الفتاة تحب في الرابعة عشر من عمرها لتتسلى، وفي الثامنة عشر لتتزوج، وفي الثلاثين لتتأكد من احتفاظها بجاذبيتها، وعندما تصل للأربعين تحب لتنسى الشيخوخة، ولم يخبرنا الكاتب الإنجليزي "شكسبير" بعد ذلك ماذا تفعل المرأة عند تخطيها سن الستين؟ المخرجة إيناس الدغيدي، صاحبة ال63عاما، كعادتها فجرت من جديد قضية إباحة "الدعارة" وحللت ممارسة الجنس قبل الزواج، وهو الأمر الذى أثار عليها سخط الكثير، ومنهم من طالب بجلدها ومنهم من طالب بشنقها، فيما فضل البعض ان يتم حرقها او نفيها الى اى دولة أجنبية لممارسة ما تشاء من عادات، حتى لا تقلب عادات المجتمع المصري رأسا على عقب وتجعله بيت دعارة كبير.
قامت الدنيا ولم تقعد على تصريحات "الدغيدي"، وكأنها تصرح لأول مرة بذلك، رغم أنها منذ عام 2008 وهى تطالب بالسماح بترخيص مهنة الدعارة في مصر، لاعتقادها بأن ممارسة الجنس فى الخفاء ستزيد الأمراض الخطيرة بين فئات المجتمع مثل "الإيدز"، وأن تفعيل قانون للدعارة سيمنع حدوث جرائم قتل وسرقة كثيرة كانت تقيد دائما فى مثل هذه الحالات ضد مجهول، وقالت أكثر من مرة أنها تتمنى تطبيق قانون لممارسة الجنس حتى تشعر أنها قدمت خدمة جليلة للبشرية وتكون صدقة جارية على روحها ينتفع بها راغبو المتعة الحرام.
إيناس الدغيدي، والتى اختارتها مجلة نيوزويك الأمريكية عام 2005 من بين أهم 43 شخصية تأثيرًا في العالم العربي، رفضت من قبل إغلاق المواقع الإباحية في مصر وقالت أنها نعمة للفقراء الذين ليس لديهم القدرة على الزواج، عندما أرادت الدولة فى عهد الإخوان حجب هذه المواقع من مصر، وهاجمت النساء المحجبات ووصفت الحجاب بأنه مثل المايوة، واعتبرت ممارسة الجنس بشكل عام حرية شخصية، ولم تؤمن أن الزنا اعتبره الله من الكبائر والمهلكات قائلا فى كتابه العزيز: "وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا"، وهو أمر محرم فى جميع الأديان السماوية"، وأن مثل هذه التصريحات تزيد من الفاحشة داخل المجتمع المصرى، فهى تصر تحليل ما حرمه الله، ومن يرصد تاريخ "الدغيدي" سيجد أنها كانت متزوجة من شخص مسيحي الديانة، ثم انفصلت عنه بعد 29 سنة بسبب الملل – كما أوضحت فى أكثر من برنامج تلفزيونى – ثم انفصلت عن ابنتها وعاشت بمفردها.
ففى الوقت الذى نطالب فيه الجميع بنشر الفضائل والأخلاق والقيم فى المجتمع، نجد أن الإعلام المصري يتجه فى اتجاه خاطئ، وما يفعله ما هو إلا لزيادة البلبلة لدى المواطن البسيط، رغم أنهم يعلمون أن هناك نسبة كبيرة من المصريين لا يعرفون القراءة ولا الكتابة، وأن مثل هذه التصريحات عبر شاشات التلفزيون تزيد حيرته وقد تجعله يتجه للسكة الحرام – سكة اللى يروح ميرجعش، فقديماً كان نتيجة الأفعال المنافية للآداب إلقاء أطفال حديثي الولادة أمام الملاجئ وأمام أبواب المساجد والكنائس، أمام الآن فمصيرهم أصبح فى الشوارع ومقالب الزبالة وهناك من يتخلص منهم بإلقائهم فى الترع والصحراى والطرق المهجورة، وأصبحنا أمام مشكلة تواجه الدولة مثل "أطفال الشوارع". الإعلام المصري فى حاجة إلى إعادة التفكير فى تناول مثل هذه القضايا الشائكة، وبصفتي أحد هؤلاء الإعلاميين، أتمني أن أكون أول شخص ينادي بضرورة الحفاظ على ثوابت الدين والعادات والتقاليد، وعدم الاعتراف بالفتاوى التى أصبحت حجر عثرة أمام فكر المصريين، مثل إباحة الجنس كما أفتت "الدغيدي"، وفتوى خلع الحجاب التي دعا إليها الكاتب شريف الشوباشي، وإهانة شخص مثل إسلام بحيري ل "الأئمة الأربعة" والتشكيك فى اجتهادهم لما وصلوا إليه فى الدين على المليء وأمام الجميع، بخلاف ما يعرض على الشاشات من نوعية القضايا التى تقدمها الإعلامية ريهام سعيد مثل الشذوذ وزنا المحارم والبلطجة والمخدرات.
المجتمع المصري حاليًا فى مرحلة لا يحمد عليها، فنسبة الجهل فى تزايد مستمر بخلاف البطالة وتدهور الاقتصاد والانحراف الاخلاقى الذى جعل أب يعاشر ابنته فى الحرام والأخ يعاشر والدته ويقوم الأخ بقل شقيقه من أجل بعض الأموال، الإعلام المصري فى مرحلة الخطر، نعترف أن المجتمع أصبح فى حالة من الكبت الجنسي الذي يعانيه الرجل والمرأة، وان مثل هذه الفتاوى والدعوات الغريبة تجعله يحلل أفعال حرمها الله فى كتبه السماوية، قادرة ان تضرب المجتمع المصري في مقتل وتفكك الأسر المصرية وينتج عنها جرائم كثيرة.
ما يثير اهتمامي أنه فى تلك اللحظة التى أشعلت فيها إيناس الدغيدي الرأي العام بقضية مفروغ منها مثل إباحة الجنس، تستعد حالياً لتقديم فيلم عن زنا المحارم، كانت تريد تقديمه قبل ثورة 25 يناير، ولكن لم تتمكن من ذلك، وإذا استطاع الإعلام التغاضى عن تصريحاتها الأخيرة، فإنها ستقوم بإظهار الفيلم للنور، وإذا منعت الدولة الفيلم ستقول وقتها أين هى حرية الفن والإبداع؟ وإذا كانت "الدغيدي" تريد إباحة الجنس لإشباع رغبة الشعب الجنسية، فأنا أريد إعلام يحترم مشاعر المصريين، ولا يلعب على غرائزهم الشهوانية.