وجه المنتدى الاقتصادي المصرى-الأمريكيى بعنوان "مصر: إلى الأمام"، الذى استضافته واشنطن من 26 إلى 30 يونيو وعلى مدى خمسة أيام من أجل تعزيز التجارة والاستثمار بين الولاياتالمتحدة ومصر، رسالة لمصر مفادها أن أمريكا مستعدة للعب دور رئيسي في مساعدة مصر على الوقوف مجددا على قدميها إقتصاديا. جاءت الرسالة كعنوان لاعمال المنتدى رفيع المستوى الذى رعته الغرفة التجارية الأمريكية العربية ووكالة التنمية والتجارة الأمريكية بالتنسيق مع وزارتي الخارجية والتجارة الأمريكية وسفارة مصر في الولاياتالمتحدة ومؤسسات القطاع الخاص المختلفة.
وقالت ليوكاديا زاك، مديرة وكالة التنمية والتجارة الأمريكية، إن المنتدى، الذى اجتذب أكثر من 450 مشاركا من المسئولين الحكوميين وقادة الأعمال التجارية من بينهم 50 مسئولا حكوميا مصريا وقائدا للأعمال التجارية لمناقشة إستراتيجية خلق النمو الاقتصادي وفرص العمل المنتجة في مصر الجديدة بعد الثورة، قد "حقق كل ما كان يطمح اليه.. فقد تمت إقامة الصداقات والشراكات الوثيقة.. وقد كانت الغرفة التجارية الأمريكية العربية الوطنية فى واشنطن أداة فاعلة في النجاح الذي حققته برامج "مصر: الى الأمام".
وقال ديفيد حمود، الرئيس والمدير التنفيذي للغرفة التجارية الأمريكية العربية الوطنية، "غرفتنا فخورة بالمساعدة التي قدمتها لرعاية هذا الحدث الهام.. نحن نشيد بجهود وكالة التجارة والتنمية الأمريكية لقيادة هذه الحلقة الدراسية التي أقامتها في هذا الوقت المناسب لإعادة العلاقات التجارية بقوة بين الولاياتالمتحدة ومصر، الشريك الحيوي في التنمية الاقتصادية.. ثورة مصر تمر بمرحلة مصيرية، والشركات الأمريكية في وضع جيد للدخول في شراكة مع القطاع الخاص المصري ومشاركته الخبرات وتشجيع المشاريع المشتركة والمساعدة في خلق فرص عمل منتجة".
ومن جانبه حث وزير النقل الأمريكي مصر على الاستثمار فى قطاعى النقل والبنية التحتية كوسيلة لخلق الوظائف فى مصر، قائلا: "عندما تستثمر في النقل والبنى التحتية، فإنك تستثمر في شعبك".. وأشار إلى قيام الولاياتالمتحدة باستثمار ما قيمته 48 مليار دولار في تشجيع تمويل البنى التحتية، مؤخرا، وخلق 65 ألف فرصة عمل.
وقال لحود "يقوم بلدكم بالشيء الصحيح، ونحن نشيد بذلك".. وأشار إلى استعداد الشركات الأمريكية "للدخول في شراكة معكم"، ودعوة الولاياتالمتحدة لمصر "لتستفيد من تجربة الولاياتالمتحدة في مجال التنمية" وهي في طريقها للانتعاش.
ومن جانبه أكد خوسيه فرنانديز مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية هذا النهج المتفائل قائلا "ساعد الربيع العربي مصر في البدء بالرحلة، وقد حان الوقت الآن للقيام بالإصلاحات".. وقد سلط فرنانديز الضوء على بعض برامج الحكومة الأمريكيةالجديدة التي تهدف الى تعزيز النمو الاقتصادي في مصر.
وتشمل هذه البرامج أنشاء صندوق بقيمة 700 مليون دولار في مؤسسة الاستثمار الخاص وراء البحار لمساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم على خلق أكثر من 50 ألف فرصة عمل جديدة.. وقد قام بهذا التمويل كل من الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية والبرنامج العالمي لروح المبادرة الذي تقوم بإدارته وزارة الخارجية الأمريكية من أجل وضع الشركات الأمريكية الناشئة الناجحة والمستثمرين على تواصل مع نظرائهم في مصر وشركاء لبداية جديدة، وبرنامج التمويل المحلي من أجل التنمية الذي يعمل على تشجيع الشفافية والحد من الفساد.
ويعمل الكونجرس الأمريكي، بتشجيع من البيت الأبيض، على تشريع قانون من شأنه إنشاء صناديق لمؤسسات في مصر وتونس على غرار برامج مماثلة تم إطلاقها في أوروبا الوسطى وأوروبا الشرقية بعد سقوط الستار الحديدي.. وقد وافقت لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس الشيوخ الأمريكي في منتصف مايو الماضى على مشروع يسمح بتمويل هذه المؤسسات في العالم العربي.
وقد تم تحقيق "إنجاز" واحد على الأقل خلال المنتدى الذي أستمر ليومين فى واشنطن وحدها وهو توقيع الشركة المصرية "كاربون القابضة" على اتفاقيات مع ستة شركات أمريكية لبناء مرفق جديد للبتروكيمياويات في العين السخنة في مصر.. وسيقود باسل الباز رئيس مجلس الإدارة والمدير التنفيذي لشركة مصر للصناعات الأساسية،
جهود شركة "كاربون القابضة" بالتعاون مع مجموعة "شو" و "يونيفاشن تكنولوجيز" و "فينمار انترناشونال" و "ترانسامونيا" و "فوستر ويلير يو اس إيه" و "ترانسكور أسترا" و "إس كيه انجنيرنج اند كونستركشن".. ووفقا لشركة كاربون القابضة، سيصل عدد العمال في بناء هذا المرفق حوالي 20 ألف عامل عندما يصل العمل في هذا المشروع لذروته.
