«الفجر» حديث صحف وشبكات الأخبار العالمية طوال الأسبوع الماضى ما إن اقتربت من هذه المنطقة الشائكة الحرجة التى يخشاها خصومه من التيارات الدينية المتأسلمة حتى وجدته يقول بقوة الفم المليان: «أخلاقى وتربيتى ونشأتى الصعيدية لا تسمح لى بذلك».. إن «ما أعرف من معلومات بحكم عملى الطويل فى المخابرات لا يمكن أن أستخدمها إلا لضرورات الأمن القومى.. لا يمكن أن أستخدمها استخداما شخصيا.. ولو على رقبتى». يضاف إلى ذلك أن القانون الذى يحكم جهاز المخابرات يجرم الكشف عن أسرارها سواء نشرها شخص عمل فى الجهاز أو لم يعمل فيه. كان السؤال هو بداية السفر إلى المحطة الثانية فى حوارى الأول والطويل والمباشر معه.. بعد أن بقى فى منطقة الصمت طويلا منذ تنحى الرئيس السابق عن الحكم. كنت أيضا أول شخص من خارج حملته الانتخابية يقابله فى مقره الانتخابى المطل على قصر البارون بحى مصر الجديدة.. وكان ذلك يوم الثلاثاء الماضى.. وبعد ساعات دارت المطابع بالجزء الأول من الحوار الذى كان حديث الدنيا كلها. لقد تلقفت «الميديا» فى مختلف أنحاء العالم ما قاله ل»الفجر» وكأنها كانت تنتظر أن يتكلم. قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية: «فى تصريحات نشرت يوم الخميس (الماضى) فى صحيفة «الفجر» الأسبوعية حذر (عمر) سليمان من أن جماعة الإخوان المسلمين ستعمل على السيطرة على كل مؤسسات الدولة إذا فازت بالرئاسة (تهيمن الجماعة على البرلمان بالفعل) وحذر أيضا من عزل مصر دوليا لو سيطر الإخوان على الحكم.. ولو فاز مرشح الإخوان بالرئاسة سوف تصبح مصر دولة دينية». ونشرت الصحيفة نفسها تبريرات رموز وقيادات الجماعة لهجومهم العنيف على عمر سليمان.. فهى على حد قولهم: «تخشى من عودتهم إلى المشانق والسجون والتعذيب والتنكيل». وتحت عنوان : «مرشح رئاسى فى مصر يحذر من الدولة الدينية» «نشرت جريدة «ديلى نيوز» الشعبية البريطانية تقريرها الصادر يوم الخميس الماضى قائلة: «إن البرلمان المنتخب من قبل الشعب بعد ثورة يناير دخل فى سباق مع الوقت من أجل عزل» أركان النظام السابق» ومنهم عمر سليمان الذى يتمتع بخبرة واسعة فى التعامل مع الإسلاميين.. وخاصة جماعة الإخوان المسلمين التى تهيمن على الحياة السياسية فى مصر الآن». وأضافت: «إن سليمان قال فى مقابلة صحفية مع جريدة «الفجر» الأسبوعية إن ترشيح خيرت الشاطر عن جماعة الإخوان المسلمين للانتخابات الرئاسية المقبلة اصاب المصريين بالخوف من سيطرة الجماعة على كل شىء فى مصر». وكرر موقع القناة الإخبارية الأمريكية «فوكس نيوز» نفس الاقتباس تقريبا، مضيفا أن خطوة ترشح الشاطر دفعت سليمان للرد عليها بترشحه للرئاسة قبل غلق الباب بنصف ساعة، وهو ما ذكره سليمان فى مقابلة مع صحيفة «الفجر» القاهرية.. واضاف قائلا لها: «إنه يريد منع الإسلاميين من تحويل مصر إلى دولة دينية». بينما ذكرت صحيفة «إسرائيل تايمز» تحت عنوان: «نائب الرئيس السابق: انضممت لسباق الترشح لمنع قيام الدولة الدينية».. «إن مصر ستعانى من عزلة دولية إذا فاز أحد المرشحين عن التيار الدينى».. وأضافت الصحيفة: إن عمر سليمان قال فى مقابلة صحفية مع جريدة «الفجر» الأسبوعية: إن ترشح إخوانى للرئاسة أدى إلى ترويع