في لعبة ككرة القدم، حين تتراجع اللياقة البدنية مع تقدم السن، يحتفظ عدد نادر من اللاعبين بعبقريتهم بفضل ذكائهم الخططي، تكفيهم لمسة واحدة لضرب دفاعات الخصوم وصنع الفارق لفرقهم. وسيشهد ملعب برلين الأولمبي، في أهم ليلة بالموسم الكروي بنهائي دوري أبطال أوروبا، استضافة اثنين من أذكى العقول الكروية، ممن يبحثون عن أفضل ختام لمسيرتهم بحمل الكأس ذات الأذنين، الإسباني تشافي هيرنانديز والإيطالي أندريا بيرلو. وستكون المباراة النهائية هي الأخيرة لأسطورة برشلونة تشافي، الذي حزم حقائبه بالفعل تمهيداً للانتقال إلى السد القطري، وذلك بعد 17 موسماً مع النادي الكاتالوني، صنع خلالهما أمجاداً من الصعب تكرارها. أما أندريا بيرلو الذي يرفع شعار "أنا أفكر إذاً أنا ألعب"، وهو عنوان كتاب عن سيرته الذاتية، فيبدو على وشك الرحيل عن يوفنتوس الإيطالي متجهاً إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، بعد أن أحيى مسيرته الكروية بشكل رائع عقب ترحيله من ميلان بداع تقدمه في السن. وكاد القدر أن يجمع بين الأسطورتين في فريق برشلونة، كما أراد المدرب بيب غوارديولا عام 2010، إذ رأى "الفيلسوف" أن بيرلو أفضل من يمكنه الانسجام مع تشافي وإنييستا وبوسكيتس في وسط ملعب "البلوجرانا". واستمر مايسترو "الأتزوري" في الكالتشو لرفض مالك ميلان سيلفيو بيرلسكوني إتمام الصفقة، قبل أن يستغني عنه في 2011. وفي المقابل فإن تشافي كان بالإمكان أن يلعب إلى جوار بيرلو بطريقة أخرى، إذ كان ميلان قاب قوسين من التوقيع معه عام 1999 عقب التألق مع منتخب إسبانيا في مونديال الشباب، لكن أمه رفضت سفره وهددت بالطلاق في حال ترك برشلونة. ويبحث تشافي (35 عاماً)، عميد لاعبي برشلونة والأكثر تتويجاً ببطولات في تاريخه، عن الفوز بدوري الأبطال للمرة الرابعة، بينما حصد بيرلو (36 عاماً) اللقب القاري مرتين بقميص ميلان ويطمع في الثالثة. كما يتساوى النجمان في الفوز بكأس العالم، إذ نالها بيرلو أولاً في 2006 على أرض ألمانيا، وفي النسخة التالية توج تشافي مع إسبانيا باللقب في جنوب أفريقيا 2010. ويتفوق تشافي في الفوز بأمم أوروبا مع "لاروخا" مرتين متتاليتين 2008 و2012، فيما خسر بيرلو النهائي مع "الأتزوري" في 2012 أمام تشافي نفسه. وامتاز الثنائي بعدم حاجتهما لمجهود بدني وفير من أجل إظهار العبقرية الكروية، فأسلوبهما يعتمد على اللعب الرأسي وتمرير كرات حاسمة عبر بينيات أرضية أو كرات طولية تضرب أعتى الدفاعات. وتراجع دور تشافي هذا الموسم مع المدرب لويس إنريكي، وصار مكتفياً بمهام البديل، أما بيرلو فلا يزال ورقة أساسية مع المدرب ماسيميليانو أليغري، كما كان في السابق مع أنطونيو كونتي، ليقود الفريق للفوز بالدوري 4 مرات متتالية. ورغم أن الأضواء مسلطة بشكل أكبر قبل موقعة السبت على ثلاثي البرسا الأرجنتيني ليونيل ميسي والبرازيلي نيمار والأوروغوياني لويس سواريز، وفي الجهة المقابلة على ثلاثي اليوفي الأرجنتيني كارلوس تيفيز والإسباني موراتا والفرنسي بول بوغبا، إلا أن تشافي أو بيرلو بإمكانهما إعطاء الدرس الأخير في برلين.