اكد خبراء نفطيون أن مشكلة نقص البنزين في بعض دول الخليج سببها ضعف التخطيط الاستراتيجي بعيد المدى لتوفير هذه المشتقات. وقال الخبراء " إن اعتماد دول المنطقة على الاستيراد في وقت الذروة إنما يعكس النقص الحقيقي في مشاريع التكرير، مطالبين بضرورة ضخ مزيد من الاستثمارات في قطاع المصافي لتلبية ارتفاع الطلب المحلي.
وتشهد الإمارات العربية المتحدة حالياً أزمة حادة في نقص البنزين، حيث دفعت السلطات في إمارة الشارقة لإغلاق محطات "إينوك" لعدم استجابة إدارة الشركة وتوفير بنزين في محطاتها داخل الإمارة خلال المهلة التي منحت لها.
وتمتلك الإمارات خامس أكبر احتياطي في العالم ب98,2 مليار برميل، أي ما يعادل 9.5% من الإجمالي العالمي، كما يوجد بها 5 مصافٍ، من بينها 3 مصافٍ تابعة لشركة أبوظبي الوطنية للبترول "أدنوك" إضافة إلى مصفاة جبل علي التابعة لشركة الإمارات للبترول في دبي.
وفي هذا الصدد يؤكد الخبير النفطي حجاج بوخضور ل"العربية نت" أن المشكلة ترتبط بمواسم معينة من السنة مثل فترة الصيف والتي تشهد الإجازات ويزداد المصطافون ما يضغط عبر استهلاك كميات أكبر.
وأضاف بوخضور "أن عدداً كبيراً من دول العالم يشهد هذه المشكلة مثل أمريكا التي تظهر فيها الأزمة خلال الفترة من يوليو حتى سبتمبر، لأن ارتفاع الطلب يؤثر على حجم الإمدادات ولعدم وجوب ترتيب كافٍ لتوفير هذه المكررات تكون المشكلة الأساسية والتحدي".
وأكد "كل هذه الأسباب تدفع لظهور مفارقة كبيرة بين كون دول الخليج من أكبر الدول النفطية وتعاني من مشكلة نقص البنزين، وقد لاحظناها في السعودية والإمارات رابع أو خامس دولة منتجة للنفط، فهم لم يوفقوا بين الإنتاج والاستهلاك، وهذه المفارقة ربما لا يقبلها أو يتفهمها المواطن الخليجي".
وأوضح بوخضور "أن دول الخليج تستورد بنزيناً وتنتج بنزيناً أيضاً، إلا أن المصافي مكلفة جداً وغير مربحة أو ليست ذات جدوى كبيرة، والعائد يحتاج فترة زمنية طويلة، ومع ذلك فإن الجدوى الاقتصادية محل تقييم، فقد تحتاج الحكومات إلى نحو 10 أو 14 مليار دولار لإنشاء مصفاة تكرير واحدة".
وحول الأزمة الموجودة في الإمارات قال بوخضور إنها بحاجة للاستثمار وزيادة طاقتها التكريرية بشكل سريع لتضييق الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك.
ووفقاً لإحصائيات شركة بريتش بتروليوم البريطانية فإن الطاقة التكريرية الحالية للمصافي الإماراتية تقدر بأكثر من 620 ألف برميل يومياً، فيما تقدر إحصاءات المنظمة العربية للدول المصدر للنفط "أوابك" واردات الإمارات من المشتقات النفطية ب259 ألف برميل يومياً.
وفيما يتعلق بالسعودية قال بوخضور إن لديها مصافي تكرير وهي تغطي احتياجاتها، إلا أنها تواجه زيادة في الطلب في موسم الحج، وقد تستورد لتغطي ذلك الطلب.
وحول المشاكل التي قد تعوق توجّه دول الخليج نحو إنشاء المزيد من المصافي أجاب بوخضور "أن المشاكل البيئية واختلال التوازن بين البيئة والإنسان قد تقود لإعادة تنظيم الصناعة النفطية، وعلى سبيل المثال في أمريكا لم تبنِ أية مصفاة منذ السبعينات لتفادي التسبب بإشكالية مع البيئة، وبالتالي فإن الاستيراد يكون اقتصادياً".
ومن جانبه، قال الخبير في شؤون النفط والوزير السابق عصام الجبلي ل"العربية نت" إن أزمة نقص البنزين تعود بالدرجة الأولى لنقص طاقة التصفية، حيث تفضل بعض الحكومات استيراد ما ينقصها على إنشاء مصافٍ نفطية جديدة.
وأضاف "لابد من البدء الآن في إنشاء مصافي نفط جديدة، لأن المواطن البسيط لا يمكن إقناعه بهذا النقص لأنه يعيش في بلد نفطي كبير، وبالتالي فلن يتقبل أن يكون هناك نقص".
وطالب الجبلي دول الخليج بإقامة المصافي سواء أكانت مجزية أم لا، "وهي بالتأكيد مجزية".
وأوضح أن تكلفة مصفاة النفط تعتمد بالدرجة الأولى على طاقة المصفاة ودرجة تعقيدها، فمصفاة بطاقة 600 ألف برميل يومياً قد تكلف أكثر من 10 مليارات دولار. " مباشر"