تابع مؤشر الديمقراطية أحداث اليوم 28 نوفمبر أو ما أطلق عليه انتفاضة الشباب المسلم ورصد التقرير 91 احتجاجا على مدار اليوم منها 75 احتجاجا نظمتها جماعة الإخوان المسلمين والموالون لها، و15 احتجاجا للأهالي والمواطنين للتأكيد على تأييدهم للشرطة والجيش لمواجهة الإرهاب، وتظاهرة واحدة لأعضاء الجبهة السلفية تطالب بإعدام مرسى.
تنوعت مسارات الاحتجاج خلال اليوم الذي شهد 56 مسيرة، 20 تظاهرة، 9 حالات قطع طريق، 4 سلاسل بشرية، ووقفتين احتجاجيتين.
أشار المؤشر أن اليوم شهد 86 حالة عنف جاء فى مقدمتها الاشتباكات التى دارات بين عناصر الإخوان المسلمين من جهة وقوات الأمن والأهالي من جهة أخرى وتفريق مظاهرات الإخوان فى 35 حالة، كما قامت قوات المن بإبطال مفعول 19 قنبلة ناسفة / هيكلية، كما شهد اليوم انفجار 10 عبوات ناسفة بالإضافة إلى انفجار 9 قنابل محدثة للصوت من أجل إثارة الرعب في نفوس المواطنين، وإطلاق النيران أو إحداث انفجار بمحولات كهربائية فى 6 حالات، استهداف عناصر أمنية وإطلاق النيران عليها فى 3 حالات، إشعال النيران بممتلكات عامة فى 3 حالات، إشعال النيران بشقة نتيجة إلقاء مولوتوف.
أضاف المؤشر أن عدد الأشخاص المقبوض عليهم اليوم على مستوى المحافظات تخطى ال 200 شخص بتهمة الترويج للعنف والدعوة للتظاهر أو لضبط قنابل وشماريخ وأعلام داعش أو إعلام تحمل إشارات رابعة.
وقال المؤشر أن عدد المصابين تجاوز 43 مصابا، فى حين بلغ عدد القتلى 4 أشخاص وفقا لما تم نشره في الصحف وفي المقابل أعلنت وزارة الصحة أن هناك 28 مصابا و 3 قتلى فى أحداث اليوم.
أخذ المؤشر العديد من الملاحظات على أحداث اليوم و التي تتلخص أهمها في التالي :
أن أول من أطلق الدعوة للانتفاضة ليست جماعة الاخوان أو مناصروها ، ولكنها جماعة تطلق على نفسها الدعوة السلفية ، والتي لعب شيوخها/قياداتها الدور الأول و الأساسي للدعوة للانتفاض ..! و أن جماعة الإخوان وأنصارها أعلنوا انضمامهم لهذه المظاهرات و مثلوا المحفز الثاني للدعوة، لكن الإعلام و أجهزة الأمن و الإخوان أنفسهم يصرون أن جماعة الإخوان هي المتصدر الرئيسي للدعوة لهذا اليوم، وهو الأمر الذي أثار العديد من التساؤلات .
نال اليوم تضخيما إعلاميا ربما أكثر مما حظي به 28 يناير 2011، وسط حالة من التضخيم المستمر و التهويل و التعبئة و خطابات التحريض بشكل جعل من هذا اليوم عملاقا وهميا استطاع أن يخيف المواطن المصري للدرجة التي جعلت الدولة شبه خاوية من المدنيين خلال اليوم.
صدمت إعداد المشاركين من جماعة الإخوان وأنصارها ، كافة المتابعين ؛ حيث تقارب أعداد الاحتجاجات وأحداث العنف التي قاموا بها مع أعداد احتجاجات و عنف أيام الجمع منذ أحداث رابعة و النهضة، وأنه رغم كل تلك الدعوات و التهديدات التي مارستها الجماعة وجهازها الإعلامي إلا أن الحشد في الشارع عكس إما فشل في التعبئة أو خوف من المواجهات الأمنية أو الانقياد وراء دعوات وهمية أو الرغبة في إنهاك الدولة المصرية من خلال دعوات مستمرة تبدأ من نوفمبر و حتى ذكرى الثورة في يناير .
