تقرير أمريكى يغازل الإخوان ويؤكد أنهم لا يختلفون عن مبارك فى إيمانهم باقتصاد السوق وزواج السلطة والمال! فى تقرير خطير نشره الموقع الإخبارى الأمريكى «ذا بليز» The Blaze، بتاريخ أمس الأول 23 إبريل، فقد جرت لقاءات بين ممثل لوزارة الخارجية الأمريكية روبرت هورماتس وممثلين عن جماعة -وحزب- الإخوان المسلمين فى مصر للاتفاق على دعم أمريكا لعدد من المشروعات المتوسطة والصغيرة التى ينوى إقامتها رجال أعمال الإخوان ضمن مشروعهم المسمى بالنهضة. التقرير أشار إلى أن تحركات مبعوث الخارجية الأمريكية فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فى البلاد التى شهدت ثورات سياسية بهدف «دعم الإصلاحات الجارية فى المنطقة» حسب تعبير هورماتس الذى أكد أن هذه الاتصالات والاتفاقيات «ليست ذات طابع سياسى» فى الوقت نفسه الذى أكد فيه أن هذه التحركات بتوجيه من وزيرة الخارجية هيلارى كلينتون ومباركة الرئيس أوباما!! التقرير أشار أيضا إلى أن هورماتس كان ضمن الوفد الأمريكى الذى ترأسه ويليام بيرنز نائب كلينتون الذى التقى قيادات جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة فى يناير الماضى، ونقل عن هورماتس أنه وصف قادة الإخوان عقب اللقاء بأنهم «فى غاية البراجماتية». البراجماتية – أو الحس العملى الذى ينفر من المثاليات والمبادئ الثابتة- هى القاسم المشترك بين الأمريكان والإخوان، وهى على مايبدو المحرك الأساسى للتقارب المشبوه الذى يجمع بينهما هذه الأيام...كما أن «الاقتصاد» فى عرف الاثنين هو الوجه الثانى لعملة السلطة التى تعد «السياسة» وجهها الأول. وقبل تقرير «ذا بليز» بأيام نشر موقع «بلومبرج بيزنس» تقريرا عن بيزنس الإخوان فى مصر وحوارا مع رجل الأعمال حسن مالك كتبته سوزى هانسين بالمشاركة مع ماندى فهمى، يحمل غزلا صريحا للإخوان و«وجههم العملى» المتمثل فى إيمانهم الراسخ بالرأسمالية والتجارة وقوانين السوق، وشبهت الكاتبة مالك برجال أعمال «وول ستريت»، ولكنها نقلت عن المحلل السياسى وأستاذ العلوم السياسية جوشوا ستاشر تشبيهه لهم ب«الليبراليين الجدد» فى أمريكا، الذين يدافعون عن أكثر أشكال الرأسمالية تطرفا، وهو نفس ما أشار إليه سميح الباقرى، عضو الإخوان السابق، الذى وصف جوهر بيزنس الإخوان بأنه «رأسمالى متطرف». وجدير بالذكر أن الباقرى انفصل عن جماعة الإخوان بعد رفض قادتها لتسجيل الجمعية رسميا حتى لا يخضعوا لقانون الشفافية المالية! المشاريع الصغيرة والمتوسطة هى على ما يبدو أيضا ستكون الأرضية الاقتصادية التى يلتقى فوقها الأمريكان والإخوان فى المرحلة القادمة – حسب خطة كل منهما للسيطرة على مصر – وجدير بالذكر هنا أن جمعية «ابدأ» التى أسسها حسن مالك ومجموعة أخرى من رجال الأعمال الإخوان وشركاء سعوديين وأتراك وأمريكان وعقدت اجتماعها الأول فى مارس الماضى، قد بدأت أعمالها بالتركيز على هذه النوعية من المشروعات. ويشير التقرير إلى دور مالك فى هذا التوجه الذى اقتبسه من النمط التركى، ويجب أن نشير هنا إلى علاقة مالك بتركيا من خلال وكالته لسلسلة محلات أثاث «استقبال» وملابس «سرار» وغيرها. التقرير الذى نشره «بلومسبرج بيزنس» نقل عن الباقرى قوله إن «الإخوان لن يغيروا السياسات الاقتصادية لمبارك، والتى تقوم على اقتصاد السوق، وزواج السلطة والمال»، ولكنه نقل عن ستاشر أيضا تأكيده بأن كل هذه التحركات تتجاهل حقيقة سيطرة الجيش المصرى على الاقتصاد، الذى لا يعلم أحد حجمه الحقيقى، خاصة أن قادة الجيش أنفقوا العام الماضى فى مزيد من التغلغل فى النظام الاقتصادى للبلد، ومن ثم فإن أى شىء قد يفكر الإخوان فى عمله اقتصاديا لا يمكن أن يتم دون المرور عبر بوابة الجيش! ولعل هذا الصراع الاقتصادى الذى يشير إليه ستاشر يفسر حالة التوتر بين الطرفين على كعكة السلطة حاليا. هذه التقارير الحديثة تتزامن مع ترجمة أحد المواقع العربية، وهو موقع «الحياة ايكونيمست» لتقرير خطير آخر كانت صحيفة ال«واشنطن بوست» قد نشرته منذ عدة سنوات حول بيزنس