هناك استخدام سيئ للأدوية في مصر علي شكل كبير حيث يستطيع الصيدلي صرف أي دواء للمريض دون وصفة طبية معتمدة »وروشتة« أما في دول العالم الغربي وأمريكا فلا يستطيع المريض صرف أي دواء بدون وصفة طبية معتمدة وصالحة التاريخ ذلك أن العقاقير الطبية بشكل عام ذات أثر مباشر علي صحة وحياة الإنسان. ويقول الدكتور باسم ظريف، استشاري القلب والأوعية الدموية بمعهد القلب القومي: يوجد في الدول المتقدمة بعض الأدوية المحدودة وفي الغالب ذات الأصل النباتي وفي أغلب الأحيان تصرف من المحال التجارية »السوبر ماركت« وليس الصيدليات التي لا يطبق عليها الوصفة الطبية فالمضادات الحيوية يمكن أن تؤثر علي صحة المريض في عدة نواح بداية من تأثيرها علي وظائف الكلي والكبد والجهاز الهضمي اضافة إلي العديد من التداخلات الكيماوية والدوائية مع العقاقير الأخري مرورًا بالحساسية الدوائية في بعض الأحيان تكون مفرطة جدًا وتهدد حياة المريض. وفي الحقيقة فإن المضادات الحيوية ليست كلها في مجموعة دوائية واحدة بل هي مجموعات مختلفة ذات أطياف علاجية مختلفة فالمضادات الحيوية الخاصة بالصدر مختلفة عن المضادات الحيوية التي تعمل علي المسالك البولية مثلاً أو التي تعمل علي الجهاز الهضمي هذا بالنسبة إلي طريقة الوصفة الطبية، ولكن إذا ذهبنا إلي التصنيفة الميكروبية للمضادات فكل مضاد حيوي له ميكروب أو مجموعة من الميكروبات التي يعمل عليها والتي يتم وصفه بها، ويؤدي سوء الاستخدام سواء باستخدام مضاد حيوي غير مناسب للحالة أو باستخدام مضادات حيوية بدون داع يؤدي هذا إلي الاضرار بالصحة العامة والاضرار بالاصابة الميكروبية للمريض حيث يتم حدوث تحور الميكروبات فلا تستجيب للمضادات الحيوية الصحيحة عند كتابتها للمريض وهو ما يطلق عليه »حدوث مناعة من الاستجابة للعلاج بالمضادات« وهناك الكثير من الأعراض والأمراض ذات الطبيعة الفيروسية التي لا تحتاج إلي مضادات حيوية واستخدام المضادات في هذه الحالة يضعف من مناعة المريض ويقوي الميكروبات بحيث لا يستجيب فيما بعد للعلاج المناسب. ويشير الدكتور باسم ظريف إلي أنه في مجال تخصصه وهو القلب والأوعية الدموية قائلاً أكثر المشاكل التي تواجهنا في الالتهاب الميكروبي لصمامات القلب هو الاستخدام غير الواعي للمضادات الحيوية التي تؤدي إلي تفاقم الحالة وحدوث تقوية شديدة للميكروب تؤدي إلي عدم استجابته للمضادات الصحيحة حينما توصف للمريض. والمشكلة الرئيسية أن جميع المصريين اعتادوا علي صرف المضادات الحيوية بناء علي وصفات طبية سابقة »روشتات« أو استخدام علاج سبق أن تحسن عليه صديق أو قريب بالعائلة دون الأخذ في الاعتبار أن الحالة قد لا تحتاج أصلاً إلي أي مضاد حيوي أو أن الظروف المشابهة ليست بالضرورة قاطعة بأن الحالة الحالية متطابقة مع خبرة المريض السابقة في حالة أخري، ويجب أن يعلم الجميع وهذه مهمة الإعلام، أن العقاقير الطبية وبالأخص المضادات الحيوية هي مواد كيماوية عالية الخطورة إذا لم تستخدم في الحالة المناسبة وأن الاستخدام الخاطئ بطريقة مفرطة وأحيانا بدون وعي يؤدي إلي تحور خطير للميكروبات المهاجمة للجسم ويكسبها مناعة ضد الاستجابة للمضادات الحيوية عند الاستخدام السليم لها. وأنصح المريض بالتدقيق عند أخذ العلاج علي العموم فإذا كان من الممكن أحيانا أخذ بعض العقاقير البسيطة مثل بعض المسكنات ولكن في أضيق الحدود ضمن المستحيل أن يطبق هذا في حالة استخدام المضادات الحيوية. وإن شئنا أن نلخص المشكلة والحل فإن الاستخدام غير الواعي وغير المقنن والبعيد عن الاشراف الطبي هو المشكلة الرئيسية ويبقي الحل في تضافر جميع الجهود من المرضي والأطباء ووزارة الصحة والصيادلة لعدم تناول أي مريض المضادات الحيوية بشكل عشوائي وبدون فحص طبي من خلال طبيب مؤهل للتشخيص السليم وكتابة المضاد الحيوي المناسب للحالة.