المصريين من الإسلاميين الذين يسيطرون على 70 % من مقاعد البرلمان.. مؤكدا أن مصر ستعانى من عزلة ولن تتواصل مع العالم بسبب سيطرتهم على أركان الدولة». واستطردت الصحيفة: إن هذا الكلام لسليمان جاء فى مقابلة صحفية مع «الفجر» قبل ساعات معدودة من مناقشة البرلمان قانونا يمنعه من خوض الانتخابات الرئاسية المقررة فى مايو القادم. وقالت نيويورك تايمز: إن سليمان برر ترشحه بأنه وجد جماعة الإخوان تتقدم نحو الاستحواذ على السلطة فى البلاد فأراد أن يوقفها عن تحقيق مشروعها بإقامة دولة دينية فى مصر.. وأضاف فى حديثه لصحيفة مصرية مستقلة إنه يخشى على مستقبل البلاد، كما نفى علاقته بالمجلس العسكرى وأن يكون هو الذى دفعه للترشح ولكنه اعترف بأنه يقدم للمجلس خبراته بشكل تطوعى من أجل مساعدة مصر على تجاوز الأزمات. وكانت «واشنطن بوست» قد أشارت أيضا إلى الجزء الثانى من الحوار قائلة: إن هذا الجزء من الحوار مع عادل حمودة سيتناول ملفات كثيرة أهمها الاتصالات الخفية بين المخابرات العامة وجماعة الإخوان المسلمين والمواجهات بين الأمن والتنظيمات الإسلامية. لقد فتح الحوار شهية الميديا فى الداخل والخارج فانهالت الطلبات على حسين كمال مدير مكتب عمر سليمان.. وساعة أن ذهبت إليه مساء السبت الماضى كان فريق كامل من وكالة رويترز يحاوره.. وفى خارج غرفته كان هناك من يجلس فى انتظار موعده.. وهو ما أثر على أحباله الصوتية.. فراح يقويها بمشروبات ساخنة. كما حملت القائمة خمسة حوارات أخرى فى اليوم التالى.. الأحد.. لكن.. حدثت مفاجأة صادمة ألغت كل هذه الارتبطاات.. لقد أخرجته لجنة الانتخابات الرئاسية من سباق الترشح بسبب 31 توكيلا ناقصا من محافظة أسيوط.. ومع أنه قال إن توكيلات أسيوط كانت 1300 توكيل.. إلا أنه قرر التظلم من قرار اللجنة بتقديم توكيلات تحمل تاريخا سابقا عن تاريخ قفل باب الترشح، لم يستطع لأسباب ما توصيلها فى الموعد المحدد. وكان إخراج عمر سليمان من الترشح سببا مباشرا لتقبل إخراج خيرت الشاطر وحازم أبوإسماعيل دون ردود فعل حادة.. فقد تأكد أن لجنة الانتخابات الرئاسية تنفذ القانون على الجميع دون تمييز. وما إن عرف عمر سليمان بخبر استبعاده حتى سيطر الحزن على ملامحه وإن قال: «إن القرار قد يكون خيرا له وإن يشك أن وصول أحد من خصومه للرئاسة خير لمصر». وفى الوقت نفسه بدا متفهما لموقف المشير لو صدق على قانون العزل السياسى لرموز النظام السابق.. وقال: سأقبل ذلك خوفا على البلاد من حرقها.. وربما لو كنت مكانه لفعلت الشىء نفسه.. لكنه.. أضاف: إنه سيطعن على حرمانه من حقوقه السياسية. - «واشنطن بوست»: سليمان يتحدى الإخوان.. و«ديلى ميل»: يحذر من عزلة مصر.. و«فوكس نيوز»: ينبه لخطورة قيام الدولة دينية - «نيويورك تايمز»: ينفى أنه مرشح المجلس العسكرى.. و«تايمز أوف إسرائيل»: «يتحدث عن خوف المصريين من مرشح الإخوان - وضعت خطة القضاء على الجماعات الإرهابية لكن بقية الأجهزة الأمنية خشيت المواجهة وطالبت بتأجيلها - ثلاث مراحل تاريخية مرت بعلاقة الإخوان والمخابرات بدأت بصلاح نصر وانتهت بثورة يناير - حافظنا على الجماعة حتى لا تتورط فى الأعمال الإرهابية التى قامت بها تنظيمات خرجت من تحت عباءة