التنظيم الدولى للإخوان فى الولاياتالمتحدةالأمريكية والغرب. وهو التقرير الذى كتبه فرح دوجلاس، المدير السابق لمكتب ال«واشنطن بوست» فى أفريقيا، والذى أشار فيه إلى أن الإخوان المسلمين نجحوا بالتوازى مع بداية ظاهرة البنوك الإسلامية الحديثة، التى عرفها العالم فى بداية الثمانينيات من القرن الماضى، فى بناء هيكل متين من شركات «الأوف شور»، التى أصبحت جزءا لا يتجزأ من قدرتها على إخفاء ونقل الأمول حول العالم، فهى شركات يتم تأسيسها فى دولة أخرى غير الدولة التى تمارس فيها نشاطها، وتتسم هذه الشركات بغموض كبير، يجعلها بعيدة عن الرقابة، وهو ما جعلها تنجح فى تجنب أجهزة المخابرات والمنظمات القانونية التى تطارد هياكل تمويل الإرهاب فى أنحاء العالم. ويضيف دوجلاس فى تقريره إن السبب الأساسى للجوء الإخوان المسلمين لشركات «الأوف شور»، كان حاجتها لبناء شبكة فى الخفاء، بعيدا عن أنظار الذين لا يتفقون مع أهدافها، وعلى رأسها السعى لتأسيس الخلافة الإسلامية، ولتحقيق هذه الغاية - حسبما يقول دوجلاس، «اعتمدت استراتيجية الجماعة، على أعمدة من السرية والخداع والخفاء والعنف والانتهازية». ومن أبرز قادة تمويل الإخوان المسلمين، الذين رصدهم تقرير دوجلاس، إبراهيم كامل مؤسس بنك دار المال الإسلامى «دى إم إى»، وشركات الأوف شور التابعة له فى «ناسو» بجزر البهاما، وهناك أيضا يوسف ندا، وغالب همت ويوسف القرضاوى، فى بنك التقوى فى ناسو، وأيضا إدريس نصر الدين مع بنك أكيدا الدولى فى ناسو. وتكشف الوثائق التى اعتمد عليها دوجلاس فى تقريره، أن الشبكة المالية للإخوان المسلمين من الشركات القابضة والتابعة، والمصارف الصورية، وغيرها من المؤسسات المالية، تنتشر فى بنما وليبيريا، جزر فيرجن البريطانية، وجزر كايمان، وسويسرا وقبرص ونيجيريا، والبرازيل والأرجنتين وباراجواى، وأغلب هذه المؤسسات مسجلة بأسماء أشخاص معروفين، وبعضها مشاركة مع أمريكيين بعضهم يهود، مثل شركة المحاماة «آرثر هانا وأبناؤه» التى تتولى الشئون القانونية لبيزنس الجماعة هناك! أما الجزء الذى تم كشفه من شبكة تمويل الإخوان، فهى بنوك الأوف شور فى جزر البهاما، التى كشفت التحقيقات فى أحداث 11 سبتمبر، حسب ما أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، أن بنكى التقوى وأكيدا الدولى، متورطان فى تمويل عدد من الجماعات الأصولية، من بينها حركة حماس، وجبهة الخلاص الإسلامية، والجماعة الإسلامية المسلحة فى الجزائر، وجماعة النهضة التونسية، بالإضافة إلى تنظيم القاعدة...وجدير بالذكر أن تقارير حديثة تشير إلى وجود استثمارات ومشروعات لمبارك وعائلته فى نفس الأماكن! النقطة الأكثر إثارة فى تقرير دوجلاس هى موقف الإدارة الأمريكية التى لم تتخذ أى اجراءات تذكر تجاه هذه الشركات وأصحابها، باستثناء تجميد أصول بعضها، وهو ما يؤكد مرة أخرى أن علاقات البيزنس بين الإخوان والأمريكان أقوى من علاقات الوطنية والدم! الكثيرون أشاروا إلى أن سياسة الإخوان الاقتصادية لا تختلف كثيرا عن سياسات نظام مبارك، وأن مشروع «النهضة» ما هو إلا نسخة «إسلاموية» من مشروع جمال مبارك ولجنة سياساته، بل وقارن البعض بين خيرت الشاطر وأحمد عز أمين تنظيم الحزب الوطنى، وقد أشار تقرير «بلومسبرج بيزنس» إلى أن الفارق الوحيد بين بيزنس الاثنين قد يكون أن إصلاحات مبارك لم يستفد منها سوى نسبة 1% من المصريين الذين ينتمون لعائلات البيزنس، فى حين أن إصلاحات الإخوان قد تشمل عددا أكبر من المواطنين البسطاء. مع ذلك، ففى تقرير حديث عن عائلات الزواج والنسب بين أعضاء جماعة الإخوان، خاصة بين رجال أعمالها وأثريائها، يتبين أنه لا يوجد فارق بين حقيقى بين الاثنين سوى فى الأسماء، وأن العائلة الكبيرة التى كانت تحكم مصر قد توارت قليلا لتتصدر المشهد العائلة المنافسة لها، فيما يشبه صراع عائلات المافيا إلى حد كبير، والتى جسدتها السينما العالمية فى الفيلم الشهير «الأب الروحى» الذى لعب بطولته مارلون براندو...سواء كان اسمه مبارك أو كان بديع