الاعتراضات الواسعة من قبل شباب الجماعة على قرار القيادة بعدم حمل المصاحف، بشكل رأته القطاعات الشبابية للجماعة خضوعا للدعايات المضادة للدولة و تخليا عن تقاليد وأعراف وقيم الجماعة، وهو ما يعكس الوهن التي أضحت فيه الجماعة و الفرصة المستمرة التي تضيعها الإدارة الحالية للدولة في خلق مسارات لبناء حوار مع الفصائل الأكثر صدقا في الجماعة من أجل بناء حالة من الحوار عوضا عن الحرب السياسية التي تعيشها الدولة منذ 2011.
بالغت الدولة المصرية في الحشد الأمني بشكل أحال كافة ربوع الدولة لثكنات عسكرية معلنة حالة النفير العام و التأهب القصوى، بشكل لا يراه التقرير سوى أنها تحركات لا تهدف سوى لإرسال المزيد من رسائل الطمأنة للمؤيدين و الترهيب للمعارضين و إظهار قوة الإدارة الحالية و قدرتها على السيطرة للمجتمع الدولي و الإقليمي والمحلي، وربما تكون محاكمة مبارك هي الحدث الذي سيفسر العديد مما قبله و الكثير فيما بعده.
الموقف المحير لتيارات الاسلام السياسى كحزب النور من مظاهرات أمس أثار العديد من التساؤلات حول طبيعة الإستراتيجيات والتكتيكات السياسية التي ينتهجها هذه التيارات و تؤكد يوميا أن مثل هذه التيارات تخطو بثبات على خطى الإخوان المسلمين، بتكرار مواقفهم المتحولة و اللا منطقية واللا معقولة و التي تعكس عبثا سياسيا من كيان ديني لا ينتمي لا هو ولا غيره من الأحزاب الدينية لخريطة العمل الحزبي و السياسي ولكنها مجرد قنابل موقوته و بذور لدكتاتوريات دينية أشد قمعا من الجماعة أو الدولة البوليسية .
لاحظ التقرير قيام الاهالى بمحل قوات الأمن في القبض على عدد من المتظاهرين في محافظاتالقاهرة والجيزة والفيوم احتجاجا على دعوتهم للتظاهر او لحدوث اشتباكات معهم ثم تسليمهم لقوات الأمن ، ربما رغبة منهم في نيل لقب المواطن الشريف الذي يساعد الدولة دائما ولو على حساب القانون ، لكن استمرار تلك الممارسات هو مؤشر لخط الإنحدار السريع نحو خلق المزيد من بلطجية المظاهرات و بلطجية الانتخابات و غيرها من الأورام الخبيثة التي يخلفها سوء الإدارة و العبث السياسي على حساب العقد الاجتماعي المنظم للدولة.
أخيرا يأتي التساؤل الهام حول الدعايا التي يقودها الجهازين الإعلاميين للدولة و لجماعة الاخوان ، حيث يسوق كل فصيل أنه نجح في معركة اليوم وحقق أهدافه ، لكن الأهم هنا هو " أين كانت تلك المعركة و ماذا كانت تلك الأهداف ؟"
إن 28 فبراير الذي لم يكن ذكرى لأية أحداث و لن يكون ذكرى سوى لموقف سياسي ربما ارتأت الدولة أن تصنعه بمساعدة غباء خصومها لإرسال العديد من رسائل الطمأنة والترهيب، سواء كان المستهدف من تلك الرسائل محليا أم دوليا .. مؤيدا أم معارضا، و ربما أيضا تكون الساعات القادمة هي المفسر للعديد من الأحداث، كاشفة لضبابية الصورة التي تعيشها الدولة المصرية منذ نهاية عصر مبارك و حتى تلك اللحظات.