أكد العاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى أن إسرائيل تتحمل بالدرجة الأولى مسئولية العدوان على قطاع غزة ، فيما يتحمل العالم بأسره مسئولية إنهاء احتلال هو الأخير من نوعه فى التاريخ المعاصر وحرمان شعب شقيق من حقه فى إقامة دولته على ترابه الوطنى واستمرار حصار ظالم واستيطان يقوض فرص السلام. وقال العاهل الأردنى - فى مقابلة مع صحيفة (الغد) الأردنية نشرتها اليوم الأحد - " إن ما حدث ويحدث فى غزة هو صرخة فلسطينية للعالم أجمع بأن أوقفوا الاحتلال والدمار والقتل بحق شعب ينشد الحرية والأمن والعيش بكرامة..مضيفا " إن ما نعيشه من ألم ومعاناة جراء العدوان الذى يحصد أرواح الأبرياء دون تمييز ينفى مزاعم إسرائيل فى تبريرها للحرب على غزة".
وأشار إلى أن هذا العدوان الإسرائيلى الأخير على غزة يعد رابع عدوان موسع منذ انسحاب إسرائيل أحادى الجانب من القطاع عام 2005 ، وهو الأصعب والأكثر دموية من حيث عدد الضحايا خصوصا من النساء والأطفال وكبار السن بل هناك عائلات أبيدت بالكامل.
وقال الملك عبدالله الثانى " إن قلبنا مع غزة وأهلها ، ومصابنا وألمنا واحد ، وعواطفنا جميعا مشحونة ، لكن علينا الآن أن ننظر بعقلانية لما حصل ويحصل ، فالمدنيون الأبرياء فى القطاع هم من يدفع الثمن وهذا أمر غير مقبول إطلاقا لا إنسانيا ولا أخلاقيا".
ودعا المجتمع الدولى إلى ضرورة أن يسأل إسرائيل عما ترتكبه بحق الشعب الفلسطينى خصوصا أهالى قطاع غزة ، لأنهم هم أصحاب الحق الأول والأخير فى مراجعة ما يجرى والحكم عليه.
وقال إننا نفضل العمل فى الأردن بفاعلية وروية لإنهاء العدوان الإسرائيلى ورفع المعاناة وضمان استمرار خطوط المساندة إلى أهلنا فى غزة..منوها بأن الأردن بذل ويبذل كل الجهود وقد دعم المبادرة المصرية لوقف العدوان منذ البداية وهى المبادرة التى تبين فى النهاية أنها الوحيدة الممكنة فى ظل الظروف الراهنة ، وأضاف إننا نستمر بإدامة الجسر الإغاثى لأهالى غزة ، ويواصل المستشفى الميدانى عمله على الأرض ونكثف الدعم المخصص له ، وننسق دخول قوافل المواد الإغاثية والأدوية ، ونسهم فى إنقاذ الناس ومعالجة المصابين والتخفيف من معاناتهم.
وتابع " لقد سخرنا كل قدراتنا من أجل أهلنا فى فلسطين على مدار التاريخ بالفعل وليس بالقول ، وسنبقى الرئة للشعب الفلسطينى ، وهذا واجبنا التاريخى والقومى تجاه أشقائنا ، ففلسطين قضيتنا الأولى ، ولا نقبل أن يزايد أحد على الأردن فيما يخص فلسطين ، فتضحيات شهداء الجيش الأردنى على ثراها معروفة للقاصى والداني".
وقال إننا سنستمر فى توظيف علاقات الأردن وحضوره فى المنابر الدولية مثل مجلس الأمن ومجلس حقوق الإنسان من أجل وقف نهائى للعدوان ومنع تكراره وحشد الجهود الدولية لإعمار غزة ، وإيجاد الأرضية المناسبة لإعادة إطلاق مفاوضات قضايا الوضع النهائى بشكل حاسم وبما يحقق السلام على أساس حل الدولتين وفق المرجعيات الدولية ومبادرة السلام العربية ، وبما يلبى طموحات الشعب الفلسطينى ووفاء لتضحياته ودماء شهدائه.
وأشار إلى أن العدوان على غزة استغل الفراغ الناجم عن توقف المفاوضات حول قضايا الوضع النهائى وفق حل الدولتين ، ويهدد بمزيد من العنف والتصعيد وتكراره ، وهو ما حذرنا منه باستمرار، وشدد على أن الأردن سيستمر بالتصدى للاجراءات والسياسات الإسرائيلية الأحادية فى القدس ووقف الانتهاكات المستمرة لحرمة المسجد الأقصى والتعرض للمصلين، فى إطار الوصاية الهاشمية.
وحول عملية السلام وحل للدولتين ، أجاب الملك عبدالله الثانى بأنه فى ظل العدوان على غزة وما نشهده من عنف ودمار وتصاعد فى أعداد الشهداء ، قد نشهد ضغطا دوليا للمضى قدما فى حل للصراع ، فالنزاعات تقود إلى طاولة المفاوضات ، وقد تلوح فرصة لحل النزاع بشكل نهائى.
وقال "السلام هو الحل الوحيد ، وإلا وجدنا أنفسنا فى المستقبل نتحدث عن حرب إسرائيلية خامسة وسادسة وسابعة على غزة يكون الشعب الفلسطينى فيها هو الضحية وتبقى إسرائيل عاجزة عن تحقيق أمنها".
وأكد على أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لحل النزاع وتحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة كلها..وأمن إسرائيل لن يتحقق إلا بتوجه صادق نحو خيار السلام العادل وحل الدولتين وقيام دولة فلسطينية ذات سيادة على خطوط الرابع من يونيو لعام 1967 وفق المرجعيات الدولية ومبادرة السلام العربية وعاصمتها القدسالشرقية ، وتتمتع بتواصل جغرافى حقيقى وباقتصاد قابل للنمو والازدهار ، قائلا "إنه بهذا فقط ستحظى إسرائيل بالأمن والقبول فى المنطقة والعالم".
ولفت إلى أنه فى حال فشل جهود السلام فإن المسئولية يتحملها المجتمع الدولى بأسره كما أن الجميع سيدفع ثمن الفشل خاصة أجيال المستقبل..داعيا إلى ضرورة البناء على الجهود والعمل البناء الذى بذلته الإدارة الأمريكية وتحديدا وزير خارجيتها جون كيرى حيال القضية الجوهرية فى المنطقة.
وأعرب عن أمله فى أن تتوفر الفرصة قريبا لاستئناف مفاوضات الوضع النهائى بين الفلسطينيين والإسرائيليين ، مؤكدا على أن الجهد الأردنى سينصب على إيجاد الأرضية المناسبة للعمل بهذا الاتجاه.