بدأت فعاليات الدورة الأولى لأيام السينما المغاربية بفيلم السيدة لمخرجه محمد الزرن الذي شكل منعطفا هاما في السينما التونسية لكونه أدخل الكاميرا إلى العشوائيات في تونس مستعرضا حياة المهمشين ومصوراً تفاصيل حياتهم الدقيقة المليئة بالفقر والجريمة والتي تدفع إحدى شخصيات الفيلم في النهاية لمحاولة الانتحار بعد صعوده على عمود الكهرباء. نظرة أخرى تقدمها هذه التظاهرة التي تقام بالتعاون بين مؤسسة لقاء للثقافة والفنون العربية وبين مؤسسة السينما هذه النظرة تتمثل ليس في استعراض آخر إنتاجات السينما المغاربية وإنما بتسليط الضوء على أفلام تركت بصمة عند الجمهور ففيلم السيدة مثلاً بخلفية مخرجه الذي اشتغل على الكثير من الأفلام الوثائقية كفيلم زرزيس يمزج بين رؤيته الوثائقية وحسه البصري العالي فيما يتعلق بالهم الإنساني والانفعالات المرافقة له ما جعل منه انعطافة في مسيرة السينما التونسية. وهذا ما أكده أنيس الخليفي مدير مؤسسة لقاء الذي أوضح في حديث لوكالة سانا أن اختيار الأفلام المدرجة ضمن هذه التظاهرة لا يتعلق بكونها آخر الإنتاجات السينمائية المغاربية بقدر كونها تحمل تعريفاً للمشاهد السوري بمجموعة من الأفلام المغاربية ذات السوية السينمائية العالية. وقال الخليفي اعتمدت في الاختيار على مجموعة من المستشارين السينمائيين بما فيهم مؤسسات مثل دار السينمائيين الموريتانيين ووزارات الثقافة المغاربية كما حاولت اختيار الأفلام سهلة التلقي بالنسبة للمشاهد السوري بمعنى التي لا تحتوي الكثير من مصطلحات اللغة الفرنسية والتي تكون اللهجة المحكية فيها مفهومة. وأضاف إن الهدف الأساسي من أيام السينما المغاربية هو الترويج للمنتج الثقافي المغربي ضمن سورية علماً أن العملية تبادلية في الاتجاهين حيث بدأنا الاتصال مع المخرج فاضل الجعايبي من تونس الذي يمتلك فضاءً سينمائياً سنستفيد منه باستضافة أيام سينمائية سورية وذلك في شهر تشرين الأول القادم وهو ما سيمثل فرصة لمحبي الاطلاع على الأفلام السورية في تونس خارج إطار مهرجان سينما قرطاج الذي يضم أفلاماً كثيرة من كل أنحاء العالم ومن ضمنها بضعة أفلام سورية. ولفت الخليفي إلى أن أيام مهرجان السينما المغاربية ستكون نافذة سنوية للاطلاع على هذه السينما ومن المتوقع أن تجري دوراته في شهر نيسان من كل عام مع المحاولة في الدورات القادمة استضافة مخرجي الأفلام الطويلة والموضوع ذاته سيتم بالنسبة لأيام السينما السورية في دول المغرب العربي. بدوره أوضح باسم خباز معاون مدير عام مؤسسة السينما أن الفن السابع هو جسر للتواصل ومنبر لتبادل الثقافة والهوية بين مشرق الوطن العربي ومغربه وبين العالم ككل لافتاً إلى أن أيام السينما المغربية بأفلامه الروائية الطويلة وأفلامه القصيرة يسعى للتعريف بالحياة ضمن أقطار المغرب على اعتبار أن السينما هي فن الحياة. وأضاف إنه تم الحرص على تقديم مجموعة من الأفلام التي شكل ظهورها معلماً سينمائياً هاماً في تصوير تفاصيل الحياة المغاربية ما سيقدم فرصة للجمهور السوري للتعرف على هوية هذه السينما بما تطرحه من مواضيع ورؤى سينمائية مغايرة. يستمر المهرجان حتى الثالث عشر من تموز الجاري حيث تعرض خلاله أفلام من إنتاجات المغرب العربي لكل من بلدان تونس المغرب الجزائر وموريتانيا في الساعتين السادسة والثامنة مساء في صالة سينما الكندي. يذكر أن مؤسسة لقاء للثقافة والفنون العربية تأسست في دمشق في كانون الأول 2010 كمؤسسة تعنى بالتنمية الثقافية والإسهام في تعزيز التبادل الثقافي بين مشرق الوطن العربي ومغربه عبر التعاون والتنسيق مع الجهات المعنية لتسهيل عملية تبادل المنتج الثقافي بين الأقطار العربية وتفعيل قنوات التعريف به في العالم من خلال النشاطات الثقافية التي تشمل الكتاب والمسرح والسينما والشعر والموسيقا والفنون التشكيلية والإسهام من خلال أنشطة المؤسسة في تمكين الأجيال الجديدة من اللغة العربية. كما تسعى المؤسسة إلى تشجيع المشاريع الجادة في مجال التنمية الثقافية والترويج لها والعمل على الاستفادة من التنوع الثقافي في الوطن العربي وتوظيفه في المشاريع الثقافية المشتركة وذلك بدعم دور الشباب في إنتاج الثقافة وفتح قنوات للتواصل الثقافي مع الجاليات العربية المقيمة في بلاد المهجر ودعم دورها في إبراز الوجه الحقيقي للثقافة العربية إضافة للاهتمام بالموروث الثقافي الشعبي وتأكيد المشترك منه في الأقطار العربية والمشاركة مع الجهات المعنية في إعداد بحوث ودراسات خاصة بالقطاعات والصناعات الثقافية لإيجاد قاعدة بيانات تساعد في عملية التخطيط الثقافي.- سانا-