والتطورات الجديدة بصنعاء تنسف المعادلة التي تتحدث عن أن التقدم الحاصل للمقاومة الشعبية لا يعدو أن يكون سوى مسعى لتحقيق التوازن الجغرافي، حتى يتسنى الدخول في مفاوضات مع الحوثيين من موقع قويّ. ويمثل ما حدث في صنعاء رسالة واضحة من المقاومة من أن ما لا تحققه العملية السياسية تفرضه الآلة العسكرية. وبالجنوب تواصل عناصر المقاومة تقدمها في عدد من المدن، حيث بدأت المقاومة الشعبية مدعومة بالجيش الموالي للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي السبت عملية تحرير محافظة أبين الواقعة جنوب البلاد من الحوثيين والقوات المولية للرئيس السابق علي عبدالله صالح. وقال مسؤول محلي فضل عدم الكشف عن اسمه إن قوة عسكرية كبيرة مكونة من آلاف المقاتلين معززة بآليات عسكرية وصلت إلى مناطق عدة في المحافظة للمشاركة في تحريرها، حيث تدور مواجهات عنيفة مع الحوثيين وقوات صالح في العديد من الجبهات القتالية. وأشار المصدر إلى أن البوارج البحرية ومقاتلات التحالف شنت قصفاً عنيفاً على مواقع الحوثيين في أبين لتدعم تقدم المقاومة نحوها. وفي محافظة الضالع، أكدت مصادر صحفية السبت أن المقاومة الشعبية سيطرت على أحد المعسكرات الاستراتيجية التي كانت في قبضة الحوثيين والقوات الموالية لصالح. وقالت المصادر إن المقاومة سيطرت على مواقع عدة بمناطق قعطبة ومريس من بينها معسكر الصدرين التابع للواء 33 مدرع شمال الضالع بعد أن شنّت هجوماً واسعاً عليه. وأشارت إلى أن المقاومة أسرت عددا من المسلحين الحوثيين خلال هذا الهجوم، ولا تزال مستمرة في تمشيط تلك المناطق للتأكد من عدم وجود أي عناصر تتبع الحوثيين وقوات صالح فيها. وتمكنت المقاومة الشعبية في الضالع من تحرير معظم المناطق في المحافظة خلال الأشهر الماضية، بعد مواجهات عنيفة دارت بينها وبين الحوثيين وقوات صالح خلّفت عشرات القتلى والجرحى معظمهم من الحوثيين. يذكر أن مقاتلي المقاومة الشعبية في عدن ولحج نجحوا في استعادة السيطرة على المحافظتين وتحريرهما من الحوثيين وقوات صالح في عملية "السهم الذهبي" التي أطلقتها قوات التحالف بإشراف من الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي. وإزاء مجمل هذه التطورات الميدانية يجد الحوثيون أنفسهم في موقع دفاعي يجبرهم على السير باتجاه الحل السياسي. وفي هذا الإطار كشف مصدر يمني عن لقاء بين وفد من جماعة أنصار الله الحوثية المبعوث الدولي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد في العاصمة العُمانية مسقط. يشار إلى أن ولد الشيخ عقد مشاورات مع الحوثيين في الأشهر الماضية حول آلية تنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 والعودة إلى طاولة الحوار والحلول السياسية إلا أن جميعها باءت بالفشل.