التيار الدينى! - المخابرات جهاز معلومات لا يملك أدوات تنفيذية وما يقال عن تعذيب الإخوان ادعاء يعرفون جيدا أنه كاذب - كنت أول من اقترح على الإخوان تشكيل حزب سياسى لكن بشرط حل الجماعة لكنهم رفضوا وهم يعانون من ارتباك شديد بسبب ذلك ما إن قال عمر سليمان إنه يملك صندوقا اسود لكل ما فعل الإخوان وأنه سيرفع عنهم الغمامة لنراهم على حقيقتهم الدينية والسياسية حتى تضاعف الهجوم عليه فى مجلس الشعب بصورة لم يتوقعها أحد.. ووصل الهجوم إلى ذروته بإقرار قانون حرمانه من ممارسة حقوقه السياسية مؤقتا إلى أن يتخذ الإجراءات القانونية المضادة.. فما الذى يخفيه الصندوق الأسود؟ أجاب عمر سليمان: إن ما فى الصندوق الأسود ليس أمورا خاصة.. وإنما وقائع تتعلق بالوصلات والاتصالات والصلات بين الجماعة والمخابرات العامة.. وهو ملف لم يفتح من قبل.. وما فيه من أسرار لم ينشر من قبل. ماذا بالضبط فى هذا الملف؟ أجاب: أنا طبعا كنت رئيسا لجهاز المخابرات ولدى ملفات كثيرة بحكم عملى.. بجانب قراءات تاريخية لما كان بين الإخوان والمخابرات فى السابق.. ونحن فى البداية والنهاية جهاز معلومات.. لا شأن لنا بتنفيذ الأمن فى الداخل.. كل مهمتنا جمع المعلومات وتقديمها لأجهزة أخرى لتتصرف فيها. وقد مرت العلاقة بين المخابرات والإخوان بثلاث مراحل.. تبدأ الأولى عام 1964.. حين قرر جمال عبد الناصر رفع الأحكام العرفية.. والإفراج عن الإخوان.. ليعودوا إلى حياتهم الطبيعية.. وينضموا إلى المجتمع.. لنستفيد من خبراتهم وقدراتهم ومشاريعهم فى نهضة البلاد. «لكن.. صلاح نصر.. رجل الجهاز القوى فى ذلك الوقت كان متوجسا منهم.. فتنظيمهم الذى بدأ عام 1928 لن يقدم لمصر، فى رأيه، إلا المزيد من التحريض والاغتيالات والمعارضة ودفع الشباب للصراع مع المجتمع.. فكان صلاح نصر يتابع ما تفعله الجماعة بكل تنظيماتها المعلنة والخفية». ولم تمر سوى فترة وجيزة على خروج الإخوان إلى الحياة من جديد إلا ووجد صلاح نصر أن الجماعة خلقت تنظيمات سرية مرة أخرى.. وبدأت تتآمر لتغيير النظام بالعنف طبقا لخططهم.. ومنها اغتيال جمال عبد الناصر.. وتنفيذ تفجيرات.. ونسف محطات الكهرباء والمياه والخدمات العامة.. باختصار خلق فوضى.. تمهيدا للقفز على السلطة. عندما قدم صلاح نصر هذه المعلومات إلى جمال عبد الناصر والوثائق والتسجيلات المؤيدة لها طلب من الأجهزة الأمنية (الداخلية والمباحث الجنائية العسكرية) التدخل لإحباط المؤامرة.. وقبض على كل عناصرها.. وصودرت الأسلحة والذخائر والقنابل.. وتولت هذه الأجهزة التحقيقات.. ولم يكن لجهاز المخابرات صلة بالقضية سوى تقديم المعلومات.. فالمخابرات ليس جهاز تنفيذ عمل فى الداخل.. ومن يدعى أن المخابرات جهاز يقبض ويضرب ويعذب كاذب.. لا يعلم بالضبط حقيقة وحدود مهنتنا. قلت: «لكن.. الإخوان وغيرهم صوروا جهاز المخابرات فى تلك الفترة على أنه سلخانة.. ومشيت السينما وراءهم فيما صوروه.. وهو ما جعل الجهاز يعيد تبييض صورته بمسلسلات مثل رأفت الهجان وغيرها. قال: الأكاذيب التاريخية لا حصر لها.. ومنها أن الإخوان يدعون أنهم تعذبوا فى الجهاز.. وهم لا يقولون الحقيقة لأنهم يعلمون أن المخابرات ليست الجهة التى تحقق أو تعذب. سألته: متى توليت مسئولية الجهاز؟ قال: فى 4 مارس 1991. قلت: فى هذا التاريخ بدأت المرحلة الثانية بين الإخوان والمخابرات. قال: «نعم.. وكانت فترة صعبة.. ففيها خرج من عباءة التيار الدينى عدد كبير من التنظيمات المتأسلمة.. مثل الجهاد.. والجماعة الإسلامية.. والتكفير والهجرة.. وجند الله.. وجند محمد.. وغيرها.. وتسببت هذه التنظيمات المسلحة والعنيفة فى مواجهات إرهابية ضد شخصيات ومنشآت بجانب الشرطة. كل ما فعلنا هو أننا رحنا نتابع هذه التنظيمات ونقدم عنها ما نتوصل إليه من معلومات.. وجدنا أن الإخوان فى ذلك الوقت لا علاقة لهم بالعمليات الإرهابية.. كما أنهم لم ينضموا إلى هذه التنظيمات. سألته: كيف كان رد فعلكم؟ قال: كلفت من الرئيس بوضع خطة للقضاء على ظاهرة التنظيمات الإرهابية التى انتشرت فى مصر.. وكان هناك اجتماع حضره العديد من القيادات الأمنية المختلفة.. واقترحت المواجهة.. قلت: لابد من المواجهة.. وكما تعلم أن جهاز المخابرات ليست له قوة تنفيذية.. وهو يترك مهمة التنفيذ للأجهزة الأخرى.. لكن.. الأجهزة الأخرى كانت تخشى المواجهة.. وشرح المسئولون عنها وجهات نظرهم.. وطالبوا بمهلة زمنية كى يستعدوا للمواجهة.. لكنى نصحت الرئيس بأن الوقت مناسب.. ولا يجوز التأخير.. فالتأخير سوف يضاعف من صعوبة المواجهة.. وقد لا ننجح فى القضاء على هذه التنظيمات. سألت: ماذا كانت وجهة نظر الرئيس؟ أجاب: الرئيس قرر المواجهة فوضعنا خطة المواجهة ضد العناصر الجهادية.. وهنا أقول إن المخابرات العامة احتضنت الإخوان كى لا يتعاطفوا مع هذه التنظيمات أو يتورطوا معها. وبدأت المواجهة معه.. الجهاد أولا، وهو ما جعل عناصرها تشعر بالخطر فخرجت قياداتها ومعظم عناصرها إلى السعودية وأفغانستان وباكستان واليمن.. انتشروا هناك.. وظلت الجماعة الإسلامية تقاوم.. وأحدثت كثيرا من الخسائر حتى وقعت مجزرة الأقصر التى تغير معها موقف الرأى العام المصرى.. وكان الناس فى مصر هم اكبر معين لأجهزة الأمن فى كشف مخازن أسلحة الإرهابيين وتحديد عناصرهم وقياداتهم حتى انهار تنظيم الجماعة الإسلامية ونجحنا فى القضاء على ظاهرة الإرهاب فى مصر. سألته: وماذا كان موقف الإخوان المسلمين؟ قال: الإخوان المسلمون لم يشاركوا فى العمليات الإرهابية.. وكان السبب هو اتصالاتنا بهم.. وحرصنا على إبعادهم عنها.. ونجحت خطتنا.. فلم يشاركوا بتمويل أو تسليح أو مساندة إعلامية.. فقد وجدوا أن الاتصالات معهم تحافظ عليهم.. نعم لقد حافظنا عليهم. قلت: شىء مثير للدهشة أن ينبذ الإخوان العنف ولا يركبون الموجة.. لقد بنى تاريخهم على صدام مع كل النظم التى مرت بمصر منذ تأسست الجماعة.. فى العصر الملكى قتلوا القاضى أحمد الخازندار وحكمدار العاصمة سليم زكى وما إن قرر محمود فهيم النقراشى حل الجماعة حتى قتلوه فى مدخل وزارة الداخلية التى كان يتولاها بجانب رئاسة الحكومة.. وبعد شهر عسل مع جمال عبدالناصر حاولوا اغتياله فى المنشية.. لكن.. الرصاصات التى أطلقت عليه لم تصبه.. وإنما أصابت أنور السادات الذى أحيا وجودهم السياسى من جديد فيما بعد.. ونفس السيناريو تكرر مع حسنى مبارك.. فهل واصلتم الاتصالات بهم بعد أن هدأت موجة الإرهاب؟ قال: ظل جهاز المخابرات على اتصال بهم على فترات مختلفة حتى نرشد تعاملهم مع الدولة.. كنا كمخابرات عامة نحرص على أن يشارك الإخوان فى الحياة السياسية والمجتمعية.. وهو أمر وجدناه لصالح مصر.. دولة ومواطنا.. لكن فى الوقت نفسه لم نكن لنقبل أن نصبغ الدولة المصرية بالصبغة الدينية التى كانوا يريدونها.. فهم لم يتخلوا أبدا عن فكرة القفز على السلطة.. وفى كل مرة يقبض فيها على بعض عناصرهم كانت التحقيقات معهم تكشف عن إصرارهم على أن ينتهوا إلى الوصول للحكم.. إنها فكرة لم تتبدل.. ولم تتغير. سألت: هل إصرارهم على هذه الفكرة السبب فى تعرضهم لكثير من الهجمات والاعتقالات؟ قال: هذا صحيح.. كما أنهم كانوا يهددون السلطة.. والجهد الذى كان يبذله جهاز المخابرات هو إقناعهم بالمشاركة لا المغالبة.. قلنا لهم: لا تفكروا فى أن تحلوا محل النظام.. شاركوا فى تطويره.. لكنكم لستم البديل. وتدخلنا فى انتخابات 2005 حتى يسمح لهم بأى عدد من المرشحين.. وخلال المرحلة الأولى نجح عدد كبير منهم.. وفى المرحلة الثانية لم يحصلوا إلا على رقم بسيط.. وفى النهاية وصل عدد نوابهم إلى 88 نائبا. قلت: سمعت من نائب المرشد السابق والمنشق محمد حبيب أن وكيلا فى الجهاز اتصل بهم للتنسيق حول الانتخابات وكان هو وخيرت الشاطر ومهدى عاكف مجموعة الإخوان الذين تفاوضوا على تلك الانتخابات... هذه شهادة واحد من أهلها. قال: كان دورنا التفاهم معهم.. لا ضغوط عليهم.. ولا عدوان أو تعذيب.. بل العكس.. احتضناهم.. وسعينا إلى دمجهم فى المجتمع دون صراع مع الناس أو الحكم. أنا شخصيا لم تكن لدى خصومة مع أحد من الإخوان ولم أقابل طوال فترة عملى فى المخابرات أيا منهم.. كانت هناك مجموعة عمل مكلفة بهذا الدور.. وأكاد أجزم بأنهم لم يعرفوا شخصيتى التى يهاجموننى عليها الآن ويدعون أننى عذبتهم.. هذا للمرة الألف ادعاء كاذب. كنت دائما أشعر بأنه لابد من دمج الإخوان فى المجتمع دون كبت وإنما بالإقناع.. بل إننى كنت أول من آمن بضرورة أن يشكلوا حزبا.. مثل الوفد والتجمع والوطنى وغيره.. لنتعامل معهم سياسيا.. ونتفاعل مع برامجهم.. يحاسبونا ونحاسبهم.. ولكنهم لم يفكروا فى هذا الحزب.. بل كانوا مصممين على بقاء الجماعة بتنظيمها وأهدافها وسلوكياتها. قلت: أعتقد أن المرحلة الثالثة لتعامل الإخوان مع المخابرات كانت بعد الثورة. هذا صحيح.. أنا الذى بادرت بالاتصال بالإخوان لكى نتحاور من أجل إنقاذ مصر من وضع مترد بسبب الأحداث التى كانت تجرى.. فى البداية تمنعوا.. ثم جاءوا للتفاوض.. وأثناء بعض اللقاءات المنفردة معهم ذكروا ما كنت عرضته عليهم من قبل فى موضوع الحزب.. فقلت لهم «ياريت».. ثم اضفت «بس حزب بدون جماعة».. الاثنان معا ماينفعش.. فوجودهما معا هو نوع من خلط الأوراق الشديد.. نريد أن نكون دولة قانون ولا استثناءات فيه إذا كنا نريد بالفعل التغيير.. وعندما نجح الإخوان فى تشكيل الحزب مع الإبقاء على الجماعة أنا أعتقد أنهم يعيشون ارتباكا كبيرا.. فقيادة الجماعة وقواعد إدارتها المبنية على السمع والطاعة تختلف عن طبيعة الحزب الذى يقوم على المناقشة الحرة والتصويت.. وسيزيد هذا الارتباك مستقبلا إلا إذا تجمد الحزب وأصبح أسما دون فعل.. ويكون مجرد غطاء سياسى للجماعة.