أكدت الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح عدم جواز إعطاء أصوات الناخبين لمَن لا ينوي تطبيق الشريعة ووجوب انتخاب مَن يحمل همَّ ذلك ويسعى إليه، مستشهدةً بقول الله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإثْمِ وَالْعُدْوَانِ) (المائدة: من الآية 2). وأوضحت في بيان اليوم أن من أعظم البر تحكيم الشريعة، كما أن من أعظم الإثم العدوان عليها وتنحيتها، مصداقًا لقول الله تعالى: (أَفَحُكْمَ الجَاهِلَيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (50)) (المائدة)، وقوله: (إِنِ الْحُكْمُ إلاَّ للهِ أَمَرَ ألاَّ تَعْبُدُوا إلاَّ إيَّاهُ) (يوسف: من الآية 40). وشددت على أن الولاية العامة واجبة للقيام بشرع الله والتحاكم إليه؛ حيث يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "يجب أن يُعلم أن ولاية الناس من أعظم واجبات الدين بل لا قيام للدين ولا الدنيا إلا بها.. فالواجب اتخاذ الإمارة دينًا وقربةً يتقرب بها إلى الله"، وعلى هذا فإن التوسل إلى عقد تلك الولاية واجب على المكلفين؛ إذ ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، إلا ما كان وسيلة محرمة. وأوضحت أن نظام الانتخابات الرئاسية وسيلة معاصرة لعقد تلك الولاية؛ ولذا ينبغي على المسلمين أن يتوسلوا بها إلى تطبيق الشرع وتعبيد الناس لله، ولا يكون هذا إلا بترشيح أهل الدين ما أمكنهم. وقالت الهيئة إذا تعدَّدَ المترشِّحون الساعون لتحكيم الشريعة، وجب على المسلمين النظر في أصلحهم ما استطاعوا، وتبقى مسألة اجتهادية، بحسب نظر كل مجتهدٍ فيهم، وإنما يقوم النظر على قاعدة السياسة الشرعية من ترجيح المصالح ودفع المفاسد بانتخاب معيَّن من المرشحين؛ حيث يقول ابن تيمية رحمه الله: "اجتماع القوة والأمانة في الناس قليل"؛ ولهذا كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: "اللهم أشكو إليك جلد الفاجر وعجز الثقة". وأكدت أن الواجب في كل ولاية الأصلح بحسبها، فإذا تعيَّن رجلان أحدهما أعظم أمانةً والآخر أعظم قوةً؛ قُدِّم أنفعهما لتلك الولاية وأقلهما ضررًا فيها ومع أنه يجوز تولية غير الأهل للضرورة إذا كان أصلح الموجود، فيجب مع ذلك السعي في إصلاح الأحوال حتى يكمل في الناس ما لا بد لهم منه من أمور الولايات والإمارات" اه. وشددت على لحوق الإثم بترشيح من لا يتبنى تحكيم الشريعة، مع وجود من يتبنَّى ذلك، وأيضًا بترشيح من لا يظنه أهلاً أو أصلح مع وجود الأهل والأصلح إلا لعارضٍ شرعي معتبر كنزوله على شورى جماعة أو هيئة أو غير ذلك من الأسباب المعتبرة في السياسة الشرعية، وذلك بحسب اعتقاد كل مجتهد ونظره، فلا يُثرَّب على مخالف فضلاً عن تأثيمه. وحذَّرت الشعب المصري من الاستقلال بالنظر في مثل هذا الشأن فضلاً عن الاستبداد بالرأي فيه، حيث إن الولايات شأن عام لا ينظر فيه إلا أهل الحل والعقد، كما قال الله تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُم) (النساء: من الآية 83)، مشيرًا إلى ضرورة النظر إلى عامة المكلَّفين تبع لكبرائهم وعلمائهم في مثل هذا، فإن اتفقوا وجب عليهم اتباعهم، وإن اختلفوا تخيَّروا من ترشيحهم بحسب الإمكان، في غير تثريب ولا اتهام.