وقد رأس الدكتور ماجد عثمان وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الوفد المصري إلى الولاياتالمتحدة، مؤكدا الأهمية التي توليها مصر لخدمات الأعمال التجارية وقطاع التكنولوجيا العالية.. ووصف في كلمته للمنتدى، الجهود التي تبذلها مصر من أجل الحد من الفجوة الرقمية في البرنامج الجديد "إى مصر 2020" الذي سيتم إطلاقه في وقت لاحق من هذا العام، لدعم خطة النطاق العريض الوطنية التي مدتها 10 سنوات.
وقال إن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات نموا سنويا فى مصر بنسبة 13-14 فى المائة في السنوات الأخيرة، حيث ساهم بما يقرب من أربعة فى المائة من الناتج المحلي الإجمالي لمصر.
وأعلن الدكتور ماجد عثمان خلال المنتدى عن توجه هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات "اتيدا" إلى بحث ترتيب افتتاح فرع لها فى الولاياتالمتحدة للتواصل بشكل مباشر مع الشركات الأمريكية التى تعتزم التوسع مع مصر فى مجال تعهيد الخدمات.
ونوه بأن شركة الأبحاث "إي تي كيرني" صنفت مصر فى المرتبة الرابعة عالميا من حيث الاستثمار الخارجي، كما أشار إلى أنه قد تمت تسمية مصر مؤخرا "كوجهة العام للاستثمارات الخارجية" من قبل رابطة الاستثمارات الخارجية الأوربية.
وأشار عثمان إلى أن 70 فى المائة من مجتمع الانترنت المصري هم ما بين سن 18-34 سنة، وقد أرتفع عدد مستخدمي الفيسبوك إلى أكثر من 7 ملايين مستخدم في الأشهر الأخيرة.. مشيرا إلى أن "لدى مصر الآن أكثر من 87 مليون خبير بالديمقراطية بسبب الهاتف المحمول والانترنت"، فى إشارة إلى تعداد مصر.
وقد تنقل أعضاء الوفد المصرى الذى شارك فى المنتدى في الولاياتالأمريكية للمشاركة في ورشات عمل قطاعية في أربعة مواقع: سليكون فالي (تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات) ومدينة نيويورك (النقل) وهيوستن (الطاقة) وأوماها في نبراسكا (الصناعات الزراعية).
وفي الحلقة الدراسية التي أقيمت في اوماها، قاد ديفيد حمود الرئيس والمدير التنفيذي للغرفة التجارية الأمريكية العربية الوطنية جلسة المناقشة التي تم تخصيصها للقيام بالأعمال التجارية في مصر الجديدة.
وأشار حمود، في كلمته الافتتاحية، إلى أن الزراعة في مصر، قديما، أوجدت أرثا ساعد في إحداث ثورة في الممارسات الزراعية في جميع دول العالم.. وأضاف "من خلال ربط الغرب الأوسط الأمريكي مع البلد العربي الواقع في الشرق الأوسط هنا في أوماها، لدى الشركات الأمريكية، الآن، الفرصة لمشاركة أحدث التكنولوجيا الزراعية مع مصر وإقامة الشراكات مع الشركات المصرية الرائدة".
وقد كانت جلسة المائدة المستديرة التنفيذية التي قادها قادة القطاع الخاص، من كل من مصر والولاياتالمتحدة إحدى أبرز جلسات منتدى واشنطن العاصمة.. حيث سلط جيف جيفرسون، رئيس شركة بوينج الشرق الأوسط وعضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الأمريكية العربية الوطنية، الضوء على الحاجة إلى تحقيق "تقدم ملموس" لإرضاء الشباب المصري بما فيهم أكثر من 750 ألفا من طلبة الجامعات الذين يتخرجون كل عام.
وأعلن جونسون عن خطة لإقامة برنامج تدريبي للخريجين، إضافة إلى جلب الفنيين المتميزين إلى مركز قيادة بوينج في الولاياتالمتحدة.
ومن جانبه، أوضح أليكس شلبي، عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الأمريكية العربية الوطنية والمدير التنفيذي لشركة موبينيل، الشركة المصرية الرائدة في خدمات الهاتف المحمول، الدور التحويلي الذي تلعبه التكنولوجيا في مصر الجديدة.
كما أشار إلى الاستطلاع الذي قام به مؤخرا "المعهد الجمهوري الدولي" الذي وجد أن 89 فى المائة من المصريين يشعرون بأن بلدهم يسير في الاتجاه الصحيح، في حين يشعر 49 فى المائة من الذين تمت مقابلتهم بأن الوضع الإقتصادي المصري هو "سيء للغاية".
وأشار شلبي إلى حاجة مصر، في هذا الوقت، للاعتماد على أصدقائها، حيث تعتبر الولاياتالمتحدة المستثمر الأول لمصر بين بقية الأصدقاء.
ولخص شلبي رأي العديد من الذين حضروا برامج "مصر: الى الأمام" بالاقتباس الذي قاله الرئيس الأمريكيى باراك اوباما في 11 فبراير الماضى: "هناك لحظات قليلة جدا في حياتنا تعطينا امتياز أن نشهد صنع التاريخ.. هذه واحدة من تلك اللحظات.. لقد تكلم الشعب المصري. لقد سمع صوته ولن تكون مصر أبدا هي نفسها من قبل".